أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

مطالبات بمحاسبة المتسببين في غزو العراق من تحت قبة مجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان في جنيف

مركز جنيف الدولي للعدالة يطالب مجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان بإنشاء محكمة مستقلة لمقاضاة المسؤولين عن غزو العراق والانتهاكات المستمرّة في فلسطين بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لغزو العراق.

جنيف – الرافدين
طالب مركز جنيف الدولي للعدالة في بيان له أمام مجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان الخميس، بمحاكمة كل المتسبّبين بغزو العراق وتعويض الضحايا بالتزامن مع حلول الذكرى الثانية والعشرين لغزو العراق.
وجاء في البيان الذي تلاه المدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة ناجي حرج أنّ “الحربٌ التي شُنت بحجج واهية، خلّفت وراءها معاناة هائلة، وأدّت الى مقتل أكثر من مليوني عراقي، وإلى تدمير مدنٍ بأكملها فضلًا عما تسببت به من دمار للبنية التحتية للبلاد.
وأشار حرج في بيان المركز الذي يشارك في جلسات مجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان للدورة الثامنة والخمسين في جنيف إلى “العلاقة بين غزو العراق والإبادة الجارية في فلسطين”.
وطالب البيان المجلس بإنشاء محكمة مستقلة لمقاضاة المسؤولين عن غزو العراق والانتهاكات المستمرّة في فلسطين.
وتجمع مراكز الأبحاث الجيوسياسية وتلك المعنية بحقوق الإنسان في العالم وبعد 22 عامًا على بدء غزو العراق من قبل القوات الأمريكية على أنه مهما اختلفت الأسباب لهذا الغزو غير المشروع، تبقى النتيجة واحدة وكارثية، وهي تدمير البنية التحتية العراقية ونهب النفط العراقي وإغراق البلد في الفوضى والصراع الطائفي والفساد السياسي، وجعله مرتعا لتصفية الحسابات بين اللاعبين الدوليين، وذلك بسبب ادعاءات أثبتت الأيام والأدلة أنها لم تكن سوى أكاذيب محضة.

مركز جنيف الدولي للعدالة يطالب بمحاسبة الغزاة وتعويض الأضرار الناجمة عن الحرب التي شنت بحجج واهية وخلّفت وراءها معاناة هائلة

وبعد 22 سنة من بدء الغزو في آذار عام 2003، بات من الواضح أن الإدارة الأمريكية استندت في قرارها وقتها إلى ذرائع كاذبة لاحتلال العراق، بالرغم من معارضة كل العالم تقريبًا له، بما فيهم أقرب حلفاء الولايات المتحدة، حيث تظاهر مئات الآلاف في مختلف العواصم الأوروبية.
وساد الصمت في أرجاء حكومة الإطار التنسيقي وكذلك في حكومة كردستان في شمال العراق في دلالة على أن الذرائع التي كانت تعلنها الأحزاب في السنوات السابقة، لم تعد تنطلي على أحد بعد أن تحولت هذه الذكرى في داخل الأوساط السياسية العالمية ومراكز البحوث والدراسات ووسائل الإعلام، إلى مثال للفشل الأمريكي والدولي في العراق.
وأسفر الغزو الأمريكي للعراق عن حصيلة مخيفة من الضحايا، بجانب التخريب الذي طال البنى التحتية للمنشآت الخدمية وتفكيك مؤسسات الدولة وإقامة نظام حكم طائفي فاسد اعتمد تقسيم المجتمع العراقي إلى مكونات عرقية أو طائفية تحت مسمى “الديمقراطية”.
ولا توجد أرقام دقيقة للخسائر بين المدنيين من مصادر مستقلة، لكن قوات الاحتلال تسببت بشكل مباشر بمقتل ما يزيد عن 100 ألف مدني، وفقا لمجموعة (Iraq Body Count) فيما أعلنت الولايات المتحدة رسميا مقتل نحو 4700 من قواتها بحلول موعد الانسحاب نهاية 2011 فيما يعيش أكثر من مليون عراقي حتى اليوم في مخيمات نزوح تفتقر الى الشروط الإنسانية.
وعمدت واشنطن إلى تفكيك مؤسسات العراق الأمنية والعسكرية، مما أدى إلى إدخال البلاد في فوضى أمنية وشيوع ظاهرة الميليشيات والسلاح خارج سيطرة الدولة.
ولا يزال العراق يعاني من تبعات قرار سلطة الاحتلال برئاسة حاكم الاحتلال الأمريكي بول بريمر، بتشكيل نواة وزارتي الدفاع والداخلية من عناصر الميليشيات، سواء التي تأسست في إيران أو التي تشكلت بعد الغزو مباشرة.
وعدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير سابق لها أن “الشعب العراقي هو من دفع الثمن الأعلى للغزو”.
وحثّت المنظمة “أطراف النزاع على تعويض الضحايا ومحاسبة المذنبين”، لكن “الإفلات من العقاب لا يزال قائماً”.
ومنذ العام 2003 وحتى العام 2011، التاريخ المزعوم لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، قتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي، وفق منظمة “ضحايا حرب العراق”.
ويخيّم شبح نقص الخدمات والفساد بعد 22 عامًا وسط تحذيرات من صيف ساخن خلال الأشهر القادمة على وقع تراجع ساعات تجهيز الكهرباء الأمر الذي يدفع العراقيين إلى النظر إلى مستقبل بلادهم بتشاؤم، فيما يلوح في الوقت نفسه في الأفق خطر التغير المناخي ونقص المياه والتصحر.
وفشلت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، بما فيها إرساء أسس نظام حكم ديمقراطي.

إيران في احتلال الولايات المتحدة غير الشرعي لبغداد حصلت على أكثر مما ساومت عليه، وأطلقت العنان لتدمير العراق سياسيًا واقتصاديًا

وأسفرت نتائج الاحتلال عن حرب القتل على الهوية التي مارستها الميليشيات الطائفية وتهجير السكان والاستيلاء على أراضيهم بغية التغيير الديموغرافي للمناطق، وتهميش دور مؤسسات الدولة، وإقامة نظام سياسي يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات بين الأحزاب الرئيسة وبإدارة سلطة الاحتلال.
وأسقطت الولايات المتحدة البلاد في دائرة النفوذ الإيراني والميليشيات الطائفية المسلحة، حيث أفرزت سنوات الاحتلال ارتفاعا هائلا في نفوذ إيران المباشر أو عبر القوى الحليفة لها.
وترك الغزو الأمريكي في المحصلة النهائية العراق بعد 22 عاما، غارقًا في فساد مالي وإداري وفقدان الدولة الجزء الأهم من قرارها الأمني والاقتصادي والسياسي لصالح قوى وميليشيات متنفذة تحتكم إلى قوة السلاح لفرض إرادتها.
كما حوّل العراق إلى محطة صراع قوى إقليمية ودولية أبرزها الولايات المتحدة وإيران اللتان تقتسمان النفوذ والتخادم فيما بينهما، بينما تتوزع القوى العراقية في الولاء أو التبعية أحيانا لطرف منهما على حساب الآخر، وفي حالات قليلة الموازنة بين الولاء للطرفين.
وظل العراق في كل الأحوال بعيدا عن الديمقراطية بأي من أشكالها، عدا ديمقراطية “هجينة” اعتمدت مبدأ التفاهم بين رؤساء الأحزاب المتنفذة تحت مسمى “التوافقية” في توزيع السلطات والموارد بعيدًا عن أي معايير علمية تستند إليها بما فيها تلك الأرقام التي نتجت عن تعداد سكاني كان محل تشكيك وانتقاد للأهداف التي تقف خلف إنجازه بعد نحو 21 عامًا على تعطيله لتثبيت واقع ديموغرافي يخدم مصالح الأحزاب والميليشيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى