هيئة علماء المسلمين تحذر من محاولات تفتيت المنظومة القانونية وتدعو إلى الحفاظ على وحدة التشريع الوطني
هيئة علماء المسلمين: تداعيات العملية السياسية فتحت الباب أمام مشاريع تفتيت المجتمع وترسيخ الطائفية والعرقية الضيقة
عمان – الرافدين
أكدت هيئة علماء المسلمين في العراق أن البلاد تشهد منذ سنوات عدة محاولات متسارعة لإعادة صياغة القوانين والتدخل في عملية التقنين والتأثير فيها، محذّرة من أن هذه التحركات تُلحق ضررًا جسيمًا بالمنظومة القانونية وتنعكس سلبًا على استقرار الدولة ووحدتها.
وأوضحت الهيئة أن من أبرز نتائج هذه المحاولات تمزيق النسيج المجتمعي وزعزعة النظام العام، في ظل استمرار المساعي الرامية إلى فرض تصورات ومشاريع تُكرّس الطائفية والانقسام العرقي داخل المجتمع العراقي.
وبيّنت الهيئة في بيانها الصادر يوم الأحد (5 تشرين الأول 2025م)، أن هذه التحركات تأتي في إطار تداعيات العملية السياسية الضارة التي عمّقت الانقسامات المجتمعية، وفتحت الباب أمام مشاريع ومخططات تستهدف تفتيت المجتمع وتهديد أمنه الوطني، من خلال مقاربات وحسابات سياسية ضيقة تُرسّخ الطائفية وتُضعف الدولة.
وفي هذا السياق، أشارت الهيئة إلى أن من مظاهر هذه المحاولات إعداد وإقرار العمل بـ «مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وفق المذهب الشيعي الجعفري»، إلى جانب الحديث عن إعداد «مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وفق الفقه السني»، وهو ما عدّته الهيئة توجهًا خطيرًا نحو ازدواجية تشريعية تهدد وحدة القضاء العراقي وتماسك المجتمع.
وأكدت هيئة علماء المسلمين في العراق أن قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم (188) لسنة 1959 يبقى الخيار الأمثل لتنظيم شؤون المواطنين، بصفته قانونًا موحدًا يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي، ويسهم في تعزيز وحدة البلاد واستقرارها واطمئنان مجتمعها، بعيدًا عن إشكالية التعدد الطائفي في التشريع.
وأوضحت أن هذا القانون قابل للمراجعة والتعديل عند الضرورة، وفق الإجراءات التشريعية المتبعة في سنّ القوانين وتعديلها، شريطة أن تكون أي تعديلات بعيدة عن الحسابات السياسية والمصالح الضيقة أو المخالفات الشرعية.
وفي حال المضي نحو إعداد مدونة فقهية خاصة بمذاهب أهل السنة والجماعة، شدّدت الهيئة على ضرورة أن يتمّ ذلك بصورة تشاورية شاملة، عبر مشاركة جميع الهيئات والمجامع الشرعية المعتمدة وكبار العلماء وأصحاب الاختصاص في الفقه والقانون، لضمان صياغة مدونة رصينة تعبّر عن الفقه الإسلامي الصحيح وتحقق المصلحة العامة.
وحذّرت هيئة علماء المسلمين في العراق بشدة من محاولات بعض الساسة التدخل في هذا الملف أو تأخير حسمه أو منعه، مؤكدة أن هذه الأساليب ليست سوى خطوات مشبوهة تدخل في إطار الصفقات السياسية التي تستهدف تقويض مسار التشريع العادل.
وختمت الهيئة بيانها بالتأكيد على أن أي عراقيل توضع أمام هذا المسار تمثل تهديدًا لوحدة التشريع الوطني واستقرار المجتمع، داعية الجهات المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها الشرعية والوطنية في حماية القوانين من التسييس والانقسام، في مرحلة وصفتها بأنها “من أخطر المراحل التي يمرّ بها العراق منذ عقود”.




