أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الموت الأسود يصيب 3 آلاف عراقي أغلبهم من الفقراء

الإهمال الحكومي في توفير الرعاية الطبية اللازمة لمرضى السرطان أدى إلى تدهور حالتهم الصحية، وزاد من معاناتهم في مواجهة المرض الفتاك.

بغداد – الرافدين
نددت أوساط طبية وحقوقية بالوضع المأساوي الذي يعيشه مرضى السرطان في العراق، خاصة مع تزايد أعداد المصابين بشكل مستمر، في ظل عدم توفير الدعم الكافي للرعاية الصحية والعلاج.
وكشفت مصادر نيابية أن “نحو 3 آلاف عراقي ينضمون سنويًا إلى طوابير الموت بسبب هذا المرض الفتاك، في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من نقص حاد في الإمكانيات والموارد”.
وأكدت الأوساط الصحية على أن مرضى السرطان يواجهون تحديات هائلة في الحصول على العلاج المناسب، بسبب عدم توفر الأدوية الفعّالة وضعف تجهيزات المستشفيات.
وأشارت إلى أن العديد من المرضى يعجزون عن الحصول على العلاجات الأساسية بسبب غلاء الأسعار وقلة المستشفيات المتخصصة في معالجة مثل هذه الأمراض.
وأوضحت أن “الحكومة تمارس إهمالًا ممنهجًا تجاه هذا الملف الصحي الخطير، حيث لم يتم اتخاذ خطوات جدية لتحسين ظروف العلاج أو تقديم الدعم اللازم للمصابين”.
وتفتقر المستشفيات إلى التجهيزات الحديثة، مما يجعل رحلة العلاج أكثر صعوبة للمرضى، الذين غالبًا ما يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن حلول خارج إطار النظام الصحي الحكومي بسبب تقاعس المؤسسات المعنية.

تزايد أعداد المصابين بالسرطان في العراق يتطلب توفير موارد طبية وكوادر مؤهلة لمكافحة هذا المرض

وأضافت أن “الإهمال الحكومي في توفير الرعاية الطبية اللازمة لمرضى السرطان أدى إلى تدهور حالتهم الصحية، وزاد من معاناتهم في مواجهة المرض الفتاك”.
وعلى الرغم من الوعود الحكومية المستمرة بتحسين الوضع الصحي، إلا أن الواقع يثبت أن تلك الوعود لم تُترجم إلى خطوات عملية، مما يزيد من حجم المأساة التي يعيشها المرضى وأسرهم.
وأشارت الأوساط إلى أن هذا الوضع يتطلب تدخلًا عاجلًا من الحكومة لتوفير العلاجات اللازمة وتحسين ظروف الرعاية الصحية في العراق، حيث إن تزايد أعداد المصابين بالسرطان يتطلب توفير موارد طبية وكوادر مؤهلة لمكافحة هذا المرض والحد من انتشاره.
وكشفت النائب السابقة، إقبال اللهيبي، عن إحصائيات مروعة بشأن انتشار مرض السرطان في العراق، حيث أكدت أن نحو 3000 عراقي ينضمون سنويًا إلى ما وصفته بـ “طوابير الموت الأسود” نتيجة لهذا المرض القاتل.
وحذرت اللهيبي من أن “مرض السرطان بات يشكل “كارثة صحية” تهدد حياة الآلاف، داعية إلى تدخل عاجل من الحكومة والجهات المعنية”. وأشارت إلى أن “معدلات الإصابة بالسرطان في العراق تتراوح سنويًا بين 2500 إلى 3000 حالة، مع تركز كبير في المناطق المنتجة للنفط، التي تشكل ما بين 60 بالمائة إلى 70 بالمائة من إجمالي الإصابات”.
وأكدت اللهيبي أن “المحافظات المنتجة للنفط، مثل البصرة وذي قار، تسجل أعلى معدلات للإصابة بالسرطان، مما يشير إلى وجود رابط محتمل بين التلوث البيئي الناتج عن صناعة النفط وانتشار المرض”.
ولفتت إلى أن “محافظات أخرى، مثل ديالى، التي كانت في السابق بعيدة عن هذه المشكلة، شهدت تراكمًا خطيرًا لحالات السرطان بلغ نحو 5000 إصابة خلال السنوات الماضية، مما يعكس حجم الكارثة الصحية التي تتسارع بشكل مقلق”.

إقبال اللهيبي: المحافظات المنتجة للنفط، مثل البصرة وذي قار، تسجل أعلى معدلات للإصابة بالسرطان، مما يشير إلى وجود رابط محتمل بين التلوث البيئي الناتج عن صناعة النفط وانتشار المرض

ودعت اللهيبي إلى “تشكيل لجنة علمية على مستوى العراق للتحقيق في أسباب انتشار السرطان، وإنشاء مراكز متخصصة لعلاج الأورام السرطانية”.
وأكدت على “ضرورة تقديم دعم مالي ومعنوي للمواطنين الذين يعانون من الأعباء المالية الباهظة لعلاج المرض، مشيرة إلى أن غالبية المصابين هم من الأسر الفقيرة التي تجد نفسها في مواجهة معركة غير متكافئة ضد المرض والتكلفة”.
وأوضحت أن “السرطان أصبح “الموت الأسود” ليس فقط بسبب خطورته الصحية، بل لأنه يفرض على المرضى وعائلاتهم أعباء مالية ضخمة تفوق قدرتهم على التحمل.
وبينت أن “نقص المراكز المتخصصة في علاج السرطان يزيد من معاناة المرضى، ما يتطلب استثمارات عاجلة في القطاع الصحي لتحسين وضع العلاج وتوفير الرعاية اللازمة لآلاف العائلات المتضررة”.
وكشف مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، عن معطيات مقلقة تكشف عن تصاعد أعداد المصابين بالسرطان في العراق، حيث تجاوزت الإصابات التراكمية الـ40 ألف حالة حتى الآن.
وأكد الخالدي أن “70 بالمائة من هؤلاء المصابين ينتمون إلى العوائل الفقيرة، مما يعكس أزمة صحية واجتماعية معقدة تهدد استقرار المجتمع العراقي”.
وأشار الخالدي إلى أن “معدل الإصابات السرطانية في العراق قد شهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تراوح بين 10 إلى 15 بالمائة حسب إحصائيات وزارة الصحة.
وأوضح أن “عدد الإصابات في جميع المحافظات قد تجاوز 40 ألف حالة، مما يعكس أبعاد الكارثة الصحية التي تتفاقم يومًا بعد يوم، وبالذات في المناطق التي تفتقر إلى الرعاية الصحية اللازمة”.
وأوضح الخالدي أن “أكثر من نصف الإصابات تتركز في المحافظات النفطية، وخاصة البصرة، نتيجة التلوث البيئي الناتج عن عمليات استخراج النفط وحرق الغاز، بالإضافة إلى تلوث المياه”.

محمد عثمان الخالدي: معدل الإصابات السرطانية في العراق قد شهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تراوح بين 10 إلى 15 بالمائة حسب إحصائيات وزارة الصحة

وحذر من أن “استمرار هذا التلوث دون وضع حلول حاسمة قد يؤدي إلى تصاعد أعداد المصابين بشكل غير مسبوق، مع تسجيل ما بين 2000 إلى 4000 إصابة جديدة سنويًا، ما يعكس تهديدًا حقيقيًا للمستقبل القريب”.
وشدد الخالدي على “ضرورة اتخاذ إجراءات طارئة من قبل الحكومة لوضع خطة وطنية شاملة لمكافحة السرطان، مع التركيز على الحد من الملوثات البيئية التي تساهم في انتشار المرض”.
وأكد على أن استمرار تدهور الوضع البيئي سيزيد من تعقيد الأزمة الصحية في البلاد، مما يثقل كاهل المواطن ويضاعف من معاناته في مواجهة التكاليف الباهظة للعلاج.
وحذر الخالدي من تزايد أعداد مرضى السرطان في ظل غياب التدابير الحاسمة سيؤدي إلى تفشي المرض بشكل أكبر في السنوات القادمة، مما يعرض حياة الآلاف للخطر ويؤثر على مستقبل الأجيال المقبلة، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا.
وتستمر معاناة العراقيين في مواجهة أزمة الرعاية الصحية، حيث تضطر العديد من العائلات إلى تحمل مشاق السفر لمسافات طويلة للحصول على العلاج الضروري.
المواطنة أم أحمد وهي معلمة تبلغ من العمر 52 عاما اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي في، هي لا تزال في مرحلة العلاج الكيميائي، لكنها ستضطر إلى الخروج في رحلة لمسافة 6 ساعات من الموصل إلى كربلاء للعلاج.
وترى أم أحمد أنه من “المفروض أن تكون هذه الأجهزة متوفرة عندنا، لا أن تسافر إلى محافظات أخرى فهذا متعب ومكلف أيضا”.
وأضافت “نينوى ثاني أكبر محافظة في العراق. هل هذا معقول؟”، تسأل أم أحمد وهي تعبر عن استغرابها الشديد لما تواجهه من صعوبات في الحصول على العلاج المناسب.
ويطالب المواطن بلال الذي أصيب ابنه بورم في الجيوب الأنفية ـ الحكومة بتوفير أجهزة العلاج الإشعاعي وأجهزة التصوير المقطعي في الموصل، وتوفير الأدوية بأسعار معقولة.
رحلة بلال وولده ستكون أطول، وربما أقسى، إذ سيضطر إلى السفر مسافة تقترب من 1000 كيلومتر، إلى محافظة البصرة، في أقصى جنوب العراق.

تزايد أعداد مرضى السرطان في العراق يؤثر على مستقبل الأجيال القادمة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى