أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

السرطان يدق ناقوس الخطر في العراق مع ازدياد التلوث البيئي

مصادر خاصة تتحدث لقناة (الرافدين) من داخل مستشفى الطفل المركزي في بغداد عن تسجيل عشرات الوفيات بين الأطفال المصابين بالسرطان بسبب الإهمال وقلة الرعاية الطبية.

بغداد – الرافدين
حذر مسؤولون في وزارة الصحة من تزايد الإصابات بالسرطان في كل المحافظات والمناطق النفطية، بسبب الانبعاثات الملوثة. وأكدوا أن معدل الإصابات بسرطان الثدي والقولون والقصبات والغدد اللمفاوية والمثانة تزداد بنسبة 10 بالمائة سنويًا.
ويأتي التحذير بالتزامن مع احتفاء العالم باليوم العالمي لمرضى السرطان والذي يصادف في الرابع من شهر شباط من كل عام، وهو حدث عالمي يدعو إليه وينظمه الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان (UICC). وسيتم الاحتفال به تحت شعار «مُتحدّون بتفرُّدنا» «United by Unique» الذي يركّز على وضع الإنسان في قلب الرعاية، وجعل قصصه محور الحديث.
وكشفت مصادر طبية من داخل مستشفى الطفل المركزي في بغداد ارتفاع عدد حالات الوفيات في المستشفى وخاصة في ردهة أمراض الدم اللوكيميا خلال يومين فقط من ثلاث إلى أربع وفيات من الأطفال.
وذكر المصدر لقناة “الرافدين” الفضائية أن “الوفيات تحدث بعد فترة قصيرة من دخول المرضى للمستشفى لأخذ جرعات العلاج الكيماوي”.
وأكد على أن “نهاية العام الماضي وبالتحديد بين شهري تشرين الأول وكانون الأول شهد وفاة أكثر من 10 مرضى بالسرطان داخل المستشفى معظمهم من الأطفال، وسط إهمال كبير للمرضى وعدم وجود عناية طبية وصحية وغرف عزل”.
وطالب المصدر خلال حديثه لقناة “الرافدين” بفتح تحقيق في موضوع وفيات الأطفال، بسبب عدم توفر العناية الكافية للمرضى داخلة المستشفى خاصة أمراض الدم اللوكيميا الذين يحتاجون إلى عناية فائقة.

السرطان.. وحش يلتهم أرواح أطفال العراق

وسجلت محافظات العراق ارتفاعًا ملحوظًا بالإصابة بمرض السرطان بسبب التلوث البيئي والغازات المنبعثة من عملية استخراج النفط، إضافة إلى الإشعاعات التي خلفتها القنابل الأمريكية التي استهدفت بها مدن العراق،
وأكدت مصادر طبية في محافظة السليمانية شمال العراق ، تسجيل 3310 حالات إصابة جديدة بالسرطان في عام 2024.
وأشارت المصادر إلى ارتفاع ملحوظ في نسب الإصابة بين الأطفال والرجال، مبينة أن هذا الرقم يعكس استمرار الحاجة إلى تعزيز التدابير الوقائية والعلاجية لمواجهة تفشي المرض في المنطقة.
وذكر تقرير لقسم تسجيل السرطان في السليمانية، أنه تم تسجيل مئات الإصابات الجديدة في المدينة خلال العام الماضي حيث يشكل الأطفال 6.10 بالمائة من إجمالي الإصابات.
وسجلت مستشفيات محافظة أربيل في كردستان العراق نسبة كبيرة من الحالات التي تدخل من أجل العلاج من أمراض السرطان.
ووصف مختصون هذه النسبة اللافتة وغير المسبوقة، بناقوس الخطر، الذي يستدعي التحرك العاجل، لمعالجة أسبابها.
ويقول أخصائي التغذية والسموم، الدكتور دلشاد محمد، “تلك الإحصاءات توضح بجلاء أن نسب الإصابة بالأمراض السرطانية في عموم مدن كردستان العراق وأربيل تحديدًا، في ارتفاع مستمر، وأصبح يهدد حياتنا جميعًا.
ويضيف دلشاد محمد “هناك جملة أسباب، منها الأغذية المستوردة، التي تحتوي على مواد كيمياوية حافظة، تتحول مع الوقت إلى مواد مسرطنة، وخصوصًا الأرز واللحوم المصنعة، بالإضافة إلى ملوثات الهواء العديدة”.
وخلص أخصائي التغذية “إذا لم يتم القضاء على تلك الأسباب بعجالة، فإن كل بيت في أربيل سيضم مريضًا بالسرطان في المستقبل القريب”.

مستشفيات العراق لم تعد بوسعها استيعاب العدد الكبير من مرضى السرطان

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعد السرطان ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم، وقد حصد في عام 2015 أرواح 8.8 ملايين شخص، وتعزى إليه وفاة واحدة تقريبا من أصل كل ست وفيات في العالم.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن تأثيرات تلوّث الهواء خارج المنازل وداخلها على صلة بنحو 7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا، وقد تسبب تلوّث الهواء الخارجي وحده في 4.2 ملايين حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء العالم، بلغت حصة العالم العربي منها نحو 450 ألف وفاة، ما يعكس ارتفاعا فوق المعدل العالمي بنحو 50بالمائة.
ولم تضع الحكومة أي حلول للشكاوى والمطالب التي تلقتها من أهالي مناطق في البصرة ومحافظات أخرى، ومنها كركوك، إذ لا تزال المصانع والملوثات البيئية الخطيرة توجد فيها.
ومع تزايد أعداد الإصابات بالسرطان في المناطق النفطية وصف عضو نقابة الأطباء عامر البياتي زيادة عدد المصابين بالسرطان في المناطق النفطية في محافظات البصرة وكركوك وصلاح الدين وغيرها بأنها “خطيرة، وتتطلب حلولاً عاجلة”
وانتقد عدم وضع حلول للمناطق التي زادت الإصابات فيها، واستمرار الحراك الحكومي دون المستوى المطلوب. وقال: “لا تزال الانبعاثات النفطية تغطي عدداً من مناطق البصرة التي تتصدر المناطق في أمراض السرطان المسجلة، ومن الضروري أن تشكل الحكومة خلية طوارئ لمتابعة الملف ووضع حلول عاجلة.
ويضطر المصابون بأمراض السرطان إلى السفر إلى محافظات مجاورة في كردستان أو إلى خارج البلد لتلقي العلاج، بسبب عدم توفره في بعض المحافظات ولاسيما محافظة نينوى التي شهدت في العام الماضي ارتفاعا كبيرًا بالإصابات حتى وصلت إلى نسبة أكبر من باقي محافظات العراق بحسب تصريح وزارة الصحة الحالية، علمًا أن السلطات كانت وعدت بتوفير العلاج والأجهزة الطبية اللازمة بعد استعادة الموصل من تنظيم “داعش” عام 2017.
ويفتقد العراقيين إلى أبسط حقوقهم في الحياة وهو إيجاد علاج ومراكز طبية وصحية توفر جميع الخدمات لتخفيف ألم حاملي هذا المرض.

المواطن العراقي يفتقد أبسط حقوقه في توفر الدواء ووجود نظام صحي جيد

ويقول الدكتور فيليب سالم رئيس مركز سالم للسرطان في هيوستن في مقال كتبه بمناسبة اليوم العالمي للسرطان ‏إن “أهم حق للإنسان هو الحق في أن يحيا. والحق في الحياة يمر بالحق في الصحة، إذ إن الصحة هي البوابة للحياة. إن كل الحقوق التي جاءت في شرعة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تذبل أمام حق الإنسان في الحياة. هذا الحق يجب أن يكون أولوية سلم الأولويات لأي دولة في العالم”.
وأكد على أن آلاف من البشر يموتون كل يوم لأنهم لا يملكون هذا الحق، والذريعة دائمًا هي عدم توفر المال لدعم هذا الحق. يقولون إنه لا مال كافيًا عندهم لدعم الإنسان في صراعه ضد المرض، ولكنهم بالطبع يملكون فائض المال لصنع وشراء أكثر الأسلحة دمارًا لقتل الإنسان وشن الحروب.
وتساءل “متى يا ترى يأتي إلى هذا العالم قادة يؤمنون بأن القوة هي في إحياء الإنسان وإعلاء شأنه، لا في إذلاله وقتله”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى