مجلس القضاء الأعلى يسقط آخر أوراقه في الخضوع لمصالح الأحزاب والقوى المتنفذة
منظمة العفو الدولية تندد بالعيوب في منظومة القضاء في العراق وإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة وتطالب بإصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية.
بغداد- الرافدين
كشف الصراع بين الأقطاب القضائية في العراق الانهيار المخيف لآخر حصون مفهوم الدولة، عندما يتم تفسير القوانين وفقا للمصالح السياسية للقوى والأحزاب المتنفذة.
وافتى مجلس القضاء العراقي الأعلى برئاسة فائق زيدان، بعدم جواز ايقاف تنفيذ القوانين التي يتم تشريعها من قبل مجلس النواب قبل نشرها في الجريدة الرسمية، فيما اعتبر قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، وإعادة العقارات الى أصحابها يقتضي التريث في إصدار أي قرار يتعلق بهما، شدد على أن المحاكم في البلاد ملزمة بتنفيذ قانون العفو العام.
ويأتي موقف مجلس القضاء الأعلى بعد اصدار المحكمة الاتحادية العليا برئاسة جاسم العمري قرارا، يقضي بإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، الذي أقره مجلس النواب مؤخرا وسعت إليه القوى السنية.
ويثير الصراع الذي يبدو في واجهته قضائية إلا أنه في واقع الأمر صراع سياسي لتفسير القوانين وفقا لمصالح الأحزاب المتحكمة بالعملية السياسية، مزيدا من الشكوك في تبعية القضاء في العراق للقوى الحزبية.
وطالما أبدى العراقيون امتعاضهم، حول صمت القضاء تجاه ملفات تمس جوهر العدالة في العراق، مثل ملف المغيبين قسرًا وإفلات الجناة من العقاب وتسييس القضاء وجعله هامشًا للأحزاب السياسية الحاكمة.
واتهموا مجلس القضاء الأعلى بأنه شريك فاعل ومتواطئ مع كبار رؤوس الفساد في الأحزاب والقوى والميليشيات المسيطرة على العملية السياسية.
ويترأس فائق زيدان مجلس القضاء الأعلى، وهو على قمة نظام المحاكم العراقية، وقال سفير سابق ومسؤول سابق في المخابرات العراقية إن لدى زيدان القدرة على إخفاء القضايا.

الدكتور مثنى حارث الضاري: السلطات القضائية في العراق متواطئة مع السلطة الحكومية وضبّاط التحقيق في عمليات تعذيب المعتقلين
ويكشف موقف مجلس القضاء الأعلى مستوى الانهيار الذي وصل له القانون في العراق، بينما يتم التغطية على أكبر سرقة في التاريخ المعاصر في العراق بعد استيلاء لصوص الدولة على أكثر من 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب في العراق.
وسبق أن قال الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، إن السلطات القضائية في العراق متواطئة مع السلطة الحكومية وضبّاط التحقيق في عمليات تعذيب المعتقلين.
وأكد الدكتور الضاري على أن النظام السياسي بأحزابه الطائفية جعل العراق البلد الأول عالميًا في ملف الإعدامات وفق ما هو معلن ومُصرّح به، من غير الحديث عن المغيبين مجهولي المصير، وما يجري في السجون السرية التي تديرها الميليشيات.
وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت القضاء في العراق بإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.
وأشارت المنظمة إلى عيوب في منظومة القضاء في العراق، وإلى أن العدالة في هذا البلد أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة.
وشددت على أنه يتعين على العراق إصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية، مؤكدة أن الإرادة السياسية قد تكون غائبة لدى الائتلاف الحاكم الذي يضم ميليشيات مسلحة.
وسبق أن سقط مجلس القضاء الأعلى وهو يصنع الذرائع للصوص الدولة ويثني على تواطؤ القضاة، عندما وجه كتاب شكر إلى القاضي ضياء جعفر، قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ الثانية، المشرف على القضايا المرفوعة على نور زهير، المتهم الأكبر بسرقة القرن، والذي أخرج بكفالة غامضة، وهارب خارج العراق.
وأعتبر بيان لمجلس القضاء الأعلى، اتهامات الرشا والفساد التي وجهها القاضي حيدر حنون رئيس هيئة النزاهة السابق لمؤسسات قضائية هي “مجرد ادعاءات غير صحيحة”، كما قرر توجيه كتاب شكر وتقدير إلى قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ الثانية ضياء جعفر، على ما قال إنها “لجهوده المتميزة في إنجاز الأعمال الموكلة إليه”.
وكان جعفر قد صرح بأنه هو من أصدر “قرار الإفراج عن زهير بكفالة قانونية، ليتسنى له تسديد ما بذمته من أموال”..
وتمثل “سرقة القرن” باختفاء مبلغ 3.7 تريليون دينار عراقي، بما يعادل نحو مليارين ونصف المليار دولار، من أموال الأمانات الضريبية، تم الكشف عنها من قبل جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء فترة الحكومة العراقية السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.
وينظر إلى القضاء في العراق من قبل المؤسسات الدولية إلى أنه هامش لفساد العملية السياسية القائمة في البلاد تحت تأثير الأحزاب والميليشيات الولائية
ويرى مايك والتز مستشار الأمن القومي الأمريكي أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان. يمثل قلب مؤامرة إيران لتحويل العراق إلى دولة عميلة.
وسبق وأن قدم والتز بصفته عضو لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في الكونغرس، تعديلات على مشروع قانون “المخصصات الخارجية” يصنف فيه مجلس القضاء ورئيسه فائق زيدان “كأدوات تسيطر عليها إيران”.
ووصف النائب الجمهوري زيدان بأنه “في قلب مؤامرة إيران لتحويل العراق إلى دولة عميلة”.
وأشار والتز إلى أن النظام الإيراني “يجب أن يفهم أن الكونغرس الأمريكي لن يسمح للمرشد الأعلى بتحويل العراق إلى دولة تابعة”.
ودعا من يتعاطف مع إيران في العراق مثل فائق زيدان وآخرين أن ينتبهوا إلى هذا الأمر جيدا.

مايك والتز مستشار الأمن القومي الأمريكي: رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان يمثل قلب مؤامرة إيران لتحويل العراق إلى دولة عميلة
كما طالب والتز إدارة الرئيس جو بايدن إلى اتباع أسلوب الهجوم المباشر على إيران لكبح جماح ميليشياتها المسلحة التي تستهدف القوات الأجنبية في العراق.
وقال مايكل نايتس، زميل معهد واشنطن الذي كتب عن زيدان، إن “زيدان أصدر أمراً تلو الآخر يمنع معارضة الميليشيات الإيرانية في العراق”.
وأضاف إنه بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كان سليماني والمهندس أكثر من دفع بفائق زيدان لرئاسة النظام القضائي. وكان يدير محاكم مكافحة الإرهاب حتى لا تتم محاكمة أي من أتباع إيران بموجب القانون العراقي.
وأشار إلى افتقار القضاء العراقي إلى المعايير القضائية الحديثة، حيث يقوم زيدان بتعيين وإقالة قضاة آخرين. ويمتلك وحده سلطة على القضاة كسلطة رئيس الحكومة، كما أنه غير منتخب. وتم تثبيته من قبل إيران في المنصب إلى زمن مفتوح.
وأكد على انتهاكات زيدان لحقوق الإنسان، وهو ما يتعلق بقضية مواطن أمريكي تم اعتقاله العام الماضي في العراق لأنه كان يحقق في سوء سلوك زيدان.
وقال إن “زيدان خرق العديد من القوانين العراقية باعتقال المواطن الأمريكي الذي تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي وتم سجنه لمدة 11 أسبوعًا قبل أن يساعد الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في تأمين إطلاق سراحه”.
وطالب نايتس الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات “مطلقة” على فائق زيدان بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
ووصف أحد العملاء الذين عملوا مع قوات الاحتلال الأمريكي بعد عام 2003، فائق زيدان بالشخص الخطير.
ولم يُدن فائق زيدان أياً من القتلة من عناصر الميليشيات المدعومة من إيران بعد أن قتلوا 800 عراقي عام 2019 في ثورة تشرين.
وقال سفير سابق ومسؤول سابق في المخابرات العراقية إن لدى زيدان القدرة على إخفاء القضايا.