المرأة والطفل ضحية فشل سياسي وانهيار مجتمعي في العراق على مدار أكثر من عقدين
قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين: النساء العراقيات يواجهن تمييزًا قانونيًا، وضعفًا في تنفيذ القوانين، وعوائق اجتماعية تحدّ من حقوقهن في الأسرة وسوق العمل والمشاركة السياسية.
عمان- الرافدين
ركز المحور الرابع من التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق 2024، الذي أصدره قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، على أوضاع المرأة والطفل.
وعالج التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق – 2024 تحت عنوان “واحد وعشرون عامًا من الموت والخراب والفساد وتفكيك البلاد” أبرز قضايا حقوق الإنسان في العراق التي تم التعامل معها على مدار العام 2024، ويبين الأهداف التي أُعد لأجلها، والوسائل المتبعة لتحقيقها، وفق رؤية القسم والرسالة التي يحملها على عاتقه.
وتطلب إعداد هذا التقرير تحليلًا دقيقًا للأدلة والمعلومات، مع الالتزام بالمعايير القانونية والحقوقية الدولية في إخراجها إخراجًا دقيقًا وحياديًا، بهدف تقديم تقرير موضوعي، قائم على الحقائق، ويسعى لتحقيق العدالة والمحاسبة.
وتنشر قناة “الرافدين” المحور الرابع كجزء من نشر التقرير كاملا على أجزاء.
المحور الرابع
أوضاع المرأة والطفل
أوضاع المرأة
لا تزال حقوق المرأة في العراق ما بعد الغزو الأمريكي تواجه تحديات معقدة تتأثر بالعوامل القانونية والاجتماعية والسياسية. ورغم أن الدستور النافذ في البلاد يضمن المساواة، إلا أن النساء العراقيات يواجهن تمييزًا قانونيًا، وضعفًا في تنفيذ القوانين، وعوائق اجتماعية تحدّ من حقوقهن في الأسرة وسوق العمل والمشاركة السياسية.
أبرز القضايا التي سيتناولها محور أوضاع المرأة في العراق في 2024:
التمييز القانوني ضد المرأة.
العنف ضد المرأة.
العوائق الاقتصادية والتعليمية التي تحجم مشاركة المرأة.
التهديدات التشريعية في عام 2024، وتراجع حقوق المرأة.
التمييز القانوني ضد المرأة
التمييز القانوني ضد المرأة في العراق ما بعد الغزو الأمريكي يعد من القضايا الهامة التي تصعب معالجتها على الصعيدين القانوني والمجتمعي في ظل التغييب الممنهج لسلطان القانون وكالأزمة الأخلاقية التي تجتاح المجتمع العراقي في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة، ولا يزال التمييز ضد المرأة العراقية في أغلب جوانب الحياة. وتسعى بعض المنظمات المدنية والحقوقية الفاعلة في العراق إلى تعديل القوانين المميزة ضد المرأة والدفاع عن حقوقها في إطار السعي نحو تفعيل العدالة والمساواة، ولكن البيئة المعقدة والمتمثلة بمنهجية الإنفلات الأمني وفوضى السلاح تحول دون أي إنجاز يذكر على هذا الصعيد.

الأطر القانونية والعرفية التي تؤثر على المرأة في العراق
أولًا: الأطر القانونية وتأثيرها على المرأة:
1. الحماية الدستورية والقانونية:
على الرغم من تأكيد الدستور النافذ في العراق على حقوق المرأة، إلا أن التطرف الديني والفهم الخاطئ لمقاصد الشريعة الإسلامية في النظام القانوني يعكس تحديات كبيرة في تطبيق تلك الحقوق بشكل شامل.
2. قوانين الأحوال الشخصية:
يُعد قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 من أهم القوانين التي تنظم قضايا الزواج والطلاق والميراث في العراق. ومع ذلك، فقد شهد هذا القانون تعديلات في السنوات الأخيرة تهدف إلى تقويض حقوق المرأة، لا سيما فيما يتعلق بالزواج المبكر والميراث.
3. قانون العقوبات والتشريعات الجنائية:
يحتوي قانون العقوبات العراقي على مواد تمييزية ضد المرأة، مثل المادة التي تسمح بتخفيف العقوبة على مرتكبي جرائم الشرف، مما يشجع على العنف ضد النساء. كما أن القوانين المتعلقة بالعنف الأسري لا تزال غير كافية، ولا يوجد حتى الآن قانون شامل يجرّم العنف المنزلي بشكل صريح ويوفر حماية فعالة للضحايا.
ثانيًا: الأعراف المجتمعية وتأثيرها على وضع المرأة
1. تأثير الثقافة والتقاليد على مكانة المرأة:
لا تزال الثقافة المجتمعية في العراق تُعزز الأدوار النمطية للمرأة، وتختزل مكانتها في المجتمع، ما يؤثر على فرص النساء في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.
وهذه الأعراف تتجسد في تفضيل تعليم الذكور على الإناث في بعض المناطق، إضافة إلى قلة الفرص المتاحة للنساء في سوق العمل أو في المشاركة الفاعلة في السياسة.

2. العنف الأسري و”جرائم الشرف”:
بعد غزو العراق واحتلاله؛ ازداد العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الأسري و”جرائم الشرف”، في ظل منهجية الإنفلات الأمني وفوضى السلاح، ولا يزال يجد تبريرًا اجتماعيًا في بعض المجتمعات القبلية.
3. الزواج المبكر وتأثيره على المرأة:
يُعد الزواج المبكر مشكلة كبيرة في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، حيث تُجبر العديد من الفتيات على الزواج في سن صغيرة، مما يؤدي إلى حرمانهن من التعليم وزيادة مخاطر العنف الأسري والمشاكل الصحية.
4. التحديات في التعليم والعمل:
فضلاً عن الأسباب الكثيرة وراء الانخفاض الملحوظ في معدلات التحاق الفتيات بالتعليم في العراق، إلا أن العادات والتقاليد لا تزال ضمن الأسباب التي تمنع العديد منهن من إكمال دراستهن، خاصة في المناطق الريفية. كما تواجه النساء تمييزًا في سوق العمل، حيث يحصلن على أجور أقل من الرجال وتُتاح لهن فرص أقل للمناصب القيادية.
تأثير الأعراف السلبية والتفسيرات الدينية القاصرة على حقوق المرأة في العراق:
تلعب الأعراف السلبية والتفسيرات الدينية القاصرة دورًا رئيسيًا في تشكيل وضع المرأة في العراق، حيث تؤثر هذه العوامل على القوانين، والعادات الاجتماعية، وسلوك الأفراد تجاه حقوق المرأة. وبينما يُفترض أن القيم الدينية والثقافية تحمي المرأة وتكرّمها، فإن بعض التفسيرات القاصرة والممارسات الخاطئة تعيق تقدمها، وتُسهم في استمرار التمييز ضدها في عدة مجالات مثل التعليم، والعمل، والحقوق الأسرية، والمشاركة السياسية.
تأثير الأعراف السلبية على حقوق المرأة :
يُنظر إلى المرأة في العديد من المجتمعات العراقية على أنها مسؤولة عن إنجاب الأطفال وتربيتهم فقط، بينما يُمنح الرجل سلطة اتخاذ القرارات داخل الأسرة والمجتمع. هذه النظرة السلبية تؤثر على عدة جوانب من حياة المرأة، مثل:
الزواج المبكر: لا تزال بعض العائلات ترى في الزواج المبكر وسيلة “لحماية” الفتيات، مما يؤدي إلى حرمانهن من التعليم والاستقلالية.
القيود على العمل: يُفضل لدى العديد من الأسر عدم السماح للنساء بالعمل خارج المنزل، خوفًا من “العار الاجتماعي”.
تفضيل الذكور على الإناث: في بعض العائلات، يُعتبر إنجاب الذكور مصدر فخر، بينما تُواجه الفتيات تمييزًا واضحًا في فرص التعليم والميراث وغيرها.
الأعراف القبلية وتأثيرها على النساء
تلعب القبلية دورًا كبيرًا في العراق، حيث يتم فرض أعراف صارمة على النساء، منها:
-جرائم الشرف: لا تزال بعض العائلات تُبرر قتل النساء بدعوى “الحفاظ على الشرف”، ويجد الجناة غالبًا تخفيفًا قانونيًا بسبب الأعراف الاجتماعية.
-الزواج العشائري: تُجبر بعض الفتيات على الزواج ضمن العشيرة للحفاظ على “التوازن الاجتماعي”، مما يحدّ من حقهن في اختيار شريك الحياة.

-استغلال النساء كوسيلة لحل النزاعات: في بعض المناطق، يتم استخدام النساء كـ”دية” لحل النزاعات القبلية، حيث تُزوّج الفتيات قسرًا لمنع اندلاع صراعات أكبر.
تأثير التفسيرات الدينية القاصرة على حقوق المرأة :
لم يعطِ أي دين حقوقًا للمرأة مثل الدين الإسلامي، الذي كفل لها حقوقًا في مختلف جوانب الحياة، سواء في الأسرة، أو العمل، أو التعليم، أو حتى في مجال السياسة، مما جعل الإسلام يعترف بقدراتها ويمنحها مكانة عالية ويشملها برعاية خاصة، وأوجب على المجتمع احترامها وتقديرها وحمايتها. لكن نجد بعض التفسيرات الفقهية القاصرة أدت إلى تقييد هذه الحقوق، حيث يتم:
التأكيد على طاعة المرأة للرجل من دون الاعتراف بواجبات الرجل تجاهها أو بضرورة تفعيل مبدأ الشراكة المتساوية في الأسرة.
تقليص حقوق المرأة في الطلاق، حيث تُواجه النساء صعوبات قانونية واجتماعية عند طلب الطلاق، بينما يتمتع الرجال بحق الطلاق بسهولة أكبر.
تقييد دور المرأة في السياسة، حيث يُرفض تولّي المرأة لبعض المناصب القيادية بحجة “عدم أهليتها” شرعًا.
التأثير على قوانين الأحوال الشخصية :
يُعد قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959 من أكثر القوانين العربية تقدمًا في ما يتعلق بحقوق المرأة، لكنه تعرض باستمرار لـ”التعديل” وفقًا لتفسيرات دينية متشددة أو قاصرة، ومنها:
خفض سن الزواج للفتيات، مما يشرّع الزواج المبكر .
إلغاء قانون الأحوال الشخصية الموحد، واستبداله بتشريعات تكرس الطائفية وتحجم صلاحية القضاء في الفصل في قضايا الزواج والطلاق والميراث.
وتؤثر الأعراف السلبية والتفسيرات الدينية القاصرة على حقوق المرأة في العراق بطرق مختلفة، حيث تُستخدم كذرائع للحدّ من حريتها وحرمانها من حقوقها، وفيما يلي أبرز تداعيات التفسير القاصر للنصوص الدينية على حقوق المرأة في العراق:
التأكيد على التمييز ضد المرأة.
غبن حقوق المرأة في الزواج، والميراث، والعمل، ومكافحة العنف الأسري.
الحيلولة دون تعليم المرأة وتوعيتها، وتعزيز المعتقدات الخاطئة حول دور المرأة في المجتمع.
ويلعب الإعلام الرسمي في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة دورًا كبيرا في تعزيز النظرة السطحية أو الصورة الخاطئة للمرأة في المجتمع، من خلال:
تركيز الإعلام على مظهر المرأة أو حياتها الشخصية بدلاً من إنجازاتها أو مهاراتها.
الترويج المباشر وغير المباشر لنمط الجمال المصطنع بدعوى الجمال المثالي.
التسليع الجنسي والترويج لصورة المرأة كجسم بدلاً من عرضها كإنسان كامل له حقوقه وقدراته.
تعزيز صورة المرأة المعتمدة على الرجل وترسيخ عدم قدرة النساء على اتخاذ القرارات.
التركيز على المشاهد غير الصحيحة في بعض المناسبات الدينية، وهذا يمكن أن يُستغل في تقديم صورة مغلوطة تُقلل من احترام المرأة.
الاستغلال الإعلامي للمشاهد العاطفية أو الاستعراضية، مثل البكاء أو اللطم، ما قد يساهم في تصوير النساء وكأنهن مجرد وسائل للتأثير العاطفي.
هذه العوامل -وغيرها كثير- تؤدي إلى تكرار صور خاطئة قد تؤثر في كيفية رؤية المجتمع لدور المرأة في الدين والثقافة، مما يعزز النظرة السلبية التي تحد من فهم الدور الحقيقي للمرأة.
يزاد على ما تقدم، منهجية إغفال وسائل الإعلام الرسمية القضايا الجوهرية في حقوق المرأة أو العنف الأسري وتجنب مناقشتها بشكل جاد أو التخفيف من تداعياتها في المجتمع العراقي، مما يساهم في تعزيز حالة من الإهمال الاجتماعي تجاه مشكلات المرأة، ويمنع البحث عن حلول فعالة لمعالجتها، وذلك من خلال منهجية التضييق أو التغطية المشوهة في تناول موضوعات بشأن حقوق المرأة بشكل دقيق أو منتظم، ما يؤدي إلى عدم وجود منصات كافية للتعبير عن معاناة النساء والبحث عن حلول مجتمعية.
ما مستقبل المرأة في العراق؟
لا يمكن ضمان مستقبل أكثر مساواة في العراق من دون العمل على إصلاح القوانين للدفاع عن حقوق المرأة في الأسرة والعمل والمجتمع، وهذا الأمر مستحيل مع العقليات السائدة في المجتمع العراقي والتغييب الممنهج للتعليم الصحيح والتوعية المتوازنة بحقوق المرأة، وعدم التخطيط لخلق وعي مجتمعي جديد يحترم دور المرأة.

إن تمكين المرأة لا يتأتى من زيادة صورية لمشاركة المرأة في صنع القرار أو من خلال دعمها في السياسة والاقتصاد للاستهلاك الإعلامي وليس لإتاحة فرصة حقيقية لها لبيان إمكاناتها في هذه المجالات.
العنف ضد المرأة في العراق
العنف ضد المرأة في العراق، بما في ذلك العنف الأسري وجرائم الشرف والاتجار بالبشر، يمثل تحديات خطرة في العراق. تتأثر هذه القضايا بعوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية، وتؤثر بشكل كبير على النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد.
العنف الأسري:
العنف الأسري أو العنف المنزلي هو أحد أكثر أشكال العنف ضد المرأة انتشارًا في العراق. وتعد حالات العنف الأسري في العراق من القضايا الاجتماعية الكبيرة التي تشهد تزايدًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لكن لا توجد بيانات وإحصائيات رسمية دقيقة بشأن هذا الموضوع، والتقديرات بطبيعة الحال تكون محدودة وغير معبرة عن الواقع بسبب غياب البيانات الرسمية وكذلك بسبب عوامل اجتماعية تؤثر على تسجيل وتوثيق الحالات. ومع ذلك، تشير التقارير والدراسات إلى أن العنف الأسري في العراق يشمل عدة أشكال مثل العنف الجسدي والنفسي والجنسي، وتستهدف بشكل رئيسي النساء والأطفال.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للمرأة في العراق، تشير التقديرات إلى أن حوالي أربع من كل عشر نساء يعانين من نوع من أنواع العنف الأسري. كما كشفت دراسات أجرتها منظمات غير حكومية أن معدلات العنف الأسري تتفاوت حسب المناطق، ولكنها تظل مرتفعة في معظم أنحاء البلاد، خصوصًا في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة أو تدهورًا في الوضع الأمني.
وأحد الأرقام الصادمة أيضًا هو أن النساء العراقيات يواجهن العنف بشكل يومي، وتتعرض العديد منهن للتمييز والظلم في بيئتهن الأسرية نتيجة لتراكم العوامل الثقافية والاقتصادية. بعض الإحصاءات تشير إلى أن حوالي 70% من النساء في المناطق الجنوبية من البلاد يعانين من العنف الأسري بشكل أو بآخر.
والعديد من هذه الحالات لا يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من العار الاجتماعي أو الانتقام من قبل المعتدين. ولهذا السبب، تعتبر هذه الأرقام تقديرات، وربما تكون هناك حالات أكثر لم يتم توثيقها بشكل رسمي.
جرائم الشرف:
تعد جرائم الشرف من القضايا المؤلمة التي لا تزال منتشرة في بعض المجتمعات العراقية بعد 2003، وتتراوح هذه الجرائم من العنف الجسدي إلى القتل، وعلى الرغم من وجود قوانين تجرّم هذه الأفعال إلا أنها غالبًا ما تُبرر بالأعراف الاجتماعية والتقاليد، حيث تُرتكب هذه الجرائم بحق النساء بدعوى استعادة “الشرف” المفقود بسبب سلوك “غير لائق” من وجهة نظر المعتدين، واعتمادا على إشاعات قد تكون غير صحيحة. ومع ذلك، فإنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة بشأن عدد جرائم الشرف في العراق، وذلك بسبب عدة عوامل تتعلق بالثقافة والتقاليد السائدة التي تمنع الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم، بالإضافة إلى التحديات الأمنية والصعوبات في توثيق الأحداث.
ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، يُقدّر أن حوالي 200 إلى 300 امرأة يُقتَلن سنويًا في العراق نتيجة جرائم الشرف. وفي دراسة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش في وقت سابق، أشارت إلى أن جرائم الشرف تشكل جزءًا من الواقع اليومي في بعض المناطق جنوبي العراق، وقد تحدث أيضا في مناطق أخرى من البلاد.
أسباب استمرار جرائم الشرف في العراق:
منهجية الفوضى وغياب القانون من أبرز أسباب استمرار جرائم الشرف في العراق، حيث تسهم الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة في تقويض قدرة الدولة على فرض سيادة القانون بشكل فعال.
ضعف التوعية المجتمعية بشأن حقوق الإنسان والتمييز ضد النساء يساهم في استمرار هذه الجرائم، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب.
تبني بعض المجتمعات في العراق ثقافة تُسند قيمة “الشرف” إلى سلوك النساء بشكلٍ مبالغ فيه، مما يتيح للرجال الحق في ارتكاب العنف ضد النساء من أجل الحفاظ على “الشرف العائلي”.
استخدام بعض التفسيرات المتشددة أو الخاطئة للدين لتبرير ارتكاب جرائم الشرف في العراق.
منهجية عدم التحقيق في هذه الجرائم أو تقديم الجناة للمحاكمة بشكل جاد، وعدم محاسبة الجناة في معظم الأحيان، مما يشجع على استمرار هذه الظاهرة.
تعمد المحاكم تجاهل قضايا جرائم الشرف أو تخفيف عقوبة القتل نتيجة لها.
الاتجار بالبشر
يُعد الاتجار بالبشر، بما في ذلك الاستغلال الجنسي والعمل القسري، قضية خطرة وظاهرة متفاقمة في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، حيث ساهمت منهجية الفوضى الأمنية والفراغ القانوني في انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير. واستغل المهربون وعصابات الجريمة المنظمة الوضع غير المستقر لاستهداف النساء والأطفال من مختلف الفئات الاجتماعية، وجعلوهم عرضة للاستغلال الجنسي في بعض الحالات، بالإضافة إلى فرض العمل القسري في بعض المجالات مثل العمل المنزلي أو الصناعي. كما أن سياسة الإفقار والتجهيل من خلال استمرار النزاعات الداخلية وموجات النزوح قد فاقمت من هذه المشكلة، حيث أصبح العديد من الضحايا في وضعيات هشة يسهل استغلالهم. يضاف إلى ذلك منهجية ضعف آليات إنفاذ القانون والتشريعات غير الكافية لمكافحة الاتجار بالبشر، مما يعيق محاسبة المتورطين في هذه الجرائم.

وتوجد صعوبات جمة للحصول على إحصاءات الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر بشكل دقيق في العراق، وذلك بسبب عدة عوامل مثل ضعف التنسيق بين الجهات المعنية، والصعوبات الأمنية، وعدم التبليغ عن الجرائم في كثير من الحالات. ومع ذلك، العراق يواجه تحديات كبيرة في مجال الاتجار بالبشر، خاصة في ظل الظروف الأمنية والسياسية التي مر بها البلد في السنوات الأخيرة.
ووفقا للتقارير السنوية التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالبشر، يعاني العراق من مشاكل تتعلق بتهريب البشر، خاصة في مجالات مثل الاستغلال الجنسي، العمل القسري، وتجنيد الأطفال من قبل الميليشيات.
وعلى الرغم من أن قانون مكافحة الاتجار لعام 2012 في العراق يجرّم العمل القسري وبعض أشكال الاتجار الجنسي. ومع ذلك، لا يزال التنفيذ يواجه تحديات، بما في ذلك النقص الممنهج في الموارد والتدريب.
عدم إحداث التغيير المستدام وراؤه إرادة سياسية
إن الغياب الممنهج للجهود الحكومية في مكافحة هذه الجرائم واقتصار الأمر على حهود المنظمات الحقوقية، والتجاهل القضائي الممنهج لقوانين حقوق المرأة أو تعطيلها، وعدم تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء ضحايا العنف، والإهمال المتعمد في توعية المجتمع بأهمية حقوق المرأة وحمايتها من هذه الممارسات، يعد أمرًا أساسيًا وراء عدم إحداث التغيير المستدام، وهو أمر وراؤه إرادة سياسية في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، تتبناها سلطة الاحتلال وتتبناها حكوماتها المتعاقبة من بعدها.
أوضاع الطفل في العراق
تأثرت أوضاع الطفل في العراق عام 2024 بشكل كبير نتيجة لاستمرار التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يواجهها البلد منذ الغزو الأمريكي والاحتلال الذي أعقبه. وكان لتأثيرات الحرب والنزاعات المسلحة طويلة الأمد انعكاسات بالغة على حياة الأطفال في العراق، سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية أو التعليمية. أبرز هذه التأثيرات تشمل:
أولاً: النزوح والفقر:
بعد 2003، شهد العراق موجات كبيرة من النزوح الداخلي، حيث أصبح الملايين من الأطفال يعيشون في ظروف قاسية في المخيمات المهملة أو المناطق التي دمرتها الحرب. كما أدت الظروف الاقتصادية الصعبة إلى تدهور مستوى المعيشة وزيادة معدلات الفقر بشكل غير مسبوق، والأطفال أول المتضررين في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، حيث باتوا يعانون من أزمات متعددة تؤثر على صحتهم، تعليمهم، واستقرارهم النفسي.

ابتسامة هذال صبار لا تخفي سنوات من الكوابيس
وللنزوح والفقر تأثيرات كبيرة وعميقة على الأطفال في العراق الذي شهد موجات ضخمة من النزوح الداخلي بعد الغزو والاحتلال وما تسبب به من الخراب والدمار، ما أدى إلى معاناة شديدة للأطفال في العديد من الجوانب. فيما يلي أبرز التأثيرات:
1-الحرمان من التعليم:
إغلاق المدارس أو تدميرها: الآلاف من المدارس أغلقت أو تم تدميرها أو تضررت بسبب الحرب. وفي بعض المناطق، لم يعد هناك بنية تحتية تعليمية قادرة على استقبال الأطفال.
الضغوط المعيشية على الأسر: العديد من الأطفال الذين يعيشون في ظروف النزوح يُجبرون على ترك الدراسة والعمل للمساعدة في توفير احتياجات الأسرة بسبب الفقر. هذا يعرضهم لمشاكل مثل عمالة الأطفال والاستغلال وعدم حصولهم على فرص التعليم.
2- الصحة والتغذية:
سوء التغذية: الأطفال النازحون يعانون بشكل كبير من نقص الغذاء الكافي، خاصة في المخيمات التي غالبًا ما تفتقر إلى الموارد الأساسية. سوء التغذية يؤدي إلى ضعف المناعة وزيادة معدلات الأمراض.
الأمراض المعدية: في ظل الاكتظاظ وغياب الرعاية الصحية في المخيمات، تنتشر الأمراض المعدية بأنواعها وتؤثر بشكل خاص على الأطفال.

نقص الرعاية الصحية: غالبًا لا يحصل الأطفال النازحون على العلاج الطبي الأساسي أو التطعيمات، مما يزيد من تعرضهم للمخاطر الصحية.
3- الاستغلال والتهديدات الأمنية:
الاستغلال الاقتصادي: بسبب الفقر، العديد من الأطفال يضطرون للعمل في ظروف صعبة، مثل العمل في الشوارع أو في المصانع، مما يعرضهم للاستغلال والتعرض للضرر الجسدي والنفسي.
التجنيد في الميليشيات: بعض الأطفال يُجبرون على الانضمام إلى الميليشيات المسلحة أو يتم تجنيدهم طواعية من خلال الوعود الكاذبة بالحماية أو المال، خاصة في المناطق المضطربة أمنيا.
التهديدات الأمنية المباشرة: في المخيمات أو المناطق المتضررة، يتعرض الأطفال لمخاطر مباشرة مثل الهجمات والألغام والذخائر غير المنفجرة التي تمثل تهديدًا كبيرًا على حياة الأطفال في العراق.
4- الصدمات النفسية:
التعرض للعنف: الأطفال في المحافظات المنكوبة قد يعانون من صدمات نفسية خطرة نتيجة لرؤيتهم أو تعرضهم للعنف والقتل والدمار.
التشرد وفقدان الأسرة: العديد من الأطفال فقدوا أحد الوالدين أو كليهما في الحرب أو اضطروا للانفصال عن عائلاتهم بسبب النزوح، مما يزيد من معاناتهم النفسية.

القلق والاكتئاب: الأطفال النازحون يعانون من القلق، الاكتئاب، والاضطرابات النفسية بسبب التغيرات المستمرة في حياتهم وفقدان الاستقرار، وهذا يمكن أن يؤثر على نموهم العقلي والاجتماعي.
5- تأثيرات اجتماعية وعائلية:
التفكك الأسري: النزوح والفقر يؤديان إلى ضغط كبير على الأسرة. في بعض الحالات، قد تضطر الأسر إلى العيش في ظروف غير آمنة أو في مناطق مكتظة، مما يعرض العلاقات الأسرية للتوتر ويزيد من خطر تفكك الأسرة.
زيادة الأعباء على المرأة: في الكثير من الحالات، ولاسيما في غياب المعيل، تتحمل الأمهات العبء الأكبر في العناية بالأطفال في ظل ظروف النزوح، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للأسرة.
6- التأثيرات الاجتماعية طويلة الأمد:
الضياع: أطفال العراق الذين نشأوا في مناطق الحروب أو في مخيمات النزوح قد يواجهون صعوبات في المستقبل في الحصول على تعليم جيد أو تطوير مهاراتهم. هذا يؤثر على فرصهم في سوق العمل ويجعل من الصعب عليهم بناء مستقبل مستقر.
فقدان الانتماء: معظم الأطفال الذين نشأوا في بيئة غير مستقرة أو في مخيمات النزوح يشعرون بفقدان الهوية والانتماء الاجتماعي، مما يمكن أن يؤدي إلى مشاعر الاغتراب أو الإحباط في المستقبل.
ثانيًا: الحرمان من التعليم:
تسبب الغزو والاحتلال وما أعقبه من عمليات عسكرية بدمار البنية التحتية وتهدم آلاف المدارس، ومع وجود تحديات أمنية كبيرة، أصبح العديد من الأطفال في العراق غير قادرين على الوصول إلى التعليم. هذا أثر على مستقبلهم بشكل سلبي، حيث انخفضت نسب التعليم، خاصة في المناطق التي كانت أكثر تضررًا من النزاع.
ويمثل حرمان الأطفال من التعليم في العراق أحد أكبر التحديات التي تؤثر على المستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وتتداخل العوامل الأمنية والسياسية والاقتصادية مع القضايا المتعلقة بحق الأطفال في التعليم. فيما يلي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حرمان الأطفال من التعليم في العراق:
1- الظروف الأمنية:
النزاعات المسلحة: الحروب والصراعات المستمرة أدت إلى تدمير الآلاف من المدارس أو إغلاقها، مما حال دون قدرة الأطفال على الوصول إلى التعليم.
التهديدات الأمنية: في معظم المناطق، لا يتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدارس بسبب الخوف من الهجمات أو الاختطاف من قبل الميليشيات المسلحة.
التهجير والنزوح: الملايين من الأطفال في العراق أجبروا على النزوح بسبب المعارك، مما يجعل من الصعب عليهم الالتحاق بالمدارس في الأماكن التي انتقلوا إليها.
2- الدمار في البنية التحتية:
تدمير المدارس: بسبب النزاعات والحروب المتكررة، تم تدمير أو إغلاق العديد من المدارس في مختلف مناطق العراق، خاصة في المحافظات المنكوبة. هذا دمر البنية التحتية التعليمية بشكل كبير.
نقص المواد التعليمية: في معظم المناطق المتضررة، لا تتوفر الكتب المدرسية والأدوات التعليمية الضرورية، مما يؤثر على جودة التعليم ويجعل من الصعب للطلاب استكمال دراستهم.
3- الفقر والجهل:
الضغوط الاقتصادية: بسبب الفقر الناتج عن الحرب والدمار، تجد العديد من الأسر نفسها مجبرة على إرسال أطفالها للعمل بدلاً من إرسالهم إلى المدارس لتوفير قوت يومهم. هذا يؤدي إلى تفشي عمالة الأطفال وحرمانهم من فرصة التعليم.
الجهل: في بعض الحالات، يعتبر الأهالي أن التعليم ليس أولوية في ظل الأوضاع الصعبة، مما يؤدي إلى الحرمان من الحق في التعلم.

4- التحصيل التعليمي المنخفض:
نقص المعلمين والتدريب: هناك نقص حاد في المعلمين المؤهلين في المناطق المتضررة وعموم العراق، وكذلك ضعف في تدريبهم على طرق التدريس الحديثة. هذا يؤثر على جودة التعليم الذي يتلقاه الأطفال.
الازدحام في الصفوف الدراسية: في بعض المدارس، لا توجد فصول دراسية كافية لاستيعاب عدد الطلاب الموجودين، مما يؤدي إلى ازدحام الصفوف الدراسية ويقلل من فعالية التعليم.
5- الاختلافات الجغرافية والاجتماعية:
التفاوت بين المناطق: هناك تفاوت كبير في توفر التعليم بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية أو المناطق التي تعاني من النزاع. معظم الأطفال في القرى والمناطق النائية يجدون صعوبة في الوصول إلى المدارس.
التعليم للإناث: في بعض المجتمعات، خاصة في المناطق الريفية، توجد عقبات اجتماعية وثقافية تحول دون تعليم الفتيات، حيث قد تعتبر بعض الأسر أن التعليم ليس له أهمية للفتيات مقارنة بالصبيان.
6- التحديات الاجتماعية والنفسية:
الصدمات النفسية للأطفال: بسبب تعرض الأطفال للمعاناة في ظل النزاعات المسلحة والنزوح، مثل العنف والفقدان، فإن نسبة كبيرة منهم يعانون من صدمات نفسية تؤثر على قدرتهم على التكيف في المدارس.
التمييز والتهميش: في العراق، يعاني الأطفال من التمييز بسبب انتماءاتهم العرقية أو الدينية، مما قد يحرمهم من فرص التعليم المتساوية.
إن حرمان الأطفال من التعليم في العراق ما بعد الغزو الأمريكي يعد أزمة مركبة، حيث تؤثر النزاعات المسلحة، والتدهور الاقتصادي، والتحولات الاجتماعية على قدرة الأطفال في الحصول على تعليم جيد. ومن أجل تحسين الوضع، يحتاج العراق إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية التعليمية، ودعم نفسى للأطفال، وتوفير بيئة آمنة لهم لاستكمال دراستهم، وهذا كله غير متحقق في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة.
ثالثًا: الاستغلال والتجنيد:
يعد تجنيد الأطفال من قبل الميليشيات في العراق الغزو الأمريكي ظاهرة متفاقمة تشكل مخاطر كبيرة من حيث العنف والاستغلال، وتمثل أحد الأبعاد الخطرة لأزمة حقوق الإنسان التي يعاني منها البلد من جراء العزو الأمريكي عام 2003، وما تلاه من صراعات داخلية وظهور ميليشيات مسلحة متعددة.
فيما يلي بعض الجوانب المتعلقة بتجنيد الأطفال في العراق:
1- الظروف التي تسهل التجنيد:
منهجية الإنفلات الأمني والاضطراب السياسي: الحرب والنزاعات المستمرة في العراق ما بعد الغزو الأمريكي الذي باتت تتحكم به الميليشيات، خلقت بيئة يسهل فيها تجنيد الأطفال، سواء قسريًا أو طوعًا.
الفقر والحرمان: الملايين من الأطفال في العراق ما بعد الغزو الأمريكي يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة نتيجة النزاعات المستمرة، مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل الميليشيات التي تعدهم كذبًا بوظائف أو مكافآت مالية.
منهجية غياب الدولة وضعف المؤسسات: في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، هناك إضعاف ممنهج في السلطة المركزية وقلة الحماية للأطفال، مما أدى إلى استغلالهم من قبل الميليشيات المسلحة.
2- طرق التجنيد:
التجنيد القسري: يتعرض بعض الأطفال للتهديد أو الخطف ويُجبرون على الانضمام إلى الميليشيات للقتال.
التجنيد الطوعي: في بعض الحالات، ينضم الأطفال طواعية من خلال الوعود الكاذبة بالحماية أو المال، خاصة في المناطق التي تعاني من فقر شديد وظروف اجتماعية صعبة.
التجنيد عبر استغلال الدين: بعض الميليشيات تعتمد على تفسيرات مشوهة للدين وتقوم بتحريف المفاهيم الدينية لإقناع الأطفال بأن الانضمام إليها هو واجب ديني أو جهاد مقدس، ما يدفع الأطفال الضعفاء للانضمام.
3- آثار تجنيد الأطفال:
الضرر النفسي: الأطفال الذين يتم تجنيدهم يتعرضون لصدمات نفسية خطيرة نتيجة للعنف والممارسات العسكرية التي يرونها أو يتعرضون لها بأنفسهم.
التشويه الجسدي: العديد من الأطفال الذين يتم تجنيدهم يُجبرون على المشاركة في المعارك أو القيام بأعمال خطرة قد تؤدي إلى إصابات جسدية دائمة.
الانتهاك الجنسي: في بعض الحالات، يتم استغلال الأطفال جنسيًا من قبل الميليشيات المسلحة.
الحرمان من التعليم: التجنيد يحرم الأطفال من حقهم في التعليم ويقوض نموهم وتطورهم الاجتماعي والمهني.
أطفال العراق بين الحرمان من أبسط الحقوق والتشرد
واحد وعشرون عامًا من هلاك مستمر للحرث والنسل وتدمير ممنهج للبنية التحتية؛ يُحرم نسبة كبيرة من الأطفال في العراق من أبسط حقوقهم ولاسيّما الحق في التعليم، إذ أعد قسم حقوق الإنسان دراسة لإحصاءات رسمية نشرتها وزارات التخطيط والتربية الحاليتان وسابقاتها بشأن التعليم في العراق، خلصت الدراسة إلى أن 50% ممن هم بعمر الدراسة محرومون من الحق في التعليم لأسباب أبرزها: العجز المدرسي المتفاقم، أو غياب الطاقم التدريسي المؤهل أو كليهما؛ الأمر الذي أدى إلى استمرار ارتفاع معدلات الأمية في العراق وتزايد جعل الأطفال عرضة لشتى الانتهاكات والاستغلال بأشكال وأساليب مختلفة.
وتؤكد تقارير منظمة يونيسف، أنه ومنذ استئناف حكومة بغداد لسياسة غلق مخيمات النازحين قسرا في أواخر عام 2020، تضاعف عدد المتواجدين في مجمعات نزوح غير رسمية إلى خمسة أضعاف، وتشير التقارير إلى أنه في ذلك الوقت كان هناك (4.1) مليون شخص هم بحاجة لمساعدات إنسانية من بينهم (1.8) مليون طفل، ومن بين هذا العدد هناك (2.4) مليون بضمنهم مليون و(56) ألف طفل -يشكل ذوو الاحتياجات الخاصة نسبة (15%) منهم-يواجهون احتياجات إنسانية طارئة.
وبحسب المنظمة؛ فإن التشرد سيكون مصير الآلاف من الأطفال ولاسيما من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبعضهم سيعود إلى أسرهم الفقيرة التي لا تتوافر على سبل التعامل معهم وتأمين حاجاتهم، والمئات الآخرون سيكون مصيرهم التشرد لكونهم من الأيتام.
ظاهرة بيع الأطفال
تتعاظم في المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة ظاهرة بيع الأطفال للحصول على المال في ما تسمى بتجارة البشر. واعتاد العراقيون هذه الأيام، سماع الأخبار التي تصدرها وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على رجال أو نساء أثناء قيامهم ببيع أطفالهم بأعمار مختلفة من أجل الحصول على المال. وتتراوح قيمة الأطفال بين عشرة آلاف وعشرين ألف دولار. حيث يتم استغلال الأطفال في عمليات التسول أو العمل في البيوت أو في الملاهي الليلية أو الدعارة وغيرها.
الصحة النفسية:
تعرض الأطفال في العراق بعد 2003، للكثير من الصدمات النفسية نتيجة للعنف والحروب المستمرة. الكثير منهم يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، القلق، الاكتئاب، والعديد من المشكلات النفسية الأخرى التي تؤثر على تطورهم بشكل عام.
استغلال الأطفال في العمل:
نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي انتجها الاحتلال، العديد من الأطفال العراقيين اضطروا للعمل من أجل مساعدة أسرهم، مما يعرضهم للاستغلال في أعمال شاقة وغير آمنة، ويؤثر على صحتهم وتعلمهم.

ووفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية (ILO) ، يُقدر أن نحو 3.5 مليون طفل في العراق هم جزء من سوق العمل، مع تزايد في أعدادهم خاصة في المناطق المتضررة من النزاعات. وتشير بعض الدراسات إلى أن حوالي 15-20% من الأطفال في العراق يعملون في وظائف غير قانونية أو في بيئات تعرضهم للخطر الشديد.
الاعتداءات والعنف:
تتسع ظاهرة العنف الأسري بشكل كبير في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، وخاصة ضد الأطفال نتيجة لأسباب عدة يأتي في مقدمتها الأسباب الأمنية والاقتصادية بالإضافة الى انتشار ظاهرة تعاطي المخدِّرات وغياب مراكز الرعاية والتأهيل النفسي، حيث وثقت العديد من الصور والمقاطع المرئية التي حصل عليها قسم حقوق الإنسان مثل هذه الأعمال العنيفة وبعض منها توصف بالوحشية ضد الأبناء والبنات من قبل والديهم أفضى بعضها الى حالات عوق جسدي دائم فضلا عن الضرر النفسي الكبير، وتراوحت الممارسات ما بين التعنيف الوحشي والضرب المبرح ولا سيما على الرأس والتعذيب القاسي والحبس والحرق في أنحاء متفرقة من الجسم الأمر الذي أدى إلى الموت. وبحسب بيانات الأمم المتحدة فإن 80 ٪ من أطفال العراق يتعرضون إلى العنف في المدارس والمنازل.
بالمجمل، السنوات التي تلت الغزو الأمريكي فترة صعبة بالنسبة للأطفال في العراق، إذ أثر الصراع المستمر على حياتهم بشكل بالغ، وتسبب في آثار سلبية على نموهم وتطورهم الشخصي والاجتماعي.
النساء والأطفال في سجون العراق
يعاني الأطفال والنساء في سجون العراق من أوضاع صعبة تتداخل فيها الاعتبارات القانونية والسياسية والحقوقية. وفي ظل تراجع الحريات العامة والقمع السياسي، تواجه بعض النساء الاعتقال والاستجواب بناءً على شبهات تتعلق بنشاطات سياسية معارضة أو صلات مزعومة بجماعات معارضة للحكومة. وغالبًا ما تتعرض المعتقلات لانتهاكات تتراوح بين الاعتقال التعسفي والابتزاز، وسوء المعاملة والاستغلال، والمحاكمات غير العادلة، ما يعكس تدهور حقوق الإنسان في البلاد.
1. الاعتقال التعسفي:
على الرغم من أن القوانين العراقية تنص على ضرورة احترام حقوق المعتقلين، فإن تقارير منظمات حقوق الإنسان تشير إلى تزايد حالات الاعتقال التعسفي بحق النساء والأطفال، خاصة في المناطق التي شهدت صراعات أو احتجاجات سياسية. تشمل الأسباب التي تؤدي إلى الاعتقال:
الاشتباه بالانتماء بجماعات سياسية معارضة.
الاستهداف بسبب نشاطات حقوقية أو إعلامية تنتقد الحكومة.
استخدامهم كوسيلة ضغط ضد أفراد من عائلاتهن المطلوبين أمنيًا.
وغالبًا ما يتم الاحتجاز بلا أوامر قضائية واضحة، ومن دون توجيه تهم رسمية، بصورة تنتهك فيها القوانين المحلية والدولية.
2. الأوضاع داخل السجون:
يعاني الأطفال والنساء في سجون العراق من ظروف قاسية تشمل:
سوء المعاملة والتعذيب: تقارير حقوقية تؤكد تعرض العديد من المعتقلات للعنف الجسدي والنفسي، بما في ذلك التعذيب أثناء التحقيق لانتزاع اعترافات قسرية.
الحرمان من المحاكمة العادلة: تواجه المعتقلات محاكمات تفتقر إلى الحد الأدنى من الشفافية والعدالة، حيث يتم توجيه التهم إليهن استنادًا إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب أو بناءً على تقارير استخباراتية غير مؤكدة.
الإهمال الطبي وسوء المرافق الصحية: تفتقر العديد من مراكز الاحتجاز إلى الرعاية الصحية الأساسية، ما يجعل المعتقلات عرضة للأمراض والإهمال الطبي.
احتجاز النساء مع أطفالهن: في بعض الحالات، يتم احتجاز النساء مع أطفالهن في ظروف غير إنسانية، مما يزيد من معاناتهن.
3. استخدام القضاء كأداة للقمع:
يؤدي خضوع النظام القضائي في العراق للتأثيرات السياسية والأمنية، إلى إصدار أحكام مشددة ضد الأطفال والنساء بتهم تتعلق بالإرهاب أو المساس بأمن الدولة دون أدلة كافية، حيث يتم استغلال قوانين مكافحة الإرهاب كذريعة لاحتجاز الناشطات والصحفيات والمعارضات السياسيات، وما يصاحب ذلك من ضعف ملحوظ في فرص الدفاع القانوني، حيث يتم منع المعتقلات من التواصل مع محامين أو تلقي استشارات قانونية كافية.
4. السكوت الدولي والتحديات في توثيق الانتهاكات
على الرغم من التقارير المتزايدة عن انتهاكات حقوق الأطفال والنساء في سجون العراق، إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ أي خطوات حاسمة للضغط على الحكومة العراقية لتحسين أوضاع المعتقلين ولاسيما الأطفال والنساء. وتواجه منظمات حقوق الإنسان تحديات كبيرة في توثيق هذه الانتهاكات بسبب:
عدم السماح للمنظمات المستقلة بزيارة السجون.
خوف الضحايا من الانتقام في حال التحدث عن معاناتهم.
تقييد حرية الصحافة ومنع التحقيق في قضايا الاعتقال السياسي.
5. المآلات:
إن هذه الانتهاكات ستستمر في التزايد والتفاقم في ظل الغياب الممنهج للخطوات الفورية اللازمة للتصدي لها، ولاسيما إجراء تحقيقات مستقلة حول أوضاع الأطفال والنساء في المعتقلات والانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئات الضعيفة، وكذلك إصلاح المنظومة القضائية لضمان محاكمات عادلة والوقف الفوري لاستخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، مع تحسين ظروف الاحتجاز وضمان حصول جميع المعتقلين على الرعاية الصحية والمعاملة الإنسانية. وتفعيل الدور الرقابي للمجتمع الدولي بشكل جاد وحاسم من خلال فرض عقوبات على المسؤولين عن انتهاك حقوق المعتقلين، وتعديل قوانين مكافحة الإرهاب لمنع استخدامها كذريعة لاعتقال المعارضين والناشطين.
إن وضع الأطفال والنساء في السجون العراقية يعكس واقعًا صعبًا لحقوق الإنسان في البلاد، حيث يتم استغلال القانون والسلطة الأمنية لإسكات المعارضين، بمن فيهم النساء والأطفال.