أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

عجز حكومي عن وضع حد للممارسات الكويتية والإيرانية ضد الصيادين العراقيين في مياه الخليج العربي

صيادو العراق عرضة للاعتقال والتنكيل في مياههم الإقليمية على يد خفر السواحل الكويتي فضلًا عن الغرامات الطائلة التي يفرضها خفر السواحل الإيراني عليهم.

البصرة – الرافدين

عادت قضية التضييق على الصيادين العراقيين واعتقالهم والتنكيل بهم فضلًا عن إهانتهم خلال ممارستهم مهنة الصيد في مياه الخليج العربي من قبل خفر السواحل الكويتي والإيراني إلى الواجهة مجددًا في ظل العجز الحكومي عن وضع حد لمثل هذه الممارسات.

وبلغت موجة الغضب الشعبي أشدها حينما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين صورًا تظهر آثار التعذيب التي تعرض لها عدد من الصيادين العراقيين بعد اعتقالهم من قبل دوريات خفر السواحل الكويتي.

مطالبات بإيقاف اعتداءات خفر السواحل الكويتي على الصيادين العراقيين

وطالب مسؤول عشائر الفاو محمد الحياتي، في بيان السفير العراقي لدى الكويت، بالتدخل لوضع حد لاعتداءات خفر السواحل الكويتي على الصيادين العراقيين.

وجاء في البيان الصادر عن الحياتي والذي حصلت قناة “الرافدين” على نسخة منه “نود إعلامكم أن في يوم الجمعة الموافق الخامس عشر من نيسان 2022 تم التعرض لنا من قبل خفر السواحل الكويتي ونحن نمارس مهنة الصيد في خور عبد الله وتم اقتيادنا إلى داخل المياه الإقليمية الكويتية من الصباح وحتى الثالثة بعد الظهر بعد تعرضنا لإطلاق نار بشكل كثيف وعشوائي خلال احتجازنا فضلًا عن تعرضنا للضرب والسب والشتم والإهانة” .

وأضاف الحياتي “علمًا أننا نمارس عملية صيد الأسماك وهي مهنتنا أبًا عن جد وهي مصدر رزقنا وعيشنا وأن عملية الضرب والسب والإهانة تحدث بصورة مستمرة وخلافًا للقانون والأعراف الاجتماعية السائدة في المجتمع العربي.

وكانت قوات خفر السواحل الكويتية، قد احتجزت 25 صيادًا مع زوارقهم الخمسة في المياه الإقليمية العراقية قبل أن تطلق سراحهم.

وقالت مصادر محلية إن “الحادث وقع عندما كانت الزوارق في المياه الإقليمية العراقية لكن قوات خفر السواحل الكويتية احتجزتهم بداعي أن خور عبد الله تابع للجانب الكويتي وليس من حق العراقيين عبور ما يعرف بالخط الافتراضي” .

وأضافت أن “الجميع يعرف ان تلك العلامات البحرية هي عراقية وضعتها الشركة العامة للموانئ فيما مضى، لكن الجانب الكويتي لا يسمح بتجاوز ذلك الخط ولو بشبر واحد ويعتبرها ضمن مياهه الإقليمية” .

وأدان عضو مجلس النواب الحالي عن محافظة البصرة أحمد طه الربيعي، الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها صيادو البصرة من قبل خفر السواحل الكويتي، مستنكرًا في الوقت ذاته سكوت الحكومة ومجلس محافظة البصرة عن هذه الاعتداءات.

وقال الربيعي، إن “تكرار الاعتداءات بشكل مستمر على الصيادين العراقيين وهم يقومون بعملهم داخل حدود بلدهم أمر مستنكر وغير مقبول من قبل السلطات الكويتية، ولن يقبل به أي عراقي غيور”.

بدران التميمي: الحكومة تتحمل مسؤولية ارتفاع وتيرة اعتداءات دول الجوار على الصيادين العراقيين

من جانبه، انتقد رئيس جمعية صيادي الأسماك في البصرة بدران التميمي في لقاء أجراه برنامج مع الناس الذي تبثه قناة “الرافدين” الضعف الحكومي في حماية الصيادين بمياه الخليج العربي في ظل ارتفاع وتيرة الاعتداءات ضدهم.

وكان التميمي قد لفت في تصريحات صحفية تابعتها “الرافدين” إلى أن الكويت تسارع لاعتقال الصيادين العراقيين الذين يدخلون “دون قصد” إلى مياهها الإقليمية.

وأشار إلى أن “أكثر من 100 صياد عراقي اعتقل من قبل إيران والكويت في عرض المياه الإقليمية العراقية في النصف الأول من العام الماضي فقط”.

وقال إن “السلطات العراقية تقوم، بدورها، باحتجاز الصيادين بعد استلامهم، مبينًا أن الصياد العراقي يخسر قرابة 5 ملايين دينار ما بين توكيل محام وجلب كفيل لغرض الخروج من السجن”.

وأوضح “أن الجانب الكويتي مايزال يحتفظ بأحد الصيادين من العراق نتيجة إدانته ظلمًا بقتل أحد أفراد قوات الأمن الكويتية والذي قتله رفاقه بالخطأ، حيث حكم عليه بالإعدام شنقًا حتى الموت”.

بدوره، أكد مصدر أمني كويتي ردًا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية بأن “الأشخاص الذين يتم ضبطهم على الحدود يسلّمون من قبل القوات البرية وهم بصحة جيدة وبالتنسيق مع الجانب العراقي”.

إيران تفرض غرامات طائلة على الصيادين العراقيين في شط العرب

وليس بعيدًا عن مياه الخليج العربي وفي الضفة المقابلة من شط العرب حيث يرفرف العلم الإيراني إلى جانب صور مؤسس نظام ولاية الفقيه في إيران الخميني والمرشد الإيراني الحالي علي خامنئي. يقول عبد الله، وهو صياد عراقي في الستينيات من عمره ورفض الكشف عن اسمه الكامل “لدينا الكثير من المشاكل مع الإيرانيين”، مضيفًا “بمجرد عبورنا الحدود بسبب التيار يعتقلوننا”.

ويشتكي صيادون عراقيون بينهم طارق زياد، من أنهم “يتعرضون لمضايقات”، سواء من إيران أو الكويت.

ويقول زياد “الإيرانيون يدخلونك السجن ويغرمونك 3 آلاف دولار، قبل أيام قليلة اعتقل أخي من قبل دورية نهرية إيرانية ودفع 3 آلاف دولار”.

ويشير صيادون إلى أن الكويت تقوم عادة بإطلاق سراح الصيادين العراقيين بوساطة من قبل ضباط عراقيين لديهم علاقات مع الجانب الكويتي، بينما تحتجزهم إيران لأكثر من 10 أيام قبل أن تقوم بإطلاق سراحهم تلقائيا وتسليمهم إلى العراق.

ارتفاع أسعار الوقود وتراجع مناسيب المياه يفاقمان من معاناة الصياد العراقي

وفي ظل التجاوزات المتكررة والمراقبة المشددة من قبل الدول المجاورة للعراق إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود في السنوات الأخيرة باتت رحلات الصيد تقتصر على مناطق محدودة.

وتراجع حجم الصيد الذي بالكاد يكفي لإطعام الصيادين وحدهم، نظرًا لانخفاض مناسيب الأنهر بسبب الجفاف الشديد في العراق جراء نقص المياه من دولتي المنبع (إيران وتركيا) إثر إقامة السدود على مجاري الأنهار النابعة منهما.

ويعتمد قطاع صيد الأسماك في العراق حاليًا على مهنة الصيد في الخليج باستخدام الزوارق و”اللنشات”، لكن غياب الاتفاقيات مع الدول المتشاطئة جعل الصيادين العراقيين عرضة للمضايقات والاعتقالات.

ويقول البحار علي العقابي في تصريحات صحفية إن “الصيادين العراقيين ما زالوا يواجهون مشاكل في دخول قناة خور عبد الله، لأن الجانب الكويتي يعتقلهم بمجرد دخولهم” .

ويضيف العقابي أن ”الصيد في مياه شط العرب أخذ ينحسر من جانب العراق ويتمدد باتجاه إيران”.

وما تزال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والمائية بين العراق وإيران، تراوح مكانها، لا سيما بعد تأكيد بغداد مؤخرًا أنّ طهران تجاهلت مطالب الحكومة العراقية المتكررة، بضرورة تعديل بعض بنود اتفاقية الجزائر التي أُبرمت عام 1975.

ويفاقم هذا الوضع مشاكل العراق المائية، فضلا عن مشاكل الصيادين.

ويشكو الصياد العراقي فؤاد محسن من تجاوزات قوات خفر السواحل والحرس الثوري الإيراني بحقّ صيادين عراقيين، بسبب التعثر المتواصل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.

إيران تتجاهل المطالبات الحكومية بإجراء تعديلات على بنود اتفاقية الجزائر

ويُبدي قائممقام قضاء الفاو وليد الشريفي مخاوفه، إذ إن شط العرب يغير مجراه باتجاه الأراضي العراقية ويتسبب في تآكل ضفافها، وهو ما يغيّر مسار خط التالوك، وهو الخط الوهمي الذي يقسم النهر مناصفة بين العراق وإيران، ما يعني إضافة أراضٍ عراقية إلى الجانب الإيراني.

ويرى خبراء قانونيون أنّ العودة لاتفاقية الجزائر التي أُبرمت بين البلدين في سبعينيات القرن الماضي، يجب أن تضاف إليها بنود إضافية تحمي حدود العراق السيادية.

وأشار الباحث في القانون الدولي نجاح الساعدي إلى أنّ الحد الفاصل بين العراق وإيران هو شط العرب، وهو مصب لنهري دجلة والفرات، ما أدى إلى تكدّس الأطيان في شط العرب لتشكل تراكماتها خط التالوك (النقطة الفاصلة بين الحدين)، ما سبّب عدم تحديد النقطة الأساسية أو خط القعر.

واعتبر الساعدي أنّ العراق يعاني من عدم استقرار سياسي، وهو ما لا يمنح الشرعية السياسية والقانونية للحكومة الحالية، للتباحث مع دول الجوار في قضايا أساسية.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى