أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الخزانة الامريكية تفرض طوقا جديدا على النظام المصرفي العراقي لمنع تهريب الدولار إلى إيران

البنك المركزي العراقي لم ينجح في ضبط تهريب الدولار إلى إيران، بل أسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذا التهريب.

بغداد- الرافدين
وقع النظام المالي العراقي تحت طوق أمريكي جديد بعد إصدار وزارة الخزانة ووكالات أمريكية قرار يحول دون استغلال إيران للنظام المصرفي العراقي لتهريب العملة والتهرب من العقوبات الأمريكية.
وكشف النائب الجمهوري، جو ويلسون، أن الرئيس، دونالد ترامب، أصدر توجيها دعا فيه أخرى إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران من أجل التهرب من العقوبات أو تجاوزها.
وأوضح ويلسون في منشور عبر منصة إكس أرفقها بصورة من القرار الذي وقعه ترامب، أن هذه الخطوات يجب أن تضمن عدم استخدام إيران للنظام المالي العراقي للتهرب من العقوبات، أو تجاوزها، وعدم استخدام دول الخليج كنقاط إعادة شحن لصالح طهران.
ومنعت الولايات المتحدة 14 مصرفا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار في إطار حملة شاملة على تحويل العملة الأمريكية إلى إيران ودول أخرى خاضعة للعقوبات في الشرق الأوسط.
ويتم تحويل مبالغ طائلة من الدولار إلى إيران بتواطؤ حكومي وبصفقات احتيال خارج نظام (سويفت) الدولي.
وينبغي على المصارف العراقية حاليًا تسجيل تحويلاتها بالدولار على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات.
ويقوم الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل.
ورفض الاحتياطي الفدرالي منذ بدء تنفيذ القيود، 80 بالمائة من طلبات التحويلات المالية للمصارف العراقية، على خلفية شكوك متعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ الذي يجري تحويلها.
ومنذ أن دخلت الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ، تم حظر أكثر من 250 مليون دولار يوميًا، كان أغلبها يذهب إلى إيران وإلى حساب مسؤولين فاسدين في الحكومات المتعاقبة.
وسبق أن كشف موقع “إنتلجنس أونلاين” عن قيام السلطات الأمريكية بفرض فريق من الخبراء الماليين لما أسمته “تنظيف” البنك المركزي العراقي من الفساد.
وذكر الموقع الفرنسي المعني بالشؤون الاستخباراتية عن تواجد فريق من المسؤولين السابقين في وزارة الخزانة الأمريكية لإصلاح البنك بعد حملة ضغوط على حكومة محمد شياع السوداني لمنع تهريب العملة إلى إيران.
ويرأس الفريق الأمريكي تشيب بونسي المدير السابق لمكتب السياسات الاستراتيجية لتمويل الارهاب والجرائم المالية، ويدير شركة “كي 2 إنتيجريتي” في واشنطن وله اطلاع شامل بملفات العراق المالية وما يتعلق منها بما يسمى بـ “نظام الصرف الصحي لبيع العملة” وهو أكبر ملفات الفساد في تهريب العملة إلى إيران.
وذكر الموقع أن مهمة بونسي في البنك المركزي العراقي تتلخص بمناقشة التغييرات التي طرأت على القطاع المالي. من ثم القيام بتنظيف بنك الرافدين، الذي كان محور تحقيقات فساد كبرى على مدى العام الماضي.
وكان البنك المركزي العراقي قام ببيع وشراء الدولار لمصارف تابعة لسياسيين وأحزاب متنفذة خلال شهر واحد فقط بمبلغ يصل إلى 4 مليارات و348 مليوناً و889 ألفاً و811 دولار.

سوق الدولار بيد أحزاب وميليشيات إيران في العراق

ومنذ مطلع العام 2023 دخلت واشنطن على خط أزمة تهريب الدولار لخارج العراق، وفرضت شروطًا على البنك المركزي، أبرزها خضوعه لنظام سويفت العالمي، وتقليل مزاد العملة، حيث تراجعت مبيعاته من 300 مليون دولار يوميًا إلى نحو 30 مليون دولار فقط في بداية الأزمة، قبل أن تعاود الارتفاع بعد أشهر قليلة.
وجاءت الزيارة الأخيرة لمحافظ البنك المركزي علي العلاق عقب زيارة مماثلة منتصف شهر تموز الماضي إلى واشنطن، لم يعلن عنها رسميًا وفقًا لمصادر مطلعة وزيارة أخرى برفقة رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني دون أن تحقق جميع تلك الزيارات نتائج ملموسة في رفع الحظر عن المصارف المعاقبة.
ويعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي همام الشماع، أن “البنك المركزي لم ينجح في ضبط تهريب الدولار، بل أسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذا التهريب”.
وأشار الشماع، إلى أن “طرح نحو 270 مليون دولار يوميًا في مزاد العملة، أمر خطير، فهو رقم كبير خاصة أن مصير هذه المبالغ مجهول، مع أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أكد سابقًا أن 50 مليون دولار تكفي لسد حاجة السوق”.
ولفت إلى أن “هذه الحوالات إذا كانت تذهب للتجارة والاستيراد، فأين الحصيلة الكمركية وهل تتطابق هذه الأرقام مع المواد التي تدخل إلى العراق”.
ويصنف العراق في قائمة الدول المستوردة لأغلب منتجاتها، في اعتماد كبير على الدولار الذي يُعد عملة ثانية في البلاد، ما يعني أن أي تغييرات في سعر الصرف، تنعكس بشكل مباشر على السوق والحركة التجارية.
وبسبب الاعتماد الكبير على استيراد البضائع تحول البلد على مدار عقدين إلى معبر لعمليات تهريب كبيرة “للدولار” تحت غطاء الاستيراد الذي بات بحسب مراقبين “ثقبًا أسودًا” لاستنزاف الأموال الصعبة وتحويلها إلى دول مثل لبنان وإيران عن طريق “مزاد بيع العملة”، في خطوة منظمة تهدف إلى كسر الحصار الاقتصادي والعقوبات الأمريكية على إيران ودعم حزب الله في لبنان.
وتعرف نافذة بيع العملة عبر مزاد الدولار الذي يشرف عليه البنك المركزي “بنظام الصرف الصحي للفساد العراقي”، لكن قلما كُتب عن آليات عمله الداخلية.
وسبق أن زعمَ محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق إنه لا يملك بيانات حول حجم الدولارات المهربة من العراق إلى إيران أو أي بلد مجاور.
وقال العلاق في تصريحات لوكالة “رويترز” إن “العراق قطع شوطًا كبيرًا في تطبيق قيود على المعروض من الدولار الأمريكي تستهدف إيران لكنه يواجه معركة شاقة في ظل نظام مصرفي غير معتاد على الرقابة الصارمة وتمسك مهربي العملة بنشاطهم”.
وأضاف إنها “معركة فعلًا لأن المستفيدين من هذا الوضع والمتضررين (من الإجراءات الجديدة) سيحاولون بشتى الطرق مواصلة أنشطتهم غير الشرعية”.
وكان رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني قد رفض في خطوة مماثلة لخطوة العلاق اتهام إيران في عملية تهريب الدولار من العراق.
ولم يذكر السوداني إيران في إجابته على سؤال لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية التي تصدر من لندن، “عما إذا كان تهريب الدولار من العراق باتجاه إيران”، واكتفى بالقول إن “تهريب العملات مستمر في كل دول العالم، والعراق حاله حال هذه الدول”.
وتابع “دول كثيرة في المنطقة تتعرَّض عملتها الرسمية لانهيار، لا أريد أن أدخلَ في الاسم، وبالتأكيد يحتاجون إلى الدولار، وهذا الأمر مستمر”.
وبين رئيس الحكومة الحالية أن “جزءًا من المتورطين هم بعض المصارف وشركات الصيرفة في الداخل ممن يحققون أرباحًا كبيرة من عمليات بيع الدولار الذي ينقل إلى دول الجوار ودول المنطقة”.
وأعلنت الولايات المتحدة الخميس فرض عقوبات مالية هي الأولى منذ تنصيب ترامب تستهدف “شبكة دولية” متهمة بنقل النفط الإيراني إلى الصين لتمويل أنشطة طهران العسكرية.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن العقوبات تستهدف “شبكة دولية تسهل نقل ملايين من براميل النفط الخام الإيراني، بقيمة مئات ملايين الدولارات، إلى الصين”.
ونقل البيان عن وزير الخزانة سكوت بيسنت قوله “لا يزال النظام الإيراني يركز على الاستفادة من عائداته النفطية لتمويل تطوير برنامجه النووي، وإنتاج صواريخه البالستية الفتاكة والطائرات المسيّرة، ودعم مجموعاته الإرهابية الإقليمية بالوكالة”.
وكشف تقرير موسع لوكالة “رويترز” تفاصيل قيام شركات تابعة للحرس الثوري الإيراني بتهريب النفط الإيراني من ميناء أم قصر العراقي بوثائق مزورة على أنهم نفط عراقي.
وكشف التقرير بالوثائق ورسائل البريد الإلكتروني كيف تقوم إيران مع تسهيل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لعملية تهريب النفط الإيراني لكسر العقوبات الأمريكية على إيران.
وواجهوا مراسلو وكالة “رويترز” المسؤولين في العراق بالوثائق الصريحة على استخدام الموانئ العراقية في تهريب النفط الإيراني، إلا أنهم أنكروا الأمر.
وأطلعت رويترز المسؤولين العراقيين على الوثائق التي استخدمتها الناقلة ريمي حتى يوصف نفطها الإيراني على أنه عراقي.
وإلى جانب شهادة المنشأ، كان لديها بوليصة شحن، وبيان الشحنة، وتخليص جمركي ومستندات أخرى عراقية.


النائب الجمهوري جو ويلسون: الرئيس، دونالد ترامب، أصدر توجيها دعا فيه أخرى إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران من أجل التهرب من العقوبات أو تجاوزها

وقال مسؤول جمركي عراقي لرويترز إن الوثائق مزورة بشكل رديء، بينما قالت شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وهي الهيئة المسؤولة عن صادرات النفط، إنه لا يوجد سجل لتحميل السفينة بالنفط الخام من أي من موانئ العراق.
وحملت ناقلة النفط ريمي هوية مزدوجة، ففي شباط 2023 كانت متجهة إلى ماليزيا رافعة علم بنما ومحملة بمليون برميل نفط من العراق، وذلك بحسب وثيقة بحوزة ربانها.
وتظهر الوثيقة، وهي شهادة منشأ اطلعت عليها رويترز من ميناء البصرة النفطي في جنوب العراق، أنه جرى تحميل السفينة بالنفط الخام من هناك في 22 شباط 2023.
لكن الواقع كان مختلفا تماما.
فالناقلة كانت جزءا من شبكة واسعة لتهريب النفط، وحملت أيضا اسم ديب أوشن وكانت تنقل النفط الخام سرا من دولة مختلفة؛ وهي إيران.
كان بحوزة الربان شهادة منشأ ثانية من شركة النفط الوطنية الإيرانية ومؤرخة في نفس اليوم.
وجرى ضخ النفط الإيراني إلى الناقلة ريمي، وهي جزء من أسطول تستخدمه شركة “صحارى” ثاندر الإيرانية، من سفينة أخرى في الشبكة التابعة لتلك الشركة، وهي سونيا 1 التي ترفع العلم الإيراني.
وتم رصد عملية النقل السرية، التي انتهت في 22 شباط، بواسطة القمر الصناعي سنتينل-2 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
وانكشف وهم النشاط التجاري المشروع للناقلة ريمي مع العراق بعد تسريب مجموعة تضم أكثر من 10 آلاف رسالة بريد إلكتروني خاصة بشركة “صحارى ثاندر”، تغطي تجارتها النفطية من آذار 2022 إلى شباط 2024، وذلك على أيدي شبكة تسلل إلكتروني.
وبتفريغ البيانات، تمكنت رويترز من إظهار كيفية تفادي الشركة الإيرانية للعقوبات الغربية. وتبين أنه في الفترة التي شملتها رسائل البريد الإلكتروني، شحنت “صحارى ثاندر” ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط إلى أنحاء مختلفة من العالم، بقيمة 1.7 مليار دولار أمريكي تقريبا استنادا إلى متوسط سعر السوق في عام 2023.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى