العالم أمام امتحان أخلاقي لمساعدة عودة النازحين لبيوت مدمرة في غزة
عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله إعلان هزيمة للاحتلال ومخططات التهجير ورد على كل الحالمين بتهجير الفلسطينيين من وطنهم.
غزة- بدأ النازحون الفلسطينيون العودة صباح الإثنين إلى شمال غزة، بحسب ما أفاد مسؤول في وزارة الداخلية التابعة، في ظلّ تقدّم في المفاوضات من شأنه أن يسمح بالإفراج الوشيك عن دفعة إضافية من الرهائن.
ويتيح هذا التقدّم الحفاظ على وقف إطلاق النار الهشّ في القطاع المدمّر إثر 15 شهرا من القصف الوحشي الذي تسبّب بنزوح كامل سكانه تقريبا.
ومنعت قوات الاحتلال “عشرات الملايين” من النازحين، بحسب الدفاع المدني في غزة، الأحد من العودة إلى شمال القطاع عبر حاجز نتساريم الذي يقسم المنطقة إلى قسمين.
وبرّرت السلطات الإسرائيلية رفضها بعدم إطلاق سراح الرهينة المدنية أربيل يهود التي اعتبرت الإفراج عنها أولوية، وعدم تقديم حماس قائمة بالرهائن الأحياء منهم والأموات.
ومساء الأحد، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن حلحلة هذه العقدة، كاشفا أنه “بعد مفاوضات مكثفة وحاسمة (…) ستُفرج حماس (…) الخميس (…) عن أربيل يهود والجندية أغام بيرغر وعن رهينة آخر”. كذلك، من المرتقب إطلاق سراح ثلاثة رهائن آخرين السبت، كما هو مقرر في المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس.
وأكد مكتب نتانياهو أن “إسرائيل تلقت من حماس لائحة توضح وضع جميع الرهائن” الذين يمكن إطلاق سراحهم خلال المرحلة الأولى، الأحياء منهم والأموات.
وفي إطار “هذه الترتيبات”، فإن إسرائيل “ستسمح لسكان غزة بالعبور إلى شمال القطاع اعتبارا من صباح الاثنين”، بحسب مكتب نتانياهو.
وبُعيد ذلك، أكدت حماس أنها قدمت هذه اللائحة إلى الوسطاء المصريين والقطريين.
وصباح الإثنين، “بدأ عبور النازحين الفلسطينيين على شارع الرشيد الغربي عبر حاجز نتساريم الغربي إلى مدينة غزة وشمال قطاع غزة”، بحسب ما أفاد مسؤول في وزارة الداخلية في غزة لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال جهاد أبو مرعي الذي ينتظر عبور الحاجز منذ 48 ساعة في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية “نريد العودة إلى ذكرياتنا وأحبائنا”.
واعتبرت حركة حماس عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله “هزيمة للاحتلال ومخططات التهجير”.
وقالت الحركة في بيان إن عودة عشرات آلاف النازحين شكل “انتصارا لشعبنا، وإعلان فشل وهزيمة الاحتلال ومخططات التهجير” فيما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن عودة النازحين هي “رد على كل الحالمين بتهجير شعبنا”.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما السلطة الفلسطينية قد شجبت الأحد مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل فلسطينيي غزة إلى الأردن ومصر في سياق ما اعتبره إعادة ترتيب لمنطقة “هدمت بالكامل”.
وأدلى ترامب بهذه التصريحات السبت من الطائرة الرئاسية “اير فورس وان”، قائلا “أفضّل التواصل مع عدد من الدول العربية وبناء مساكن في مكان مختلف حيث قد يكون بإمكانهم العيش بسلام”، ومشيرا إلى أن نقل سكان غزة قد يكون “موقتا أو طويل الأجل”.
ونزح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، مرات عدة أحيانا، جراء الحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول 2023.
نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، مرات عدة جراء حرب الإبادة الوحشية
ودانت حركة الجهاد الإسلامي مقترح ترامب واعتبرت بأنه يشجع على ارتكاب “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بإجبار شعبنا على الرحيل عن أرضه”.
وعبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من جهته عن “الإدانة” و”الرفض الشديد” لأي مشروع يهدف إلى “تهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة”.
وأورد بيان للرئاسة الفلسطينية أن عباس يجري “اتصالات عاجلة مع قادة الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية بهذا الخصوص”، مؤكدا أن “الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه ومقدساته”.
وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بدوره رفض بلاده مقترح ترامب، مشددا على تمسك الأردن الذي يستقبل 2.3 مليون لاجئ فلسطيني بحل الدولتين “سبيلا وحيدا لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة”.
وقال الصفدي في مؤتمر صحافي مع سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، إن “حل القضية الفلسطينية هو في فلسطين وإن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين (…) ثوابتنا في المملكة واضحة ولن تتغير وهو تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ورفض التهجير”.
ورفضت مصر بدورها الأحد أي تهجير قسري لفلسطينيين، وشدّدت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها على “استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة”.
كذلك، حذّرت جامعة الدول العربية الأحد من “محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه”، قائلة في بيان “لا يمكن أن يُسمّى ترحيل البشر وتهجيرهم عن أرضهم قسرا سوى بأنه تطهير عرقي”.
ولم يعلّق نتانياهو بعد على الاقتراح الأمريكي، فيما رأى وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل شموتريتش الأحد أن ما قاله ترامب “فكرة رائعة”، معتبرا أن الفلسطينيين “سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى”.
وصرّح نشاد الناجي وهو نازح أصله من مدينة غزة “نقول لترامب وللعالم أجمع إننا لن نغادر فلسطين أو غزة مهما حصل”.
وبموجب الاتفاق، تمّ السبت الإفراج عن الدفعة الثانية من الرهائن، هن المجندات دانييل جلبوع وكارينا أرئيف وليري ألباغ ونعمة ليفي. في المقابل، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 200 معتقل فلسطيني، بعد أسبوع على بدء تطبيق الاتفاق الذي تمّ برعاية أميركية وقطرية ومصرية.
وشملت الدفعة الأولى في 19 كانون الثاني ثلاث إسرائيليات مقابل نحو تسعين معتقلا فلسطينيا.
وينص الاتفاق المؤلف من ثلاث مراحل على وقف الأعمال القتالية وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة. وتمتد المرحلة الأولى ستة أسابيع وتشمل الإفراج عن 33 رهينة من غزة في مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.
كما ينص على أن يتم خلال المرحلة الأولى التفاوض حول المرحلة الثانية.
بدأ عبور النازحين الفلسطينيين على شارع الرشيد الغربي عبر حاجز نتساريم الغربي إلى مدينة غزة وشمال قطاع غزة