أخبار الرافدين
تقارير الرافديندوليةطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

ترامب يحرق سقف العالم ويطلق العنان للفوضى

وكالة "أسوشيتد برس": قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووعوده العبثية كمن يلقى كيسا من الزجاج المكسور تحت أقدام زعماء دول العالم.

إسطنبول- الرافدين
وصف تقرير وكالة “أسوشيتد برس” قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووعوده العبثية وكأنه ألقى كيسا من الزجاج المكسور تحت أقدام زعماء دول العالم الذين غالبا ما تضافرت جهودهم على مدى ثمانية عقود في إطار النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
وذكر التقرير الذي كتبته لوري كيلمان يبدو أنه بات على الجميع الرد على ترامب يوميا، حتى أن رئيس وزراء أستراليا أنطوني ألبانزي قال عندما سئل في الأسبوع الماضي عن رأيه في إعلان ترامب أن الولايات المتحدة ستستولي على قطاع غزة المدمر وتحوله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”. “لن أقدم، بصفتي رئيس وزراء أستراليا، تعليقا يوميا على تصريحات الرئيس الأمريكي”.
وأصبح السعوديون غاضبين، والدنماركيون في حالة هياج، وكولومبيا تراجعت، والمكسيك وكندا تستعدان لحرب رسوم جمركية مع الولايات المتحدة. أما بكين فأطلقت حربها التجارية مع واشنطن، ردا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم بنسبة 10 بالمائة على المنتجات الصينية، وحتى البريطانيين الذين طالما كانوا فخورين بـ “علاقاتهم الخاصة” مع الولايات المتحدة، لجأوا إلى تقاليدهم في الدبلوماسية الهادئة للتعامل مع سياسات وأفكار ترامب.
وسواء اعترف قادة العالم بذلك علنا أم لا، فإنهم ينظرون إلى نهج ترامب المتسلط تجاه بعض مؤسسات الحكومة الأمريكية ويتساءلون عن دور الولايات المتحدة في النظام الدولي بعد الحرب الباردة: ماذا عن الأدوار الأمريكية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والأمم المتحدة، والبنك الدولي وغيرها من ركائز النظام الدولي؟
وفيما يتصل بحلف الناتو الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، لطالما شكك ترامب في قيمته وهدد بعدم الدفاع عن الدول الأعضاء في الحلف التي تفشل في زيادة إنفاقها العسكري إلى المستوى الذي يطالب به. وفي أول يوم له في المكتب البيضاوي، قرر ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية للمرة الثانية، وهو التصرف الذي من شأنه أن يترك الوكالة التابعة للأمم المتحدة بدون أكبر ممول لها. واحتشد قادة منظمة الصحة العالمية للرد على قرار ترامب وطالبوا دول العالم بالضغط على واشنطن لإلغاء قرار ترامب.
وقال مبعوث ألماني قلقا “السقف يحترق”.
وكتب هيثر هرلبورت خبير الشؤون الدولية والسياسية في المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” البريطاني في تحليل له “إن تصرفات ترامب تنبئ بتحول دائم في المشهد السياسي ــ وليست مجرد حركة مفتاح يعود إلى وضعه الطبيعي بعد أربع سنوات.”
وبعيدا عن الدوائر القيادية، فإن أي شخص يعتمد على المساعدات الأمريكية للحصول على الغذاء أو الدواء سيواجه مخاطر كبيرة بعد قرار ترامب إلغاء هيئة المعونة الأمريكية، وإنهاء مهمتها التي استمرت ستة عقود للمحافظة على استقرار الدول الفقيرة من خلال تقديم المساعدات الغذائية لمواطنيها.
في الوقت نفسه تقول أريانا قصي مصطفى من تجمع “شبكة نساء كوسوفو” الذي يضم 140 منظومة غير حكومية “رغم ذلك نحن صامدون، وسنحاول بذل أقصى جهد” لمواصلة تقديم المساعدات للمحتاجين.
وبعد إعادة انتخابه لرئاسة الولايات المتحدة وبمساعدة “صديقه الرئاسي” الملياردير إيلون ماسك، أطلق ترامب العنان لفوضى عارمة من خلال تشتيت انتباه العالم.
فالأوامر والتصريحات الرئاسية تصدر بوتيرة سريعة للغاية بما يكفي لتفتيت أي معارضة. والآن لا يوجد من يمكنه متابعة كل هذه الأوامر والتصريحات، سواء كان شخصا أو حكومة، وبالتالي يحدث ما يسميه حلفاء ترامب “إغراق
المنطقة”.
هل هناك مشكلة في ذلك؟ يرد ترامب بكلمة واحدة هي: “فافو”، كاختصار لعبارة “اخلق الفوضى ثم رتبها” باستثناء أن الكلمة الأولى فيها ليست فوضى”.
وقد نشر الرئيس الاختصار على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبا بصورة له وهو يرتدي قبعة فيدورا وقميصا مخططا.
وتتم الإشارة إلى كولومبيا باعتبارها نموذجا على ما يمكن أن يحدث لأي دولة عندما تقول لا لترامب. لقد قاوم رئيسها لفترة وجيزة استقبال طائرات قادمة من الولايات المتحدة لإعادة مهاجرين غير شرعيين، لكن الرئيس الأمريكي هدد بفرض رسوم بنسبة 50 بالمائة على صادرات كولومبيا، فاضطر رئيسها إلى التراجع والموافقة على طلب ترامب.
لقد أسعد أسلوب الإجبار أنصار ترامب، الذين خرجوا لصالحه خلال انتخابات 2024 متأثرين بشدة بقلقهم بشأن الاقتصاد وأوضاعهم المالية.
ويقول ترامب إنه يحاول توفير أموال دافعي الضرائب وإنفاقها على أمور تتماشى مع المصالح الأمريكية.
ففي حديثه عن غرينلاند وقطاع غزة على سبيل المثال. يقول الرئيس صاحب شعار “أمريكا أولا” إن الولايات المتحدة ستستولى عليهما. وفيما استبعد استخدام الجيش الأمريكي لتهجير سكان غزة البالغ عددهم حوالي مليوني شخص من أرضهم إلى مكان آخر، لكنه متمسك بخطته لتهجير الفلسطينيين وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي فاخر.
ولا يتوقف ترامب كثيرا عن حقيقة أن أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها بدءا من الشرق الأوسط المتقلب وحتى الصين ناهيك عن بريطانيا يعارضون خطته لغزة. وقد أعلنت المملكة العربية السعودية “رفضها المطلق” للخطة.
كما أن هذه الخطة يمكن أن تنسف وقف إطلاق النار الهش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. كما أنها تمثل انتهاكا للقانون الدولي أيضا.
في الوقت نفسه فإن مشاهد تدفق النازحين الفلسطينيين العائدين إلى بيوتهم المدمرة في شمال القطاع بعد وقف إطلاق النار تؤكد أنهم لا يريدون مغادرة أرضهم.
وقال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز إن غزة التي يعتبرها الرئيس دونالد ترامب “عقارا”، يجب إعادة بنائها من أجل الشعب الفلسطيني، لا السياح الأثرياء.
وأشار ساندرز إلى مقتل أكثر من 47 ألف فلسطيني وإصابة 111 ألفا آخرين في غزة.


السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز: غزة التي يعتبرها الرئيس دونالد ترامب “عقارا”، يجب إعادة بنائها من أجل الشعب الفلسطيني، لا السياح الأثرياء
وقال إن ترامب رد على ذلك “بالتهجير القسري للفلسطينيين من أجل التنمية المستقبلية لغزة بوصفها عقارا”.
ورد في منشوره على ترامب بالقول “لا، يجب إعادة بناء غزة من أجل الشعب الفلسطيني، وليس من أجل السياح المليارديرات الأثرياء”.
وعندما ننتقل من رغبة ترامب في امتلاك غزة إلى عزمه الاستيلاء على جزيرة غرينلاند الدنماركية سنجد رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن تقول للصحفيين “لسنا حلفاء سيئين” ردا على تصريح لنائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس الذي قال فيه إن الدنمارك وهي عضو في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي “ليست حليفا جيدا”، مكررا كلام رئيسه عن أن الاستيلاء على غرينلاند “ممكن”.
والحقيقة أن مشاعر القلق من سياسات ترامب وقرارته تسيطر على أغلب قادة أوروبا أيضا. وقد ظهر هذا واضحا خلال القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل والتي كان يفترض أن تبحث زيادة الإنفاق الدفاعي والتصدي للتهديد الروسي، فتحولت إلى الكلام عن ترامب وتهديداته.
وقال دونالد تاسك رئيس وزراء بولندا “علينا عمل أي شيء لتجنب هذه الحرب التجارية الغبية وغير الضرورية تماما”، مضيفا أن تهديدات ترامب بفرض رسوم على منتجات دول الاتحاد الأوروبي “اختبار جاد” للوحدة الأوروبية “وهذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها مشكلة من هذا النوع بين الحلفاء. وقال القادة الأوروبيون إنهم سينتظرون حتى يكشف ترامب عن مقترحاته بالتفصيل.
في الوقت نفسه أشعلت تصريحات ترامب معركة في جزيرة جرينلاند للمطالبة بالاستقلال الكامل عن الدنمارك وأصبح الاستقلال قضية رئيسية قبل الانتخابات المقررة في آذار. وقال بعض قادتها إن أكبر جزيرة في العالم، والتي يسكنها 57 ألف شخص، لا تريد أن تكون جزءا من الولايات
المتحدة أو الدنمارك.
وقال نايا إتش ناثانيلسن، وزير الأعمال والتجارة في جرينلاند، لوكالة “أسوشيتد برس” لقد تسبب الخطاب المؤسف للرئيس ترامب في الكثير من القلق والانزعاج ليس فقط في غرينلاند ولكن في بقية دول التحالف الغربي”.
ورغم ذلك فالموقف في أوروبا من ترامب غير موحد. فقادة اليمين المتطرف الأوروبي أشادوا بأجندة ترامب خلال تجمع بالعاصمة الإسبانية مدريد تحت شعار “جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى”.
شارك في هذا التجمع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان ونائب رئيسة وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني وزعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان وغيرهم.

وقلل بعض القادة المشاركين في التجمع من أهمية تهديد ترامب بزيادة الرسوم على صادرات الاتحاد الأوروبي وقالوا إن الضرائب والتشريعات في
الاتحاد الأوروبي أخطر على رخاء المنطقة من رسوم ترامب. لكن كل المتحدثين تطرقوا إلى قضية الهجرة غير الشرعية، التي تشكل قضية مؤلمة ومثيرة للانقسام في أوروبا كما هو الحال في الولايات المتحدة.
وقالت لوبان إن تجمع “وطنيون من أجل أوروبا” الممثل لأحزاب وقوى اليمين المتطرف الأوروبي هو الأفضل في التعامل مع ترامب، مضيفة “نحن الوحيدون الذين يمكنهم الحديث مع إدارة ترامب الجديدة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى