السوداني “يستجدي” ترامب باستثناء العراق من تنفيذ العقوبات على إيران
خبراء نفطيون يعدون تعهد حكومة السوداني بالوصول للاكتفاء الذاتي من الغاز في عام 2028 محاولة لتأجيل قرار وقف استيراد الغاز الإيراني لحين انتهاء مدة رئاسة دونالد ترامب
بغداد – الرافدين
“أستجدى” رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمواصلة إستثناء العراق من قرار العقوبات من أجل استمرار استيراد الغاز الإيراني بعد قرار إلغائه.
وقال السوداني إن “الإدارة الأميركية السابقة كانت تمنح البلاد استثناءً لاستيراد الغاز من إيران الخاضعة للعقوبات، وأن البلاد في حاجة من الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب إلى استمرار هذا الاستثناء”.
ويكشف طلب السوداني المأزق الذي تعيشه حكومته بشأن عدم قدرتها على توفير البديل للغاز الإيراني وبعد كل تلك السنين من الوعود والاعلان عن مشاريع تنهي مشكلة توفير الطاقة الكهربائية للعراق.
وقال مصدر حكومي، إن “هناك آليات مجهزة مسبقًا في جميع المصافي، للاستفادة من الغاز المصاحب بدل حرقه، والجميع يعلم بذلك، إلا أن هناك أوامر عليا تقضي بحرقه، لاستمرار عملية شراء الغاز الإيراني، وتعويض إيران من خسائرها الاقتصادية”.
وبين المصدر في تصريحات لقناة “الرافدين”، أن هدر الغاز المصاحب مسألة سياسية تتحكم بها أحزاب السلطة وميليشياتها، من أجل استمرار مصالح إيران على حساب أزمات الشعب العراقي.
وأوضح، أن الغاز المصاحب يدر أرباحًا كثيرة، فضلًا عن تأمينه الحصة الكافية من حاجة العراق للغاز، إلا أن التبعية لإيران حرمت المواطنين من ثروات البلاد المهدورة.
وتتزايد المخاوف من انهيار المنظومة الكهربائية، خاصة أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لم تتمكن حتى الآن من تأمين بدائل حقيقية لتعويض النقص.
وجاء قرار إلغاء الإعفاء لاستيراد الغاز الإيراني ضمن سياسة الضغط على طهران يهدد بانقطاع واسع للطاقة في البلاد، في ظل عجز حكومة الإطار التنسيقي الواضح عن إيجاد بدائل فورية لأزمة الكهرباء في البلاد.
ووقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة تنص على إيقاف الإعفاءات الخاصة بالعراق، وهو ما يعني توقف تدفق الغاز الإيراني الذي تعتمد عليه البلاد بشكل رئيسي لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء.
ووفقًا للمذكرة فإن الولايات المتحدة تهدف إلى منع استخدام النظام المالي العراقي للتحايل على العقوبات المفروضة على إيران، مما يعقد إمكانية استمرار بغداد في الحصول على الطاقة عبر طهران.
وطالما أثارت السوداني حول إيصال العراق للاكتفاء الذاتي من الغاز المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية التساؤلات حول جدية الحكومة بخصوص حل هذا الملف.
وتعهد السوداني بأن تصل البلاد إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الغاز خلال عام 2028، ووقف استيراده من إيران لتشغيل محطات الكهرباء، في ثاني تعهد تطلقه حكومته خلال أقل من شهر واحد.
وجاء التأكيد الجديد على ضوء قرارات الإدارة الأميركية الجديدة تجاه إيران وإيقاف استثناءات ممنوحة للعراق لاستيراد الغاز من طهران.
وشكك مراقبون بتصريحات حكومة الإطار التنسيقي عاديها بأنها محاولة للالتفاف على قرار الإدارة الأمريكية الجديدة بوقف الاستثناء الممنوح للعراق، لاسيما أن الموعد الذي صرح به السوداني هو سنة 2028 وهي انتهاء فترة حكم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
وجاء تصريح السوداني من دون الإشارة إلى إمكانية أن تُسهم عمليات الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج وتركيا والأردن الجارية حالياً في التقليل من الاستيراد العراقي للغاز الإيراني، وهم ما يؤكد أن تعهدات الحكومة في بغداد هي لإنقاذ إيران اقتصاديا ومنحها وقت أكثر وليس استثمار الغاز العراقي وحل أزمة الطاقة الكهربائية.
ويُعد العراق ثالث أكثر دولة في معدلات إحراق الغاز المصاحب عالمياً بعد كل من روسيا وإيران، حيث بلغ مجمل الغاز الذي أحرقه العراق عام 2023 نحو 18 مليار متر مكعب، وفق بيانات صادرة عن البنك الدولي.
وحذر مختصون في قطاع الطاقة والاقتصاد من أزمة كهرباء خانقة تهدد العراق خلال الأشهر القادمة، في ظل إلغاء الولايات المتحدة الإعفاءات التي تتيح لبغداد استيراد الغاز والكهرباء من إيران.

وبالحديث عن تأخر استثمار الغاز في العراق قال عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، باسم نغيمش الغريباوي، إن “العراق تأخر كثيرًا في استثمار الغاز المصاحب، حيث لم تراعِ عقود جولات التراخيص مسألة حرق الغاز ومعالجته بدلاً من عمليات الحرق والهدر”.
وأضاف أن “الحكومة اتجهت مؤخرًا إلى استثمار الغاز للمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة بعد الإحراج الكبير الذي تعرضت له بسبب توقف إمدادات الغاز والضغوط الأمريكية بإيقاف استثناءات استيراد الغاز من إيران”.
وقال المختص في اقتصاديات الطاقة، أحمد صدام، إن العراق يمكنه تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، إذا ما تمكن من إنتاج ومعالجة 1600 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يوميًا، والتي تعادل الكمية المستوردة من إيران.
وأوضح صدام، أن تزايد الطلب على الغاز، جاء بسبب نمو استهلاك الكهرباء في العراق بحدود 10 بالمائة سنويًا، فضلاً عن الحاجة إلى زيادة الإنتاج من الكهرباء بحدود 2000 ميغاواط سنويًا.
وأضاف أن “إمكانية تحقيق الاكتفاء لا ترتبط حصرًا بزيادة إنتاج الغاز وإنما بسياسات ترشيد استهلاك الكهرباء والغاز المستهلك، متوقعًا، صعوبة الوصول إلى الاكتفاء الذاتي قبل عام 2030، ولكن مع عام 2028 قد يكون هناك تحسن كبير في مجال الغاز وليس اكتفاءً ذاتياً كاملاً”.
وبيّن، أن “العراق يحتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي إلى تسريع تنفيذ العقود مع الشركات الاستثمارية في مجال الغاز، وتحديدًا في جولة التراخيص الأخيرة التي ركزت على الغاز مع منح كل التسهيلات والإجراءات لهذه الشركات”.
وأكد على أن الضغوط والعقوبات الأمريكية الأخيرة وعدم تجديد الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز من إيران، سيكون حافزًا مهمًّا يدفع الحكومة إلى تسريع مهمة الشركات الاستثمارية في العراق وتجبر الحكومة في التحول تدريجياً نحو استقلال الطاقة.
وقال “لا توجد خيارات بديلة لمعالجة نقص الغاز سوى من خلال الاستثمار محلياً، وأن تصريحات الحكومة بتحقيق الاكتفاء إيصال رسالة بأنها متجهة نحو استقلال الطاقة ولديها خطة مرسومة بذلك، كما أنها تريد أن تنأى بنفسها عن بعض التهم التي توجهها واشنطن إلى العراق حيال العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران”.