أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيبلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

البصرة تعيش فوق بركة ضخمة من مياه الصرف الصحي

بات شط العرب الآن ملوثا لدرجة أنه يهدد حياة أكثر من أربعة ملايين نسمة في ثاني أكبر مدينة في العراق، بعد أن كان ذات يوم شريانا نابضا بالحياة للمياه العذبة يمر عبر البصرة.

البصرة- الرافدين

قال مسؤولون حكوميون إن مدينة البصرة تعيش وسط بركة هائلة من مياه الصرف الصحي التي فاضت على شط العرب وزادت ملوحته.
وتقع البصرة عند التقاء نهري الفرات ودجلة بالقرب من الخليج عند منطقة الأهوار جنوب العراق، وهي واحدة من المدن القليلة في الشرق الأوسط التي لا يوجد بها نظام فعال لمعالجة المياه.
ووعد المهندس عماد جميل مدير مشروعات الصرف الصحي في البصرة بإنجاز وحدة المعالجة لمياه الصرف الصحي بعد سنوات من العمل.
وشهد بناء المنشأة انتكاسة أولية بعد رحيل الاستثمار الياباني بسبب التهديدات خلال احتجاجات في عام 2018. فضلا عن ابتزاز عناصر من الميليشيات للشركة.
وبات نهر شط العرب الآن ملوثا لدرجة أنه يهدد حياة أكثر من أربعة ملايين نسمة في ثاني أكبر مدينة في العراق، بعد أن كان ذات يوم شريانا نابضا بالحياة للمياه العذبة يمر عبر البصرة.
وقال مدير دائرة البيئة في البصرة وليد الموسوي “مياه الصرف الصحي غير المعالجة لها تأثيرات وخيمة على صحة الإنسان بالدرجة الأساس لأنه مياه الإسالة (مياه الشرب) تضخ من شط العرب ومن بعض الأنهر اللي فيها مصبات لمياه الصرف الصحي بكل أسف طبعا التنوع الأحيائي أكيد يتضرر كثيرا”.
وأضاف “حياة الأسماك والروبيان وبقية الأحياء اللي تعيش في المياه كذلك الطيور التي تعيش في الأهوار الحقيقية متضررة من كذا نوع من الأنشطة المخالف للمعايير البيئية لذلك نعول كثير على عملية إن يسار إلى نصب وحدات المعالجة وتزويد هذه المساحات بمياه من شأنها أن تعزز صمود الواقع البيئي والتنوع الأحيائي في مناطقنا وفي أهوارنا”.
وكانت البصرة تمتلك بنية تحتية متقدمة للصرف الصحي في ستينيات القرن الماضي، لكنها انهارت منذ عقود من الزمن، مما حول الممرات المائية إلى مستنقعات تزداد رائحتها الكريهة سوءا بسبب مناخ الصحراء الحار.
وستستخدم محطة المعالجة، التي تبلغ تكلفتها 120 مليار دينار عراقي (91.6 دولار)، المياه المعالجة لري المزارع وتغذية الأهوار واستخدام المخلفات في الزراعة عبر تصنيع الأسمدة.
وقال الموسوي “طبعا المياه الناتجة والمعالجة من وحدات المعالجة من الأهمية بمكان، ممكن الاستفادة منها في عدة أغراض ممكن الاستفادة منها في تعزيز واقع الأنهر لا سيما نحن نعاني من شحة مياه نتيجة قلة الإطلاقات المائية من دول المصدر، ونقصد بذلك تركيا وإيران فالحقيقة هذه المياه المعالجة من شأنها أن تعزز الرصيد المائي في الأهوار وفي الأنهر الداخلية”.

البصرة كانت في يوم ما مدينة المدنّ
وعانى جزء كبير من العراق من الدمار خلال سلسلة من الحروب المدمرة منذ ثمانينيات القرن الماضي. لكن البصرة تضررت بشكل خاص كمدينة تقع على خط المواجهة في الحرب مع إيران، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات فقط عبر دلتا شط العرب إلى الشرق.
يواجه العراق الذي يعاني من الجفاف إضافة إلى أزمات أخرى أنتجتها عقود من صراعات وفساد وفشل حكومي دمّرت بناه التحتية، تلوثاً “كارثياً” في مياه أنهاره لأسباب أبرزها تسرّب مياه الصرف الصحي والنفايات الطبية.
ويؤكد مسؤولون أن المؤسسات الحكومية نفسها تقف خلف جزء من هذا التلوث البيئي، فيما تكافح السلطات المختصة لمواجهة هذه الآفة التي تهدّد الصحة العامة في العراق. ويحصل نحو نصف سكان العراق فقط، على “خدمات مياه صالحة للشرب”، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة. ويبلغ عدد السكان 43 مليونا.
في البلد الغني بالنفط الذي يستهلك إنتاجه الكثير من المياه، يرتفع خطر التلوث مع التزايد المطرد لشحّ المياه نتيجة الجفاف والتغيّر المناخي وخلافات سياسية تتعلق بتوزيع حصص المياه بين بلاد الرافدين ودول الجوار. ويزداد تركّز التلوث في الأنهار توازياً مع انخفاض مناسيب المياه.
وتعود أسباب تفاقم تلوث المياه في العراق إلى عوامل عديدة متداخلة، يأتي في مقدمتها التلوث الصناعي والتصريف العشوائي للصرف الصحي، ما أدى إلى ارتفاع نسب المواد الكيميائية والبكتيريا الضارة بشكل غير مسبوق.
وسبق أن ذكر المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن النفط ومياه الصرف الصحي والمخلفات الطبية، ترمى جميعها في الأنهر.
وأكد المرصد على أن العراقيين يشربون منذ سنوات مياها ملوثة بالنفط والصرف الصحي مبيناً أن “جميع الحكومات فشلت في إيجاد معالجة لمشكلة تلوث المياه التي باتت مصدراً أساسياً لأمراض عدد كبير من العراقيين، رغم الموازنات المالية الانفجارية التي أقرها مجلس النواب”.
وأضاف “ترتفع نسبة تلوث المياه في العراق كل عام، مع ازدياد النسمة السكانية وتراجع خدمة شبكات تصفية المياه وازدياد المخلفات النفطية والطبية التي ترمى في الأنهر بشكل مستمر”.
وأكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والتنمية غلام إسحاق زاي، بأن 90 بالمائة من مياه نهري دجلة والفرات مياه سطحية ملوثة، وعلى العراق اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع هدر المياه.
وبين المسؤول الأممي أن العراق سيفقد 20 بالمائة من مياهه السطحية ومياه الأمطار بحلول العام 2050.
ويكشف الخبير المائي والزراعي تحسين الموسوي أن “المياه في بعض المناطق هي غير صالحة للاستهلاك البشري، نتيجة ارتفاع مستوى الملوثات فيها، فعندما يقل منسوب المياه وتتراجع الإيرادات المائية، تأتي عملية إعادة تدوير المياه برفع الملوثات منها ومن ثم استخدامها للزراعة”.
وأضاف الموسوي “لكن ما يحصل في العراق أن مياه الصرف الصحي مع مياه البزل وكل المخلفات يتم إطلاقها إلى حوض النهر ما يسبب بارتفاع الملوثات لتصبح المياه غير صالحة للاستخدام”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى