التقرير السنوي لحقوق الإنسان في العراق: الطارئون وشهود الزور نسفوا مفهوم الدولة وتغييب المواطنة وإشاعة الفساد والعمالة للأجنبي
هيئة علماء المسلمين في العراق: وقفت الأمم المتحدة -وما تزال- مكتوفة الأيدي حيال ما جرى ويجري في العراق، وتغاضت عن ارتكاب الانتهاكات والفظائع وفقدان المزيد من الأرواح في البلاد، واكتفت باتخاذ إجراءات شكلية ومواقف غير حاسمة متماهية مع رغبات دولة الاحتلال الأمريكي أو خاضعة لها.
عمان- الرافدين
عالج التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق – 2024 الذي أصدره قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين تحت عنوان “واحد وعشرون عامًا من الموت والخراب والفساد وتفكيك البلاد” أبرز قضايا حقوق الإنسان في العراق التي تم التعامل معها على مدار العام 2024، ويبين الأهداف التي أُعد لأجلها، والوسائل المتبعة لتحقيقها، وفق رؤية القسم والرسالة التي يحملها على عاتقه.
وتطلب إعداد هذا التقرير تحليلًا دقيقًا للأدلة والمعلومات، مع الالتزام بالمعايير القانونية والحقوقية الدولية في إخراجها إخراجًا دقيقًا وحياديًا، بهدف تقديم تقرير موضوعي، قائم على الحقائق، ويسعى لتحقيق العدالة والمحاسبة.
وستنشر قناة “الرافدين” النصل الكامل للتقرير على أجزاء.
خلفية عامة
منذ العام 2003، دخل العراق في مرحلة جديدة من تاريخه، تمثلت بسلسلة من المحن والكوارث التي تسببت في دمار واسع على الصعد كافة. فمن حرب غزو مدمرة، نتج عنها احتلال بغيض، ثم ظهور ميليشيات إرهابية موالية لإيران وصعودها بمباركة أمريكية، تلتها هيمنة إيرانية كاملة على الساحة العراقية، ثم حرب مفتعلة ضد الإرهاب الذي جلبه الاحتلال نفسه لتنفيذ مخططاته الخبيثة، بالإضافة إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية، وسوء إدارة مؤسسات الدولة، وانتشار الفساد.
وعلى مدار واحد وعشرين عامًا، مر العراق بمراحل عصيبة من الموت والخراب المستمر، مما أدى إلى تدمير بنيته التحتية، وقتل وتشريد الملايين من أبنائه، وتفكيك نسيجه الاجتماعي والسياسي.
وتعدى الخراب الذي تسبب به الاحتلال المستمر للعراق، الخرابَ الماديَ الذي نراه في التدمير الذي أصاب البنية التحتية والأعيان الملموسة
ليشمل أيضا الخراب الإنساني المتمثل في التدمير الذي أصاب الإنسان العراقي نفسه، من حيث صحته النفسية والجسدية، كفقدان الأرواح، والتهجير، والتشتت، وفقدان الهوية. وشمل كذلك تدمير القيم، وتفكيك الروابط الاجتماعية، ما أدى إلى تدهور ثقافي غير مسبوق وانهيار المبادئ الأخلاقية في المجتمع أو في سلوك الأفراد أو المؤسسات.
وسيتم التركيز على الخراب الإنساني لأنه يُعدُّ من أخطر أنواع الخراب لأنه يترك آثارًا سلبية عميقة وطويلة الأمد في الأفراد والمجتمع ككل، قد تستمر لعدة أجيال.
وكانت السنوات الإحدى والعشرون الماضية شاهدة على انهيار الدولة العراقية، وشاهدة أيضا على الفشل المتعمد لحكومات “العراق الجديد” المتعاقبة في بناء دولة مؤسسات قوية، تنفيذا لمخططات الاحتلال في تغييب العراق قسريا من خلال جعله ساحة لتنازع القوى الداخلية والخارجية، واستمرار النزيف البشري والمادي بلا توقف.
وأضحى السواد الأعظم من العراقيين على يقين أن الغزو الأمريكي لبلادهم لم يفضِ سوى إلى الموت والدمار والفساد، وإلى شرخٍ عميق في وحدة البلاد، بل حتى بعض أولئك الذين هرعوا خلف غبار دبابات الاحتلال، في ظنٍ منهم أن الفوضى ستكون سبيلًا إلى التغيير.
إن زعم الغزاة ومن جاء معهم بأن تحرير العراق ما هو إلا كذبة كبيرة ظهرت حقيقتها الشريرة وتداعياتها الخطرة مع الأيام ولا ينبغي لأي داعم للحرب أن ينكرها. ولم يعِ المجتمع الدولي بعد عِظم الخطيئة التي ارتكبها بحق العراق والعراقيين، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه للتكفير عنها، وأن عدم محاسبة مجرمي الحرب وجه من أوجه استمرار حالة الاحتلال الأمريكي-الإيراني للبلاد والإرهاب الناجم عنه الذي كان العراقيون وما يزالون أول ضحاياه، الذين اعتقد الواهمون منهم أن حياتهم لم تعد رخيصة، وأن وقت المساءلة قد حان، والذين دفعوا وما زالوا يدفعون ثمنه بدمائهم، ودماء أبنائهم وحاضرهم ومستقبلهم.
لقد شكل غزو العراق واحتلاله جريمة حرب عدوانية استندت على خدع وتلفيقات تبينت حقيقة كذبها للجميع، ولم يكن من أهداف الحرب “تحرير” البلد كما زعمت واشنطن ولندن في حينه، بل كان الهدف من غزو العراق تدمير حاضره ومصادرة مستقبله ونهب ثرواته ومحو تاريخه وكسر إرادة شعبه وتغييبه عن حاضنته العربية وتعطيل دوره الإقليمي، ولم تكتفِ الولايات المتحدة بغزو واحتلال البلد عسكريا، بل تعدى ذلك الغزو ليشمل مختلف معانيه، ولا سيما الغزو الثقافي والفكري وما يترتب على ذلك من مخاطر ونتائج كارثية على مستوى الفرد والمجتمع وخاصة فيما يتعلق بمخطط استئصال الهوية الوطنية العراقية واقتلاعها من جذورها ونشر أفكار مزيفة وتحريف الحقائق وإظهارها بمظهر يتناسب مع مخططات سلطة الاحتلال وأهدافها ورغباتها، وقد وفرت الحكومات المتعاقبة التي فرضها الاحتلال على العراق الزخم اللازم لذلك.
الانفلات الأمني وفوضى السلاح

إن منهجية الانفلات الأمني وفوضى السلاح في العراق ما بعد الغزو الأمريكي جعلته عرضة للمنافسات الإقليمية والدولية، وأدى الغزو والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة إلى تدخل أعمق من جانب إيران، واستطاعت حكومة طهران تطبيق نموذج حزب الله في العراق من خلال دعم الميليشيات المسلحة الشيعية، التي شارك بعضها في العملية السياسة مثل: كتائب حزب الله وميليشيا النجباء، وكتائب الإمام علي، والعصائب وغيرها من الميليشيات التي ارتكبت ومنذ تأسيسها أبشع الجرائم بحق المدنيين العراقيين، وما صاحب ذلك من فوضى أمنية متفاقمة وضياع لهيبة الدولة واستشراء للفساد في الدوائر الحكومية كافة مع تكريس لحالة الإفلات من العقاب طوال السنين التسعة عشرة الماضية، وسط غياب تام لأي تحرك دولي ضد مرتكبي الانتهاكات من القتلة والمجرمين والفاسدين والمختلسين، وانعكاسات ذلك التي جعلت العراق يتصدر القائمة السوداء لمؤشر الإفلات من العقاب العالمي وبات من الدول الأكثر خطرًا على حياة الإنسان، والأكثر فسادًا في العالم.
وقد وقفت الأمم المتحدة -وما تزال- مكتوفة الأيدي حيال ما جرى ويجري العراق ما بعد الغزو الأمريكي في العام 2003، وتغاضت عن ارتكاب الانتهاكات والفظائع وفقدان المزيد من الأرواح في البلاد، واكتفت باتخاذ إجراءات شكلية ومواقف غير حاسمة متماهية مع رغبات دولة الاحتلال الأمريكي أو خاضعة لها، مواقف لا تتعدى الإعراب عن القلق أو القلق الشديد أو التنديد والاستنكار؛ الأمر الذي أدى إلى عواقب كارثية في العراق والمنطقة، وأفقد الأمم المتحدة حيادها ومصداقيتها تجاه ملف العراق، بل ونزع عنها أهليتها في القيام بدورها المحوري في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
وبموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1500؛ تأسست في العام 2003 بعثة الأمم المتحدة لـ”مساعدة” العراق المعروفة أيضا باسم (يونامي) وهي بعثة سياسية خاصة توسّع دورها بشكل كبير في عام 2007 بموجب القرار 1770. وفي الوقت الراهن، هناك ما لا يقل عن 648 موظفًا، 251 منهم موظفون دوليون يعملون في بعثة “مساعدة” العراق. وقد أثبتت هذه البعثة سواء عبر مواقفها أو بياناتها أو عبر الإحاطات الدورية التي قدمتها لمجلس الأمن أن الهدف من تأسيسها هو مساعدة حكومات الاحتلال المتعاقبة والميليشيات التي تشكلها وتكريس الفوضى والفساد في العراق وليس لمساعدة العراق المحتل وشعبه المقهور.
الإرهاب خيار سياسي
أثار الغزو غير القانوني الذي قادته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وما تلاه من احتلال عسكري وحشي للعراق، كفاحا مسلحا مكثفا لمناهضة الاحتلال وعمليته السياسية وحكوماته المتعاقبة التي يرعاها والتي تعدها الغالبية العظمى من العراقيين غير شرعية. ومن غير المفاجئ الطريقة التي تصف بها سلطة الاحتلال والقوى الغربية المتحالفة معها وحكوماتها في بغداد الكفاح المسلح ضد الاحتلال بأنه “إرهاب”، وذلك لصرف الانتباه عن دور الاحتلال في تهيئة الظروف لاستمرار المقاومة، ولتجاهل اعتبار أعمال العنف والعنف المضاد التي تمارسها قوات الاحتلال بمثابة “إرهاب”. ويشير إرهاب الدولة إلى استخدام إجراءات عنيفة أو تعسفية أو قسرية من قبل حكومة أو دولة ضد المواطنين أو غيرهم من الأفراد أو الجماعات، غالبًا بهدف بث الخوف أو السيطرة على السكان. ويمكن أن يشمل ذلك أعمالًا مثل القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والاختفاء القسري، والسجن من دون محاكمة وما يصاحب ذلك من تعذيب وحشي بأساليب سادية، وغيرها من أشكال العنف التي ترعاها حكومات الاحتلال المتعاقبة في سياق سعيها المحموم لخلط الأوراق من خلال تأجيج العنف الطائفي واستمرار الفوضى في العراق بغية تشويه صورة المقاومة العراقية الشريفة بكافة أشكالها التي هي حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال، والتي يحظى سلاحها بشرعية قانونية، الذي تمكنت الحكومات المتعاقبة في العراق من تجريمه خروجا منها على الأعراف والقوانين الدولية كما دأبت على ذلك طوال السنوات العشرين الماضية. وغالبًا ما يُرتكب إرهاب الدولة باسم الأمن القومي أو لقمع المعارضة السياسية أو الجهات المناهضة للنظام السياسي القائم. ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على حياة وحريات الأفراد، وكذلك على عمل المجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطية، وهذا ما يجري في العراق خلال العقدين الماضيين.

ويُعدّ استخدام إرهاب الدولة على نطاق واسع باعتباره انتهاكًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وهو أمر مدان بموجب القانون الدولي والمحلي، الذي يقضي بتحمّل الحكومات والدول مسؤولية حماية حقوق وحريات مواطنيها ومنع العنف الذي ترعاه الدولة. وتشمل جهود مكافحة إرهاب الدولة التحقيقات وتدابير المساءلة والدعوة لمزيد من الاحترام لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
أما ضحايا الإرهاب فهم الأفراد أو الجماعات الذين تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بأعمال إرهابية. قد يشمل هؤلاء الأشخاص الذين أصيبوا جسديًا أو قُتلوا في هجوم إرهابي، وكذلك أسرهم وأحبائهم الذين يعانون من الحزن والصدمات وغيرها من الآثار والتداعيات طويلة المدى. وبالإضافة إلى الأذى الجسدي، يجب إلا ننس ما يتعرض له ضحايا الإرهاب أيضًا من صدمات نفسية وعاطفية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب المؤقت أو المزمن ومستويات مختلفة من القلق وتأثيرات أخرى طويلة الأمد، وهذا ما يعانيه العراقيون ومنذ 2003 وحتى اليوم، ولا بد أن يكون لمثل هذه التأثيرات دعم وعلاج مستمران.
ويعاني العراقيون أيضًا كضحايا الإرهاب من أضرار اقتصادية، مثل فقدان الدخل وتلف الممتلكات وخسائر مالية أخرى. ويمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على مستوى حياتهم ومدى قدرتهم على التعافي مما خلفه الإرهاب. لذا فإن هناك ضرورة عاجلة للعمل على مساعدة ضحايا الإرهاب للتكيف مع تجاربهم وإعادة بناء حياتهم.
إن القضاء على الإرهاب الحكومي ضرورة حتمية لإنصاف الضحايا، لكن ذلك قضية معقدة تتطلب مقاربة متعددة الأوجه تنطوي على جهود وطنية سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، وتتطلب أيضًا التزامًا طويل الأمد من الحكومات الوطنية القادمة والمجتمع المدني المحلي والمجتمع الدولي، وهذا لن يكون أمرًا سهلًا وفق المعطيات الحالية التي فرضها النظام السياسي القائم الذي جاء به الاحتلالان الأمريكي والإيراني، ولكن من خلال العمل الجماعي المتكاتف، قد يتمكن الشعب العراقي من إحراز تقدم نحو عراق أكثر سلامًا وأمانًا. وهناك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد في تحقيق ذلك، أبرزها بحسب الأهمية معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب الحكومي وما خلفه من فوضى أمنية ومستويات عير مسبوقة من الفقر وعدم المساواة والقمع السياسي وعوامل أخرى يمكن أن تسهم في استمرار الإرهاب وتصاعده. إلى جانب ذلك هناك ضرورة ملحة لتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب الحكومي في العراق من خلال توثيق الأدلة وعرضها على الرأي العام العالمي في سبيل الوصول إلى استجابة دولية منسقة وتعطيل الأذرع الإرهابية في البلاد.
لقد أدى الغزو والاحتلال إلى عيش الملايين من العراقيين كنازحين داخليا أو لاجئين خارجيا، في ظروف حياة بائسة يحفها الفقر والمرض والحاجة والخوف، في حالة من عدم اليقين، الأمر الذي يفند أي ادعاء بأن قوات الاحتلال جلبت للعراقيين السلام والأمن أو الديمقراطية والرفاهية. لقد تفاقمت حالة الحرب ليضاف إليها قيام القوات الأميركية أو البريطانية أو أي جنسية بقتل المزيد من المدنيين من مختلف الفئات المجتمعية ومن جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية والدينية بشكل عشوائي، وسط إعطاء الحكومات المتعاقبة في العراق قوات الاحتلال الأمريكي الحصانة من الملاحقة القضائية، فلا توجد مدينة أو بلدة أو قرية آمنة، حيث فتحت قوات الاحتلال نيران أسلحتها تجاه كل ما يتحرك في كل شارع وفي كل عمارة سكنية، أو داخل أي منزل أو مدرسة أو مسجد أو كنيسة أو سوق، وحتى الطير لم يسلم من نيران تلك القوات.
ومنذ 2003؛ يتم التحكم بالعراق من قبل الطارئين وشهود الزور الذين كرسوا نسف مفهوم الدولة وتغييب المواطنة وإشاعة الظلم والفساد والعمالة للأجنبي، وتمكين الميليشيات الإرهابية التابعة لـ “الجارة” إيران، واستفراد تلك الميليشيات بحكم العراق بمباركة المجتمع الدولي، الأمر الذي أفضى إلى غياب سلطان القانون وفرض قانون القوة وتنفيذ موجات من الاعتقالات الجماعية والإعدامات الميدانية واحتجاز الآلاف من الأشخاص بشكل غير قانوني، وانتشار أماكن الاحتجاز السرية وتفشي فوضى السلاح وشيوع جرائم القتل والخطف والاختفاء القسري والاعتداءات بكل أشكالها، وسط إفلات مطلق لمرتكبي الانتهاكات والمسؤولين عنها من العقاب.
وهذا غيض من فيض ما حدث في العراق إبان الغزو والاحتلال.
الخطة المتبعة في إعداد هذا التقرير
أما الخطة المتبعة في إعداد التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق 2024؛ فإنها تتلخص في الآتي:
1 التحضير والتخطيط: ويشملان
تحديد الهدف والموضوع.
تحديد الأسئلة الرئيسة التي سيجيب عليها التقرير.
وضع جدول زمني لجمع البيانات وكتابة التقرير.
2 جمع البيانات:
استخدام مصادر أولية (شهادات، مقابلات) وثانوية (تقارير، أبحاث).
التأكد من صحة المعلومات والتحقق منها.
3 التحليل:
تحليل البيانات بناءً على المعايير الحقوقية الدولية.
تفسير الانتهاكات وأثرها على الأفراد والمجتمع.
4 كتابة التقرير:
المقدمة: تقديم الهدف والسياق.
الوصف: عرض دقيق للانتهاكات الموثقة.
التحليل: تفسير أسباب الانتهاكات وأثرها.
التوصيات: اقتراح حلول عملية قابلة للتنفيذ.

والتوصيات لا جدوى منها بالنسبة للحالة العراقية لأن الحكومات المتعاقبة في العراق هي حكومات ميليشياوية لا يحكمها قانون ولا تلتزم بعهد أو ميثاق وغير آبهة لكل التوصيات والمناشدات والتحذيرات التي توجه إليها، ومعظم أفعال تلك الحكومات مخالفة للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل العراق نفسه.
على سبيل المثال لا الحصر؛ قامت اللجنة الأممية لمناهضة التعذيب على مدار السنين الماضية بتوجيه التوصيات اللازمة والحلول القابلة للتطبيق والمناشدات والتحذيرات ولفت النظر إلى الحكومات المتعاقبة في العراق في نحو 400 مناسبة من دون أن تستجيب تلك الحكومات لأي من تلك التوصيات أو المناشدات ولم تأبه بالتحذيرات، وهذا مثال من بين عشرات، بل مئات الأمثلة التي تؤكد عدم جدوى تقديم التوصيات في الحالة العراقية.
الخاتمة: تلخيص النتائج.
5 المراجعة:
التدقيق اللغوي والتأكد من حيادية التقرير.
التحقق من دقة المصادر.
6 النشر والمتابعة:
نشر التقرير بين الجمهور المستهدف.
متابعة تنفيذ التوصيات والضغط على الجهات المعنية.
وعن الأسئلة التي سيجيب عليها التقرير والتي تركزت حول توثيق الانتهاكات وتحليل الوضع الحقوقي؛ فهي:
1 تحديد نوع الانتهاك (التعذيب، الاعتقال التعسفي، القتل، التمييز..، الخ).
2 تحديد الجهات أو الأفراد المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات (الجهات الحكومية والميليشيات، أو جهات غير حكومية).
3 تحديد الأمكنة أو المناطق والأوقات التي وقعت فيها الانتهاكات.
4 تحليل الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى حدوث الانتهاكات وبيان تأثير الانتهاكات تم من خلال تحليل العواقب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للانتهاكات.
6 أما بالنسبة لمدى الاستجابة، سنقوم بتقييم ردود الفعل الرسمية من السلطات أو المنظمات الدولية، وكتابة التقارير بهذا الخصوص.
7 تحديد القوانين المحلية والدولية التي تم انتهاكها ومقارنة الانتهاكات بالقوانين الدولية لحقوق الإنسان والمعايير المحلية.
8 تقديم حلول عملية أو توصيات لتحسين الوضع وحماية حقوق الإنسان. وهذا الأمر جرى بيان عدم جدواه بالنسبة للحالة العراقية
محاور التقرير
وفي عرض موجز لبعض ما وقع من تجاوز وانتهاك لحقوق الإنسان العراقي في نفسه وماله وبيئته، وعلى ذات السياق المتبع في تقاريرنا السابقة، نقدم تقريرنا عن السنة الحادية والعشرين للاحتلال المستمر للعراق عبر حكوماته المتعاقبة، وفق المحاور الآتية
سيتم التركيز هذا العام على محور القتل خارج القانون لعدة أسباب من أبرزها:
من جملة التدليس المتواصل الذي تمارسه السلطات الحكومية ووسائل الإعلام المحلية التابعة لها ووسائل الإعلام الدولية المجاملة له، لتجميل صورتها أمام العالم.
تم تسليط الضوء بشكل كبير على خبر كُتب بالبوند العريض كما يقولون (العراق ضمن “الثلث الأول” بقائمة البلدان الأكثر أمانًا في العالم عام 2024)
واقتبس من الخبر (التصنيفات العالمية للبلدان الأكثر أمانًا أو خطورة، وضعت العراق في مرتبة متقدمة من ناحية الأمان، حيث يأتي في نهاية الثلث الأول من البلدان الأكثر أمانًا في العالم عام 2024). انتهى الاقتباس.
أصل الخبر (جاء العراق في المرتبة الـ 61 من أصل 100 دولة مدرجة في دراسة شاملة لبيان الدول الأكثر أمانا للعام 2024، وفقا لمجلة CEOWORLD””).
إذن جاء العراق في المرتبة الحادية والستين من أصل مائة دولة فقط وليس من جميع دول العالم البالغ عددها حوالي 200 دولة.
وبالمتابعة والتدقيق وجدنا أن الدراسة في معظمها شملت البلدان غير المستقرة أمنيًا واقتصاديًا.
ارتفاع كبير في معدلات الجرائم المنظمة
ونسي محرر الخبر أن العراق في الأعوام الثلاثة الماضية شهد ارتفاعًا كبيرًا في معدلات الجرائم المنظمة واحتل المركز الثاني آسيويًا والسادس عالميًا في معدلات جرائم الاتجار بالبشر والاستغلال الجسدي وعمليات تهريب البشر وتجارة المخدرات والسلاح وتهريبهما، وأن توسع هذه الجرائم في العراق يعزى لنفوذ جهات تابعة للحكومة ولا سيما الميليشيات المرتبطة بإيران المهيمنة على العراق بمباركة أمريكية.
وتناسى المحرر حقيقة أن العراق في ظل الاحتلال وحكوماته المتعاقبة يعاني من الضعف الممنهج للدولة وعدم سيطرة الحكومة على جميع أراضيها، ما جعلها مركزًا كبيرًا للنشاط الإجرامي العابر للحدود.
وقبل ذلك تجاهل الخبر مؤشر الجريمة العالمي للعام 2024، الذي أظهر أن العراق احتل المرتبة 164 عالميًا من أصل 169 دولة، وفقاً لموقع “نامبيو” المتخصص بتقديم بيانات حول معدلات الجريمة في العالم.
ومن جانب آخر أعلنت مجلة ‹CEOWORLD› الأمريكية نفسها، عن قائمة بالبلدان الأكثر خطراً على المسافرين لعام 2025، وكان العراق ضمن الدول العشر الأكثر خطورة في العالم عام 2025.
ولمن لا يعرف مجلة سي وورلد الأمريكية هي مجلة تركز على المواضيع المتعلقة بالأعمال، والقيادة، والاستراتيجيات الاقتصادية على المستوى الدولي وتبين الأفضل والأسوأ.
وتصدر المجلة محتوى موجهًا لصانعي القرار في العالم، وتشتهر المجلة بتقديم دراسات وتقييمات حول أفضل الشركات في العالم، بالإضافة إلى تقديمها سنويا لأكثر من مائتي من التصنيفات في مجالات كثيرة مثل التعليم، الصحة، التكنولوجيا، والأعمال والسياحة ومستوى الرفاهية وأفضل العواصم أو المدن للعيش وجودة الحياة وغيرها.
وقد تصدر العراق قوائم التصنيفات الأسوأ أو الأخطر في العالم، وتذيل العراق قوائم التصنيفات الأفضل في العالم أو كان خارج التصنيف في معظمها مثل:
World’s Best Schools
World’s Best Universities
Best Health Care Systems
Best Countries for Quality of Life
World’s Best Countries to Visit
World’s Best Countries for women and children
The World Best countries to invest in
Most and least religious countries
Most and least important countries
Most fashionable countries in the world
Best countries for level of life satisfaction
وغيرها الكثير الكثير، لذلك نحن ركزنا هذا العام على محور القتل خارج القانون في العراق للوقوف على حقيقة الواقع المرير في البلاد

وبالعودة إلى التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق وبيان الأرقام الرئيسة التي تعكس حجم الموت والدمار الحاصل في العراق ولا سيما التكلفة البشرية للغزو والاحتلال:
على الرغم من وجود مئات الآلاف من القتلى المدنيين في العراق ما بعد الغزو الأمريكي -على أقل التقديرات- إلا أنه وحتى تأريخ إعلان هذا التقرير لا تتوفر إحصائيات رسمية -دقيقة أو غير دقيقة- بأعداد الضحايا من المدنيين العراقيين الذين سقطوا بنيران قوات الاحتلال أو القوات الحكومية والمليشيات الولائية.
وتختلف تقديرات أعداد القتلى المدنيين في العراق بسبب عدة أسباب رئيسة تتعلق بالاحتلال وتداعياته؛ فبسبب تقنين الاحتلال ومنهجية الانفلات الأمني واستمرار فوضى السلاح بات من الصعب جدا تحديد عدد القتلى بدقة في العراق، ويساهم النقص الشديد في الإحصائيات الرسمية في وجود تقديرات مختلفة من مصادر متعددة قد يتأثر بعضها بالتوجهات السياسية أو الإعلامية؛ ففي المحافظات المنكوبة مثلا، لم يتم تسجيل أعداد القتلى بشكل رسمي بسبب الغياب الممنهج للآليات الفعالة لتوثيق الخسائر البشرية في تلك المحافظات التي تحوي عشرات الآلاف من الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها أو لم يتم توثيقها.
يزاد على ذلك الصعوبات الكثيرة التي تحول دون إجراء عملية التوثيق في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق ولاسيما صعوبة الحصول على المعلومات والشهادات وصعوبة الوصول إلى الأدلة
إلى جانب المخاطر الجمة التي تصاحب إجراءات الوقوف على حالات القتل التي يتم الإبلاغ عنها، فضلا عن التضييق الكبير على حرية الإعلام وانعدام العمل الصحفي الاستقصائي في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق ومنهجية تغييب العدالة وتكريس الإفلات من العقاب.
وفي الحالة العراقية توجد حصيلة أخرى لضحايا الحرب تُعرف باسم (حصيلة الموت غير المباشر) بسبب النزوح، وضعف الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، ونقص الرعاية الصحية، والأمراض التي يمكن الوقاية منها، ونقتبس بهذا الشأن ما كتبه السفير البريطاني السابق كريج موراي، وهو مؤرِّخ ومدوِّن وناشط في مجال حقوق الإنسان: “لا أحد يعرف عدد القتلى نتيجة لتحالف الموت بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة الذي أدى إلى تدمير العراق، ولا أحد يعرف عدد الأشخاص الذين قتلتهم القوات الغازية مباشرة، وهو رقم ضخم. يزاد على ذلك أولئك الذين لقوا حتفهم في صراعات لاحقة نتجت عن التفكيك القسري لمؤسسات الدولة التي رفضها الغرب، ولاسيما الأمنية والعسكرية منها، فضلا عن المعركة من أجل الموارد التي كانت في تناقص ملحوظ في البلاد بسبب القصف. ثم يتعين عليك إضافة جميع أولئك الذين لقوا حتفهم مباشرة نتيجة تدمير البنية التحتية الوطنية؛ إذ فقد العراق في مراحل التدمير 60٪ من المياه الصالحة للشرب ونحو 75٪ من مرافقه الطبية وما لا يقل عن 80٪ من منشآت وشبكات توزيع الكهرباء، تسبب هذا في وفاة الملايين من العراقيين، وكذلك في نزوح ملايين آخرين منهم. نحن نتحدث بالطبع فقط عن الوفيات، وليس عن حالات الإعاقة الجسدية والتشويه. ينبغي أن تتم محاكمة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والعصابة الأمريكية التي يتسكع معها، ولكن من الذي سيدعو إلى ذلك؟ إلى متى سننتظر المحاكمات الضرورية؟” انتهى الاقتباس.
وهنا تطرح نفسها أسئلة مهمة جدا لماذا لا توجد إحصاءات رسمية لأعداد الضحايا المدنيين في العراق؟ ولماذا تختلف تقديرات أعداد الضحايا اختلافا كبيرا؟
والأهم من ذلك السؤال الكبير من المستفيد؟؟؟
وتعد الإجابة هذه الأسئلة في حد ذاتها دليلاً قاطعًا على تحديد الجناة ويساهم في إدانتهم بشكل لا لبس فيه.
