أخبار الرافدين
الأخبارتقارير الرافدين

الكاظمي يسترضي واشنطن وطهران للإبقاء عليه في رئاسة الوزراء

مصير العراق وتشكيل الحكومة ورقة بيد إيران تلعب بها مع واشنطن ودول الإقليم العربي لتمرير نفوذها في المنطقة.

بغداد- الرافدين

في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي يبعث برسائل تعهد لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في العراق، عبر الرئيس الجديد للقيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، الجنرال مايكل كورولا خلال زيارته إلى بغداد الأسبوع الماضي، كان وزير خارجية حكومة المنطقة الخضراء فؤاد حسين يقدم تعهدًا للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في طهران،  بقوله “نحن مستعدّون لتعاون واسع، بما في ذلك في مجال الأمن، للحيلولة دون أيّ تهديد لمصالح الجمهورية الإيرانية الإسلامية”.

وفي آذار أطلق الحرس الثوري الإيراني عدّة صواريخ استهدفت مدينة أربيل في شمال العراق. وأكّد الحرس الثوري تنفيذ تلك الهجمات الصاروخية بذريعة استهداف “مركز استراتيجي” مستخدم من إسرائيل.

وقال فؤاد حسين للرئيس الإيراني إن “العراق ليس دولة جارة فحسب بل هو أيضًا حليف وصديق للجمهورية الإيرانية الإسلامية”.

بينما عبر الكاظمي لكورولا عن رغبته في استمرار الدعم الأمريكي، قائلا “نحن نؤمن بعمق بعلاقتنا مع الولايات المتحدة. كدولة ساعدتنا في التخلص من الديكتاتورية وأيضًا.. المساهمة في دفع النظام الديمقراطي قدمًا”.

واعترف الكاظمي للكاتب ديفيد إغناطيوس الذي رافق الجنرال مايكل كورولا في زيارته إلى بغداد والالتقاء بالكاظمي في أولى محطاته قبيل استلام مهامه في “سنتكوم”. بأن الوضع قد يزداد سوءًا في حال انهيار المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران مما يترك العراق في وضع غير مستقر في المنتصف.

وقال “منطقتنا لا يمكنها أن تتحمل أي حروب إضافية، نحتاج صفقة تجلب بعض السكينة للمنطقة” في إشارة إلى التوافق الأمريكي الإيراني على الملفات المعلقة وأهمها ملف تشكيل الحكومة في بغداد.

ونقل إغناطيوس عن الكاظمي رغبته في تحقيق السلام، بالأخص مع تواجد العراق على الخط الفاصل بين الصراع العربي وإيران.

الكاظمي لكورولا: ادعموني وسأنفذ مطالبكم

 

غير أن المؤشرات السياسية في العراق الذي يعيش انسدادًا حكوميًا بين الأحزاب والميليشيات المتصارعة على توزيع حصص الحكومة، تستبعد قدرة الكاظمي على التوفيق بين إيران من جهة والقبول به في المحيط العربي المتضرر من السياسات الإيرانية التوسعية، وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى.

ويعزو مراقبون سياسيون رغبة الكاظمي بالتوفيق في علاقته مع واشنطن وطهران، إلى طموحه في الحصول على تزكية من الطرفين المختلفين إلا في التفاهم على وضع العراق بعد احتلاله عام 2003. والبقاء في رئاسة الحكومة في دورة رئاسية جديدة.

ويستبعد المراقبون الإبقاء على الكاظمي في رئاسة الحكومة، رغم أنه حظي بتزكية زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومرجعية النجف التي تعطي موافقتها النهائية على رئيس الحكومة، غير أن أحزاب وميليشيات إيران في العراق ترى أن الكاظمي يشكل ضررًا على مصالحها في حصة سرقة الدولة.

ويأمل الكاظمي أن يتم الاتفاق بين إيران والغرب على اتفاقية نووية جديدة لخفض التوتر في المنطقة، لأنه يعتقد ذلك في مصلحته للدفع به ثانية في رئاسة الحكومة. بينما كل المؤشرات تؤكد أن تضمين الاتفاقية الجديدة رفع الحرس الإيراني من قائمة الإرهاب الأمريكية السوداء، يعني بالضرورة تمدد أذرع إيران في المنطقة لتنفيذ أجندتها عبر الميليشيات.

ولا تتعلق رئاسة الوزراء بنتائج الانتخابات وحدها بقدر التسويات الإيرانية – الأمريكية حول القبول برئيس الوزراء الجديد.

ويجمع غالبية المراقبين على أن أي رئيس وزراء مرّ أو سيكون مستقبلًا لا يمكن أن يجلس في موقعه من دون أن تتم “فلترته” في مكتب مرجعية النجف برئاسة علي السيستاني.

ونقل إغناطيوس في مقال بصحيفة واشنطن بوست تحذير مسؤول أمريكي من أنه إذا انهارت المحادثات بين إيران والغرب، “فمن المرجح أن يكون العراق ضحية”. في مؤشر أن مصير العراق وحكومته بيد إيران كورقة تلعب بها مع واشنطن ومع دول الإقليم العربي أيضًا.

ويقول إغناطيوس “عندما سألتُ الكاظمي عن جدول أعماله إذا حصل على تفويض جديد كرئيس للوزراء، أجاب على الفور: تعزيز سيادة العراق حتى يتمكن من مقاومة المحاولات الخارجية للتلاعب بالبلد”.

وقال إن هدفه الثاني هو فرض احتكار الدولة للسلاح، وفقًا للكاتب الذي يرى أنها ترجمة  لنزع سلاح الميليشيات، بالإضافة إلى الإصلاح الاقتصادي والخصخصة.

ويعلق إغناطيوس أن هذه هي الأهداف الصحيحة، آملًا أن يتمكن الكاظمي من تحقيقها، ومؤكدًا أنه سيحتاج إلى مساعدة الولايات. وقال إن العراق “هو التحدي الأكثر إثارة للإعجاب ولكن أيضًا الأكثر إحباطًا في المنطقة”، ودولة كبيرة وخصبة تنعم بالطاقة والموارد الأخرى مع مزيج سكاني ديناميكي.

ويستدل الكاتب على عدد من المشاهد من بينها التدخلات الإيرانية وتراجع المقاعد المخصصة للمليشيات الموالية لإيران خلال الانتخابات العراقية الماضية، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يعود الكاظمي لولاية جديدة.

غير أن المؤشرات على الأرض تؤكد أن وعود الكاظمي إلى واشنطن، أكبر من قدرته على تحقيقها عندما تصطدم بالدولة العميقة المتمثلة بميليشيات الحشد الشعبي ومصالح أحزاب إيران في العراق.

وتساءل الصحفي كرم نعمة في مقال له “هل بإمكان الكاظمي استعادة البلاد المخطوفة من قبل اللادولة المتمثلة في الميليشيات الطائفية؟ وهل سيمتلك الشجاعة السياسية والوطنية ليرد على السؤال العارم في البلاد منذ سنوات (نريد وطنًا) ويقول ها نحن أعدنا لكم العراق؟”.

وقال إن الكاظمي فشل في أكثر من اختبار جدي لكبح ميليشيات اللادولة المتمثلة في العناصر المارقة، كان آخرها قصف منزله وإهانته علنًا أمام الشارع العراقي، دون أن يستطيع أن يجرؤ بمجرد توبيخها بالكلام!

وعبر نعمة عن اعتقاده أن العملية السياسية ستبقى تدور في نفس المربع الأول من الفساد والفشل سواء شُكلت حكومة التيار الصدري أم لم تُشكّل، إذ كل الأسماء المتداولة تعيد تدوير نفس وجوه الفشل الموجودة منذ 19 عشر عامًا.

وتوقع كرم نعمة أن يكون الحل العراقي للخروج من الرثاثة السياسية والطائفية، قادم في ثورة تشرين الثانية التي تكمن في صدور العراقيين، والجيل الجديد من الشباب الذي بدأ يغير المعادلة على الأرض من ساحة التحرير في بغداد حتى ساحة الحبوبي في الناصرية.

 

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى