أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الحمى القلاعية تنتشر بسرعة قياسية في العراق بسبب الإهمال الحكومي وغياب التدابير الوقائية

مختصون يحذرون من عواقب اقتصادية وخيمة قد تؤدي لانهيار قطاع تربية المواشي بالمحافظات العراقية في ظل غياب الحلول الحكومية لمنع تفشي وباء الحمى القلاعية.

بغداد ــ الرافدين
تشهد محافظات العراق وعلى رأسها العاصمة بغداد، تفشيًا متسارعًا لمرض الحمى القلاعية الذي يهدد الثروة الحيوانية في ظل ضعف الإجراءات الحكومية وعجزها عن توفير اللقاحات والعلاجات اللازمة للسيطرة على الوباء.
ومع تزايد أعداد الإصابات، يحذر خبراء ومختصون من كارثة حقيقية قد تؤدي إلى انهيار قطاع تربية المواشي في البلاد.
وسجلت وزارة الزراعية ارتفاع الإصابات بين الحيوانات بمرض الحمى القلاعية الى 3 آلاف إصابة ونفوق 654 حيوان مصاب بالمرض، فيما تتصاعد الترجيحات الحكومية بأن انتشار الفيروس بفعل صفقة فاسدة في استيراد مواشي من الهند ودول في أمريكيا اللاتينية.
وتستمر الحمى القلاعية بحصد المواشي والقطعان في بغداد وبابل والبصرة وديالى ونينوى وسط مخاوف من انتشار العدوى بشكل أكبر، وسط ردود فعل حكومية هزلية تجاه ما يحصل.
وكشفت دوائر البلدية في مناطق شرق بغداد رفع عشرات الاطنان يوميًا من المواشي النافقة، فيما كشف بعض مربي الجواميس أن شخصًا واحدًا منهم فقد 150 رأس من الجاموس دفعة واحدة حيث نفقت جميعها.
وفي المقابل حاولت وزارة الزراعة التقليل من خطورة الوضع، حيث صرح المتحدث باسم الوزارة محمد الخزاعي، أن المعدل الحالي للإصابات لم يخرج عن 3.9 بالمائة وهو ضمن المعدلات المقبولة، مشيرًا إلى أن وجود إجراءات تشمل فرض حجر صحي على المناطق المصابة، وحظر تنقل المواشي بين المحافظات، مع توفير علاجات محدودة.
وقوبلت هذه التصريحات بانتقادات واسعة من قبل مختصين أكدوا أن الوزارة تحاول التغطية على تقاعسها في التعامل مع الأزمة.
ويرى المختصون أن الحكومة فشلت في إدارة هذا الملف، كما أن عدم توفير اللقاحات اللازمة سيؤدي إلى استمرار انتشار المرض، ما سيعمّق الخسائر في قطاع الثروة الحيوانية.

انعدام اللقاحات والعلاجات يسرّع انهيار الثروة الحيوانية

وقال الطبيب البيطري بلال الحمداني، إن الاستعدادات الحكومية ضعيفة إذ لم يتم توفير اللقاحات الكافية لمواجهة الحمى القلاعية، رغم علم الجهات المعنية بخطورة المرض وانتشاره السريع.
وأوضح الحمداني أن مرض الحمى القلاعية من أكثر الأمراض المعدية التي تصيب الحيوانات، ويتسبب في فقدانها للشهية وضعف الإنتاجية وانتشار التقرحات، مما يؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة منها.
وأضاف أن مع غياب الفحوصات البيطرية المنتظمة وتراخي الجهات المختصة أصبح المرض خارج السيطرة في العديد من المحافظات.
وتتصاعد التحذيرات من استمرار الأزمة دون تدخل حقيقي والتي ستؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الحيوانية في الأسواق وارتفاع نسبة البطالة بين العاملين في قطاع تربية المواشي ما سيفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وكشف النائب ثائر الجبوري أن المرض انتشر بشكل واسع، خصوصًا في مناطق الرصافة ببغداد، مما أدى إلى خسائر فادحة للمربين الذين يعتمدون على تربية الجاموس كمصدر رزق رئيسي.
وأضاف أن دائرة البيطرة تأخرت كثيرًا في اتخاذ إجراءات استباقية، وهو ما تسبب في تفشي المرض بهذه السرعة.
وتسببت هذه الأزمة في خسائر اقتصادية كبيرة للمربين، حيث اضطر العديد منهم إلى التخلص من الحيوانات المصابة بطرق غير صحية، مما قد يؤدي إلى تفشي أمراض أخرى.
ونظم العشرات من أصحاب الثروة الحيوانية في بغداد تظاهرة غاضبة للمطالبة بالتعويض وتشكيل لجنة لمكافحة وباء الحمى القلاعية.
وأكدوا على غياب التعويضات المالية عن الخسائر سيزيد من معاناتهم، وقد يدفعهم إلى ترك تربية المواشي بالكامل، مما سينعكس سلبًا على الاقتصاد المحلي وعلى توفير اللحوم ومشتقات الحليب في الأسواق.

الحمى القلاعية تدمر حياة المربين والجهات الحكومية تكتفي بالمراقبة

وانتقد المتظاهرون الإجراءات الحكومية الهزيلة حول وباء الحمى القلاعية، مطالبين بتشكيل لجنة من وزارة الصحة والبيئة لمكافحة الوباء والسيطرة عليه، فضلًا عن تعويض المتضررين منهم كل حسب حجم ضرره والكشف كل من تسبب بهذا الوباء.
وسبق أن وجهت النائبة ساهرة الجبوري نداء استغاثة عاجلة إلى الجهات المختصة، موضحة أن شركة عراقية تدعي بقربها إلى إحدى الجهات المتنفذة، قامت باستيراد عجول من دولة جيبوتي وبأوراق مزورة بشهادة منشأ وأوراق صحيحة صادرة من اليمن بمساعدة من دائرة البيطرة قسم الأمراض الوبائية، مبينة أن هذه العجول حاملة لمرض الطاعون والآن هذا الوباء وصلت الى ميناء ام قصر وعلى الباخرة الجيبوتية ليدي رشا.
ومن جانبه أكد مقرر مجلس النواب الأسبق محمد عثمان الخالدي، أنه لا يستبعد أن تكون الكارثة الوبائية التي ضربت بغداد وبعض المحافظات بفعل مدبر يستهدف تدمير الثروة الحيوانية في البلاد.
وقال إن الانتشار الواسع لوباء الحمى القلاعية في بغداد وعدة محافظات، وتسببه بنفوق أعداد كبيرة من قطعان الجاموس، يمثل كارثة وبائية ألقت بظلالها على آلاف العوائل التي تعتمد على الثروة الحيوانية في تأمين مصادر رزقها، مشيرًا إلى أنه لا يستبعد أن يكون ما حصل فعلًا مدبرًا يستهدف القضاء على الثروة الحيوانية في العراق.
وأضاف الخالدي أن ما قدمه بعض النواب من معلومات حول احتمال انتقال الحمى القلاعية عبر استيراد قطعان من خارج العراق، أمر يثير الكثير من علامات الاستفهام، خاصة مع وجود تحذيرات مسبقة، مشددًا على أن هذه القضية يجب أن تؤخذ بجدية، لا سيما وأن عدد الهلاكات كبير جدًا، خاصة في بغداد.
فيما تبدو استجابة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني غير كافية على الرغم من خطورة الموقف، حيث اكتفت بتشكيل غرفة عمليات لمتابعة تفشي المرض دون اتخاذ خطوات حقيقية للحد من انتشاره الوباء.

نزيف الخسائر مستمر.. مربو المواشي في العراق يودعون أرزاقهم دون دعم حكومي

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى