أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

وحشية قوات الاحتلال دمرت المئات من مساجد وكنائس غزة في حرب الإبادة

لم تكتفِ قوات الاحتلال بتسوية 738 مسجدا بالأرض في غزة، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.

غزة – على مدار العصور الماضية، كان قطاع غزة بوابة آسيا ومدخل إفريقيا، ومركزا مهما للعالم ونقطة التقاء للعديد من الحضارات المختلفة ومهدا للديانات والتعايش.
من معابد وكنائس ومساجد تاريخية تعكس غنى وعمق الهوية الفلسطينية، كان القطاع مركزا للحياة الدينية والثقافية وقبلة للسلام، قبل أن تحوله إسرائيل إلى مسرح للإبادة الجماعية ارتكبتها طوال أكثر من 15 شهراً.
وارتكب جيش الاحتلال أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءاً من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني.
ولم ينج خلال فترة الإبادة التي اقترفتها قوات الاحتلال بدعم أمريكي مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من الهجمات.
كانت هذه الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.
ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.
738 مسجدا سُويت بالأرض.
وقال المتحدث باسم وزارة الأوقاف بقطاع غزة، إكرامي المدلل، إن صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجداً بالأرض ودمرتها تدميراً كاملاً من أصل نحو 1244 مسجدًا في قطاع غزة، بما نسبته 79 بالمئة.
وأضاف “تضرر 189 مسجدا بأضرارٍ جزئية، ووصل إجرامُ الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلينَ الآمنين”.
وتابع “كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائسَ تدميرا كليا جميعُها موجودة في مدينة غزة”.
وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضاً 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميراً كلياً و18 جزئياً.
وأوضح أن “استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب”.
كما أكد المدلل أن “استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حرب الاحتلال الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية”.
وأضاف “يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر”.
ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين، وفق المتحدث.
ومن أبرز المساجد والكنائس التي طالها التدمير خلال الإبادة على غزة، المسجد العمري الكبير بمدينة غزة الذي يعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
ويضم 38 عمودا من الرخام الجميل والمتين، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، يعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب.
وفي تاريخه الطويل، تحول الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.

الله أكبر، لا أكبر الله
وتعرض المسجد لتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني.
وتعرض لدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقًا في العام 1925.
وقال أحد رواد المسجد العمري “المسجد تعرض لأشرس هجمة بشرية”، وأضاف: “تدميره فاجعة لنا، هو جزء من غزة وفلسطين”.
ثم مسجد السيد هاشم الذي يقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، والذي ارتبط اسمه بالمدينة “غزة هاشم”.
وتعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في السابع من كانون الأول 2023.
ومسجد كاتب ولاية الذي يشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتٌقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
ويرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي1341 و1309 ميلادية.
وتعرض لقصف مدفعي إسرائيلي في السابع من تشرين الأول 2023؛ ما أسفر عن تعرضه لأضرار جسيمة.
ثم المسجد العمري في جباليا وهو أحد أقدم المعالم التاريخية في البلدة يُطلق عليه سكان المنطقة “الجامع الكبير” ويتميز بطرازه المعماري المملوكي.
وتعرض المسجد للتدمير عدة مرات، آخرها في حربَي 2008 و2014، ورغم ذلك بقي رمزا مهما للمنطقة.
أما الكنائس التي دمرها الجيش الإسرائيلي فهي كنيسة القديس برفيريوس الأقدم في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها للقرن الخامس الميلادي، وتقع في حي الزيتون، وسميت نسبة إلى القديس برفيريوس حيث تحتضن قبره.
وتعرضت للاستهداف المباشر لأكثر من مرة؛ الأول كان في العاشر من تشرين الأول 2023 ما تسبب بدمار كبير، والثاني في التاسع عشر من ذات الشهر ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، وأدى لوقوع عدد من القتلى والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.
كنيسة العائلة المقدسة
وتعد كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتعرضت للقصف الإسرائيلي مما أسفر عن أضرار جسيمة.
وتم تأسيس الكنيسة في أوائل القرن العشرين، على يد الرهبان الفرنسيسكان، وبنيت الكنيسة على الطراز المعماري الكاثوليكي التقليدي.
وتعد الكنيسة مكانا مهما للمسيحيين في غزة، حيث تُستخدم لأغراض العبادة وتقديم الدعم الروحي للمجتمع المسيحي الفلسطيني.
كما كانت مركزا ثقافيا ومجتمعيا، توفر العديد من الأنشطة الدينية والاجتماعية للمجتمع المسيحي في المنطقة.
ثم كنيسة المعمداني التي تتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882 ميلادية على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
وتخدم الكنيسة 200 مصلٍ، وتتكون من 6 طوابق: الأول والثاني مكتبة تقدم كتبا مسيحية وغير مسيحية، الرابع مخصص للتوعية، الخامس صالة ضيوف واجتماعات، والسادس قاعة عبادة.
وارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهي جزء من مباني الكنيسة، لقصف إسرائيلي في السابع عشر من تشرين الأول 2023 أسفر عن مقتل نحو 500 فلسطيني من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين في المستشفى.


تدمير كنائس أثرية في غزة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى