أحمد الشرع يبحث اتفاقا دفاعيا مع أردوغان
موقع "انتلجنس أونلاين" الفرنسي المتخصص بالتقارير الاستخباراتية: في حين تحاول روسيا العودة إلى سوريا، تبحث بعض دول الخليج العربي عن بديل للرئيس أحمد الشرع.
إسطنبول- الرافدين
قالت أربعة مصادر مطلعة إن من المتوقع أن يجري الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة اليوم الثلاثاء بشأن اتفاق دفاع مشترك يتضمن إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا وتدريب الجيش السوري الجديد.
في وقت ذكر موقع “انتلجنس أونلاين” الفرنسي المتخصص بالتقارير الاستخباراتية إن الوضع الحالي في سوريا ملف دائم على طاولة فرنسا، روسيا، سوريا، تركيا، الولايات المتحدة.
وذكرت في تقرير بعنوان “الدبلوماسية الأمنية الفرنسية في أعلى مستوياتها من أجل اللعبة الكبرى في سوريا” كانت الدبلوماسية الأمنية الفرنسية عبر الزيارات السرية والمؤتمرات المرئية رفيعة المستوى، تجد طريقها بين اللاعبين الرئيسيين قبل مؤتمر سوريا الرئيسي في باريس في الثالث عشر من شباط.
وأشار الموقع إلى أنه في حين تحاول روسيا العودة إلى البلاد، تستعد بعض دول الخليج لبديل لحكم الرئيس أحمد الشرع.
ودعمت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي منذ فترة طويلة المعارضة السورية المسلحة التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد في أواخر كانون الأول في هجوم خاطف قاده الفصيل الذي تزعمه الشرع.
وتستعد أنقرة للقيام بدور رئيسي في سوريا الجديدة وملء الفراغ بعد هروب الميليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله اللبناني، التي كانت داعما رئيسيا للأسد، وربما تثير أنقرة منافسة مع دول الخليج العربية وتقلق إسرائيل.
وتحدثت المصادر لوكالة “رويترز”، وهي مسؤول أمني سوري ومصدران أمنيان أجنبيان موجودان في دمشق ومسؤول مخابراتي إقليمي كبير، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بالحديث إلى وسائل الإعلام حول اجتماع أردوغان والشرع.
وهذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن ترتيب دفاعي استراتيجي لقادة سوريا الجدد.
وقالت المصادر إن الاتفاق ربما يؤدي إلى إنشاء تركيا قواعد جوية جديدة في سوريا واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية والاضطلاع بدور قيادي في تدريب قوات الجيش السوري الجديد.
وكانت القيادة السورية الجديدة اتخذت قرارا بحل الجيش ومختلف الفصائل المسلحة وتعمل حاليا على دمجها في قيادة عسكرية جديدة.
وقالت المصادر إنه ليس من المتوقع إتمام الاتفاق الثلاثاء.
وقال المسؤول المخابراتي من المنطقة والمسؤول الأمني السوري وأحد المصدرين الأمنيين الأجنبيين المقيمين في دمشق إن المحادثات ستتضمن إنشاء قاعدتين عسكريتين تركيتين في المنطقة الصحراوية الشاسعة بوسط سوريا والمعروفة باسم البادية.
وقال مسؤول في الرئاسة السورية لرويترز إن الشرع سيناقش مع أردوغان “تدريب القوات المسلحة التركية للجيش السوري الجديد، بالإضافة إلى مجالات الانتشار والتعاون الجديدة”، دون أن يحدد مواقع الانتشار.
ولم ترد الرئاسة التركية ووزارة الدفاع السورية حتى الآن على طلبات للتعليق على هذه الأمر.
وقال فخر الدين ألتون رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية الاثنين إن أردوغان والشرع سيبحثان أحدث المستجدات في سوريا والإجراءات المشتركة المحتملة لإعادة بناء الاقتصاد السوري وتحقيق الاستقرار والأمن.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية، مطلع على المحادثات بين الوزارة ونظيرتها السورية، لرويترز إن لا معلومات لديه عن القواعد التركية في سوريا وتدريب القوات السورية في إطار اتفاق دفاعي محتمل.
وفي مسعى للمحافظة على توازن العلاقات الإقليمية بعد زيارته إلى السودية، سيسعى الشرع الآن للاستفادة من العلاقة الاستراتيجية التي أقامها مع أنقرة على مر السنوات.
وأفاد مكتب الرئيس التركي الاثنين بأن الزيارة تأتي “بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان” الذي سيستضيف الشرع في القصر الرئاسي.
ورغم معاناتها هي نفسها أزمة اقتصادية، تعرض تركيا مساعدة سوريا على التعافي بعد الحرب المدمرة التي تواصلت 13 عاما.
أول زيارة لزعيم عربي لدعم القيادة السورية الجديدة
وتتّهم تركيا وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا ضدها منذ الثمانينات. وتصنّف تركيا وبلدان غربية حزب العمال “منظمة إرهابية”.
وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية، المسماة اختصارا “قسد”، على معظم مناطق شمال شرق سوريا الغنية بالنفط حيث أقامت إدارة ذاتية بحكم الأمر الواقع منذ أكثر من عقد.
وهددت تركيا بالتحرك عسكريا لإبعاد القوات الكردية عن حدودها رغم الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق هدنة.
كانت أنقرة حاضرة بقوة في إدلب في شمال غرب سوريا التي أدارها منذ العام 2017 تحالف فصائل بقيادة الشرع. وما زالت تملك قواعد عسكرية في شمال سوريا.
ويقول مصدر دبلوماسي غربي إن “هيئة تحرير الشام” التي كان يقودها الشرع “لطالما تصرفت بحذر عبر تجنب الدخول في معارك مع قوات سوريا الديموقراطية، رغم الضغوط التركية”.
وبينما أبقت الضغط على المقاتلين الأكراد في سوريا، مدت أنقرة في الوقت ذاته يدها للسلام إلى مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، ما زاد احتمالات صدور دعوة منه قريبا إلى أتباعه لإلقاء السلاح.
ويرجّح بأن هذه الدعوة ستكون موجهة خصوصا إلى قادة الحركة العسكريين في سوريا والعراق.
وقال الباحث المتخصص في الشؤون الكردية في باريس حميد بوز أرسلان لوكالة الصحافة الفرنسية إن “إردوغان لا يريد كيانا كرديا على عتبته” في سوريا.
وأضاف أنه رغم ذلك، فإن الشرع “يعرف أنه مدين للأكراد الذين بقوا محايدين (أثناء تقدّم قواته) وهو بحاجة للعمل مع هذه الحركات”.
وبالنسبة إلى الشرع، فإن “الخيار الأول هو حل هذه المسألة عبر السبل الدبلوماسية والمحادثات”، بحسب مديرة برنامج الدراسات التركية لدى “معهد الشرق الأوسط” ومقره في واشنطن غونول تول.
وأضافت أنه سيضطر وإدارته للتحرك في مرحلة ما “إذ لا يمكنهم تحمل تداعيات وجود منطقة خارجة عن سيطرتهم”.
ولفتت إلى أن سير الأمور سيعتمد على موقف الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس دونالد ترامب رغم أن سياستها حاليا “غامضة” في ما يتعلق بهذا الملف.