هيئة علماء المسلمين: دعوات الأقلمة في العراق تتكئ جميعًا على توهمات تصطف أمام تطبيقها جبال من العوائق والمصدات.
هيئة علماء المسلمين: عودة الترويج لفكرة ما يدعى (الإقليم الشيعي) محاولة لضبط إيقاع الاصطفاف الطائفي في العراق بما يتناسب مع المستوى المستجد لسياسة التخادم التي تريد الإدارة الأمريكية الجديدة العمل في ضوئها مع النموذج الحكومي المفترض تكوينه في المرحلة المقبلة.
عمان – الرافدين
قالت هيئة علماء المسلمين في العراق إن عودة الترويج لفكرة ما يدعى (الإقليم الشيعي) تأتي كرد فعل يحاول من خلالها مروجوها المناورة بها أمام المتغيرات في الساحة الإقليمية بعد الإطاحة بـ(حزب الله) اللبناني، وسقوط نظام (بشار الأسد) في سوريا.
وبينت الهيئة في بيان لها الثلاثاء الحادي عشر من شهر رمضان المبارك أن “عودة الترويج لهذه الفكرة من قبل رئيس حكومة الاحتلال الأسبق نوري المالكي، ونواب هم في الأصل قياديون في ميليشيات طائفية يكشف عن أزمة متعددة الأبعاد ومتسعة المديات لدى قوى (الإطار التنسيقي)”.
وأضافت أن “ما صدر عن بعض أدوات الإطار من دعوة لاستخدام ورقة (الإقليم) في الضغط والمناورة السياسية في المرحلة المقبلة هي محاولة لضبط إيقاع الاصطفاف الطائفي في العراق بما يتناسب مع المستوى المستجد لسياسة التخادم التي تريد الإدارة الأمريكية الجديدة العمل في ضوئها مع النموذج الحكومي المفترض تكوينه في المرحلة المقبلة”.
ولفتت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين إلى أن “فكرة ما يدعى (الإقليم الشيعي)، سبق أن جرى طرحها في سنوات الاحتلال الأولى، حين سعت أحزاب إيران وميليشياتها نحو تحقيق ذلك، يوم لم تكن طهران قد بلغت حدّ التغول المفرط في العراق”.
وتابعت “لكن الفكرة لم تلق وقتها تجاوبًا شعبيًا يذكر من العراقيين في الوسط والجنوب بمختلف توجهاتهم وفئاتهم”.
وأشارت إلى أن “طهران نفسها صرفت النظر عن هذه الفكرة؛ التي فقدت قيمتها وقتها قياسًا إلى الغنيمة الكبرى، التي منحتها واشنطن لطهران وأدواتها، بتمكينها من الهيمنة على العراق كاملًا وبعد أن تعدت حدودها وغدت أحد محوري الاحتلال المزدوج، وظفرت بالعراق كلّه، وانطلق مشروعها منه نحو دول الجوار، متخادمًا مع نظيره الأمريكي”.
وشدد بيان هيئة علماء المسلمين على أن دعوات الأقلمة -بغض النظر عن مطلقيها- تتكئ جميعًا على توهمات تصطف أمام تطبيقها جبال من العوائق والمصدات؛ سواء فيما يتعلق: بالجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وما يتعلق بها من مشاكل كبيرة متوقعة عند التنفيذ فيما يتعلق: بالموارد، أو المياه، أو الحدود، أو قوّات الأمن، أو الإدارة السياسية، والسلطات القضائية، وغير ذلك، فضلًا عن كون هذه الفكرة ترجع في تبعيتها القانونية إلى الدستور، الذي هو مع بطلانه وفساده ومواده غير المنضبطة؛ غير مؤهل ليكون مرجعًا يحدد مصير محافظات أو مجتمعات ذات صبغة معينة”.
وأشار البيان إلى أن “دستور العملية السياسية (المسخ) الذي هيأ الأرضيات والمناخات لهذا الصنف من المشاريع؛ قد وضع مبررات مستدامة لتأجيج الطروحات المتعلقة بها، وقد شهد العقدان الماضيان من عمر العراق تحت مظلة الاحتلال ومشروعه السياسي تبادلًا للأدوار في تبني فكرة الأقاليم الممهدة لخطر التقسيم في العراق؛ بذريعة (الفيدرالية)، التي بلغ أصحابها -في بعض مراحلها- مبلغًا متهافتًا في الطرح والتنظير.
وتابع البيان أن “الدستور الذي لا يملك حصانة من الخروقات في القضايا الإجرائية والمرحلية؛ لن يكون -من باب أولى- سالمًا منها في الأمور المصيرية كونه مُشبع بالخروقات التي ارتكبها السياسيون أنفسهم في تشكيل الحكومات، وإقرار القوانين، وتقاسم سرقات الموارد”.
وخلص البيان بالقول إن “العملية السياسية في العراق قد بلغت حدًا غير مسبوق من التخبط والعبث، والانتهاكات المروعة، والتدمير الممنهج، ومصادرة الحقوق والحرّيات، وتغييب الحقائق، وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتزايد المشكلات ذات الصلة بالفسادين المالي والإداري، والسرقات الكبرى، فضلًا عن متلازمة الفشل على الأصعدة كلّها التي تحيق بحكومات الاحتلال المتعاقبة؛ وتسببت بحجم كبير من الضرر البالغ نتيجة اتساع جبهة المخاطر التي تهدد البلد بكيانه ومكوّناته، وشعبه بحاضره ومستقبله، ومؤسساته وموارده”.