قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين: الفشل السياسي والفساد المالي يفاقم الفقر وتردي الخدمات في العراق
التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق يؤكد على أن نظام المحاصصة وغياب المعالجات الحقيقية أدى الى فشل المنظومة الاقتصادية، وتسبب في ارتفاع معدلات الفقر وما صاحبه من تدهور كبير ومتسارع لأوضاع الأسرة العراقية.
عمان- الرافدين
تناول المحور السادس من التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق 2024 الذي أصدرته هيئة علماء المسلمين في العراق، البنى التحتية والخدمات الأساسية.
وعالج التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في العراق – 2024 تحت عنوان “واحد وعشرون عامًا من الموت والخراب والفساد وتفكيك البلاد” أبرز قضايا حقوق الإنسان في العراق التي تم التعامل معها على مدار العام 2024، ويبين الأهداف التي أُعد لأجلها، والوسائل المتبعة لتحقيقها، وفق رؤية القسم والرسالة التي يحملها على عاتقه.
وتطلب إعداد هذا التقرير تحليلًا دقيقًا للأدلة والمعلومات، مع الالتزام بالمعايير القانونية والحقوقية الدولية في إخراجها إخراجًا دقيقًا وحياديًا، بهدف تقديم تقرير موضوعي، قائم على الحقائق، ويسعى لتحقيق العدالة والمحاسبة.
وتنشر قناة “الرافدين” الجزء الأول من المحور السادس كجزء من نشر التقرير كاملا على أجزاء.
البنى التحتية والخدمات الأساسية
لا يزال العراق في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة يواجه عقبات كبيرة في الحفاظ على بنيته التحتية فضلا عن تطويرها وتحسينها، وذلك بسبب مزيج من العوامل ولاسيما استمرار الصراعات المفتعلة، والتدهور الاقتصادي الممنهج، والغياب المتعمد للاستقرار السياسي. وعلى الرغم من الثروات الهائلة التي تمتلكها العراق الذي يأتي في المرتبة التاسعة عالميًا في امتلاك الثروات الطبيعية، ويحوي على نحو (11%) من الاحتياطي العالمي للنفط، و(9%) من الفوسفات، فضلًا عن احتياطياته الغازية الهائلة والموارد الثمينة الأخرى؛ إلا أن المستوى العام للخدمات والبنى التحتية في البلاد بحالة مزرية للغاية.
وبسبب العملية السياسية القائمة على نظام المحاصصة والموجودة ضمن النظام المالي وسيطرة الأحزاب المتنفذة وغياب المعالجات الحقيقية بالإضافة إلى حجم الفساد المالي والإداري الذي تورّطت به جميع الحكومات المتعاقبة في العراق بعد 2003، ما أدى الى فشل المنظومة الاقتصادية، وتسببت في ارتفاع معدلات الفقر وما صاحبه من تدهور كبير ومتسارع لأوضاع الأسرة العراقية في شتى المجالات منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد، الأمر الذي رمى بشرائح كثيرة من المجتمع في خانة الفقر.
وتسجل نسبة الفقر في العراق مستويات عالية وارتفاعًا ملحوظًا في معدلاته، وسط تحذيرات متكررة من استمرار تجاهله من قبل السلطات الحكومية، وكشف صندوق النقد العربي في تقريره الثامن، عن أن العراق يحتل مرتبة متأخرة بمؤشر تنافسية الاقتصادات العربية للعام 2024. حيث جاء في المركز الـ(22) على مستوى المؤشر العام لتنافسية الاقتصادات العربية. بعد أن كان العراق قد حل في المرتبة (15) للعام 2022 المنصرم. ويستخدم التقرير مؤشرين أساسيين هما مؤشر الاقتصاد الكلي ومؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار، حيث يقيس مؤشر الاقتصاد الكلي مدى تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، بما في ذلك استقرار الأسعار وتنفيذ السياسات المالية والنقدية.
وذكر مؤشر تنافسية الاقتصادات العربية الذي بعده صندوق النقد العربي في تقريره عن العراق عدة عوامل تتعلق بالأداء الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلاد. فيما يلي بعض الأسباب التي تساهم في تراجع ترتيب العراق في هذا المؤشر:
التحديات السياسية والأمنية: من أبرز العوامل التي تؤثر على تنافسية الاقتصاد العراقي هي الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة، حيث تساهم فوضى السلاح والانقسامات السياسية في إعاقة التقدم الاقتصادي والاجتماعي، مما يؤدي إلى بيئة غير مواتية للتنمية.
الفساد الإداري المتجذر في الدوائر الحكومية كافة: يعتبر الفساد أحد العوامل الرئيسة التي تعيق التقدم الاقتصادي في العراق. الفساد يؤثر سلبًا على البيئة الاستثمارية ويحد من فعالية آليات تحسين الخدمات الأساسية وتطوير القطاعات الاقتصادية، مما يؤثر على القدرة التنافسية للاقتصاد.
ضعف البنية التحتية: العراق يعاني من بنية تحتية متهالكة نتيجة للصراعات المستمرة وغياب الاستثمارات في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والنقل، والتعليم، والصحة. هذا يحد من قدرة الاقتصاد العراقي على جذب الاستثمارات الخارجية وتحقيق النمو المستدام.
الاعتماد الكلي على النفط: يُعتبر الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعيا ويعتمد شديد الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية. هذا الاعتماد المفرط يعوق تنويع الاقتصاد ويؤثر على القدرة التنافسية في القطاعات غير النفطية.
البطالة والفقر: ارتفاع معدلات البطالة والفقر يعدان من العوامل التي تحد من التنافسية الاقتصادية للعراق. وإن قلة فرص العمل للشباب وتدني مستويات المعيشة تؤدي إلى تدني مستوى الإنتاجية في السوق المحلي، مما يؤثر على القدرة التنافسية للقطاع الخاص.
ضعف قطاع التعليم والابتكار: يعاني العراق من تراجع كبير في قطاع التعليم، مع ندرة الاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجيا. هذا يقيد تطور المهارات والقدرات الابتكارية التي تساهم في تحفيز الاقتصاد وزيادة تنافسيته في السوق الإقليمي والدولي.

وتشير هذه العوامل مجتمعة إلى أن العراق ما يزال يواجه تحديات كبيرة في تحسين مؤشر تنافسية اقتصاده مقارنة بدول أخرى في المنطقة. ومن دون إجراء تغييرات جذرية، لا يمكن أن يتحسن أداء العراق على هذا المؤشر في المستقبل.
وجاء التقرير الصادر من البنك الدولي، بشأن اقتصاد العراق، ليعزز حقيقة تعكس بشكل كبير الاعتماد المفرط للعراق على عائدات النفط في تمويل موازنته، والذي يمثل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية. وقد أكد خبراء اقتصاديون، أن التقرير لم يكن إيجابيًا، وإنما أراد إخراج الحقيقة بطريقة دبلوماسية. وأشار التقرير إلى التأثيرات الكبيرة لانخفاض أسعار النفط في العالم على الاقتصاد العراقي، وبيّن المعلومات المهمة التي إن لم تؤخذ بجدية من قبل الحكومة الحالية، فستكون البلاد أمام تحدٍ كبير وصعب قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد المحلي بالكامل، وأكد التقرير أن انخفاض معدل سعر بيع النفط العراقي سيؤدي إلى عجز كبير في الموازنة العامة للعراق، وذكر الأسباب التي تساهم في هذا العجز وكما يلي:
الاعتماد الكبير على النفط: يشكل النفط حوالي 90% من إيرادات الحكومة العراقية، مما يجعل الاقتصاد العراقي حساسًا جدًا لتقلبات الأسعار في أسواق النفط العالمية. إذا انخفض سعر البرميل بشكل كبير عن المستوى المطلوب، فإن الإيرادات الحكومية تتأثر بشكل مباشر، مما يخلق فجوة مالية كبيرة.
ارتفاع النفقات الحكومية: تعاني الموازنة العراقية من نفقات ضخمة، بما في ذلك الأجور والرواتب للقطاع العام، وتخصيصات الأمن، بالإضافة إلى تكاليف إعادة الإعمار المدن المدمرة بفعل سنوات من النزاعات. هذه النفقات المستمرة تجعل العراق غير قادر على تغطية التكاليف إذا انخفضت الإيرادات النفطية بشكل كبير.
عدم تنويع الاقتصاد: بسبب قلة تنويع الاقتصاد العراقي، لا توجد مصادر بديلة تعوض انخفاض الإيرادات النفطية. لو كانت هناك صناعات محلية أو قطاعات أخرى تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي، لما كان العراق عرضة لهذا النوع من العجز.
التحديات المالية والإصلاحات المفقودة: على الرغم من الإعلانات الحكومية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية، فإن تنفيذ هذه الإصلاحات لا يزال بطيئًا وغير كافٍ، مما يعوق قدرة الحكومة على تقليل العجز المالي في الموازنة.
وأشار البنك الدولي في تقريره إلى تأثيرات انخفاض سعر النفط على الاقتصاد العراقي، التي تتراوح بين تأثيرات مباشرة على الميزانية والإيرادات الحكومية، إلى التأثيرات البعيدة على الاقتصاد الكلي والمجتمع. ومن أبرز هذه التأثيرات التي أوردها التقرير:
تفاقم العجز المالي في الموازنة:
انخفاض أسعار النفط يؤدي إلى تراجع الإيرادات الحكومية بشكل كبير، وهو ما يعمق العجز في الموازنة. كما ذكرنا سابقًا، إذا انخفض سعر النفط عن الحد المطلوب فإن ذلك يؤدي إلى عجز يقدر بمليارات الدولارات مما يفرض على الحكومة اتخاذ تدابير تقشفية أو الاقتراض لتغطية هذا العجز.
تأثيرات على الاستثمار والنمو الاقتصادي:
تقلص الإيرادات النفطية يعني أن الحكومة لن تتمكن من تمويل المشاريع المحلية أو الاستثمار في البنية التحتية. وهذا يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي ويعوق تحفيز القطاعات غير النفطية، مما يزيد من الاعتماد على النفط ويقلل من التنوع الاقتصادي.
ارتفاع الدين العام:
في حال استمرار العجز المالي، قد تضطر الحكومة إلى زيادة الاعتماد على الاقتراض الداخلي أو الخارجي لتغطية العجز، مما يزيد من الأعباء المالية على العراق. وهذا سيؤدي إلى زيادة الدين العام، مما يزيد من عبء الديون على الأجيال القادمة ويؤثر على الاستدامة المالية.
زيادة الضغوط على القطاعات الاجتماعية:
مع انخفاض الإيرادات، من المحتمل أن تقوم الحكومة بتقليص أو تأجيل بعض الإنفاقات الاجتماعية مثل الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام أو البرامج الاجتماعية، مما يؤثر على مستوى المعيشة للفئات الأكثر فقرًا. كما أن القطاعات الحيوية يمكن أن تتفاقم أوضاعها المتدهورة أصلا بسبب نقص التمويل.
تراجع القدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية:
إذا استمر انخفاض أسعار النفط، فإن الاحتياطيات المالية للحكومة قد تتأثر بشكل كبير، مما يقلل من قدرتها على التعامل مع الأزمات الاقتصادية أو الطبيعية مثل الظروف المناخية القاسية أو الأزمات الصحية. كما أن العراق سيكون أقل قدرة على توفير الدعم المالي للقطاع الخاص أو تحفيز الاقتصاد المحلي بشكل فعال.
تأثيرات اجتماعية وأمنية:
أشار البنك الدولي أيضًا إلى أن التقليص في الإنفاق الحكومي نتيجة لانخفاض الإيرادات قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية، مما يزيد من الاستياء الشعبي وقد يؤدي إلى احتجاجات اجتماعية أو تدهور في الاستقرار الأمني. قد يؤدي التراجع الاقتصادي إلى زيادة الفقر والبطالة، ما يعزز من بيئة الاحتقان الاجتماعي.
المزيد من ضعف الثقة في الاقتصاد العراقي:
تدهور الوضع المالي نتيجة لانخفاض أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى المزيد من ضعف الثقة في الاقتصاد العراقي على المستوى المحلي والدولي. هذا بدوره قد يحد من قدرة الحكومة أكثر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويؤثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادي في المستقبل بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
التأثيرات على قطاع الطاقة المحلي:
قد يؤثر انخفاض أسعار النفط أيضًا على استثمارات العراق في قطاع النفط والغاز، مما يبطئ تطوير البنية التحتية اللازمة لزيادة الإنتاج. وهذا قد يتسبب في تأخير في تطوير الحقول النفطية أو تقليل الاستثمارات في التقنيات الجديدة التي تساهم في تحسين الكفاءة.
وبحسب تقرير البنك الدولي أيضا، فإن انخفاض سعر النفط يشكل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد العراقي على عدة جبهات، من العجز المالي وتباطؤ النمو الاقتصادي إلى التأثيرات الاجتماعية والسياسية. ولتفادي هذه التأثيرات السلبية، يوصي البنك الدولي بضرورة تنويع الاقتصاد العراقي والبحث عن مصادر دخل بديلة بعيدًا عن النفط، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية للتعامل مع هذا التحدي بفعالية.
وعلى الصعيد نفسه؛ ألقى استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي بظلاله على الحركة الاقتصادية والتجارية العامة في البلاد، الذي يعتمد على الاستيراد في تلبية معظم احتياجاته، وأظهر استمرار عجز الحكومة عن إيجاد معالجات ناجعة للأزمة الاقتصادية ولرفع قيمة الدينار العراقي، وخلف ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي ركودا اقتصاديا غير مسبوق، ما أثّر سلبا على المواطن وقوته اليومي الذي لا يحتمل مزيدا من الارتفاع.
وكشف تجار عراقيون، عن حالة ركود غير معهودة تضرب الأسواق المحلية هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، التي كانت تكتظ بالمتبضعين. بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الدينار العراقي أمامه، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على أصحاب المهن البسيطة الذين باتوا يشكون من توقف عملهم ولا يجدون قوت يومهم. ويعزو باحثون اقتصاديون، انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين إلى الصعود المتذبذب للدولار والذي يتحكم بالسوق، فضلاً عن فقدان ثقة المواطن بالمصارف الحكومية، حيث أن الطبقة الكادحة بدأت تفقد روح المواطنة وذلك لانشغال السلطات الحكومية بمصالحها الخاصة وإهمالها دعم هذا القطاع المهم.

وأدّى خفض قيمة الدينار العراقي، إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بنحو (4.5) مليون عراقي، وفق التقرير المشترك الذي صدر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، والبنك الدولي، فيما وضعت وكالة (أسوشييتد برس)، العراق ضمن الدول الأكثر تضررًا من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم.
من جهة أخرى كشف موقع (سي بي سي نيوز) الإخباري الكندي، إلى أن ما يقارب من مليون شاب عراقي يدخل سوق العمل في العراق كل عام، وأن أكثر من (700) ألف منهم يواجه سنويًا تحديات في العثور على فرصة عمل. وأكد الموقع، أن الشباب العراقي يعاني من أزمة بطالة تزداد حدة سنة بعد أخرى، لافتًا إلى أن معدل نسبة البطالة بين شريحة شباب البلد هي ثلاثة أضعاف نسبتها بالنسبة للكبار، والوضع أكثر سوء بالنسبة للنساء اللائي يواجهن تحديات إضافية في إيجاد فرصة عمل.
ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، فإن نسبة البطالة بين فئة الشباب بالعراق بلغت (36)% في بلد يعد من بين البلدان التي يشكل الشباب فيها نسبة عالية من عدد السكان، وأن نصفهم هم دون سن 19 عامًا وحوالي الثلث منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و 29 سنة.
وبحسب الإحصائيات الرسمية التي أقرّت بها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة بغداد، فإنّ أكثر من (12) مليون شخص يقبعون تحت خط الفقر، فيما تؤكّد تقارير محليّة أنّ الأرقام الحقيقية لأعداد الفقر أكبر من ذلك بكثير.
وأوضحت تقارير محلية أنّ أغلب المحافظات الجنوبية- ولعدم وجود مشاريع اقتصادية فيها، وتأثرها بأزمة جفاف المياه التي حوّلت الأراضي الزراعية إلى صحراء قاحلة- وصلت نسب الفقر فيها إلى أكثر من 55%.
وأقرّت وزارة التخطيط الحالية، بأنّ الفقر يتزايد في البلاد لأسباب اقتصادية متجذّرة تشمل السكن والصحة والتعليم ومستوى الدخل بالإضافة إلى فقدان الأمن الغذائي، وكذا العوامل الأمنية والسياسية والوضع الاجتماعي، وتوقّع مختصّون ارتفاع عدد الفقراء في العراق ليصل إلى نحو (16) مليون شخص.
ونتيجة لما تقدم وبسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية لشرائح كبيرة في المجتمع، وارتفاع نسبة البطالة وعدم توفير فرص العمل، بالإضافة إلى موجات النزوح القسري، دفعت الكثيرين على اللجوء إلى التسول من أجل الحصول على لقمة العيش.
وتحذر المنظمات الحقوقية الدولية من تنامي ظاهرة التسول في العراق مع وجود أكثر من أربعة ملايين عاطل عن العمل وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وأقرت (لجنة حقوق الإنسان) في مجلس النواب الحالي، بارتفاع أعداد المتسولين داخل العراق إلى (1.5) مليونًا، فيما تزدحم الشوارع والتقاطعات في العاصمة بغداد وباقي محافظات العراق بالمتسولين من أطفال ونساء وكبار بالسن، من جراء توسع هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة في ظل عجز السلطات الحكومية عن إيجاد الحلول. وبينت اللجنة، أن العصابات والمافيات المدعومة من الميليشيات المسلحة، توظف هذه الظاهرة للمتاجرة بالفقراء وبمعاناتهم من خلال استغلالهم في عمليات التسول وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، محذرة من أن ظاهرة التسول باتت تهدد السلم المجتمعي.
ومن جراء سوء تخطيط الحكومات المتعاقبة وإهمالها أوضاع المواطنين، وفشلها في إدارة السياسات الاقتصادية، تتواصل التظاهرات والاعتصامات في معظم محافظات العراق احتجاجا على الفساد الحكومي وللمطالبة بالتعيين وتوفير فرص العمل، في حين لا تعير الحكومات المتعاقبة أي اهتمام لتلك المظاهرات، ولم تتخذ أي قرارات أو إجراءات تساهم في دعم المواطن وتحسين ظروفه المعيشية.
من جانب آخر بقي جواز السفر العراقي في المراتب الأخيرة في ترتيب جوازات السفر العالمية للعام 2024، ويصنف كثالث أدنى جواز سفر مرتبة في العالم.مما يمنحه درجة تنقل منخفضة جدًا إجمالًا. ويحتاج حاملو جواز سفر العراق إلى الحصول على تأشيرة مسبقة للدخول إلى حوالي 198 دولة من أصل 200 دولة في العالم.
ولا يزال الفساد والإهمال الحكوميان يفاقمان الأزمات التي تعصف بالعراق، الذي يعاني المواطنون فيه ومنذ واحد وعشرين عاما من أزمة مستمرة في انقطاع الطاقة الكهربائية على الرغم من إنفاق المليارات من الدولارات على هذا القطاع، وذلك بسبب الفساد المستشري في هذا الملف، فيما يقوم حاليًا باستيراد الغاز من إيران لتغذية المحطات الكهربائية، مما أدى إلى تراكم الديون على العراق.
وفي مجال السكن يعاني العراق من نقصٍ حادٍ في الوحدات السكنية بسبب تزايد أعداد السكان الذي يضغط على البنى التحتية للمدن نتيجة إهمال الحكومات المتعاقبة لأعمال تطوير المدن وتوسيعها، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على المواطنين، ودفعت الكثير من العائلات إلى اللجوء إلى العشوائيات. وبحسب تقارير صحفية، فإنّ الارتفاع الكبير في أسعار العقارات –المرتبط بعمليات غسيل الأموال- ولّد وجود العشوائيات على أطراف المدن وداخلها، والتي بلغت وفقًا لوزارة الإعمار الحالية أكثر من (4) آلاف حي عشوائي يسكنها نحو (6) ملايين نسمة، وهي أزمة أخرى عقدت مشهد أزمة السكن.

وتؤكد تقارير رسمية أن أكثر من سبعة ملايين مواطن يعيشون في العشوائيات المنتشرة في جميع المحافظات العراقية، جراء تفاقم هذه الظاهرة السلبية بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، دون أن تتخذ حكومات الاحتلال المتعاقبة طوال السنوات الماضية أي خطط لإنهاء هذه الظاهرة، لاسيما مع ارتفاع عدد سكان العراق. وغياب الاستثمار في البلاد؛ بسبب الأحزاب المتنفذة التي تفرض الإتاوات وترتكب جرائم الابتزاز المالي مقابل السماح للمستثمرين بتنفيذ مشاريعهم التي تسهم في تطوير البنى التحتية في المدن. وكانت لجنة الإعمار النيابية الحالية، قد أقرّت بأنّ العراق بحاجة إلى بناء ما بين (5 -6) ملايين وحدة سكنية جديدة وذلك من أجل سدّ العجز في قطاع السكن.
وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ لا يزال أهالي العاصمة بغداد يشكون من فوضى البناء العشوائي الذي اجتاح الشوارع والأحياء السكنية، إذ أصبحت الأزقة الضيقة مسرحًا لتراكم المواد الإنشائية. وعبر الأهالي في مناسبات كثيرة عن استيائهم الشديد من الفوضى التي تشهدها العاصمة بسبب عمليات البناء العشوائية، مشيرين إلى أن المواد الإنشائية تُترك في الشوارع والأزقة وتُكدس بطريقة تؤدي إلى الفوضى. وأكد الأهالي، أن المواد الإنشائية المكدسة والآليات الثقيلة التي تنفّذ أعمال البناء وتراكم الأنقاض في شوارع بغداد، باتت تُشكل عائقًا كبيرًا أمام حركة المرور والمارة، بينما يتفاقم تأثيرها في البنية التحتية، وسط إهمال حكومي متعمد وغياب مزمن للرقابة فضلاً عن عدم محاسبة المقصّرين.
ووصف خبراء التخطيط العمراني، خطط حكومة بغداد لحل أزمة السكن في البلاد بالفاشلة، وأدت إلى ارتفاع أسعار العقارات والشقق السكنية بشكل جنوني وغير مسبوق، وأنها أصبحت خارج متناول يد الطبقة الوسطى، ولا تتناسب مع حال بغداد التي تعاني من اختناقات مرورية غير مسبوقة، وتغرق طرقها بالسيول بعد كل موجة أمطار، وتكتظّ بأسلاك المولدات الكهربائية، في انعكاس لتهالك بنيتها التحتية إثر سنوات من الفساد والإهمال وسوء التخطيط.
وتتراوح أسعار العقارات السكنية في العاصمة، بين ألفي دولار للمتر الواحد وثمانية آلاف أو أكثر، موضحة أنه يتم بيع الكثير من هذه العقارات في سياق عمليات غسيل الأموال.
ويرتبط الارتفاع الكبير في أسعار العقارات في العراق بعدة عوامل، في مقدمتها عمليات غسيل الأموال.
وتنتشر عمليات غسيل الأموال في العراق بسبب الأموال غير المشروعة التي يحصل عليها الفاسدون والتي تقدر قينتها بعشرات المليارات من الدولارات، حيث يقوم هؤلاء الفاسدون بتحويل هذه الأموال إلى أصول قانونية مثل العقارات بهدف إخفاء مصدرها غير القانوني. هذا يؤدي إلى زيادة غير طبيعية في الطلب على العقارات، مما يدفع أسعارها إلى الارتفاع بشكل مفرط.
ومن الأسباب الأخرى وراء الارتفاع المفرط بأسعار العقارات، التضخم وضعف القيمة الشرائية للعملة المحلية؛ فمع تدهور القيمة الشرائية للدينار العراقي بسبب التضخم أو التحديات الاقتصادية الأخرى، يلجأ الأفراد إلى شراء العقارات كملاذ آمن لحماية أموالهم. يزاد على ذلك الغياب المتعمد لكافة التشريعات المنظمة لسوق العقارات، ما يؤدي إلى تمكين الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك غسيل الأموال، في تأجيج الارتفاعات السعرية.
ووفق المعطيات؛ فإن حل هذه المشكلة شبه مستحيل في العراق لأن ذلك يتطلب إجراءات رقابية مشددة على سوق العقارات، وتشديد الرقابة على مصادر الأموال التي تدخل السوق، وتطبيق قوانين صارمة ضد غسيل الأموال، وهذا كله لا يمكن أن يتحقق في ظل حكومات الاحتلال التي يشكلها الطارئون والفاسدون والمجرمون.

وفي جانب آخر؛، كشفت مصادر مطلعة أن هناك جهات متنفذة، استولت على أراض في قلب مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى المنكوبة، وحولتها إلى مجمعات سكنية، فيما استولت جهات أخرى على أراض زراعية وقامت بتجريفها وبيعها للأهالي دون وجود أي خدمات، ما خلق إشكاليات كبيرة، وأشارت إلى عدم وجود أي جدوى اقتصادية لإنشاء المجمعات السكنية الاستثمارية في المحافظة، بسبب ارتفاع أسعارها. وأن معدل سعر الوحدة السكنية في المجمعات الاستثمارية في مدينة بعقوبة مركز المحافظة، تتراوح من (300 – 350) مليون دينار، ما يعني أنها لم تنفذ من أجل الفقراء أو متوسطي الدخل، وأنه لن يتمكن من امتلاكها إلا ميسوري الحال.
وفي القطاع الزراعي كشفت شركة ستاتيستا المختصّة في تحليل بيانات السوق والمستهلكين، أن قطاع الزراعة في العراق بات من أكثر القطاعات تدهورًا في البلاد، بحيث لا يمثل في الوقت الحالي سوى (2%) من الناتج الاقتصادي. وان هناك تراجعا كبيرا في الأيدي العاملة في القطاع الزراعي، وقد أقرّت وزارة الزراعة الحالية، بتصحّر (70%) من الأراضي الزراعية في عموم العراق نتيجة الإهمال وغياب الدعم الحكومي، ممّا أجبر آلاف المزارعين على ترك مهنتهم.
وأشار الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في محافظة ديالى؛ إلى أنّ ما تبقّى من الأراضي الزراعية في المحافظة باتت تعاني من أزمة تدهور قطاع الكهرباء، والانقطاعات المتكررة للكهرباء أو عدم توفرها، لتهدّد المصادر الاقتصادية لأكثر من ألف مزارع، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العاملون في القطاع، من الذين يعتمدون على المضخات الزراعية لسقي أراضيهم الزراعية.
فيما أكدت نقابة العمال في ذي قار، أن عشرات المخابز والأفران في المحافظة اضطرت لغلق أبوابها جراء ارتفاع أسعار الطحين بشكل كبير.
وفي محافظة نينوى ومن جرّاء الإهمال الحكومي في دعم قطاعَي الثروة الحيوانية والزراعة اللذين يعدّان المصدر الاقتصادي لنسبة كبيرة من سكان المحافظة، ويواجه قطاع الثروة الحيوانية في المحافظة تحديات عديدة تسببت في انخفاض أعدادها، وتراجع مستوى تربية المواشي بنسبة كبيرة؛ نتيجة عوامل عدّة، أبرزها: انعدام الدعم الحكومي، وارتفاع أسعار الأعلاف، ففي قضاء (البعاج) فقط –غربي المحافظة- فقد المربون أكثر من نصف مليون رأس من الثروة الحيوانية؛ وأنّ عدم وجود سياسة اقتصادية واعية تهدف إلى تعزيز القاعدة الإنتاجية في العراق؛ تسبب في تراجع إنتاج الثروة الحيوانية بنحو (60%)، بحسب خبراء في الشأن الاقتصادي.
وفيما يخص الثروة السمكية؛ فقد تهاوت عمليات إنتاج الأسماك في العراق بشكل كبير من جراء السياسات الحكومية الفاشلة التي أفضت إلى إغلاق معظم حقول التربية السمكية في البلاد؛ حيث انخفضت كمية الانتاج هذه السنة إلى اقل من (250) ألف طن، بينما كانت في السنة السابقة نحو (400) ألف طن. وكشفت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)؛ إنّ العراق يخسر سنويًا نحو (400) مليون دولار من جراء نفوق الثروة السمكية، وأنّها تواجه خطر الانقراض؛ نتيجة أزمة الجفاف المتفاقمة في البلاد والإهمال الحكومي المستمر.
من جهة أخرى يأتي العراق –وفق تقارير مختصة- في مقدمة الدول التي تشهد ارتفاعًا في الحوادث المرورية تفتك بأرواح المواطنين يوميًا وبمعدلات مرتفعة بسبب تضررها الكبير وغياب عمليات الصيانة وعدم إخضاعها للقوانين المرورية المعمول بها في العالم، وتهالك البنى التحتية للطرق بنسبة تصل إلى 80%، واستشراء الفساد، وغياب التخصيصات المالية من قبل السلطات الحكومية.
ففي محافظة ديالى انتقدت منظمات حقوقية، السلطات الحكومة في ظل ارتفاع أعداد ضحايا الحوادث المرورية، ، ورغم إنفاق السلطات لعشرات المليارات وفيما لا تزال تتحدث عن تحديث وتطوير شبكة الطرق؛ لم تنتهِ ظاهرة طرق الموت، بل أن معدلات الحوادث ارتفعت بنسبة (35)%، بسبب رداءة الطرق وكثرة الشوارع غير المعبدة بالصورة الصحيحة. مشددة على أن هناك خللًا واضحًا وفشلا بمشاريع تطوير الطرقات بالمحافظة. وعدم وجود بنى تحتية تستوعب الأعداد الكبيرة للسيارات، فضلًا عن عدم توفر المتانة والأمان في أغلب أنواع السيارات جراء غياب التخطيط وعشوائية عملية الاستيراد.
وفيما يتعلق بشبكات الصرف الصحي وخروج أكثر من 65% منها عن الخدمة، ففي أول موجة أمطار في البلاد؛ فشلت الحكومة الحالية مرة أخرى أمام اختبار حقيقي تشهده البلاد في هذا الشتاء، رغم تسمية نفسها بـ (حكومة الخدمة). وأن لجوء السلطات الحكومية إلى تعطيل الدوام الرسمي مع كل موجة أمطار، يهدف لتغطية فشلها الذريع وللتهرب من مسؤوليتها عن وضع حلول جذرية للحد من غرق الشوارع.
إلى ذلك أكد ناشطون أن الشركات المكلفة بتنفيذ المشاريع التي أعلنت عنها السلطات الحكومية في العراق، استعانت بكوادر لا تمتلك الخبرة المطلوبة في التشييد وما تتطلبه من مواصفات وضوابط، بعد أن استعانت بوسائل بدائية في تنفيذ عملها وسط مخاوف من تبعات ذلك على أرواح العراقيين.
وفي محافظة القادسية تتزايد معاناة المواطنين من أهالي مدينة الديوانية مركز المحافظة، بسبب استمرار توقف وتلكؤ المشاريع بقطاعات الصحة والإسكان والبلدية والكهرباء وغيرها من القطاعات الخدمية التي أهدرت من أجلها مئات المليارات، ضمن ما يسمى خطة تنمية الأقاليم.

لا يبالي الأطفال بالأمراض والجراثيم التي تنتقل من التربة الملوثة بالقاذورات ومياه الصرف الصحي
وكشف رئيس اتحاد المقاولين في الديوانية؛ “إن الحكومة المحلية أحالت الكثير من المشاريع على شركات من خارج المحافظة بطرق مشبوهة”، وأن أغلبها متوقفة عن العمل أو متلكئة في مختلف مناطق المدينة فضلا عن مداخلها ومخارجها،. بسبب استشراء الفساد المالي والإداري في جميع مؤسسات الدولة، وأن المحافظة باتت عبارة عن حفريات وتراب ومطبات وبناء رصيف ورفع الرصيف، ما أدى إلى زيادة معاناة المواطنين.
وفي مجال قطاع الخدمات الصحية المنهار في العراق، وفي الوقت الذي تعاني فيه المستشفيات من تردٍ كبير في مستوى الخدمات الطبية ونقص حاد بالأدوية؛ تعد مشكلة انفلات أسعار الأدوية وأجور كشف الأطباء والمختبرات الطبية، من المشاكل التي يعاني منها أغلب العراقيين، الذين لا تسعفهم إمكاناتهم المادية بتوفير الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى. واعترفت مصادر بمجلس النواب الحالي، بوجود مافيات كبيرة في العراق تقف خلفها الأحزاب المتنفذة، تقوم بمنع تحديد التسعيرة الدوائية بهدف الحفاظ على مصالحها.
أوضاع البنية التحتية في العراق
أولاً: قطاع النقل والمواصلات:
يعتبر قطاع النقل في العراق من القطاعات الحيوية التي تأثرت بشكل كبير بسبب الغزو والاحتلال والحروب والصراعات المفتعلة والفساد المستشري وسوء الإدارة الممنهج والإهمال المتعمد من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة. وفي عام 2024، توجد بعض المحاولات السطحية أو محدودة التأثير لتحسين شبكة الطرق السريعة والمطارات، وسط استمرار التحديات الكبرى، التي تعاني منها البنية التحتية والخدمات في قطاع النقل والمواصلات في العراق، والتي أثرت ولا تزال تؤثر بشكل كبير على تطوير هذا القطاع الحيوي. وقد تضرر هذا القطاع بشكل ملموس خلال السنين الإحدى والعشرين الماضية، مما يعيق حركة المرور، ويؤثر على الاقتصاد الوطني ويزيد من معاناة المواطنين.
فيما يلي نظرة مفصلة على أوضاع البنية التحتية في هذا القطاع:
1. قطاع النقل البري:
شبكة الطرق والبنية التحتية: تشهد شبكة الطرق في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، تدهوراً كبيراً، والعديد من الطرق السريعة والفرعية أصبحت في حالة سيئة بسبب الفوضى المستمرة والإهمال المتعمد، وقد تعرض معظمها للقصف والدمار في السنوات الماضية. من أبرز الطرق المتضررة هي الطرق التي تربط المدن الكبرى مثل بغداد، والبصرة، والموصل، وكركوك. هذه الطرق أصبحت مليئة بالحفر والمطبات، ما يسبب فقدان كبير بالأرواح فضلا عن التأخيرات والأضرار للسيارات والمركبات والشاحنات.
الإصلاحات المحدودة: رغم وجود محاولات لإصلاح الطرق وإعادة بناء بعض الجسور التي دمرتها الحروب، إلا أن المشاريع غالبًا ما تعاني من التلكؤ والتأخير بسبب نقص التمويل وارتفاع معدلات الفساد في قطاع الإنشاءات.
الحركة المرورية يعاني قطاع النقل البري في المدن الكبيرة من اختناقات مرورية مستمرة نتيجة لزيادة عدد السكان والسيارات الخاصة. في بغداد، على سبيل المثال، تعتبر الازدحامات المرورية أحد أكبر التحديات اليومية التي يواجهها السكان.
النقل العام:
الحافلات: يعاني النقل العام من نقص شديد في أسطول الحافلات وصيانتها. البنية التحتية لحافلات النقل العام قديمة جدًا في العديد من المدن، وخصوصًا في بغداد. كما أن هناك نقصًا كبيرا في العدد الكافي من الحافلات التي تلبي احتياجات السكان، مما يضطر المواطنين لاستخدام سياراتهم الخاصة أو سيارات الأجرة (التاكسي).
القطارات: قطاع القطارات في العراق يعاني من تدهور كبير. السكك الحديدية كانت جزءًا أساسيًا من النظام اللوجستي في العراق قبل 2003، لكنها تعرضت للتدمير خلال الغزو والاحتلال وما أعقب ذلك من إهمال وفساد وسوء إدارة، ما أدى إلى توقف معظم خطوط القطارات أو تقليصها بشكل كبير. كما أن خطوط القطارات الجديدة تفتقر إلى التجهيزات الحديثة، مما يجعل استخدامها غير مريح وغير فعال.
2. قطاع النقل الجوي:
المطارات: في العراق، هناك مجموعة من المطارات الدولية والمحلية، لكن معظمها يعاني من نقص في التجهيزات والخدمات فضلا عن تهالك بنيتها التحتية بشكل عام. مطار بغداد الدولي على سبيل المثال وهو المطار الرئيس في البلاد، الذي كان من أهم مراكز النقل الجوي في المنطقة ، إلا أنه وفي ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة بات يواجه العديد من المشاكل التي تؤثر على كفاءته وقدرته على خدمة المسافرين والشحن ويعاني من مشاكل في التوسعة وضعف في الخدمات مثل تأخير الرحلات ونقص في صيانة المعدات؛ فمن البنية التحتية المتدهورة والقدرة الاستيعابية المحدودة وقدم المنشآت مثل صالات الركاب والمرافق الأخرى مرورا بالتأخيرات المتكررة بسبب استمرار مشاكل في التنظيم، وصيانة الطائرات، إلى سوء التنسيق بين الجهات المعنية ونقص الخدمات اللوجستية، فضلا عن التحديات الأمنية المستمرة بسبب منهجية الإنفلات الأمني وفوضى السلاح وهجمات الميليشيات، وإجراءات التفتيش والرقابة التمييزية والخدمات المتواضعة للمسافرين والنقص الكبير في المرافق الحديثة، ناهيك عن المشاكل الدائمة المتعلقة بالفساد الإداري وسوء إدارة الموارد وتراجع مستوى الخدمات وعدم كفاءة التوسع والتطوير بسبب الاستثمار المحدود وبطء تنفيذ المشاريع، وليس آخرا الاعتماد الكبير على شركات الطيران الأجنبية وعدم قدرة المطار في استقطاب الرحلات الجوية، وكذلك عدم القدرة في تقديم خدمات جوية مستقرة، من جراء التقلبات السياسية المستمرة في العراق.

الخطوط الجوية العراقية: شركة الخطوط الجوية العراقية من أقدم شركات الطيران في المنطقة، تأسست في عام 1945 بهدف تعزيز شبكة النقل الجوي بين العراق والعالم، باتت وفي ظل الاحتلال وحكوماته المتعاقبة تواجه تحديات كبيرة وتراجعا كبيرا في الحضور والأداء بسبب الأسطول القديم وصعوبة الحصول على طائرات حديثة لقلة الاستثمارات في هذا الجانب. بالإضافة إلى ذلك، تأثر القطاع والشركة على وجه الخصوص بمشاكل وقيود سياسية وأمنية ومالية؛ فالأوضاع السياسية المضطربة في العراق تؤثر على سمعة الخطوط الجوية العراقية وتجعل شركات الطيران العالمية مترددة في التعاون معها أو فتح خطوط جديدة إلى العراق، يزاد على ذلك التأثيرات السلبية المرتبطة بالوضع الأمني العام في البلاد وتزايد تكاليف التشغيل، خاصة فيما يتعلق بالصيانة مما أدى إلى تراجع الخدمات وارتفاع التكاليف. فضلا عن قلة الوجهات الدولية والاعتماد الكلي على رحلات محدودة تقتصر على بعض البلدان المجاورة، إلى جانب الاعتماد على أنظمة قديمة لإدارة الحجوزات والمبيعات وضعف التحول الرقمي، وأسعار التذاكر المرتفعة مقارنة بشركات الطيران منخفضة التكلفة، مما يجعلها أقل جذبًا للمسافرين الباحثين عن خيارات اقتصادية، وما تقدم يحد من قدرة الشركة على التوسع والنمو ويجعلها خارج مضمار المنافسة مع شركات الطيران الإقليمية والدولية.
ومثل جميع المؤسسات الحكومية في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، تعاني شركة الخطوط الجوية العراقية من بيروقراطية شديدة واستشراء الفساد الإداري والمالي، مما يجعل من الصعب تحسين الأداء الداخلي للشركة وتنفيذ مشاريع التحديث والتطوير. حيث تجد معظم القرارات في الخطوط الجوية العراقية غير متعلقة بالكفاءة التشغيلية، بل مرتبطة بمصالح خاصة أو فساد إداري، ما يجعلها غير مؤهلة أو عاجزة أمام تحديات السوق الجوي الدولية والإقليمية وتحقيق النمو المستدام
3. قطاع النقل البحري:
الموانئ العراقية: يمتلك العراق سواحل على الخليج العربي، ويعتمد بشكل كبير على موانئه في محافظة البصرة لنقل النفط والسلع. وتعد موانئ أم قصر والموانئ البحرية في البصرة الأهم، لكنها تعاني من نقص ملحوظ في الاستثمارات والتطوير. ونقص كبير في المعدات الحديثة، مثل الرافعات المتطورة، ما يؤثر بشكل كبير على فعالية الموانئ العراقية، ويؤدي إلى تأخيرات في الشحن والتفريغ.
وتعتبر التهديدات الأمنية المستمرة من أبرز المشاكل التي تواجه القطاع البحري في العراق. كما أن التجارة البحرية العراقية تواجه منافسة شديدة من الموانئ المتطورة والحديثة في دول الخليج المجاورة.
وبعد الفساد في الموانئ العراقية من أكبر التحديات التي تؤثر على الاقتصاد العراقي بشكل عام وتعرقل تطور قطاع النقل البحري بشكل خاص. وعلى الرغم من الدور المهم الذي تلعبه الموانئ العراقية في التجارة الخارجية، لكن الفساد المستشري في هذا القطاع يساهم في تدهور أدائه ويزيد من تكاليف التجارة ويؤثر سلباً على سمعة العراق الدولية.
أبرز مظاهر الفساد في الموانئ العراقية:
1. الرشوة والفساد الإداري: من أبرز مظاهر الفساد في الموانئ العراقية هو انتشار الرشوة بين الموظفين الحكوميين والمستوردين، مما يعطل سير العمل بشكل فعال. وفي كثير من الأحيان، يُجبر التجار على دفع رشاوى للحصول على الخدمات التي من المفترض أن يحصلوا عليها بشكل قانوني وبأسعار مناسبة. هذا يؤدي إلى زيادة التكاليف على الشركات والمستوردين، ويضعف كفاءة الموانئ.
2. التهريب: التهريب من المشكلات الخطرة المرتبطة بالفساد في الموانئ العراقية. حيث يساهم الفساد في السماح بمرور البضائع المهربة دون دفع الرسوم الجمركية أو الالتزام بالإجراءات القانونية. ويتم تهريب العديد من الممنوعات والمواد المحظورة، بما في ذلك المخدرات والأسلحة والبضائع المقلدة، إلى داخل العراق عبر الموانئ بسبب التواطؤ بين بعض المسؤولين وشبكات التهريب.
3. غياب الرقابة وانعدام الشفافية: هناك غياب ملحوظ للرقابة على العمليات التي تتم في الموانئ. ويعود ذلك إلى قلة الكوادر المدربة، فضلاً عن الفساد الإداري الذي يؤدي إلى عدم وجود إجراءات واضحة وشفافة لضمان تطبيق القوانين بشكل صارم. كما إن انعدام الشفافية في العمليات الجمركية والمستندات المطلوبة يؤدي إلى فساد واسع النطاق من حيث التلاعب بالبيانات أو تفادي الرسوم الجمركية.
4. تجاوز اللوائح القانونية: في كثير من الأحيان، يتم تجاوز اللوائح القانونية المتعلقة بشحن وتفريغ البضائع. على سبيل المثال، يتم السماح لبعض السفن بالرسو في الموانئ العراقية دون فحص كامل للحمولة أو دون دفع الرسوم المستحقة. كذلك، يتم في بعض الحالات منح التراخيص والتصاريح بطريقة غير قانونية أو غير شفافة.
5. انتشار الشركات الوهمية: الكثير من الشركات التي تنشط في مجال الاستيراد والتصدير عبر الموانئ العراقية تكون وهمية أو غير قانونية. هذه الشركات قد تحصل على امتيازات غير مستحقة بسبب التلاعب في الإجراءات أو الدفع للموظفين المختصين في الموانئ. وتسهم هذه الشركات بحكم طبيعتها في تسهيل العمليات الفاسدة مثل التهريب أو التهرب من الرسوم.
6. المحسوبية والتعيين الأشخاص غير المؤهلين: غالبًا ما يتم تعيين موظفين في مراكز مهمة في الموانئ العراقية بناءً على المحسوبية، وليس بناءً على الكفاءة والاختصاص. وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى ضعف الإدارة وتفشي الفساد، حيث يسهل على المسؤولين الفاسدين التلاعب بالأنظمة. ويؤدي تعيين الأشخاص غير المؤهلين إلى انخفاض كبير في كفاءة العمل داخل الموانئ، ما يعطل الإجراءات القانونية ويزيد من عمليات الفساد.
ويؤثر الفساد في الموانئ العراقية بشكل كبير على الاقتصاد الوطني ويدمر القدرة على تحقيق التنمية المستدامة. إذ يؤدي التهرب الجمركي وعمليات التهريب إلى فقدان الإيرادات الجمركية ويسمح للمهربين بتمرير البضائع من دون فحص أو دفع الرسوم ويعزز من نشاطات الجريمة المنظمة في العراق. وإن انتشار الفساد في الموانئ يعزز فقدان الثقة في الحكومة ويكرس الشعور بأن النظام غير عادل ويفضل القلة على الأغلبية، ما يزيد الإحباط ويضعف الالتزام بالقوانين.
4. قطاع النقل السككي:
السكك الحديدية: كانت شبكة السكك الحديدية في العراق واحدة من شبكات السكك الأكثر تطورًا في المنطقة قبل 2003. ومع ذلك، تعرضت السكك الحديدية العراقية لدمار واسع نتيجة الغزو والاحتلال، إلى جانب نقص في الاستثمارات لإعادة بناء وتجديد هذه الشبكة. في الوقت الحاضر، لا تزال شبكة السكك الحديدية محدودة جدًا ولا تلبّي الاحتياجات المحلية.
تعثر إعادة تأهيل السكك الحديدية: هناك بعض المشاريع لإعادة تأهيل الخطوط القديمة، إلا أن منهجية الإنفلات الأمني والفساد المالي والإداري يعرقل تقدم هذه المشاريع. في العديد من المناطق، توجد خطوط حديدية قديمة وغير صالحة للاستخدام.

نسبة الضرر في البنية التحتية لقطاع النقل والمواصلات في العراق
سنقوم في هذا التقرير بتقديم تقدير تقريبي لنسبة التدهور بناءً على ما تم رصده من مؤشرات ومعطيات في السنوات الأخيرة:
قطاع النقل البري (الطرق والجسور):
يُقدّر أن حوالي 70% من شبكة الطرق في العراق قد تضررت بشكل كبير نتيجة الغزو والاحتلال والصراعات الداخلية. العديد من الطرق الرئيسية قديمة للغاية ويفتقر جزء كبير منها إلى الصيانة المستمرة. بشكل عام، الطرق التي كانت تعتبر حديثة قبل بداية النزاعات أصبحت الآن مليئة بالحفر والمطبات.
العديد من الجسور الحيوية، خصوصًا في المدن الكبرى مثل بغداد، تعرضت لتدمير جزئي أو كلي، ويتراوح تقدير الضرر في هذه الجسور بين 50-60%، مع وجود عدد من الجسور التي تحتاج إلى إعادة بناء.
وبسبب تدهور الطرق وزيادة عدد المركبات، يعاني قطاع النقل البري من ازدحام مروري شديد في المدن الكبرى مثل بغداد، مما يؤدي إلى تأخيرات في التنقل وزيادة استهلاك الوقود.
قطاع النقل العام (الحافلات، وسيارات الأجرة، والنقل الجماعي):
يعاني أسطول الحافلات العامة في العراق من تدهور كبير، حيث يُقدّر أن 70% من الحافلات الموجودة في الخدمة هي قديمة جدًا وتحتاج إلى تجديد وصيانة مستمرة. والعديد من الحافلات تفتقر إلى التجهيزات الحديثة، مما يجعل السفر بها غير مريح للمواطنين. ويؤدي نقص الحافلات إلى قلة الخدمات المقدمة في العديد من المدن، ما يزيد من الاعتماد على السيارات الخاصة ووسائل النقل الخاصة.
وتعد قلة التمويل أحد ابرز أسباب عدم تجديد أسطول النقل العام، ما يساهم في استمرار تدهور الخدمات.
3. قطاع النقل الجوي (المطارات والطيران المدني):
مطار بغداد الدولي: يُقدّر أن حوالي 50% من مرافق المطار بحاجة إلى تجديد وتحديث. أما الأنظمة الأمنية والتجهيزات الإلكترونية فتعاني من نقص واضح في الكفاءة.
المطارات الأخرى: العديد من المطارات في العراق، مثل مطار البصرة ومطار الموصل، تحتاج إلى تجديد بشكل كامل، حيث تضررت معظم البنى التحتية لهذه المطارات بنسبة تصل إلى 70%، وقد تسبب ذلك في تقليل قدرة المطار على التعامل مع حركة الطائرات بشكل فعال. ويعاني أسطول الطيران المدني العراقي من نقص حاد في الطائرات الحديثة، مما يحد من قدرة الخطوط الجوية العراقية على منافسة شركات الطيران الإقليمية والدولية.
قطاع النقل البحري (الموانئ):
على الرغم من أهمية الموانئ العراقية (أم قصر والبصرة)، تُقدّر نسبة التدهور في هذه الموانئ بحوالي 60%. هذا يشمل نقصًا في المعدات الحديثة، مثل الرافعات المتطورة، ووجود تآكل في الهياكل الأساسية للموانئ بسبب قلة الصيانة. وتتسبب التحديات الأمنية والمالية والفساد وسوء الإدارة في تأخير تحديث الموانئ، مما جعل قدرة هذه الموانئ على استقبال الشحنات التجارية محدودة.
قطاع السكك الحديدية:
تصل نسبة التدهور في شبكة السكك الحديدية العراقية إلى80%. غالبًا ما تكون الخطوط الحديدية قديمة جدًا ومهملة ولا تواكب احتياجات النقل الحديثة. كما تعرضت للدمار بسبب الغزو والاحتلال، وأدى نقص الاستثمارات في الصيانة إلى تفاقم الوضع، بينما المشاريع التي تهدف إلى تطوير أو إصلاح السكك الحديدية فإنها تتقدم ببطء شديد بسبب نقص التمويل والتحديات الأمنية وانتشار الفساد وسوء الإدارة.
من خلال تحليل هذه الأوضاع، يمكن القول أن نسبة التدهور في قطاعات النقل والمواصلات في العراق تتراوح بين 50-80% بحسب القطاع. وتظل الطرق والجسور، والنقل العام، وقطاع السكك الحديدية هي الأكثر تضررًا. هذا التدهور يعكس الأثر العميق للغزو والاحتلال والصراعات المستمرة، والفساد الواسع، والنقص الحاد في الاستثمارات. تحسن الوضع يتطلب جهودًا كبيرة في إعادة بناء هذه القطاعات عبر مشاريع ضخمة وتخصيص الميزانيات الكافية، إلى جانب تعزيز سياسات الشفافية والمساءلة لتفادي تكرار الأزمات، وهذا لا يمكن أن يتحقق في ظل حكومات الاحتلال القائمة على المحاصصة والفساد والإفساد.
ثانيًا: قطاع الكهرباء والطاقة:
يعاني العراق ما بعد الغزو الأمريكي من أزمة مستمرة ومركبة في توفير الطاقة الكهربائية تتداخل فيها عوامل كثيرة، حيث لا تزال المناطق تعتمد على الطاقة المولدة محليًا والمساعدة جزئيًا:
وتعد أزمة الطاقة الكهربائية في العراق من أكبر التحديات التي تواجه البلاد منذ عام 2003 وحتى اليوم. هذه الأزمة لا تعود فقط إلى قلة الموارد، بل أيضًا إلى مشاكل هيكلية وإدارية ممنهجة أدت إلى تدهور قطاع الطاقة بشكل كبير. في هذا السياق، تعد أزمة الكهرباء أزمة مستمرة ومركبة، تتداخل فيها العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفنية.
ومنذ 2003؛ وحكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق مستمرة في الاعتماد على واردات الطاقة الإيرانية ومتعمدة في إهمال تأهيل البنية التحتية لقطاع الطاقة في البلاد، الأمر الذي يلغي كل مميزات تنويع إمدادات الطاقة في العراق. وفي الوقت نفسه؛ يهدر العراق ما بعد الغزو الأمريكي كميات هائلة من الغاز عن طريق حرق الغاز أثناء إنتاج النفط الخام. ووفقا للبنك الدولي، فالعراق ثاني أكبر دولة في العالم من حيث حرق الغاز بعد روسيا، حيث يتم إحراق 1200 مليون قدم مكعب قياسي يوميًا من الغاز في العراق بينما يستورد 1000 مليون قدم مكعب يوميًا من إيران، مما يكلف البلد ما لا يقل عن 10 مليارات دولار سنويًا، وهو ما يشكل قيمة كميات الغاز المهدورة وقيمة ما يتم استيراده من إيران سنويًا. علاوة على ذلك، تشكل الانبعاثات الناجمة عن إحراق الغاز خطراً حقيقيًا على حياة العراقيين الذين يعيشون بالمناطق القريبة من حقول النفط، كما أنها تساهم في تغير المناخ من خلال إطلاق ملايين الأطنان من ثاني أوكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي. كما أن نسبة التكلفة إلى الإيرادات في وزارة الكهرباء غير مستدامة بشكل ممنهج.

وقد أعلنت وزارة الكهرباء في العراق بداية شهر تموز/يوليو الماضي أن شبكة الكهرباء فقدت 5000 ميغاواط من قدرتها على التوليد، مما أدى إلى انقطاعات حادة. وكانت الخسارة بسبب انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي من إيران، وهي مشكلة متكررة كل عام ولم يتم حلها بشكل جذري حتى اليوم. ومع ذلك، حتى قبل الخسارة، كانت البلاد تولد حوالي 21000 ميجاوات، أي أقل بكثير من 34000 ميجاوات اللازمة لتلبية الطلب المحلي الحالي.
وتعرض قطاع الطاقة في العراق لأضرار جسيمة على مدى العقود القليلة الماضية بسبب الحصار الاقتصادي والحروب وعوامل أخرى. وتستمر الفجوة بين العرض والطلب في الاتساع مع استمرار الخسائر الفنية والتجارية، التي تفاقمت بسبب التحديات المالية وحجم الفساد الكبير على مستوى عال في العراق ما بعد الغزو الأمريكي. ورغم أن الحلول واضحة، إلا أنها لا يمكن تنفيذها من دون توفر الإرادة السياسية، وهو ما لم يكن في المتناول طوال السنين الإحدى والعشرين الماضية. وفي الآونة الأخيرة، يركز قطاع الطاقة على الجهود الجديدة لالتقاط الغاز وتوليد الطاقة – بما في ذلك الصفقة مع شركة توتال الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار -. ومع ذلك، إذا لم تقم السلطات بمواكبة ربط هذه المشاريع بتحديثات جادة للبنية التحتية، فلن تتمكن الشبكة من استيعاب العرض الجديد، وسوف تستمر الخسائر والسرقات. إلى جانب ذلك، هناك حاجة ماسة إلى نظام مناسب لجمع الفواتير لوقف النزيف المالي، إلا أن التدخل السياسي المستمر في مشاريع الطاقة يهدد بمزيد من التأخير في مثل هذه الخطط.
ومع الفساد المالي المتفاقم والهدر المستمر للغاز والغياب التام لمقومات النهوض بقطاع الطاقة، إلى جانب الخلل المالي في وزارة الكهرباء، الذي يتطلب نفقات بمليارات الدولارات في حين تبقى الإيرادات ضئيلة؛ فإن كل ذلك من شأنه أن يؤدي وخلال سنوات قليلة مقبلة إلى تدمير الميزانيات السنوية تدميرًا كاملا. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ إجمالي التكاليف التشغيلية الصريحة لوزارة الكهرباء في عام 2022 9.3 مليار دولار، في حين كانت الإيرادات أقل من مليار دولار. ويمكن أن يُعزى انخفاض الإيرادات إلى تفشي الفساد على نطاق واسع وعلى الصعد كافة، إلى جانب تهالك شبكة نقل وتوزيع الطاقة والإهمال المتعمد في إعادة تأهيلها. وإجمالاً، بلغت الخسائر الفنية والتجارية في العراق حتى عام 2023 نحو 70 %، وبهذا تعد من بين أعلى مستويات الخسائر الفنية والتجارية في العالم.
علاوة على ذلك؛ تشير مصادر محلية إلى أن وزارة الكهرباء تعتمد بشكل كبير على الحكومة في عدة جوانب مثل: دفع ثمن الوقود الذي توفره وزارة النفط، وتمويل الطاقة التي تشتريها من مشاريع الاستلام والدفع التي يديرها منتجو الطاقة المستقلون، وشراء الطاقة المتقلبة من إمدادات الطاقة الإيرانية. على سبيل المثال، أنفقت الوزارة 2.78 مليار دولار لشراء الغاز الإيراني في عام 2021، ثم تضاعف المبلغ في العام 2022 ليتجاوز 5 مليارات دولار. إن الاعتماد على الغاز الإيراني في توفير الطاقة الكهربائية في العراق يشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني ويعرض العراق إلى العديد من المخاطر السياسية والاقتصادية. بينما تمثل إمدادات الغاز الإيرانية حلاً مؤقتًا للأزمة، إلا أن حكومات الاحتلال المتعاقبة لم تسعَ إلى تطوير البنية التحتية للطاقة المحلية، في سبيل استدامة الاعتماد على الطاقة الإيرانية كمصدر رئيس للطاقة الكهربائية في العراق، حيث تعاني شبكة الكهرباء المحلية من عجز ممنهج في القدرة الإنتاجية يجعلها غير قادرة على تلبية الطلب الداخلي المتزايد على الكهرباء. وهذه العلاقة مع إيران في مجال إمدادات الطاقة تثير العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية التي تؤثر على العراق سلبا في عدة جوانب.
شراء الطاقة الإيرانية وتأثيراته السلبية
1. الاعتماد على الغاز الإيراني:
على الرغم من امتلاكه احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي؛ أصبح العراق ومنذ عام 2003، يعتمد على الغاز الإيراني لتوليد الكهرباء. بسبب الضعف الممنهج في قطاع الكهرباء المحلي وعدم رغبة الحكومات المتعاقبة في تطوير محطات توليد الكهرباء بشكل مستدام، وأصبح العراق في حاجة ملحة إلى الغاز الإيراني لتشغيل العديد من محطات توليد الكهرباء. وتُعتبر محطات الكهرباء العراقية التي تعمل بالغاز أحد المصادر الرئيسية للطاقة في البلاد، لكن الإهمال المتعمد لشبكة الغاز المحلية جعلها عاجزة عن تلبية احتياجات محطات الكهرباء.
2. زيادة الإنفاق على شراء الغاز الإيراني:
في عام 2021، أنفقت وزارة الكهرباء في العراق ما يقارب 2.78 مليار دولار لشراء الغاز الإيراني. وفي عام 2022، ارتفع هذا الرقم بشكل ملحوظ ليصل إلى أكثر من 5 مليارات دولار. وهذه الزيادة الكبيرة في الإنفاق على شراء الغاز الإيراني تُظهر حجم الاعتماد الكبير الذي أصبح عليه العراق في توفير الطاقة، ما يعكس مدى العجز الممنهج في البنية التحتية والفشل المتعمد في تطوير شبكة الغاز المحلية لتلبية الاحتياجات.
3. التقلبات السياسية والاقتصادية:
الاعتماد الكبير على إمدادات الغاز الإيراني يعرض العراق إلى تقلبات سياسية واقتصادية، حيث تتأثر هذه الإمدادات بعوامل متعددة، مثل العقوبات الأمريكية على إيران والتوترات السياسية بين البلدين. وتؤدي الضغوط السياسية أو الاقتصادية على إيران إلى تقليص كميات الغاز الموردة للعراق، ما يزيد من تفاقم أزمة الكهرباء في البلاد. علاوة على ذلك، يؤدي التفاوض على أسعار الغاز بين العراق وإيران إلى زيادة في تكلفة شراء الغاز، مما يضع مزيدًا من الضغوط على الموازنة الحكومية.
4. التأثيرات على الميزانية العراقية:
الزيادة الكبيرة في تكلفة شراء الغاز الإيراني تؤثر بشكل سلبي على الميزانية العراقية، التي غالبًا ما تكون محكومة بمصادر دخل غير مستقرة مثل إيرادات النفط. وهذه التكاليف المرتفعة تلتهم جزءًا كبيرًا من الميزانية العامة المخصصة لقطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم وغيرها، مما يساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية في العراق.
5. التهديدات المتعلقة بالعقوبات الأمريكية:
تفرض الولايات المتحدة “عقوبات اقتصادية” على إيران، مما يخلق ضغطًا على العراق بشأن التعامل مع إيران في مجال الطاقة. عادة ما تمنح أمريكا “إعفاءات” للعراق تسمح له بشراء الغاز الإيراني، ولكن هذه الإعفاءات قد تكون مؤقتة أو تتعرض للتغيير، مما يخلق حالة من عدم اليقين بشأن استمرار إمدادات الغاز في المستقبل.
الأسباب التي جعلت العراق يعتمد على الغاز الإيراني:
1. الضعف الممنهج في تطوير الطاقة المحلية:
الفساد الكبير والمحسوبية داخل قطاع الكهرباء في ظل حكومات الاحتلال في العراق أدى إلى غياب الاستثمار في البنية التحتية الضرورية لتطوير شبكة الغاز المحلية. وعلى الرغم من امتلاك العراق احتياطيات غازية ضخمة، إ أن الغياب الممنهج لمشاريع كبيرة لتطوير الطاقة، جعل العراق يعتمد اعتمادا كليا على الغاز الإيراني لتعويض نقص الطاقة المحلية.
2. التبعية السياسية للحكومات المتعاقبة في العراق لإيران:
أدت التبعية السياسية للحكومات المتعاقبة في العراق لإيران إلى الاعتماد الكامل على إمدادات الغاز من الأخيرة، حيث أن إيران تُعد المحتل الثانوي بالنسبة للعراق بعد العام 2003. وتُعتبر إمدادات الغاز جزءًا من عملية رهن قطاع الطاقة العراقي لصالح إيران، ما يجعل الإمدادات حصريا من إيران ولا توجد منافسة مع دول أخرى.
3. منهجية الإنفلات الأمني وفوض السلاح:
منهجية الإنفلات الأمني وفوض السلاح في العراق ما بعد الغزو الأمريكي، جعلت من الوضع الأمني في البلاد تحديًا كبيرًا في تطوير البنية التحتية بشكل عام ومنشآت الطاقة بشكل خاص، بما في ذلك الحقول الغازية ومحطات التوليد. وبات العراق الجديد في ظل هيمنة الميليشيات الموالية لإيران، يعاني من صعوبة ممنهجة في جذب الاستثمارات الخارجية المطلوبة لتحسين الإنتاج المحلي للطاقة.
يزاد عل ذلك، عدم ثبات العوائد النفطية للعراق في ظل تقلبات السوق العالمية، يعمق رهن قطاع الطاقة العراقي لصالح إيران ويزيد من الاعتماد على الغاز الإيراني، الذي أصبح موردًا وحيدا للكهرباء رغم ارتفاع تكاليفه.
أبرز الآثار السلبية لاعتماد العراق على الغاز الإيراني:
1. تكريس التبعية السياسية والاقتصادية:
اعتماد العراق على الغاز الإيراني يجعله في موقف ضعيف سياسيًا، حيث يعتمد على إيران في قطاع حيوي مثل الطاقة. هذا الاعتماد يُضعف قدرة العراق على اتخاذ قرارات مستقلة في قضايا إقليمية ودولية.
كما إن زيادة تكاليف الطاقة تؤدي إلى تحميل الميزانية الحكومية المزيد من الأعباء، في وقت يعاني فيه الاقتصاد العراقي من معدلات تضخم مرتفعة وصعوبات جمة في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
2. مخاطر أمنية جسيمة:
في حال تعرض إمدادات الغاز الإيراني لأي تعطيل أو تقليص، سواء بسبب العقوبات الأمريكية أو أي أزمة سياسية، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة في العراق ويعطل الخدمات الأساسية في البلاد، بما في ذلك القطاعات الحيوية، التي تعتمد على إمدادات الطاقة الكهربائية بشكل كبير.
3. تكريس ضعف التنمية المستدامة:
الاعتماد على الغاز الإيراني لا يوفر حلًا مستدامًا طويل المدى لأزمة الطاقة في العراق. بدلاً من استثمار الأموال في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة أو مشاريع الغاز المحلي، فإن حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق مستمرة في هدر أموال ضخمة لصالح إيران.
4 . الإهمال المتعمد لقطاع الغاز المحلي:
جميع الحكومات المتعاقبة في العراق لم تعمل على تطوير صناعة الغاز في البلاد وتحسين البنية التحتية اللازمة لاستخراج وتوزيع الغاز محليا، وذلك لتكريس الاعتماد على الغاز الإيراني.
وبعد مرور واحد وعشرين عامًا، قامت الحكومة الحالية في العراق بالإعلان عن نيتها في حشد الجهود لاحتجاز الغاز والتقاطه جزئياً لاستخدامه في محطات الطاقة بينما تسعى أيضًا إلى تقليل الواردات من إيران، بحسب المعلن، وتشمل هذه المشاريع مبادرة من شركة غاز البصرة التي تقودها شركة شل، بالإضافة إلى مشروع نمو الغاز المتكامل (GGIP)، وتكمن المشكلة في مثل هذه المشاريع بمدى توفر الإرادة السياسية لتطبيقها وتنفيذها، فضلا عن مدى جدية الحكومة في تحقيق ذلك، لأن الحكومة الحالية لا تملك كبح التدخلات السياسية وتجنب خلافاتها المعتادة بعد إبرام العقود في مثل هذه المشاريع وتحديدًا خلال مرحلة التنفيذ، وهذا لن يساعد قطاع الطاقة في العراق بل يكرس عمليات الإضرار به والإجهاز عليه.
وحتى لو اتخذت حكومة بغداد بعض الخطوات نحو الاستثمار في الغاز المهدور، إلا أنه ووفقًا للمعطيات الحالية لن تستثمر أي شركة دولية المليارات في التكنولوجيا في بلد حكوماته غير مستقرة، ولاسيما مع استمرار المخاطر الأمنية ومشاكل الفساد الخطرة. وقد لخص وزير كهرباء سابق بعضا من هذه المشاكل في تعليقات له قائلا: إذا استمر العراق بهذه الطريقة في التعامل مع قطاع الطاقة، فسيكون من الصعب إصلاح قطاع الكهرباء مهما كانت سعة توليد الطاقة التي سيقوم العراق بتركيبها، ومهما كانت كمية الوقود التي ستوفرها السلطات المعنية.
الأسباب الرئيسية لأزمة الطاقة الكهربائية في العراق ما بعد الغزو الأمريكي:
1. الدمار الناتج عن الغزو والاحتلال والصراعات المستمرة: إبان الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، تعرضت البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك محطات توليد الكهرباء وشبكات التوزيع، إلى دمار كبير بسبب الغارات الجوية والهجمات الأرضية. العديد من محطات الكهرباء فقدت قدرتها الإنتاجية أو دُمّرت تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، كانت سنوات ما بعد الغزو مليئة بالحروب والصراعات الداخلية، مما عرقل إعادة البناء والصيانة الفعّالة للبنية التحتية.
2. منهجية الإنفلات الأمني وفوضى السلاح: بعد الغزو الأمريكي، تدهور الوضع الأمني بشكل ممنهج في العراق بشكل كبير، مما أثر على قدرة الحكومة على ضمان أمن محطات الكهرباء وشبكات التوزيع. وتسببت الهجمات المستمرة من قبل الميليشيات وغيرها من الجماعات المسلحة على المنشآت الحيوية بما في ذلك محطات الكهرباء وشبكات النقل، في تعطيل الإنتاج أو تدمير جزء كبير مما تبقا من البنية التحتية للطاقة.
3. الفساد الإداري المتجذر: يعاني قطاع الكهرباء في ظل الاحتلال وحكوماته المتعاقبة من فساد إداري مستشري، حيث تُخصص الأموال المخصصة لتطوير محطات الكهرباء أو صيانة الشبكات بطريقة غير فعّالة. يتم توجيه الموارد بشكل غير مناسب، مما يفاقم الأزمة. وتم تسريب أموال ضخمة من العقود التي تم توقيعها مع الشركات الأجنبية لتطوير شبكة الكهرباء، ولكن المشاريع تأخرت أو لم تكتمل كما كان مقرراً.
4. نقص الاستثمارات في البنية التحتية: على الرغم من حجم الأموال التي تم ضخها في البلاد بعد الغزو الأمريكي، فإن الاستثمار في قطاع الكهرباء كان محدودًا وغير كافٍ لتحسين أداء الشبكة الكهربائية. وتم تدمير الكثير من محطات الكهرباء والأنابيب في السنوات التي تلت الغزو، ولا تزال بعض المحطات تعاني من قدم المعدات وعدم وجود تقنيات حديثة لتحسين الإنتاج.

5. اعتماد العراق على الوقود الأحفوري: تعتمد محطات الكهرباء في العراق بشكل كبير على الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي، ومع تقلبات أسعار النفط وهدر الغاز، يعاني العراق من نقص في الوقود اللازم لتشغيل المحطات. في بعض الأحيان، يتم تخصيص كميات كبيرة من النفط المحلي لتوليد الكهرباء، مما يؤثر على القدرة الإنتاجية ويؤدي إلى نقص في الطاقة المستخدمة في مجالات أخرى.
6. تراكم الديون و تباطؤ المساعدات الخارجية: يعاني العراق يعاني من ديون ضخمة تجعل الحصول على قروض دولية لتطوير البنية التحتية للطاقة أمرًا صعبًا. ما يؤثر على قدرة البلاد على إصلاح شبكات الكهرباء وزيادة طاقة الإنتاج.
على الصعيد نفسه، يحتاج العراق إلى مساعدات مالية دولية لتنفيذ مشاريع طاقة مستدامة أو لتطوير محطات توليد جديدة، ولكن تباطؤ الدعم الدولي من جراء استمرار التوترات السياسية الداخلية، يجعل هذه المساعدات غير كافية أو غير مجدية.
تداعيات السياسات الفاشلة في إدارة قطاع الكهرباء:
1. الانقطاع المستمر للكهرباء:
منذ إحدى وعشرين سنة، يواجه العراقيون انقطاعات متكررة وطويلة في الكهرباء، حيث أن الكهرباء تتوفر في بعض المدن الرئيسية لبضع ساعات فقط يوميًا. أما في المناطق الريفية أو في المحافظات المنكوبة، قد لا تتوفر الكهرباء سوى لبضع ساعات أسبوعيًا، مما يؤدي إلى تبعات كبيرة وأعباء ثقيلة على واقع الحياة اليومية للمواطنين.
2. الاعتماد على مولدات الطاقة المحلية:
في حالة تعكس حقيقة عدم رغبة الحكومة في توفير الكهرباء بشكل مستمر للمواطنين، وتعمدها مواصلة تقليص الطاقة الكهربائية العامة، يعتمد معظم العراقيين على مولدات الطاقة المحلية الصغيرة لتلبية احتياجاتهم من الكهرباء، مما يؤدي إلى زيادة في تكاليف الكهرباء الشخصية. ويتم تشغيل هذه المولدات بواسطة الوقود النفطي أو الغاز، مما يزيد من التلوث البيئي.
3. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية:
يؤثر انقطاع الكهرباء بشكل كبير جدا على القطاع الصناعي والتجاري في العراق، حيث يعاني أصحاب الأعمال من تعطل الإنتاج وتكاليف إضافية بسبب استخدام مولدات طاقة كهربائية.
ومن الجوانب الاجتماعية، يعاني المواطنون من حالة عدم الاستقرار وعدم الراحة في منازلهم، حيث يتعين عليهم في كثير من الأحيان التكيف مع درجات حرارة شديدة في الصيف بسبب نقص الكهرباء.
يزاد عل ذلك التأثير الحاد على القطاع الصحي شبه المنهار في العراق؛ حيث أن العديد من المستشفيات تعتمد على الكهرباء لتشغيل الأجهزة الطبية الحيوية، ويؤدي انقطاع الكهرباء إلى تعريض المرضى للخطر ويحد من فرصهم لتلقي العلاج إن وجد.
4. التأثير على التعليم:
يؤثر استمرار انقطاع الكهرباء سلبًا على العملية التعليمية المتدهورة أصلا في المدارس والجامعات العراقية.
التغييب الممنهج للحلول الناجعة لأزمة الكهرباء في العراق:
يعدّ التغييب الممنهج للحلول الناجعة لأزمة الكهرباء في العراق أحد العوامل الأساسية التي ساهمت في استمرار الأزمة التي يعاني منها قطاع الكهرباء في البلاد منذ عام 2003 وحتى اليوم. وإن الحلول المؤقتة التي تم تبنيها من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة على مدار السنوات الماضية مثل استيراد الغاز أو الطاقة الكهربائية من إيران، لا تُعتبر حلولاً جذرية لمشكلة الكهرباء في العراق، بل إنها في الواقع تُعزز من الاعتماد على مصادر خارجية وتؤجل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يحتاجها القطاع.

إن تركيز حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق على الحلول المؤقتة يعد من أبرز مظاهر النهج السياسي المتبع بعد 2003، في تغييب الحلول الجذرية لجميع الملفات المتعثرة في البلاد، الذي يهدف إلى استمرار الأزمات وتفاقمها وافتعال المزيد منها. والحلول المؤقتة لا تتعدى كونها ضربا من ضروب الفساد والإفساد وهدر المال العام وتسخيره لصالح إيران، ودليلاً آخر على التغييب الممنهج للإصلاحات الشاملة لجميع القطاعات في العراق الجديد ولاسيما قطاع الكهرباء الذي يعاني من بنية تحتية متهالكة وغياب متعمد للتطوير ونقص شديد في مشاريع الطاقة المتجددة، وهذا ينسحب على جميع الأزمات في العراق ما بعد الغزو الأمريكي.
أسباب التغييب الممنهج للحلول الناجعة لأزمة الكهرباء في العراق:
1. الفساد الإداري والتلاعب بالأموال:
أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى غياب الحلول الجذرية لأزمة الكهرباء هو الفساد الإداري المستشري داخل المؤسسات الحكومية عامة، وفي وزارة الكهرباء خاصة. حيث تم تخصيص مبالغ ضخمة لتطوير البنية التحتية للطاقة، ولكن تم استخدامها بشكل غير فعّال أو تمت سرقتها من خلال عقود وهمية أو صفقات فساد. وتشير التقارير إلى أن التمويلات المخصصة لإصلاح قطاع الكهرباء قد تم تبديدها في مشروعات فاشلة أو لم يتم تنفيذها بالكامل.
2. تغييب التخطيط الاستراتيجي:
غياب مقصود لرؤية استراتيجية واضحة وطويلة الأمد لتطوير قطاع الكهرباء هو أحد الأسباب الأخرى لاستمرار الأزمة وتفاقمها في العراق. غالبًا ما كانت الحلول التي تم تبنيها حلولاً مؤقتة وقاصرة بدلاً من وضع خطط شاملة تشمل تطوير محطات الكهرباء، وتحسين شبكات النقل، وإصلاح إدارة القطاع. وتركز الحكومات المتعاقبة على إصلاحات سريعة مثل شراء الكهرباء من دول مجاورة، في حين يتم إغفال الاستثمارات اللازمة في محطات توليد الطاقة الجديدة أو تقنيات الطاقة المتجددة.
3. الاعتماد الممنهج على الحلول الخارجية بدلًا من الحلول المحلية:
إن استيراد الطاقة الكهربائية من دول مجاورة لا يُعد حلاً طويل الأمد أو مستدامًا. فهذا يُظهر اعتماد العراق على جهات خارجية في تأمين احتياجاته من الطاقة، مما يعرضه للعديد من المخاطر السياسية والاقتصادية.
إن استيراد الكهرباء قد يوفر حلًا مؤقتًا في بعض الحالات، ولكنه لا يُعالج جذور المشكلة مثل تطوير البنية التحتية المحلية أو زيادة قدرة الإنتاج المحلي من الطاقة.
4. تكريس التبعية السياسية لإيران:
لا يزال العراق في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة يعاني من التبعية السياسية لإيران، مما يجعل من الصعب الحفاظ عل السيادة الوطنية بشكل فعّال ولاسيما في مجال الطاقة. ما يؤدي إلى رهن هذا القطاع المهم لإيران التي تسيطر عليه وتستطيع أن توقف الإمدادات أو تقللها، مما يضع العراق في وضع هش.
يزاد عل ذلك، العقوبات الأمريكية على إيران التي تؤثر على قدرة العراق في الحصول على الغاز الإيراني اللازم لتوليد الكهرباء. وطوال العقدين الماضيين أدت التدخلات السياسية الإيرانية إلى تعطيل الحلول الفعّالة وتوجيه الأموال إلى مشروعات غير ذات أولوية أو بعيدة عن احتياجات القطاع.
5. عدم تطوير مصادر الطاقة المتجددة:
على الرغم من أن العراق يمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية والطاقة الرياح، إلا أن هناك تأخيرًا كبيرًا في تطوير هذه المصادر. كان من الممكن استخدام هذه المصادر لتخفيف الاعتماد على الغاز أو الكهرباء المستوردة من إيران. وتشير الدراسات إلى أن العراق يمتلك موارد شمسية هائلة، مما يجعله مرشحًا جيدًا للاستفادة من الطاقة الشمسية في مشاريع مستدامة. لكن السياسات الحكومية تعتمد الاستثمار المحدود في هذا القطاع، ما يؤدي إلى غياب الحلول الفعالة.
6. إصلاحات محدودة وقاصرة في البنية التحتية:
يوجد الكثير من محطات الكهرباء القديمة التي لا تزال تعمل في العراق وتُعاني من تدهور كبير في الأداء، إضافة إلى شبكات التوزيع المتهالكة التي لا تتحمل ضغط الاستهلاك المتزايد. هذه البنية التحتية القديمة لا تُمكّن العراق من تلبية الطلب على الكهرباء بشكل مستمر، وتعد المحاولات الحكومية لإعادة تأهيل بعض المحطات وتطوير شبكة النقل، سببا لزيادة حجم الإنفاق وفرصة لسرقة المال العام على مثل هذه المشروعات التي غالبًا ما توجه بشكل غير صحيح، مما حال دون إصلاح حقيقي في القطاع.
7. التركيز على الحلول المؤقتة:
من أبرز مظاهر التغييب الممنهج للحلول الجذرية هو التركيز على الحلول المؤقتة مثل استيراد الطاقة الكهربائية والغاز من إيران، أو الاعتماد على مولدات الطاقة المحلية الخاصة، بدلاً من تحسين الإنتاج المحلي بشكل دائم. هذه الحلول لا تُعالج الأسباب الأساسية للمشكلة ولا تُعزز من الاستقلالية الطاقوية للبلاد.
الدور الحكومي في استمرار أزمة الكهرباء وتفاقمها:
إن السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة في العراق التي تركز على الحلول المؤقتة التي تحول دون إصلاح حقيقي للبنية التحتية للطاقة، والتي تؤخر الاستثمار في الطاقة المتجددة وتكرس الاعتماد على الكهرباء المستوردة وتهمل تنويع مصادر الطاقة وترهن قطاع الطاقة العراقي لإيران وتنتهج التباطؤ المقصود في تطوير قطاع الغاز المحلي وتعزز إفلات المسؤولين الفاسدين من العقاب ولا تغض النظر عن محاربة الفساد ومعالجة سوء الإدارة؛ كل ما تقدم يعكس الدور الحكومي الراغب في استمرار أزمة الكهرباء وتفاقمها في البلاد.
وعل الرغم من امتلاك العراق احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تسعَ للاستثمار في تطوير قطاع الغاز لتشغيل محطات توليد الكهرباء. على الرغم من أن العراق يعد من أكبر منتجي النفط في العالم، إلا أن قطاع الطاقة لا يزال يواجه مشكلات كبيرة في التوزيع والكفاءة. وإن أزمة الكهرباء في العراق هي أزمة مستمرة ومعقدة ناتجة عن مزيج من الدمار الممنهج، والفساد الإداري المتجذر، والنقص المتعمد في الاستثمارات ومنهجية الإنفلات الأمني والاعتماد على مصادر الطاقة الإيرانية.
إن أزمة الكهرباء في العراق تتطلب تبني حلول شاملة وجذرية تهدف إلى تحسين البنية التحتية للطاقة وتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة، إلى جانب التصدي للفساد المستشري في هذا القطاع. ولكن، لا يمكن تحقيق هذه الحلول في ظل وجود حكومات فاسدة تخلت عن السيادة الوطنية ووضعت مصير البلد وثرواته تحت تصرف قوى خارجية.
ثالثًا: قطاع المياه والصرف الصحي:
لا يزال العراق في ظل الحكومات الاحتلال المتعاقبة يواجه تحديات كبيرة في مجالي المياه والصرف الصحي، حيث تعاني العديد من المدن من نقص حاد في مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي.
وتعتبر الأزمات المتعلقة بالمياه والصرف الصحي من بين أبرز الشهود على فشل السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال. ولا يزال العراق يواجه هذه التحديات العميقة نتيجة للإهمال المتعمد والمستمر من قبل الحكومات التي جاءت تحت نفوذ الاحتلال، مما جعل الحلول الجذرية بعيدة المنال.
ولا يزال قطاع الصرف الصحي في العراق يواجه تحديات كبيرة تؤثر سلبًا على البيئة والصحة العامة. فيما يلي بعض الأرقام والإحصاءات التي تعكس تدهور هذا القطاع:

مياه الصرف الصحي غير المعالجة: يُلقى ما لا يقل عن 65% من كمية مياه الصرف الصحي الصناعي والمنزلي دون معالجة في الأنهار، مما يصل إلى حوالي 7 ملايين متر مكعب يوميًا.
مواقع الطمر الصحي: يوجد في العراق 221 موقعًا للطمر الصحي، منها 149 موقعًا مخالفة للشروط البيئية.
تأثيرات التلوث على الأنهار: تسبب مياه الصرف الصحي غير المعالجة في تلوث الأنهار، مما يهدد جودة المياه ويؤثر على الحياة المائية والأنشطة البشرية.
ومما تقدم يتبين لنا ما يلي:
الإهمال المتعمد للبنية التحتية:
بعد الاحتلال، لم تشهد البنية التحتية للعراق في مجالي المياه والصرف الصحي أي تحسن حقيقي، حيث تم تدمير الكثير من المنشآت الأساسية في هذا القطاع، ولكن لم يتم إعادة بناء ما يوازي حاجات البلد. جميع الحكومات المتعاقبة فشلت فشلاً ممنهجًا في تخصيص ميزانيات كافية لتحسين شبكات المياه والصرف الصحي.
بالإضافة لذلك؛ تجد الكثير من المشاريع التي كان من المفترض أن تحل أزمة المياه والصرف الصحي تم تنفيذها بشكل غير كامل أو توقفت بسبب الفساد الإداري وسوء التخطيط. مثال على ذلك مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي التي لم تُستكمل أو لم تُنفذ بالطريقة الصحيحة.
الفساد الحكومي وتهميش المصلحة الوطنية:
إن استمرار الفساد المالي والإداري المستشري في الوزارات المعنية بالمياه والصرف الصحي هو العامل الرئيس في فشل أي حلول ناجعة. والأموال المخصصة لهذه المشاريع إما تُسرق أو تُنفق على مشاريع غير ضرورية، بينما تظل الاحتياجات الأساسية في هذا القطاع من دون معالجة. والفساد يطال أيضًا المناقصات الخاصة بالأعمال الكبرى، مما يعرقل أي تطوير في البنية التحتية.
ويتضح غياب السيادة الوطنية من خلال سيطرة إيران وتركيا على العديد من الموارد المائية والحصص الخاصة بالعراق، في وقت تفتقر فيه جميع الحكومات المتعاقبة في بغداد إلى استراتيجيات قوية لحماية مصالح البلاد في هذا المجال. وتظل هذه الحكومات غير قادرة على اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة التهديدات الخارجية.
تدهور الوضع البيئي والصحي:
في ظل غياب أنظمة الصرف الصحي الحديثة، تقوم العديد من المناطق بتصريف المياه الملوثة مباشرة في الأنهار أو في التربة، مما يؤدي إلى تلوث مصادر المياه العذبة وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد. هذا التدهور البيئي يفاقم من معاناة الشعب العراقي.
وفي الوقت الذي كان من المتوقع أن تتعامل فيه الحكومات المتعاقبة مع آثار التغير المناخي، بما في ذلك الجفاف ونقص المياه والتصحر، فإن العجز في السياسات الحكومية يعني أن المواطنين يعانون من آثار ذلك بشكل يومي. وعلى الرغم من التحذيرات المستمرة من الخبراء، إلا أن الحكومات الحالية وسابقاتها لم تتخذ خطوات ملموسة لتقليل المخاطر المتعلقة بالتغير المناخي على موارد المياه.
غياب التنسيق والتعاون الدولي الحقيقي:
بينما تستمر تدفقات المساعدات من المنظمات الدولية، تفتقر الحكومات العراقية إلى رؤية استراتيجية واضحة للتعاون مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي بهدف تحسين إدارة المياه وتنفيذ مشاريع الصرف الصحي. وفي الوقت الذي كان من الضروري فيه إبرام اتفاقيات مع دول الجوار لتقاسم المياه، فشلت الحكومات في ممارسة الضغط اللازم لاستعادة حقوق العراق المشروعة في هذا المجال، نتيجة لغياب التوجه الوطني وللتقلبات السياسية والصراعات المستمرة بين القوى المتنفذة في العملية السياسية.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية:
نتيجة لنقص المياه وعدم توفر خدمات الصرف الصحي في مناطق معينة، يضطر العديد من العراقيين إلى النزوح إلى مناطق أخرى داخل العراق أو الهجرة إلى خارج البلاد بحثًا عن ظروف حياة أفضل. هذا يزيد من معاناة العائلات ويفاقم الضغط على المدن التي تعاني أصلاً من ضعف الخدمات.
أما بالنسبة للآثار على الزراعة؛ فإن القطاع الزراعي المتدهور أصلا يعاني من تراجع كبير بسبب نقص المياه، مما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية خاصة في المناطق الريفية، حيث يعتمد الكثير من الناس على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش.
الاحتجاجات الشعبية:
نتيجة لمنهجية عدم الاستجابة للمطالب الشعبية؛ يعبر الشعب العراقي بشكل مستمر عن غضبه من فشل الحكومة في معالجة قضايا المياه والصرف الصحي، خاصة في المناطق التي تعاني من تدهور بيئي وصحي. والحكومات المتعاقبة لم تُظهر أي اهتمام حقيقي بمشاكل الناس، بل غالبًا ما تلتفت إلى المصالح الشخصية أو المصالح الخارجية على حساب المصلحة العامة.

ومن هذا المنطلق، تُعتبر قضايا المياه والصرف الصحي في العراق نتيجة لإخفاقات الحكومات المتعاقبة التي جاء بها الاحتلال، والتي لم تتخذ خطوات فعالة للتعامل مع هذه الأزمات بشكل جذري. والحلول الحقيقية تتطلب إرادة سياسية قوية وإصلاحات شاملة بعيدًا عن الأجندات الخارجية والمصالح الضيقة.
أزمة المياه:
نقص المياه العذبة: يعاني العراق (بلاد الرافدين) في ظل حكومات الاحتلال من شح في المياه العذبة بسبب انخفاض تدفق نهري دجلة والفرات، مما يؤثر سلبًا على توفر المياه الصالحة للشرب والزراعة.
تأثير التغير المناخي: يُعد العراق الجديد من الدول الأكثر تأثرًا بتغير المناخ والأكثر هشاشة بالنسبة للتأثيرات البيئية، مما يؤدي إلى تقليص الموارد المائية وزيادة نسب التصحر.
تلوث المياه: تسهم مياه الصرف الصحي غير المعالجة والنفايات الصناعية في تلوث الأنهار، مما يقلل من جودة المياه المتاحة للاستخدام البشري.
أزمة الصرف الصحي:
نقص البنية التحتية: في ظل حكومات الاحتلال تعاني العديد من مناطق العراق من نقص حاد في شبكات الصرف الصحي، مما يؤدي إلى تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار والبيئة المحيطة، مما يسبب تلوثًا بيئيًا وصحيًا.
التأثيرات على الصحة العامة: يسهم نقص خدمات الصرف الصحي في انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه، مما يشكل تهديدًا لصحة السكان.
تحديات أزمة المياه والصرف الصحي
الهجرة المناخية:
أدت أزمة المياه إلى نزوح الآلاف من السكان من المناطق المتأثرة بالجفاف ونقص المياه، مما يضع ضغطًا إضافيًا على المدن والمناطق المستقبلة. التي تعاني بالأصل من نقص ملحوظ في الخدمات الأساسية وأزمة المياه والصرف الصحي.
التأثيرات على الزراعة والاقتصاد: يؤدي نقص المياه إلى تراجع الإنتاج الزراعي وتدهور سبل العيش للمزارعين، مما يؤثر على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
وتعد من مسببات هذه التحديات منهجية سوء إدارة الموارد المائية، والإهمال الكبير للبنية التحتية للصرف الصحي، وعدم تطبيق تقنيات الزراعة الحديثة لمواجهة تأثيرات التغير المناخي.
ويُعد تدهور قطاع الصرف الصحي في العراق نتيجة مباشرة للإدارة الفاشلة والفساد المستشري في الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال. فبينما تعاني العديد من المناطق العراقية من نقص حاد في البنية التحتية للصرف الصحي، تواصل الحكومات المتعاقبة تجاهل هذه المشكلة الحيوية أو التستر على فشلها في معالجتها، مما يهدد حياة المواطنين ويساهم في تفشي الأمراض. ومن أبرز أسباب تفاقم تدهور قطاع الصرف الصحي في العراق:
1 . الإهمال الحكومي المستمر
بعد الاحتلال الأمريكي؛ جميع الحكومات المتعاقبة في العراق فشلت في تخصيص ميزانيات كافية لتطوير البنية التحتية للصرف الصحي، ما أدى إلى تدهور الشبكات الموجودة وترك العديد من المدن تعاني من مشكلات مستمرة في معالجة مياه الصرف. وبدلاً من أن يتم تخصيص أموال هذه المشاريع لخدمة الشعب، غالبًا ما يتم نهبها من قبل جهات فاسدة.
2 . الفساد الكبير في عقود الصرف الصحي
المشاريع المتعلقة بالصرف الصحي غالبًا ما تشوبها صفقات مشبوهة، حيث يتم منح عقود لشركات وهمية أو لشركات غير مؤهلة أو يتم تنفيذ المشاريع بشكل جزئي وغير فعال. الحكومات التي كانت وما زالت متورطة في هذه الصفقات غير القانونية هي المسؤول الأول عن تدهور هذا القطاع.
3 . الافتقار للإستراتيجية الوطنية
رغم الثروات الكبيرة التي يمتلكها العراق التي جعلته من أغنى الدول في العالم، تظل حكومات الاحتلال المتعاقبة عاجزة عن وضع استراتيجية وطنية فعالة لمعالجة الأزمات في قطاع الصرف الصحي. وفشلت جميع الحكومات في توجيه هذه الثروات بالشكل الأمثل لتحسين وضع المياه والصرف الصحي في البلاد، بل إنها فشلت أيضا أو لم تكن معنية في تحقيق أي تنسيق حقيقي مع الدول المجاورة أو المجتمع الدولي لإحداث تغييرات إيجابية للبنية التحتية في العراق.
4 . تلوث الأنهار وتفاقم الأزمات البيئية
استمرت الحكومات المتعاقبة في تجاهل التلوث البيئي الناجم عن تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار، ما يؤدي إلى تدهور البيئة العامة في العراق. وقد فشلت تلك الحكومات في اتخاذ إجراءات لحل هذه المشكلة، بينما تزداد معاناة المواطنين الذين يعيشون في مناطق ملوثة بالمياه الملوثة.
5 . نتائج غياب السيادة الوطنية
على الرغم من أن العراق يمتلك العديد من الموارد المائية، فإن غياب السيادة الوطنية في الملف المائي جعل حكومات الاحتلال المتعاقبة غير قادرة على حماية حقوق العراق في المياه. ومن جراء استمرار الصراعات السياسية وتفاقم الفساد، لم تتمكن تلك الحكومات من إبرام اتفاقيات ملزمة مع دول الجوار لحماية هذه الموارد الحيوية.
6 . فشل حكومي ممنهج في مواجهة التحديات الصحية
بسبب التدهور الكبير في قطاع الصرف الصحي، يعاني الشعب العراقي من تفشي الأمراض المرتبطة بالتلوث، مثل الكوليرا والتيفوئيد. لكن الحكومة لم تضع أي خطط فعالة لمعالجة هذه الأزمات الصحية، بل استمرت في التعامل مع المشكلة بسطحية تامة.
7 . التقلبات السياسية وغياب المسؤولية
الصراعات السياسية المستمرة بين الأحزاب المتنفذة في الحكومة جعلت من المستحيل اتخاذ أي إجراءات جادة لإصلاح قطاع الصرف الصحي. بدلاً من التركيز على مصلحة الشعب العراقي، تركز هذه الأحزاب على مصالحها الشخصية، ما أدى إلى غياب التوجيهات الفعّالة التي كانت ستساهم في تحسين الوضع.
إجمالًا، يُعد تدهور قطاع الصرف الصحي في العراق نتيجة مباشرة لفساد الحكومات المتعاقبة، وانعدام الرؤية الإستراتيجية لديها، وغياب التنسيق الوطني في التعامل مع هذه الأزمات الحادة، مما يفاقم من معاناة الشعب العراقي.
رابعًا: قطاع الإسكان:
يُعد قطاع الإسكان في العراق من القطاعات التي تشهد تدهورًا ملحوظًا نتيجة للسياسات الفاشلة، والفساد المستشري في الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال. في ظل تزايد عدد السكان وتدهور الأوضاع الاقتصادية، أصبح الحصول على سكن مناسب من أكبر التحديات التي تواجه المواطن العراقي. ورغم الوفرة الكبيرة في الموارد الطبيعية، إلا أن الحكومة لم تتمكن من توفير حلول جذرية لمشكلة السكن، وهو ما يضاعف معاناة الملايين من العراقيين.
وبسبب العمليات العسكرية التي استمرت زهاء ثلاث سنوات وما أعقبها من موجات نزوح وتهجير قسري وتطهير طائفي طال الملايين من السكان المحليين، وما أسفر عنها من دمار شامل للأعيان المدنية والمنازل والمستشفيات والأسواق في المحافظات المستهدفة، وما شهده العراق خلال الأعوام الماضية، تواجه فئات مجتمعية واسعة من الشعب العراقي تحديات كبيرة في توفير مساكن لها. وتتسبب الصراعات المستمرة في نزوح أعداد كبيرة من السكان، مما يزيد الضغط على البنية التحتية للإسكان.
بالمقابل تعمل الحكومات المتعاقبة في العراق على تشجيع الميليشيات للاستثمار في مشاريع الإسكان في بعض المحافظات ولاسيما في العاصمة بغداد، ومع ذلك تظل الحاجة إلى السكن في العديد من المدن كبيرة وتفوق العرض.
ولطالما كان قطاع الإسكان في العراق يعاني من مشكلات عديدة، مثل نقص المساكن، وارتفاع أسعار العقارات بسبب عمليات غسيل الأموال، وتدهور الظروف المعيشية للمواطنين من جراء السياسات الحكومية الفاشلة. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح هذا القطاع يشهد تحولًا خطرا وغير مسبوق يتمثل في السماح للميليشيات المسلحة بالاستثمار فيه. هذه الظاهرة تكشف عن أبعاد جديدة من الفساد والاستغلال، في وقت كان من المفترض أن تُبذل فيه الجهود لتلبية احتياجات الشعب العراقي من السكن.
1 . السماح للميليشيات بالاستثمار في الإسكان
منذ سنوات، سمحت الحكومات في العراق للميليشيات المسلحة بتمويل وإنشاء مشاريع سكنية، مما يفتح الباب أمام استغلال الأراضي والمشاريع السكنية من قبل قوى وأحزاب وبالقانون. هذه الميليشيات، التي تسيطر على مناطق واسعة في العديد من المحافظات، تتدخل في عمليات بيع وشراء الأراضي وتوزيع المنازل، مما يتيح لها فرض سيطرتها على السوق العقاري. وفي بعض الحالات، تمَّت مصادرة الأراضي السكنية المخصصة للمواطنين وتحويلها إلى مشاريع تجارية أو سكنية تخدم مصالح الميليشيات وليس مصالح الشعب.

2 . الفساد والابتزاز من قبل الميليشيات
الميليشيات المسلحة، بسبب علاقاتها الوثيقة مع العديد من المسؤولين الحكوميين، غالبًا ما تستغل الابتزاز والتهديدات للحصول على عقود بناء الأراضي السكنية والمشاريع العقارية. هذا الأمر يضر بالمواطنين الذين يتم تهديدهم أو إجبارهم على بيع أراضيهم بأسعار متدنية، أو بيع ممتلكاتهم لمشاريع تابعة لهذه الميليشيات.
كما تساهم هذه الميليشيات في خلق سوق غير قانونية لتوزيع الأراضي والعقارات، بحيث يُحرم المواطنون من حقوقهم في الحصول على مساكن بأسعار معقولة.
3 . استغلال الفوضى الممنهجة
الفوضى السياسية والأمنية في العراق، التي تعاني منها البلاد، كانت العامل الأساس في السماح للميليشيات بالتوسع في مشاريع الإسكان. في غياب سيطرة حقيقية من الدولة على العديد من المناطق، تصرفت هذه الميليشيات كدولة داخل الدولة، حيث تمتلك السلطة على الأراضي، وتقوم بتنظيم عمليات البيع والشراء، وحتى فرض الضرائب على السكان المحليين.
وعلى الرغم من العوائق الأمنية التي تعيشها بعض المناطق، إلا أن الميليشيات تمكنت من استغلال هذه الفراغات الأمنية لتنفيذ مشاريع إسكانية على حساب المواطنين.
4 . تقسيم المجتمع واستغلال المناطق الفقيرة
استفادت الميليشيات من مناطق الأحياء العشوائية والمناطق الفقيرة لتنفيذ مشاريع سكنية، مما يزيد من تقسيم المجتمع العراقي. في الكثير من الحالات، تقوم هذه الميليشيات ببيع الأراضي في مناطق فقيرة بأسعار منخفضة، ثم تبيع الوحدات السكنية بأسعار مرتفعة، مما يجعل الفقراء أكثر عرضة للاستغلال.
كما أن هذه المشاريع تنعدم فيها الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي، بسبب غياب الرقابة الحكومية، مما يجعل حياة المواطنين في هذه المشاريع صعبة وغير ملائمة.
5 . مقايضة مشاريع الإسكان بالولاءات السياسية
في ظل غياب رقابة الدولة، أصبحت مشاريع الإسكان التي يتم تمويلها من قبل الميليشيات وسيلة لتعزيز النفوذ السياسي. ويتم تخصيص هذه المشاريع للأشخاص الذين يدعمون الميليشيات أو القوى السياسية المتحالفة معها، مما يساهم في تعزيز الولاء السياسي وتكريس الاحتكار.
وبدلًا من أن تُخصص هذه الأراضي لصالح جميع العراقيين، يقتصر الأمر على فئات معينة من الناس الذين يربطهم علاقة قوية بالميليشيات، مما يعزز المحسوبية في المجتمع.
6 . تدهور الثقة في مؤسسات الدولة
تزايد تدخل الميليشيات في قطاع الإسكان يؤدي إلى المزيد من ضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة. فبدلاً من أن تضع الحكومة الحلول المناسبة لتوفير سكن مناسب للمواطنين، تصبح البلاد أكثر عرضة لاستغلال الجماعات المسلحة التي لا تخضع للمحاسبة أو الرقابة. والمواطنون، بدلاً من الاعتماد على الدولة لتوفير سكن لائق، أصبحوا مضطرين للجوء إلى مشاريع يشرف عليها عناصر خارج إطار القانون.
7 . مستقبل قطاع الإسكان في العراق
في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فإن قطاع الإسكان في العراق سيظل رهينة لهيمنة الميليشيات، ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وستستمر معاناة المواطنين الذين يعيشون في ظروف غير مستقرة وغير قانونية.
ووفق المعطيات الراهنة في العراق لا يمكن تحقيق عدالة سكنية حقيقية، من جراء تخلي الحكومات المتعاقبة عن مسؤولياتها في تنظيم هذا القطاع، والإفلات المطلق لجميع الجهات المتورطة في عمليات الاستغلال والفساد من العقاب.
إن السماح للميليشيات المسلحة بالاستثمار في قطاع الإسكان في العراق هو أحد أكبر مظاهر الفشل الحكومي، حيث يؤدي إلى تفشي الفساد، الاستغلال، وانعدام العدالة الاجتماعية. والحكومات المتعاقبة لا تعمل على تطبيق القوانين اللازمة للحد من تدخل الجماعات المسلحة في مشاريع الإسكان، وغير معنية في توفير سكن مناسب وآمن لجميع المواطنين بعيدًا عن سيطرة الفصائل المسلحة.
وفيما يلي أبرز أسباب تدهور قطاع الإسكان في العراق ما بعد الغزو الأمريكي:
1 . الفساد وسوء الإدارة
أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء تدهور قطاع الإسكان هو الفساد المالي والإداري الذي يشمل مشاريع الإسكان الحكومية. حيث يتم تخصيص أموال ضخمة لبناء المجمعات السكنية والمشاريع الأخرى، لكن هذه الأموال غالبًا ما تُسرق أو تُنفق على مشاريع وهمية أو غير مكتملة.
وقد فشلت جميع الحكومات المتعاقبة في تنفيذ خطط واضحة لتوفير مساكن كافية للمواطنين، حيث تم إنشاء العديد من المشاريع السكنية التي لم تكتمل أو تحولت إلى مشاريع فاشلة.
2 . نقص التخطيط الحضري وغياب الاستراتيجيات
غياب التخطيط الحضري المستدام والاعتماد على حلول مؤقتة وغير فعالة هو أحد الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة الإسكان. هناك تزايد كبير في عدد الأحياء العشوائية في المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة، نتيجة لعدم وجود إستراتيجيات واضحة لتنظيم الأراضي وتوزيعها بشكل عادل.
ولم تبذل الحكومات المتعاقبة أي جهود حقيقية لتطوير البنية التحتية في هذه المناطق العشوائية أو لتحسين الظروف المعيشية للسكان فيها، مما يزيد من خطر تدهور الوضع الصحي والبيئي في تلك المناطق.
3 . الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات والعقارات
في وقت تتدهور فيه القدرة الشرائية للمواطن العراقي، ارتفعت أسعار الإيجارات والعقارات بشكل غير منطقي، يكون الحصول على منزل أو شقة أمرًا شبه مستحيل بالنسبة للكثير من الفئات المجتمعية في العراق.
وقد فشلت جميع الحكومات المتعاقبة في تطبيق سياسات سكنية تحقق التوازن بين العرض والطلب، بل زادت المعاناة بتقاعسها عن فرض الرقابة على القطاع العقاري الذي يتحكم فيه كبار المستثمرين والتجار.
4 . العجز المزمن عن توفير المساكن للمحتاجين
تشير الإحصائيات إلى أن هناك عجزًا كبيرًا في توفير المساكن للعائلات العراقية. أكثر من 20% من العراقيين يعيشون في ظروف غير إنسانية داخل أحياء عشوائية أو في مساكن غير صالحة للسكن، وهذا الرقم في تزايد مستمر بسبب استمرار الأسباب.
وعلى الرغم من التصريحات المتكررة حول بناء مليون وحدة سكنية، إلا أن الواقع يثبت أن هذه التصريحات لا تعدو كونها وعودًا فارغة، حيث أن المشاريع التي تم تنفيذها إما لم تكتمل أو لم تكن لتلبية احتياجات المواطنين.
5 . فشل البرامج الحكومية واعتماد حلول مستعجلة
رغم طرح الحكومة للعديد من البرامج السكنية والوعود ببناء آلاف الوحدات السكنية، إلا أن هذه الحلول كانت دائمًا بعيدة عن الواقع. مشاريع الإسكان الحكومية غالبًا ما تكون مسيسة، وتستخدم لشراء الولاءات وتوزيع المناصب والمكاسب بين القوى السياسية المتنفذة.
وقد أثبت الواقع في العراق أنه تم تخصيص الأموال لبناء مجمعات سكنية لم تخدم سوى شريحة محدودة من المجتمع، بينما تظل الغالبية العظمى من المواطنين محرومة من أي نوع من الدعم السكني.
6 . التقاعس عن تحسين البيئة الحضرية
لا تقتصر أزمة الإسكان على توفير المساكن فقط، بل تمتد إلى تحسين البيئة الحضرية بشكل عام. فالحكومة لم تولِ أهمية لتطوير المناطق الحضرية الحالية وتحسين الخدمات العامة فيها؛ فالطرق، المدارس، المستشفيات، وكل ما يتعلق بالبنية التحتية في المدن العراقية يعاني من الإهمال، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يضطرون للعيش في بيئات غير صحية وغير آمنة.
ويزاد عل ما تقدم الآثار الاجتماعية والاقتصادية؛ فالظروف المعيشية السيئة في العديد من المناطق العشوائية تزيد من معدلات الفقر، وتؤدي إلى تدهور صحة السكان. وفي غياب الخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي، والمياه، والكهرباء، تزداد الأعباء على المواطنين الذين يعانون من التلوث وسوء الخدمات.
كما أن سوء أوضاع الإسكان يزيد من ظاهرة النزوح الداخلي في العراق، حيث أن عشرات الآلاف من العائلات التي فقدت بيوتها بسبب الحروب أو النزاعات تجد نفسها بلا مأوى.
وفي ظل غياب التخطيط السليم، وانتشار الفساد، وعدم استقرار الوضع السياسي، فإن قطاع الإسكان في العراق لا يزال يعاني من أزمة مستمرة. جميع الحكومات المتعاقبة قد فشلت في توفير حل جذري لهذه الأزمة، وتركوا عشرات الملايين من العراقيين يواجهون صعوبة في الحصول على مسكن لائق.
ويُظهر الوضع الحالي أن الحلول التي تقدمها الحكومة ليست سوى مسكنات تهدف إلى تحصيل أصوات انتخابية أو إرضاء القوى المتنفذة، بينما يعاني الشعب من غياب سياسات سكنية حقيقية.
