أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الضاري يشخّص طبيعة الخلل البنيوي للنظام السياسي العراقي في ندوة نخبوية بإسطنبول

الدكتور مثنى حارث الضاري: لا بد من الاعتراف بجذور الأزمة العراقية قبل الحديث عن أي حلول؛ فالهروب من الحقيقة لم يعد ممكنًا بعد عقدين من التجارب الفاشلة

إسطنبول – الرافدين
استضاف منتدى الإخوة الأتراك والعرب، مسؤولَ القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، في الندوة السياسية الرابعة التي عُقدت بعنوان: “بعد الانتخابات.. أي مستقبل ينتظر العراق؟”، بمشاركة باحثين وإعلاميين وأكاديميين من عدد من الدول العربية والإسلامية.
وأوضح مدير مركز الرافدين للدراسات الإستراتيجية (راسام) الدكتور يحيى الطائي –الذي أدار الندوة– أن النقاشات انطلقت من تشخيص واقع النظام السياسي العراقي القائم على المحاصصة الطائفية والعرقية، وما أفرزته الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال من فساد وإخفاقات مستمرة انعكست على الأمن والسيادة والموارد الوطنية.
وقدم الدكتور مثنى الضاري ورقة بحثية موسعة تناولت مقدمات الانتخابات الأخيرة ومجرياتها، مشيرًا إلى أن الأجواء التي سبقتها شهدت تكهنات واسعة حول احتمال تغيير في الموقف الأمريكي أو تأجيل العملية الانتخابية، قبل أن تتبدد تلك التوقعات تمامًا مع التصريحات الرسمية الأمريكية التي أكدت أن “نتيجة الانتخابات شأن عراقي خالص”. ورأى الضاري أن التعويل على خلاف أمريكي–إيراني لإحداث تغيير في مسار الانتخابات لا يستند إلى قراءة دقيقة، مؤكدًا أن الخلاف بين الطرفين قديم ويتم تجاوزه عادة بتفاهمات لا تنعكس إيجابًا على الواقع العراقي.

مثنى حارث الضاري: التأثيرات الخارجية في العراق لا تُدار خلف الكواليس فقط؛ بل باتت واضحة وعلنية وتنعكس مباشرة على القرار السياسي.

وأشار الضاري إلى أن المنافسة الانتخابية هذه المرة انتقلت إلى مستويات محلية ضيقة امتدت إلى الأقضية والنواحي والقرى، مما أدى إلى تفتيت الكتلة الانتخابية ونشوب خلافات اجتماعية داخل العشائر والعائلات نتيجة كثرة المرشحين وتشتّت الأصوات. وأضاف أن الوعود بمحاربة الفساد تتلاشى بعد انتهاء الانتخابات، بينما تعمّق العملية الانتخابية نفسها آليات الفساد عبر قوانين تمثيل تمنح القوائم الكبيرة أفضلية على حساب المستقلين، وفي مقدمتها نظام سانت ليغو المعدل.
وتطرقت الورقة إلى سلبيات بارزة رافقت الانتخابات، منها مشاركة كيانات مسلحة بواجهات سياسية، ووقوع حالات عنف سياسي بفعل التوترات الطائفية والمصلحية، إضافة إلى دعوات –بعضها رسمي– لمعاقبة المقاطعين، في مشهد غير مسبوق.
أما بخصوص النتائج، فأكد الدكتور الضاري أن البرلمان الذي أفرزته الانتخابات غير قادر على تلبية تطلعات المواطنين، لهيمنة المصالح الضيقة عليه وتزايد حجم الضغوط الإقليمية والدولية في قراراته، لافتًا إلى صعود كتلة كبيرة لنواب الميليشيات تجاوز عددهم السبعين نائبًا، وعودة حسم منصب رئيس الوزراء إلى سيطرة الإطار التنسيقي وحلفائه.
وبيّن أن هذه المخرجات لا تصب في صالح العراقيين، بل تعزز نفوذ القوى الموالية لإيران وتبقي القرار السياسي رهينًا لإرادات خارجية. وشدد في ختام الندوة على أن أي انتخابات تُجرى في ظل غياب البيئة السياسية الآمنة، وانتشار السلاح خارج الدولة، وضعف استقلالية المؤسسة الانتخابية، ستبقى مجرد عملية لإعادة إنتاج الأزمة ذاتها، مؤكدًا أن الإشكال الجوهري يكمن في بنية النظام السياسي نفسه التي لا يمكن إصلاحها عبر صناديق الاقتراع.
واختُتمت الندوة بمداخلات المشاركين وتعقيباتهم، التي خلصت إلى أن التعويل على الانتخابات كمسار للإصلاح في العراق “وهم لا طائل منه”، وأن البحث عن حلول لا يمر عبر إعادة تدوير المنظومة السياسية القائمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى