أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

السوداني يتعمد تناسي فساد القضاء وتلاشي هيبة الدولة في مطالبة العشائر العراقية بإنهاء النزاعات

انتشار السلاح وضعف سلطة القانون ساعد على انتشار الظواهر اللصوصية والعشائرية لاسيما بعد فشل الحملات الأمنية التي تعلن عنها الحكومات المتعاقبة لحصر السلاح بيد الدولة وأصبحت مجرد شعارات للمتاجرة والدعاية وسط وجود كتل وأحزاب تمتلك أسلحة وميليشيات تسيطر على الشارع بقوة السلاح وتفرض سيطرتها على أي حكومة.

بغداد- الرافدين
تعمد رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني وهو يطالب العشائر العراقية بإنهاء النزاعات، تلاشي هيبة الدولة وانهيار سلطة القانون وتوغل الميليشيا. وهم السبب الرئيسي في النزاعات العشائرية المستمرة في المدن العراقية.
ودعا السوداني خلال مشاركته في المؤتمر العشائري العام لشيوخ عموم عشائر العراق، الذي نظمته وزارة الداخلية، العشائر إلى إنهاء النزاعات وإسناد الحكومة في تعزيز الأمن ومحاربة المخدرات والأفكار الهدامة، ودعم استقرار عمل الشركات في المشاريع الخدمية.
وحث شيوخ العشائر والوجهاء في المحافظات على المساهمة في دعم استمرار عمل الشركات بالمشاريع الخدمية. من دون أن يثير إلى معضلة المناطق عندما ترى عمالة أجنبية تعمل في مشاريع بينما يعاني أبناء المدن من بطالة مستمرة.
وشدد السوداني على العشائر التحرك بشكل حاسم لفض النزاعات التي يذهب ضحيتها الأبرياء، وإنهاء المظاهر السلبية، كما يجب التعاون مع الأجهزة الأمنية لمحاسبة المسيئين وعدم احتضانهم وتقديمهم للعدالة، لأن أمن البلد فوق كل شيء.
وطالب بتحصين أبناء العشائر أمام الأصوات الداعية للفتنة، والتي تريد تمزيق نسيج بلدنا الاجتماعي لغايات طائفية أو عرقية.
وتأتي مناشدات السوداني بعد أيام من مشاركة ضباط يمثلون قوة الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية في فصل عشائري في محافظة واسط بعيدًا عن السياقات القانونية.
وتزايدت ظاهرة لجوء بعض شرائح المجتمع العراقي إلى السنن العشائرية والأعراف القبلية لفض نزاعاتهم بدلًا من القضاء ضمن ما يُعرف بالفصل العشائري بعد العام 2003 الذي تحول إلى أداة ابتزاز مالي خاصة في محافظات وسط وجنوب العراق.
وتتصدر ميسان وذي قار والبصرة، المحافظات التي تشهد مثل تلك المواجهات والنزاعات العشائرية التي تعد في جنوب العراق ووسطه، إحدى أبرز المشكلات الأمنية إذ تتكرر بين الحين والآخر.
وتحولت الفصول العشائرية إلى ساحة لاستعراض العضلات خاصة في ظل انتشار السلاح وانتماء العديد من أبناء العشائر للمليشيات وصار التهديد المتبادل بين العشائر المتخاصمة يتم بإطلاق النار والمعارك شبه اليومية في الأحياء السكنية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية كما أظهر تسجيل في منصات التواصل الاجتماعي في مشهد يختزل حجم الفوضى العارمة في العراق في ظل انعدام القانون ووجود الدولة.
وقال النائب في البرلمان الحالي عارف الحمامي إن واحدة من الإشكاليات الأمنية والاجتماعية في المدن العراقية، وتحديداً مناطق جنوب البلاد، هي النزاعات العشائرية، إذ تشكل خطراً كبيراً على النسيج الاجتماعي والاستقرار.
وأكد أن بعض العشائر والمحسوبين على العشائر الأصيلة، يستخدمون السلاح الخفيف والمتوسط، ما يؤدي إلى فزع وإصابة المدنيين والإضرار بممتلكاتهم.
وأشار إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة وأجهزتها الأمنية بالدرجة الأساس، لأنها مسؤولة عن تطبيق القانون وفرضه على الجميع، وعدم التهاون في معاقبة أي مسيء أو متجاوز على القانون.
وعجزت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في العراق عن فرض سلطة القانون وهيبة الدولة، وانشغلت بالمحاصصة الطائفية والحزبية، مما أدى إلى بروز ظواهر دخيلة على المجتمع العراقي، تهدد السلم الاجتماعي وتشجع على تأسيس الميليشيات.
وعلى غرار الميليشيات المرتبطة بالأحزاب الحاكمة، انتشر في الآونة الأخيرة ما يعرف بـ “الدرع العشائري” وهي أشبه بميليشيات صغيرة حيث يكون لكل عشيرة صنف يضم مجموعة كبيرة من الأشخاص المسلحين يطلق عليهم “درع العشيرة”، تنفذ أفعال بعيدة عن القانون، وبالتالي تعد وجهًا آخر لـ”الدكة العشائرية”.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة المتكرر عن اتخاذ إجراءات ووضع خطط لمعالجة مثل هذه الظاهر ومنها النزاعات العشائرية، إلا أن حدة النزاعات في الآونة الأخيرة تظهر حجم الانفلات الأمني في البلاد وعدم تنفيذ أي من هذه الخطط.
ويكشف تفاقم الدكات العشائرية انهيار مفهوم الدولة في العراق وتهميش القضاء.

سلطة التخلف حاكمة بعد انهيار القضاء

ويرى مراقبون أن انتشار السلاح وضعف سلطة القانون ساعد على انتشار الظواهر اللصوصية والعشائرية لاسيما بعد فشل الحملات الأمنية التي تعلن عنها الحكومات المتعاقبة لحصر السلاح بيد الدولة وأصبحت مجرد شعارات للمتاجرة والدعاية وسط وجود كتل وأحزاب تمتلك أسلحة وميليشيات تسيطر على الشارع بقوة السلاح وتفرض سيطرتها على أي حكومة.
وأشاروا إلى أن النزاعات العشائرية تحولت من ظاهرة سائدة إلى معضلة وجودية اجتماعية وقانونية في البلاد بسبب السلاح المنفلت الموجود لدى عناصر الميليشيات، إضافة إلى أن المواطن أصبح يلجأ لعشيرته لأخذ حقه بسبب عدم ثقته بالقانون وبالحكومة.
وأكدوا على أن الحكومة مهما ادعت ستبقى عاجزة عن معالجتها ما لم تتم السيطرة على السلاح المنفلت وإعادة هيبة القانون والقضاء.
وسبق لرئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، أن أورد في منهاجه الوزاري، فقرة تخص السيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وهي الفقرة ذاتها التي وردت في كافة البرامج الحكومية لرؤساء الحكومات السابقة، لكن لم تنفذ.
ورغم تصدر ملف حل مشكلة النزاعات العشائرية في منهاج حكومة الإطار التنسيقي إلا أن تسجيل الضحايا والمصابين في المحافظات العراقية الجنوبية والوسطى نتيجة النزاعات العشائرية المسلحة ما زال مسمرًا، وتستدعي في بعضها تدخل قوات الجيش لفضها.
ويشهد البلد انتشارا كبيرا للسلاح المنفلت، سواء على مستوى الأفراد أو الميليشيات أو العشائر، ودائما ما يستخدم بالنزاعات الشخصية أو السياسية أو العشائرية.
ويشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى، وفي خطوة للحد من النزاعات العشائرية، أصدر في تشرين الثاني 2018 قرارا يقضي بتوجيه تهمة الإرهاب ضد الأشخاص المتورطين ما يعرف بـ”الدكة العشائرية”، إلا أن النزاعات العشائرية شهدت، رغم صدور القرار، ارتفاعا لافتا، خصوصا في الأطراف الشرقية للعاصمة بغداد وفي محافظات ميسان وذي قار والبصرة.
وعلى الرغم من عدم وجود أرقام رسمية بعدد قطع السلاح الموجودة لدى أفراد المجتمع العراقي، أو أماكن بيعها، إلان أن التقديرات تشير إلى وجود نحو 15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، تستخدم من قبل الميليشيات والعصابات والكثير من العشائر جنوبي ووسط البلاد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى