أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

البرد القارس يودي بحياة خمس أطفال حديثي الولادة في غزة

على أنقاض منازلهم المدمرة، وداخل خيام مصنوعة من القماش غير المخصص للوقاية من تسرب مياه الأمطار ولا تصمد أمام الرياح، يتحلق الفلسطينيون مع أطفالهم حول ألسنة اللهب في محاولة خطيرة للهروب من موجات الصقيع القاتلة.

غزة – توفي 5 أطفال رضع حديثي الولادة في مدينة غزة خلال الأسبوعين الماضيين، تأثرا بالبرد القارس الذي يضرب القطاع وتضاعف مع المنخفض الجوي الحالي المصحوب بكتلة هوائية قطبية.
وقال المدير الطبي لمستشفى “أصدقاء المريض” بغزة سعيد صلاح، إن المستشفى استقبلت خلال الأسبوعين الماضيين 9 أطفال رضع يعانون من مضاعفات صحية نتيجة البرد القارس.
وتابع “خلال الأسبوعين الماضيين، توفي خمسة أطفال رضع بفئات عمرية تتراوح من يوم إلى أسبوعين من إجمالي الحالات التي وصلت المشفى”.
وأوضح أن حالة واحدة لطفل ما زالت داخل العناية المركزة حيث يمكث على جهاز التنفس الصناعي لخطورة وضعه الصحي.
وأشار إلى أن 3 حالات غادرت المستشفى بعدما تحسنت أوضاعهم الصحية نتيجة الرعاية الطبية.
وعن أبرز الأعراض التي تصيب الأطفال الرضع نتيجة البرد الشديد، قال المسؤول الطبي إن الحالات تصل المستشفى بدرجات حرارة منخفضة جدا تصل إلى 32 و33 درجة.
إلى جانب ذلك، فإن الأطفال يصابوا بمضاعفات خطيرة مثل فشل في عملية التنفس ووظائف الكبد وانخفاض في ضغط الدم، فيما يتحول لون الجلد إلى الأزرق، وفق قوله.
ولفت إلى أن هؤلاء الأطفال التسعة قدموا للمشفى من شمال غزة حيث يقيم غالبية السكان داخل خيام مصنوعة من القماش المهترئ، وفي العراء، دون توفر وسائل تدفئة.
وناشد صلاح المجتمع الدولي للتحرك السريع لإدخال البيوت المتنقلة والخيام فضلا عن إدخال الوقود وعوامل التدفئة لهذه الفئات العمرية والتي لو توفرت لما حدثت هذه الكارثة.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن قرابة 1.5 مليون فلسطيني أصبحوا بلا مأوى بعد تدمير منازلهم.
في حين يعاني جميع فلسطينيي القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون شخص عدم توفر أبسط الخدمات الحياتية الأساسية وانعدام البنى التحتية.
وتتنصل إسرائيل من السماح بإدخال مساعدات إنسانية “ضرورية” للقطاع خاصة 200 ألف خيمة و60 ألف منزل متنقل “كرفان” لتوفير الإيواء العاجل للفلسطينيين المتضررين، منتهكة بذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في كانون الثاني الماضي، بحسب المكتب الحكومي.
وأكثر من مرة طالبت حركة “حماس” الوسطاء بالضغط على إسرائيل للسماح بإدخال بيوت متنقلة ومعدات ثقيلة لرفع الركام وانتشال جثامين القتلى الفلسطينيين.
ووسط البرد القارس الذي يضرب مفاصل قطاع غزة، لم يجد الفلسطينيون المشردون من منازلهم سوى إشعال النيران للحصول على بعض الدفء في ظل عدم قدرتهم على شراء بدائل آمنة ووسط استمرار انقطاع التيار الكهربائي منذ بداية الإبادة الجماعية الإسرائيلية في تشرين الأول 2023.
هؤلاء الفلسطينيون فقدوا كافة ممتلكاتهم وأمتعتهم وملابسهم داخل منازلهم التي دمرتها إسرائيل على مدى أكثر من 15 شهرا من الإبادة، وباتوا يعانون نقص توفر الملابس والأغطية الشتوية ليواجهوا البرد القارس بملابس خفيفة ودون وسائل تدفئة.
وعلى أنقاض منازلهم المدمرة، وداخل خيام مصنوعة من القماش غير المخصص للوقاية من تسرب مياه الأمطار ولا تصمد أمام الرياح، يتحلق الفلسطينيون مع أطفالهم حول ألسنة اللهب في محاولة خطيرة للهروب من موجات الصقيع القاتلة.
هذه النيران يتم إشعالها باستخدام الأخشاب أو المخلفات الورقية والبلاستيكية والأقمشة التي ينجم عنها تصاعد غازات ودخان تسبب مضاعفات صحية لمن يتعرض لها.
كما يعد إشعال النيران وسيلة التدفئة الوحيدة المنتشرة بشكل كبير في أوساط الفلسطينيين كونها في متناول الجميع ولا تحتاج إلى تكلفة مادية كبيرة وتوفر بعضا من الدفء المفقود لهم.
وتحيط بهذه الوسيلة مخاطر متعددة سواء إصابات بحروق في صفوف الفلسطينيين خاصة الأطفال الذي يتحلقون حولها، أو بما تسببه من حرائق في الأماكن التي يتم إشعالها بها.
وعلى مدى أكثر من 15 شهرا من الإبادة، دمرت إسرائيل مئات الآلاف من الوحدات السكنية تاركة وراءها قرابة 1.5 مليون فلسطيني بلا مأوى، وفق ما أفاد به المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وبحسب تصريح سابق لرئيس لجنة الإيواء ومنسق بلديات شمال قطاع غزة ناجي سرحان، فإن إسرائيل دمرت خلال الإبادة نحو 200 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، وحوالي 100 ألف بشكل جزئي بليغ غير صالح للسكن، من أصل 450 ألف وحدة كانت قائمة في القطاع قبل اندلاع الحرب.
في حين يعاني جميع فلسطينيي القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة عدم توفر أبسط الخدمات الحياتية الأساسية وانعدام البنى التحتية.

كم بمقدور هذه القلوب أن تتحمل الخذلان الدولي؟
ومع انعدام مقومات الحياة الأساسية بالتزامن مع منع إسرائيل دخول البيوت المتنقلة والخيام باستثناء أعداد قليلة منها، تتفاقم معاناة النازحين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مع البرد القارس بالعراء.
ومع عدم توفر وسائل التدفئة الأساسية لفلسطينيي غزة وفي ظل انعدام القدرة الشرائية لديهم بعدما حولتهم الإبادة الإسرائيلية إلى فقراء، حيث بلغت نسبة الفقر في القطاع نحو 100 بالمئة بحسب بيانات البنك الدولي، فإن التدفئة المنتشرة في أوساطهم هي “إشعال النيران”.
خالد الصوراني (46 عاما)، من شمال غزة والنازح في الجنوب، يقول إنه لم يجد وسيلة لتدفئة أطفاله داخل خيمة الإيواء المطلة على البحر المتوسط، إلا إشعال النيران.
وأوضح ، أنه يشعل النيران بالاستعانة بأي مخلفات بلاستيكية أو ورقية أو أقمشة يسهل حصوله عليها.
وتابع “لم يتبق لنا شيء، لا منزل يؤوينا، ولا ملابس، ولا حتى مال لشراء الحطب الذي يعد أقل ضررا من هذه المخلفات”.
وأشار إلى أنه يضطر لاستخدام المخلفات البلاستيكية التي ينجم عن احتراقها غازات وأدخنة سامة من أجل تدفئة الأطفال وحمايتهم من الموت.
التدفئة باستخدام “النيران” لا تخلو من كوارث حيث قد تتسبب باحتراق الأماكن التي يتم إشعالها بها ما يسفر عن سقوط ضحايا، أو التسبب بحالات اختناق في صفوف الفلسطينيين.
متحدث الدفاع المدني الفلسطيني بغزة رائد الدهشان، يقول إن طواقم الجهاز تعاملت مع 3 حرائق خلال الـ 72 ساعة الماضية جراء إشعال النيران داخل مراكز للإيواء.
وأوضح أن إشعال النيران داخل تلك المراكز جاء بغرض التدفئة والطهي ما تسبب باندلاع حرائق تم التعامل معها.
وأشار إلى أن تلك الحرائق لم تتسبب في إصابات بشرية، محذرا من حدوث ذلك في حال امتدت النيران لمساحات أكبر أو لم يتم السيطرة عليها.
كما حذر متحدث الدفاع المدني المواطنين من خطورة إشعال النيران في أماكن مغلقة ما قد يتسبب بإصابات باختناق، خاصة وأنهم يلجؤون لإشعال مخلفات بلاستيكية.
وأشار إلى أن توجه المواطنين لإشعال المخلفات البلاستيكية يأتي في ظل ندرة توفر “الحطب” في القطاع وارتفاع سعر ما يتوفر منه بحيث يعجز المواطنون عن شرائه.
وناشد الدهشان الفلسطينيين بتوخي الحذر عند إشعال النيران للتدفئة وعدم فعل ذلك داخل المناطق المغلقة خاصة الخيام التي تكون سريعة الاشتعال كونها مصنوعة من أقمشة وقطع نايلون.
ولفت إلى أن المواطن لا يملك بديلا للتدفئة سوى إشعال النيران، قائلا إن الدفاع المدني سبق وأصدر تعليمات لتقليل نسبة الخسائر في حال حدوث حرائق.
وشدد على أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة صعبة جدا مع وصول درجات الحرارة إلى مستويات دنيا بالتزامن مع المنخفض الجوي الحالي المصحوب بكتلة هوائية قطبية والذي ضرب الأراضي الفلسطينية قبل أيام.
وفجر الثلاثاء، انتشر الصقيع والتجمد بشكل واسع في العديد من البلدات الفلسطينية جراء منخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية قطبية يضرب البلاد منذ أيام، وفق الراصد الجوي ليث العلامي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى