إجراء انتخابات فلسطينية.. يفشل مخطط ترامب!
أصدر محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، إعلانًا دستوريًا يقضي بتولي نائبه حسين الشيخ مهام رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية مؤقتًا في حال شغور منصب الرئيس، وذلك لمدة لا تزيد على تسعين يومًا، تُجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لاختيار رئيس جديد.وتحدث الرئيس الأمريكي ترامب أنه يفكر في الإفراج عن الأسير المناضل الفلسطيني مروان البرغوثي لكي يتولى إدارة غزة وربما السلطة الفلسطينية، إذ جاء تصريح ترامب غامضًا بطريقة أو بأخرى، وربما كان تصريحًا على طريقة إطلاق بالون اختبار. وفي كل فقد مثّل التصريح توجهًا مختلفًا عما كان قد أشيع عن تولي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير –مجرم الحرب على العراق– رئاسة المجلس الانتقالي في غزة.
وما زالت المفاوضات تُجرى حول ما يوصف باليوم التالي في غزة.
فماذا لو جرى توافق بين الفصائل الفلسطينية على إجراء انتخابات فلسطينية، رئاسية وتشريعية، في هذا التوقيت تحديدًا؟
تلك الخطوة كفيلة بإرباك الخطط الأمريكية – الصهيونية. وهي تقطع الطريق على محاولات احتلال غزة تحت عناوين سياسية، ووفق مفاوضات تُجرى بين أطراف دولية وإقليمية، لا دور حقيقي فيها للشعب الفلسطيني.
إن جرى الاتفاق على إجراء تلك الانتخابات، فلا معنى للحديث عن اليوم التالي في غزة –الذي يتحدث به نتنياهو وترامب ومجموعة من القادة الغربيين– إذ يصبح من يحكم غزة في اليوم التالي لانسحاب القوات الصهيونية هو من ينتخبه الشعب الفلسطيني لا غيره، وتكون الفصائل والشعب الفلسطيني قد قطعوا الطريق على مخطط تسليم سلاح المقاومة لأطراف دولية، إذ سيجري الأمر داخل الإطار الفلسطيني.. إلخ.
وإن جرى هذا الاتفاق، سيكون الشعب الفلسطيني قد طوى صفحة الانقسام الفلسطيني السياسي، وانتهى الانفصال الجغرافي بين غزة والضفة، ويكون الشعب الفلسطيني قد تقدم خطوة باتجاه بناء الدولة الفلسطينية، بالتناغم مع الاعترافات التي توالت بتلك الدولة. إذ يصبح المصير الفلسطيني موحدًا، لا فرق فيه بين الضفة وغزة.
ويكون الموقفان الأمريكي والصهيوني في موقع دفاعي، لا موقع هجومي كما هو حادث الآن، وبالدقة سيشهد الموقف حول غزة والضفة تحولًا كليًا.
لكن، ألا توجد معوقات أمام مثل هذا القرار؟ وهل الأمر ممكن بتلك البساطة؟
يبدو المعوق الأول والأهم هو الحسابات الأنانية الضيقة للسلطة الفلسطينية، إذ يخيفها تنامي شعبية المقاومة من جهة، كما أنها ستضع الحسابات الأمريكية والصهيونية في اعتبارها بالمقام الأول، في تكرار لموقفها الذي رفض وصف ما يجري في غزة جريمة تطهير وإبادة، وهو ما ظهر في مؤتمر الدولة الفلسطينية في نيويورك، إذ وصف الرئيس الفرنسي ماكرون ما يجري بهذه الأوصاف، فيما لم يصفها محمود عباس في كلمته المتلفزة بهذا الوصف.
أما المعوق الثاني فهو الموقفان الصهيوني والأمريكي، إذ سينظر إلى الانتخابات باعتبارها تحولًا خطيرًا يبدد الجانب الأخطر في خطة نتنياهو–ترامب، سواء تنصيب حكم أجنبي لغزة، أو نزع سلاح المقاومة، ومن قبل ومن بعد يسقط ورقة الانقسام بين الضفة وغزة، وكل هذا سيدفع البلدين لبذل كل جهد عسكري وسياسي وإعلامي لمنع إجراء مثل تلك الانتخابات.
كما ليس مستبعدًا أيضًا أن تصدر مواقف رافضة لهذا التوجه من أطراف عربية تحت عنوان الخوف من الخروج على الاتفاق الذي يرعاه ترامب.
غير أن كل ذلك لا يؤثر على تلك الرؤية، بل يجب الإلحاح عليها، وتذليل عقبة موقف السلطة الفلسطينية –حتى لو كان المقابل هو توافق بين السلطة والفصائل على عدم ترشيح فصائل المقاومة أحدًا لمنصب رئيس السلطة– إذ إن الرفض الأمريكي والإسرائيلي يضع كليهما في وضع الرافض للدولة الفلسطينية وللديمقراطية والانتخابات، والمصمم على الحرب طريقًا وحيدًا لحل القضية الفلسطينية، وهو ما سيعود بدوره عزل إسرائيل إلى الدوران.
وأخيرًا فمثل هذه الفكرة توضح أن بالإمكان التحرك بطرق متعددة –تتناسب مع طبيعة المرحلة الراهنة– لإفشال مخطط احتلال إسرائيل لغزة تحت القيادة الأمريكية.
