أخبار الرافدين
اقتصادتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفشل السياسي في العراق يؤول إلى إفلاس خزينة الدولة

مخاوف من تكرار سيناريو إفلاس لبنان في العراق وسط تحذيرات من ثورة جياع بسبب سوء الإدارة وعقم السياسات الاقتصادية.

بغداد – الرافدين

أثار إعلان نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة اللبنانية، سعادة الشامي، “إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي”، ردود فعل واسعة في العراق ومخاوف في الأوساط الشعبية من تكرار نفس السيناريو في ظل مشهد متقارب يعشه لبنان والعراق.

وقال الشامي في حديث تلفزيوني إن الخسائر ستوزَّع على الدولة والمصرف اللبناني والمصارف والمودعين.

وأضاف “ليس هناك تضارب بوجهات النظر حول توزيع الخسائر، وسيجري توزيعها على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، لكنِ الدولة أفلست وكذلك مصرف لبنان والخسارة وقعت، وسنسعى إلى تقليل الخسائر عن الناس”.

لبنان يعلن إفلاسه رسميًا ويتقاسم خسارته مع المصارف والمودعين

وحذر خبراء اقتصاديون من تكرار السيناريو اللبناني في إفلاس الدولة ومصرفها المركزي في العراق، في ظل تشابه كبير في النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والولاء للخارج، والمواءمة بين السياسة والفساد وسطوة السلاح خارج سيطرة الدولة.

وعزا الخبير الاقتصادي صباح علو في تصريح صحفي إعلان إفلاس لبنان إلى تصارع القوى السياسية منذ فترة طويلة وانعكاسه السلبي على الواقع الاقتصادي اللبناني.

وأضاف أن “العراق يسير على خطى لبنان منذ تشرين الأول 2021 ولغاية اليوم حيث لم تتمكن القوى السياسية من الاتفاق على تشكيل الحكومة لكي تمتلك الإمكانية في تسيير الأمور”.

وأشار إلى أن “العراق قد يدخل مدخل لبنان في المرحلة القادمة بسبب الأزمات المتراكمة التي لم تتمكن خمس حكومات ماضية من حلها إضافة الى الفساد والهدر في المال العام”.

ولفت إلى أن “انتشار السلاح يعطي مؤشرًا خطيرًا في العراق إذا استمر الوضع طويلًا دون وجود حكومة مستقرة تعطي الإمكانية لفك كل أشكال الأزمات التي يعيشها المواطن العراقي لاسيما الاقتصادية منها”.

ويقود الحديث عن فوضى السلاح وسطوة الميليشيات إلى فتح ملف تهريب العملة الذي تشرف عليه فصائل موالية لإيران والذي ساهم في استنزاف خزينة الدولة طوال نحو عقدين من الزمن الأمر الذي أوصلها إلى حافة الانهيار في فترات سابقة.

ويرى الخبير المالي سعيد الدليمي أن “استمرار الآلية الحالية للنظام المصرفي العراقي، ستُدخل البلاد في أزمة مالية، لا يمكن الخروج منها، على الرغم من كل وارداتها النفطية”.

وأضاف الدليمي أن “البنك المركزي العراقي غير مستقل، ويفتقد للسياسة النقدية، لخضوعه لإرادة الأحزاب المتنفّذة”، مبيّنًا أن البنك “كان يخضع في فترة النظام السابق لتوجهات رئيس السلطة التنفيذية، أما حاليًا فيُدار من قبل جهات سياسية موالية لإيران، تمتلك فصائل مسلّحة، وهذه الجهات تهرّب الدولار إلى خارج العراق، وخاصةً إيران ولبنان، وأحيانًا يودع الدولار في مصارف أوروبية، لمصلحة أطراف سورية ويمنية”.

بيع العملة الصعبة عبر نافذة البنك المركزي العراقي وتهريبها إلى الخارج يستنزف خزينة الدولة

وعلى الجانب الآخر رفض المستشار المالي لرئيس الوزراء الحالي مظهر محمد صالح، مقارنة العراق بلبنان سياسيًا وماليًا، وعدّ المقارنة “زائفة وخلطًا للأوراق”، مؤكدا تمتع الاقتصاد العراقي بتدفقات نقدية “تحصّن” البنك المركزي العراقي، فضلًا عن وجود تعاون محلي وآخر دولي لمواجهة تهريب العملة إلى الخارج.

لكن هذه التطمينات الحكومية لا تستند إلى واقع اقتصادي ومعيشي وفق خبراء اقتصاديين ومراقبين إعلاميين.

ووصف الكاتب سمير داوود حنوش الحكومة الحالية بـ “حكومة تصريف الأموال” إلى جانب كونها حكومة تصريف للأعمال محذرًا من جرها البلاد إلى أزمة مالية شبيهة بالأزمة اللبنانية.

وكتب حنوش: “الحكومة غائبة عن الوعي بغياب متعمّد ومقصود عندما تصف موازنتها بالانفجارية إثر الوفرة المالية التي أحدثها قرار رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي في سابقة خطيرة لم تشهدها أي دولة تحترم عملتها الوطنية مع ما أحدثه ارتفاع أسعار النفط جراء الحرب الروسية – الأوكرانية وتلك الوفرة المالية التي أحدثها ذلك الارتفاع”.

وحذر حنوش من تكرار السيناريو اللبناني في إفلاس الدولة ومصرفها المركزي وتبعاتها الخطيرة على المشهد والتي لن تنحصر على إعلان الإفلاس فحسب، بل ستتعداه إلى حرب يقودها الفقراء والجيّاع تأكل الأخضر واليابس.

وتنفي الحكومة مثل هذه المخاوف، مستندة على قيمة صادرات البلد النفطية التي كشفت عنها وزارة النفط والتي بلغت إيراداته في شهر آذار الماضي وحده أكثر من 11 مليار دولار، وهو الإيراد الأكبر منذ عام 1972 والذي يتجاوز قيمة ميزانيات دول مجاورة لسنة كاملة.

وتصرف الحكومة رواتب موظفي الدولة من إيرادات النفط الذي تذبذبت أسعاره بشكل كبير بعد انتشار فيروس كورونا وإجراءات الإغلاق التي فرضتها أغلب الدول على اقتصاداتها للحد من انتشار الفيروس.

تذبذب أسعار النفط بعد تفشي كورونا انعكس سلبًا على إيرادات الدولة والوضع الاقتصادي فيها

ويرى المعلق الاقتصادي نجاح العبيدي أن “هناك أوجه تشابه بين لبنان والعراق، ومنها الشارع الغاضب ونظام المحاصصة وسطوة حزب الله الذي فرض موقفه، ومنع الحكومة اللبنانية من الذهاب إلى صندوق النقد الدولي لطلب العون.

وكتب العبيدي “صحيح أن العراق، بخلاف لبنان، يملك ثورة نفطية كبيرة، لكن التعويل على الذهب الأسود وحده لا يبدو رهانًا رابحًا”.

ويتفق مع ذلك الباحث الاقتصادي أحمد الهذال، الذي حذر من “تكرار تجربة رهن الاحتياطي النفطي العراقي”، متهمًا السياسيين بـ “التخطيط السيئ، الذي أوصل العراق إلى هذا الحال”.

ويقول الخبراء إن ما عمق من مشكلات العراق الاقتصادية، عمليات الاقتراض من بنوك داخلية وخارجية وعدم وجود سياسات واضحة ونزيهة في إدارة الأموال وغياب استراتيجية الحلول، لبلد يعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتدهور البنى التحتية ومنظومة الخدمات.

الفساد ينخر اقتصاد العراق ويفاقم من مشاكله ويزيد من نقمة الشارع على الطبقة الحاكمة

وما يزيد من الأزمة الاقتصادية للعراق تفاقم عمليات الفساد، إذ كشفت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي السابق عن أن قيمة الأموال المهربة للخارج في إطار عمليات الفساد بلغت نحو 350 تريليون دينار (241 مليار دولار) بينما أشار رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح إلى أن قيمة واردات النفط منذ 2003 بلغت 1000 مليار دولار هُرب منها نحو 150 مليار دولار إلى الخارج بسبب الفساد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى