من يضبط أسعار المواد الغذائية بالأسواق العراقية في شهر رمضان؟
يجد العراقيون أنفسهم أمام تحديات معيشية مع قدوم شهر رمضان في ظل استمرار أزمة ارتفاع الأسعار وضعف الإجراءات الحكومية، فبينما يترقب المواطنون تنفيذ الوعود الحكومية تبقى الأسواق خاضعة لموجات الغلاء، مما يفرض على الأسر تقليص نفقاتها الغذائية.
بغداد ــ الرافدين
حذر خبراء ومختصون من تفاقم أزمة غلاء الأسعار في العراق مع اقتراب شهر رمضان، مشيرين إلى غياب دور حكومة الإطار التنسيقي في ضبط الأسواق ومكافحة الاحتكار، مما يزيد من الأعباء على المواطنين خصوصًا أصحاب الدخل المحدود.
وتشهد الأسواق العراقية ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية يتفاقم مع حلول الشهر الفضيل، ما تسبب في ضغوط معيشية متزايدة.
وعلى الرغم من إعلان حكومة محمد شياع السوداني عن إجراءات لضبط الأسعار وتوزيع مفردات البطاقة التموينية، فإن الواقع يشير إلى استمرار موجة الغلاء وسط تراجع القدرة الشرائية للعائلات العراقية.
ويجد العراقيون أنفسهم أمام تحديات معيشية كبيرة مع قدوم شهر رمضان في ظل استمرار أزمة ارتفاع الأسعار وضعف الإجراءات الحكومية، فبينما يترقب المواطنون تنفيذ الوعود الحكومية تبقى الأسواق خاضعة لموجات الغلاء، مما يفرض على الأسر تقليص نفقاتها الغذائية والبحث عن بدائل أقل تكلفة.
وأكد عراقيون أن دخلهم الشهري لم يعد يكفي لتغطية احتياجات أسرته مع ارتفاع الأسعار خاصة أسعار المواد الأساسية.
وتابعوا أن أسعار الاحتياجات الرئيسة من رز وحبوب وبقوليات وزيت طعام وسكر، إلى الخضار والفاكهة واللحوم وحتى الخبز، مرتفعة جدًا ولا تتناسب مع قدرات غالبية الناس الشرائية.
وطالبت العائلات العراقية بزيادة دعم السلة الغذائية وشمول المزيد من الأسر بالرعاية الاجتماعية لتخفيف الأعباء عنها خلال رمضان، فيما تكتفي الحكومة بالوعود دون تنفيذ فعلي.
وساد الفتور النسبي حركة الأسواق الشعبية والمجمعات التجارية في العراق بفعل الإقبال الضعيف للمستهلكين على التسوق وبفعل تزايد معدلات التضخم وتآكل مدخراتهم، على وقع موجات الغلاء وارتفاع الأسعار مع ارتفاع سعر الصرف وعدم استقراره.
وانتقد عدد من التجار الإجراءات الحكومية التي ساهمت في أزمة غلاء الأسعار في الأسواق، من خلال الإجراءات الجمركية وعدم إمكانية الحصول على الدولار بالسعر الرسمي، فضلًا عن إجراءات التحويل المالي إلى الخارج لغرض شراء البضائع.
ويرى التجار أن ارتفاع الأسعار مرتبط بشكل وثيق بأزمة سعر الصرف وغياب الحلول الحكومية مؤكدين أن البضائع تتكدس في المنافذ الحدودية بسبب تعقيدات تحويل الأموال، مما يحد من تدفق السلع ويؤدي إلى احتكار بعض التجار الكبار للأسواق.
وأشاروا إلى أن الأسواق تعاني من ركود حاد بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، الأمر الذي دفع العديد من التجار إلى تقليص استيراد البضائع أو حتى إغلاق محالهم التجارية.
ومن جانبه يوضح أبو مهدي وهو صاحب محل غذائي، أن أسعار الجملة تشهد تقلبات حادة نتيجة قرارات غير مدروسة من الحكومة، مؤكدًا أن الحل يكمن في فرض رقابة حقيقية على الأسواق وضمان تسعيرة عادلة للمواد الأساسية.
وباتت التقلبات في سعر صرف الدولار الشغل الشاغل للعراقيين لانعكاساتها على أوضاعهم المعيشية وقدراتهم الشرائية التي تتراجع يوميًا على وقع ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية مع تراجع قيمة الدينار إزاء الدولار.
ولفت الباحث الاقتصادي كريم الحلو إلى أن أزمة غلاء الأسعار الحالية هي نتيجة غياب التخطيط الحكومي وضعف الدعم للقطاع الخاص، مما جعل العراق يعتمد بشكل كامل على الاستيراد.
وقال إن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بأكثر من 25 بالمائة بينما ظلت مستويات الرواتب على حالها دون تعديل يتناسب مع التضخم.
وشدد على ضرورة تفعيل القطاع الخاص وتوفير الحماية للمنتج المحلي، بالإضافة إلى توزيع مفردات البطاقة التموينية على مدار السنة بدلًا من اقتصارها على فترات معينة.
ويرى مراقبون أن جشع التجار والتلاعب بالأسعار محمي من جهات متنفذة، لا تنفع معها رقابة، وهي الجهات نفسها التي تتحكم بسوق الدولار، مستغلة المواسم لرفع الأسعار واحتكار استيراد المواد وتوزيعها.
وأجمع المراقبون على أن الرقابة على الأسعار لا تشكل أكثر من 15 بالمائة في بغداد والمحافظات، فيما ارتفعت الضريبة على المواطن بنسبة تصل إلى 5 بالمائة.
واقترحوا وضع تسعيرة يومية للمواد الأساسية تبث عبر وسائل الإعلام، مما يساعد في الحد ارتفاع الأسعار.
وأكد عضو لجنة الاقتصاد النيابية كاظم الفياض، أن المشكلة التي يعانيها المواطنون تجاه ارتفاع الأسعار، تكمن بأن أغلب أصحاب القرار لديهم علاقات اقتصادية وتجارية تربطهم بالتجّار، والذين يستغلون الأمور لصالح رفع الأسعار وغلائها.
وبين الفياض أن اللجنة دعت الحكومة إلى ضرورة تشديد الدور الرقابي وتفعيل دور الأمن الاقتصادي الموجود في جميع المحافظات.
وأشار إلى أن من واجب الحكومة متابعة الأسواق، إلا أننا لم نجد هناك إجراءات تجاه هذه الدعوات بسبب وجود فساد في الحلقات المتسلسلة المنتشرة.
