الكهرباء بداية أزمات حكومة الإطار التنسيقي بعد إلغاء الاعفاءات الأمريكية لاستيراد الغاز من إيران
خبراء يحذرون من انهيار وشيك للمنظومة الكهربائية في الفترة المقبلة بسبب فشل حكومة محمد شياع السوداني في إيجاد بدائل للغاز الإيراني.
بغداد ــ الرافدين
حذر مختصون في قطاع الطاقة والاقتصاد من أزمة كهرباء خانقة تهدد العراق خلال الأشهر القادمة، في ظل إلغاء الولايات المتحدة الإعفاءات التي تتيح لبغداد استيراد الغاز والكهرباء من إيران.
وتتزايد المخاوف من انهيار المنظومة الكهربائية، خاصة أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لم تتمكن حتى الآن من تأمين بدائل حقيقية لتعويض النقص.
وجاء قرار إلغاء الإعفاء لاستيراد الغاز الإيراني ضمن سياسة الضغط على طهران يهدد بانقطاع واسع للطاقة في البلاد، في ظل عجز حكومة الإطار التنسيقي الواضح عن إيجاد بدائل فورية لأزمة الكهرباء في البلاد.
ووقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة تنص على إيقاف الإعفاءات الخاصة بالعراق، وهو ما يعني توقف تدفق الغاز الإيراني الذي تعتمد عليه البلاد بشكل رئيسي لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء.
ووفقًا للمذكرة فإن الولايات المتحدة تهدف إلى منع استخدام النظام المالي العراقي للتحايل على العقوبات المفروضة على إيران، مما يعقد إمكانية استمرار بغداد في الحصول على الطاقة عبر طهران.
وكانت حكومة السوداني تعتمد على الإعفاءات الأمريكية المتكررة لاستيراد الغاز الإيراني، لكن القرار الجديد يضعها أمام تحد حقيقي، خاصة أن البدائل المطروحة ما زالت غير جاهزة أو تحتاج إلى وقت طويل لتطبيقها، كما هو الحال مع اتفاقية استيراد الغاز من تركمانستان التي تواجه عقبات بسبب مرور خطوط الأنابيب عبر الأراضي الإيرانية.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن القرار الأمريكي سيؤدي إلى كارثة حقيقية في الفترة المقبلة وتحديدًا فصل الصيف، حين يصل استهلاك الكهرباء إلى ذروته.
وحذر المختصون من أن الأزمة الحالية قد تعيد إلى الأذهان موجة الاحتجاجات التي اندلعت في السنوات الماضية بسبب سوء الخدمات، والتي أدت إلى تصاعد الغضب الشعبي ضد الطبقة الحاكمة.
وقال الخبير الاقتصادي ناصر التميمي إن العراق سيعاني من أزمة كهرباء غير مسبوقة بسبب إيقاف استيراد الغاز الإيراني، وهو ما سيؤدي إلى أطول ساعات انقطاع شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
وأضاف أن الحكومة أمام خيارين إما إيجاد بدائل سريعة أو مواجهة احتجاجات شعبية واسعة النطاق.

ومن جانبها تدعي وزارة الكهرباء أن الخيار المتاح حاليًا هو الاعتماد على الغاز المستورد من تركمانستان، ولكن هناك عقبات فنية تتعلق بمرور الغاز عبر إيران، فيما يشير الواقع إلى أن التصريحات الحكومية بإيجاد الحلول لأزمة الكهرباء لا تزال غير كافية لتعويض الكميات الكبيرة التي كان العراق يحصل عليها من إيران.
وأقر وزير الكهرباء زياد علي فاضل بصعوبة الوضع، مشيرًا إلى أن الوزارة فقدت 8 آلاف ميغاواط بسبب نقص الغاز الإيراني، وأن توفير الوقود لتشغيل المحطات يمثل التحدي الأكبر حاليًا.
وأضاف أن مشاريع الطاقة البديلة تحتاج إلى سنوات لإتمامها، بينما يعاني العراق من زيادة غير طبيعية في الاستهلاك.
وفي محاولة للتنصل من المسؤولية، قالت لجنة الطاقة النيابية إن انقطاع الكهرباء سيستمر بشكل سيء خلال الصيف القادم جراء استمرار مشاكل الطاقة وتعثر إمدادات الغاز من إيران.
وانتقدت اللجنة إجابات وزير الكهرباء خلال استضافته في البرلمان التي وصفت بالضعيفة والتي تعتمد على وعود غير قابلة للتطبيق.
وحذرت اللجنة من أن العراق سيواجه أزمة كهرباء حادة خلال الفترة المقبلة نتيجة غياب استراتيجيات بديلة فعالة.
وقال عضو اللجنة وليد السهلاني ان إجابات وزير الكهرباء زياد علي فاضل خلال استضافته في لجنة الطاقة النيابية ورقية ولم تكن بالمستوى الذي يوعد بتوفير كهرباء، مبينًا أن جميع ما قدمه هي مجرد وعود.
وأضاف في حال استمر اعتماد العراق على الغاز الإيراني فلا وجود للكهرباء في الصيف القادم وهذه حقيقة لا بد أن تنقل للشعب، فضلًا عن عدم وجود رؤى حقيقة لدى الوزارة مقابل هدر كبير للأموال.
ويخشى المسؤولون من تصاعد الغضب الشعبي مع وزيادة الطلب على الكهرباء خاصة في المحافظات الجنوبية التي تعاني من تردي الخدمات منذ سنوات.
وشهدت محافظات مثل البصرة وذي قار وميسان في الأيام الأخيرة موجات انقطاع متكررة، ما دفع الأهالي إلى التعبير عن استيائهم على وسائل التواصل الاجتماعي وسط توقعات باندلاع احتجاجات جديدة إذا لم تتمكن الحكومة من معالجة الأزمة بسرعة.
وأجمع مراقبون أن أزمة الكهرباء في البلاد ستبقى قائمة لفترة طويلة في ظل استمرار اعتماد العراق على استيراد الغاز الإيراني، ومع تعثر تنفيذ مشاريع الطاقة المحلية.
وأضافوا أن القرار الأمريكي الأخير يزيد من تعقيد المشهد ويكشف عن هشاشة المنظومة الكهربائية في العراق التي لم تستطع الحكومات المتعاقبة إصلاحها رغم المليارات التي أُنفقت في هذا القطاع.
