“التحالف المسيحي” يؤكد لا عودة للمهجرين من دون سحب ميليشيات الحشد الشعبي من سهل نينوى
آنو جوهر عبد المسيح، السكرتير العام للتحالف المسيحي: التمثيل السياسي للمسيحيين في بغداد يتعرض للاختطاف من قبل الميليشيات المسلحة التي فرضت نفسها على المشهد السياسي في سهل نينوى.
أربيل- الرفدين
كشفت وثيقة متداولة في مواقع مسيحية، عن مذكرة رسمية موجهة إلى كبار المسؤولين في حكومة الإطار التنسيقي، تطالب بسحب الميليشيات المسلحة من سهل نينوى.
ووقع على المذكرة عدد من الكيانات السياسية والدينية المسيحية، بينها المجلس السياسي للتحالف المسيحي، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، وحزب المجلس القومي الكلداني، وحركة تجمع السريان، والرابطة الكلدانية العالمية، والهيئة الإدارية لشؤون طائفة الأرمن الأرثوذكس، والجمعية الأرمنية، وتيار شلاما.
ودعت الوثيقة التي أصدرها “التحالف المسيحي” إلى إسناد الملف الأمني لأبناء المكون المسيحي والأيزيدي “من سكان سهل نينوى الأصليين” من خلال المؤسسات العسكرية والأمنية المنصوص عليها في الدستور العراقي، “لضمان حماية تلك المناطق من استغلال الميليشيات المنفلتة وتدخلاتهم السافرة بشؤون مسيحيي تلك المناطق”.
وتضمنت الوثيقة كذلك تعديل قانون انتخابات مجلس النواب وانتخابات مجالس المحافظات “لضمان التمثيل الحقيقي للمكون المسيحي” فضلًا عن تشريع قانون الأحوال الشخصية لأبناء المكونات الدينية غير المسلمة.
وتتمركز في منطقة سهل نينوى قوات مشتركة من الجيش والشرطة المحلية، إلى جانب لواءين من ميليشيات الحشد الشعبي هما اللواء 30 المعروف بـ”قوات سهل نينوى” وهو لواء خاص بالشبك ومتمركز الان في قرية برطلة.
واللواء 50 المعروف بـ “كتائب بابليون” التابع لحركة بابليون بزعامة ريان الكلداني، المدرج على لائحة الإرهاب الأمريكي، وتتمركز هذه الميليشيا قرب قرية باطنايا.
وقال آنو جوهر عبد المسيح، السكرتير العام للتحالف المسيحي، أن التمثيل السياسي للمسيحيين في بغداد يتعرض للاختطاف من قبل الميليشيات المسلحة التي فرضت نفسها على المشهد السياسي في سهل نينوى.
وأضاف عبد المسيح الذي يشغل وزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان العراق إن المسيحيين في العراق يواجهون “ظلما وإجحافا كبيرا”، رغم أنهم أحد أقدم المكونات في البلاد.
وأشار إلى أن الميليشيات المسلحة التي دخلت إلى سهل نينوى أثناء المعارك ضد تنظيم داعش لم تعد هناك حاجة لوجودها، خاصة بعد إعلان العراق الانتصار العسكري على داعش في 2017.
ودعا عبد المسيح حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني الذي تنضوي تحتها الميليشيات، إلى سحب الميليشيات المسلحة من سهل نينوى، مشددا على ضرورة أن تتولى القوات الرسمية، مثل الجيش والشرطة والبيشمركة، مسؤولية الأمن، مع منح أبناء الأقليات فرصة المشاركة في حماية مناطقهم.
وأضاف عبد المسيح في تصريحات تلفزيونية أن المسيحيين يواجهون موجة هجرة واسعة، سواء عبر النزوح الداخلي أو مغادرة العراق كليا، مما يجعل الوضع “غير قابل للتحمل سياسيا وإنسانيا”.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى تفريغ العراق من مكون أصيل كان جزءاً لا يتجزأ من تاريخه وحضارته، داعياً إلى إصلاحات جذرية تضمن حقوق المسيحيين وتحميهم من التهميش والاضطهاد.
ويأتي ذبك بعد أن عبر بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال، لويس روفائيل ساكو، عن مخاوف لدى المسيحيين بسبب عودة خطاب الكراهية، وهيمنة الميليشيات على بلدات سهل نينوى، في شمالي العراق.
وذكر ساكو أهمية حصر التصويت “للكوتا” في الانتخابات النيابية بين المسيحيين، و”إلا لا معنى لها”.
ودعا إلى أن يكون هذا التمثيل عادلا من خلال إجراء انتخابات نيابية “حقيقية تمنح المسيحيين تمثيلا حقيقيا” بناء على نظام “كوتا يكون محصورا بالمسيحيين” دون تدخل من قبل جهات ذات أجندات لا تمت بالمسيحيين بأي صلة.
وأكد ساكو على أن الشعب العراقي يتطلع إلى أن يرتقي الى مستوى الدولة الحقيقية، التي تبسط سلطتها على أراضيها، وتحصر السلاح بيدها، وتضرب الفساد من أجل توفير الخدمات، دولة ذات سيادة كاملة، وبهوية وطنية شاملة.
ويأتي تحذير بطريرك الكلدان الكاثوليك بعد أسابيع من قوله، إن العراق يعيش في “وضع صعب” بسبب التغييرات الإقليمية والدولية التي خلقت وضعا جديدا، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب الشعور بالمسؤولية وحل المشكلات والعودة إلى الهوية الوطنية.
وقال ساكوإن “المنابر الدينية وجدت للصلاة وتوجيه الناس نحو الأخوة والسلام وخدمة للمحبة والرحمة وليس إلى العسكرة، فرجل دين هو رجل الله ويحمل رسالة الله ولا يحمل شيئاً آخر، ومع أن له كلمة في السياسة أمام الظلم، لكن لا يعني أن يتحول إلى جهة سياسية”.
ويشير كلام الكاردينال ساكو إلى المنابر الطائفية التي أشاعت الضغينة والكراهية بين العراقيين والعودة إلى مرويات تاريخية ملفقة لتقسيم المجتمع.
ودعا إلى العودة إلى “هويتنا الوطنية العراقية الجامعة بالمواطنة الكاملة والمصالحة الحقيقية والمشاركة الإيجابية في جميع المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية لخير الجميع لا لخير فئة معينة”، مؤكداً ضرورة “العودة إلى الدولة الحقيقية، دولة القانون والعدالة”.
وختم ساكو “نحتاج إلى دولة تحقق طموحات شعبها وتراعي تنوع المجتمع دينيا وقوميا، وهذا الإصلاح سيشجع المهاجرين على العودة إلى بلدهم والمساهمة بمهارتهم في بنائه وازدهاره”.
وتعرض المسيحيون في العراق لعنف واضطهاد وتهجير من ميليشيات مسلحة سيطرت على منازلهم خصوصا في مدينة الموصل.
واستولى متنفذون على عقارات ومنازل المسيحيين في بغداد ومدن أخرى بتسهيل من السلطات الحكومية أو لامبالاة.
ويشير تصريح البطريرك ساكو إلى ميليشيا “بايليون” بزعامة ريان الكلداني والمنضوية في الحشد الشعبي.
وكان الكاردينال لويس ساكو بطريرك الكلدان في العراق والعالم قد قال إن “ريان الكلداني قام بسرقة أملاك المسيحيين في بغداد ونينوى ويحاول شراء المسيحيين بمساعدة امرأة وضعها بمنصب وزير” في إشارة إلى وزيرة الهجرة في حكومة الإطار التنسيقي إيفان جابرو.
وأشار إلى أن “الكلداني ليس لديه أهلية لقيادة المسيحيين ويريد السيطرة على المسيحيين في العراق والاستحواذ على (كوتا) المسيحيين في الانتخابات”.
وقال إن الكنيسة مستهدفة وتواجه أنواعا مختلفة من الإهانة والعنف، متسائلا “هل يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر بيانًا أو مرسومًا جمهوريًا ضد المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، أو غيره”.
ووصف ما يجري باللعبة القذرة التي حولت أحد زعماء ميليشيا الحشد ريان الكلداني إلى وصي على الأوقاف المسيحية وممثلاً المسيحيين سياسيًا عبر منحه وأشقائه مناصب بالدولة من بينهم وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق رغم تورطهم بارتكاب انتهاكات وفرض إتاوات على المسيحيين في سهل نينوى وتلكيف.