مجلس الخميس الثقافي يوثّق دور الشهيد عبد المجيد كنّه في ثورة العشرين ويستعرض محطات حياته
الدكتور مثنى حارث الضاري: الاحتلال البريطاني استهدف الشهيد كنّه بالاعتقال والإعدام لأنه شكّل خطرًا حقيقيًا على سياساته في بغداد
عمان – الرافدين
سلّط مجلس الخميس الثقافي الضوء على سيرة الشهيد العراقي عبد المجيد كنّه، أحد أبرز رموز ثورة العشرين الكبرى، وأول شهيد أعدمته سلطات الاحتلال البريطاني بسبب مشاركته في الثورة ومواقفه المناهضة للاحتلال، وذلك خلال أمسية ثقافية خُصّصت لهذه المناسبة في ديوان هيئة علماء المسلمين بالعاصمة الأردنية عمّان.
وشهدت الأمسية حضور عدد من أبناء الجالية العراقية وضيوف المجلس، حيث قدّم الدكتور مثنى حارث الضاري، مسؤول القسم السياسي في الهيئة، محاضرة استعرض خلالها محطات بارزة من حياة الشهيد كنّه، ومساهماته في العمل الوطني، وما دوّنه المؤرخون من أحداث عن سيرته وتضحياته في سبيل تحرير العراق.
وقال الدكتور الضاري في محاضرته إن الشهيد عبد المجيد كنّه وُلد في بغداد عام 1887، ونشأ في محلة الفضل بالجانب الشرقي من العاصمة، حيث تلقى تعليمه في مدارس بغداد ومساجدها، قبل أن يلتحق بالمدرسة الرشدية العسكرية، ويعمل لاحقًا في دائرة العدلية، لكنه سرعان ما ترك العمل الحكومي وتفرّغ للنشاط الوطني والزراعة.
وأشار إلى أن البيئة التي نشأ فيها الشهيد، إلى جانب تأثره بعلماء العراق، وفي مقدّمتهم الشيخ عبد الوهاب النائب، ساهمت في تشكيل وعيه السياسي الوطني منذ وقت مبكر، وهو ما انعكس لاحقًا في مواقفه ونشاطه المناهض للاحتلال البريطاني.

وبيّن الضاري أن الشهيد كنّه شارك في معركة الشعيبة بالبصرة عام 1914 إلى جانب أبناء عشيرته البيات، كما أسهم في تأسيس جمعية حرس الاستقلال في شباط 1919، والتي كان لها دور محوري في تنظيم العمل الوطني العراقي والتمهيد لانطلاق ثورة العشرين الكبرى.
ولفت الضاري إلى أن الشهيد كنّه أسّس عند اندلاع الثورة جماعة خاصة به في بغداد تحت اسم “حزب الدفاع”، ضمّت مجموعة من الشباب المعروفين بوطنيتهم وشجاعتهم، مع الحفاظ على الروابط السياسية والتنظيمية مع جمعية الحرس التي كان من مؤسسيها، موضحًا أن هذا الحزب ساهم في تنظيم العمل الثوري داخل العاصمة وتوسيع رقعة الحراك الوطني.
وتطرقت المحاضرة إلى تفاصيل الأنشطة والعمليات الثورية التي كان الشهيد كنّه وجماعته ينفذونها في بغداد، حتى لحظة اعتقاله ومحاكمته، ومن ثم إعدامه في أيلول 1920، في خطوة وصفتها مصادر تاريخية بأنها محاولة من سلطات الاحتلال لترهيب الشعب العراقي وكسر إرادته.
وأكد الضاري أن مراسم تشييع الشهيد عبد المجيد كنّه كانت من أكبر مظاهر الرفض الشعبي للاحتلال البريطاني في تلك الحقبة، مشيرًا إلى أن المؤرخين وصفوا تلك الجنازة بأنها الأعظم في تاريخ بغداد آنذاك، كما تداول شعراء ذلك العصر قصائد المراثي التي تُبرز مكانة الشهيد ودوره المؤثر في الثورة.
ويواصل مجلس الخميس الثقافي من خلال هذه الأنشطة تسليط الضوء على رموز التاريخ الوطني العراقي وتوثيق سيرهم، بهدف تعريف الأجيال الجديدة بتضحياتهم وإسهاماتهم في مقاومة الاحتلالات المختلفة، والتأكيد على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية كجزء من مسار التوعية العامة وتعزيز الانتماء الوطني.