هيئة علماء المسلمين: تأرجح بغداد بين واشنطن وطهران يهدد استقرار العراق
هيئة علماء المسلمين تصدر تقريرها الدوري الثامن عشر وتؤكد استمرار تأثير الاحتلال والتدخلات الأجنبية في تعميق أزمات العراق السياسية والاقتصادية والأمنية
عمان – الرافدين
عقد القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين، مساء الخميس (28 آب 2025)، ندوة للإعلان عن تقريره الدوري الثامن عشر، الذي تناول الحالة السياسية في العراق والمنطقة، مع التركيز على تداعيات الأحداث المحلية والإقليمية على الشأن العام.
وأوضح مسؤول القسم السياسي في الهيئة الدكتور مثنى حارث الضاري، أن التقرير ارتكز على أربعة محاور رئيسة، أبرزها المحور السياسي والأمني الذي كشف عن تأرجح حاد في توجهات حكومة بغداد بين الضغوط الأمريكية والمتطلبات الإيرانية.
وعد الضاري هذا التأرجح انعكاسًا حقيقيًا لهشاشة النظام السياسي العراقي وتخادم الإرادات الدولية والإقليمية، حيث تعجز الحكومة عن حسم توجهاتها وسط تحولات العلاقات بين واشنطن وطهران، وميول مرجعية النجف نحو دعم الخيارات الأمريكية في ملف الميليشيات.
وأشار التقرير إلى أن هذا الانقسام ليس مجرد حالة مؤقتة، بل يعكس سيطرة قوى أجنبية على القرار الوطني، ويُبرز غياب مشروع وطني متماسك، حيث تعمل الحكومة كأداة في يد ضغوط متضاربة.
وأضاف أن ذلك ينعكس سلبًا على قدرة بغداد في إدارة ملفات الأمن الداخلي، مع تنامي نفوذ الميليشيات المدعومة إيرانيًا، مما يهدد استقرار العراق ويقربه من حافة الفوضى.
كما تناول التقرير الصراع السياسي بين جناحي المالكي والسوداني داخل الإطار التنسيقي، مؤكدًا أن الخلافات تتجلى في استخدام هيئة المساءلة والعدالة كأداة للقمع السياسي، في حين يسعى السوداني إلى حلها لحماية حلفائه، ما يعكس أزمة قيادة وانقسامًا حادًا يعرقل الاستقرار السياسي.
ولفت إلى تجاهل الحكومة لقضايا استراتيجية مثل ملف خور عبد الله وإلغاء تركيا لاتفاقية تصدير نفط العراق، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي، خاصة مع نشاط قوى معارضة تستغل الفوضى للضغط على الدولة.
وفي ملف قانون الحشد الشعبي، كشف التقرير عن محاولات بريطانية وأمريكية لدمج الميليشيات في الأجهزة الأمنية الرسمية، في خطوة تهدف لإضفاء شرعية قانونية عليها، إلا أن هذه الخطوة تثير مخاوف من استمرار تمردها على الدولة، خصوصًا مع استمرار الدعم الإيراني، ما يمثل تهديدًا لسيادة العراق ويؤدي إلى انفلات أمني.
وفي المحور الثاني، تناول التقرير ملف حقوق الإنسان في العراق، مسجلًا استمرار الانتهاكات في المقابر الجماعية والسجون، مع تركيز خاص على حالات التعذيب والاعتقالات التعسفية التي تنتهجها السلطات وفقًا لمنهجية طائفية.
وأكد أن هذه الانتهاكات تمثل سياسة ممنهجة لقمع الحريات واحتواء المعارضة، مما يزيد من إحباط المواطنين وعزوفهم عن المشاركة السياسية.
كما نبه التقرير إلى ظاهرة الحرائق المتكررة التي تضرب العراق خلال الصيف، والتي تترك آثارًا بيئية وأمنية واقتصادية خطيرة، وتعكس عجز السلطات عن التحكم بها، مما يزيد من معاناة السكان ويعمق الأزمة.
وختم التقرير بمحور إقليمي تناول التطورات في قطاع غزة، مع تحذيرات من كارثة إنسانية تشمل المجاعة والتهديدات الإسرائيلية باجتياح شامل، إضافة إلى الأزمة السودانية المستمرة وتأثيراتها على الاستقرار الإقليمي. وأكد التقرير أن هذه الأزمات تزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وتلقي بظلالها على العراق، الذي لا يزال يعاني تبعات الاحتلال والتدخلات الخارجية، وسط صراعات مصالح دولية وإقليمية تعمق أزماته الأمنية والاقتصادية والسياسية.
واختتمت الندوة بفتح باب النقاش والتحليل حول المستجدات السياسية والقانونية والحقوقية في العراق، إلى جانب التطورات في المشهد العربي والإقليمي.
النص الكامل للتقرير الدوري لهيئة علماء المسلمين في العراق