أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

اللبنانيون يتوقون لاستعادة الدولة المخطوفة من حزب الله بعد الانتخابات

لبنانيون يرون أن كلّ المسؤولين متورطون بالفساد، وسيستمرون في تقلد مناصبهم ومن دون إعطاء فرصة للجيل الشاب فلا نفع من الانتخابات.

بيروت- الرافدين

مازالت طبقة واسعة من اللبنانيين تحلم بالتغيير عبر الانتخابات النيابية المرتقبة في منتصف أيار المقبل، رغم قتامة المشهد وعزم كثيرين على مقاطعتها؛ لاعتقادهم أنها ستفرز نفس المنظومة السياسية الواقعة تحت سطوة حزب الله الخاضع للحرس الثوري الإيراني.

أقل من شهر يفصل لبنان عن موعد الانتخابات النيابية الأولى بعد اندلاع ثورة 17 تشرين الأول 2019، حيث استمرت الاحتجاجات الشعبيّة خلالها لأشهر متواصلة.

وطالب المحتجون حينها بانتخابات نيابية مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ورحيل ومحاسبة بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار إلى الكفاءة.

وعلى الرغم من مرور أكثر من سنتين على الثورة، فإن مطالب الشعب لم تتحقق، إذ يعيش اللبنانيون اليوم أزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلًا عن شح في الوقود والأدوية.

ويتنافس في الانتخابات المقبلة 103 لوائح انتخابية تضم 718 مرشحًا موزعين على 15 دائرة انتخابية (قضاء أو أكثر) لاختيار 128 نائبًا في البرلمان.

وتجري الانتخابات البرلمانية في البلاد كل أربع سنوات، حيث تتوزع المقاعد الـ 128 على النحو الآتي: 28 للسنة، و28 للشيعة، و8 للدروز، و34 للموارنة، و14 للأرثوذكس، و8 للكاثوليك، و5 للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

ورغم إنجاز التحضيرات اللوجستية للانتخابات واكتمال تسجيل اللوائح، وبدء الحملات الانتخابية، لا تظهر حماسة لدى غالبية الشعب اللبناني للمشاركة بها.

رغم إنجاز التحضيرات اللوجستية للانتخابات، لا تظهر حماسة لدى غالبية الشعب اللبناني للمشاركة بها.

فالتحالفات الانتخابية لم تختلف عن السنوات السابقة، حيث لا يزال حلفاء إيران والنظام السوري حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل متماسكين، مقابل خلل في تحالفات الجهة المقابلة القريبة من السعودية المتمثلة بالقوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط.

ويرجع خبراء هذا الواقع إلى غياب المكون السنّي الأبرز في لبنان تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري عن المشهد السياسي، بعدما أعلن الأخير في كانون الثاني الماضي، تعليق عمله السياسي وعدم خوض تياره الانتخابات البرلمانية.

وأعرب الحريري رئيس الحكومة الأسبق حينها خلال مؤتمر صحفي، عن اقتناعه، بأنه “لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة”.

ويمتلك حزب الله ترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ، وتتهمه قوى سياسية لبنانية بتهديد الساحة الداخلية بهذا السلاح.

أما بالنسبة إلى المجتمع المدني، فحظوظه بالفوز لم تعد قوية لعدم توحّد لوائحه في الدوائر، وما قد يؤدي وفق مراقبين إلى تشتت الأصوات.

وبلغت نسبة الاقتراع 49.20 في المئة، في الانتخابات النيابية الأخيرة التي حصلت في عام 2018، مقارنة مع 54 في المئة عام 2009، وفق وزارة الداخلية والبلديات.

ويرى مراقبون أن نسبة الاقتراع قد لا تصل إلى نفس النسب السابقة، لأسباب عدة منها فقدان الشعب ثقته بالتغيير، وانسحاب زعيم تيار المستقبل المكون السني الأبرز، سعد الحريري من العمل السياسي ما يجعل نسبة كبيرة من السنة تقاطع الانتخابات، بالإضافة إلى عدم اهتمام الشعب بالانتخابات، بل بتأمين لقمة عيشه.

ويقول المواطن رينو باشا (50 عامًا)، أنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة، لأنه فقد الأمل بالتغيير في بلاده.

ويضيف أن “الفساد مستشرٍ في كلّ مكان بالسلطة، وكلّ المسؤولين متورطين بالفساد، وسيستمرون في تقلد مناصبهم من دون إعطاء فرصة للجيل الشاب والجديد، فلا نفع من الانتخابات”.

لا نفع من انتخابات سيستمر فيها المتورطون بالفساد، في تقلد مناصبهم من دون إعطاء فرصة للجيل الشاب والجديد

بدورها، تؤكد مواطنة أربعينية التقتها مراسلة وكالة الأناضول في المنار ببيروت، لم ترغب بالإفصاح عن اسمها، رفضها التام المشاركة بالانتخابات، معلنةً ندمها للمشاركة والتصويت لأحد الأحزاب السياسية في الانتخابات السابقة من دون تسميته.

وتقول “بتنا فقراء، ونعيش في أوقات يصعب علينا تأمين لقمة العيش، ولا أحد من المسؤولين يلتفت إلينا أو يساعدنا”.

أما لميس، فتسترجع ذكريات ثورة 17 تشرين الأول 2019، قائلة إن “الشعب حاول أن يقوم بالتغيير من خلال الثورة، إلا أنه تم الاعتداء علينا من قبل أنصار الأحزاب”.

وخلال أحداث ثورة 2019 اتهم ناشطون أنصارًا من حركة أمل وحزب الله بالاعتداء على المتظاهرين المشاركين بالاحتجاجات.

وتضيف لميس أن “الانتخابات ستعيد نفس الطبقة السياسية إلى مواقعها، لذا لن أشارك فيها”.

كما أنها لا ترغب بانتخاب لوائح المجتمع المدني، باعتبار أن “المرشحين فيها ممكن أن يكون لهم خلفيات سياسية من تحت الطاولة”، وفق قولها.

بالمقابل، يرى متابعون أن نتائج الانتخابات ستكون مفصلية بالنسبة إلى البلاد، حيث ستفقد الأحزاب الكبيرة الأكثرية المطلقة بالبرلمان منها التيار الوطني الحر الذي يتزعمه جبران باسيل، مع دخول جيل جديد إليه.

ويؤكد المواطن سعيد (60 عامًا)، مشاركته بالانتخابات بحماس وقوة، معتبرًا أنها “فرصة للتعبير عن رأينا”.

ويشير إلى أنه لم يحسم قراره بعد إن كان سيعطي صوته إلى أحد الاحزاب الأقل فسادًا ومسؤولية عما وصل إليه الشعب اليوم “دون تسميته” أو للمجتمع المدني، إلا أنه يميل لمنح صوته للوائح المجتمع المدني.

أما المواطنة ريما (34 عامًا)، فتؤكد أنها لا تعلم لغاية الآن إن كانت ستشارك بالانتخابات أم لا، باعتبار أنها لا تثق بأي من المرشحين وأنها لا تتوقع أن يكون هناك تغيير أو تحسين بالبلاد بعد الانتخابات.

حال ريما هو حال نسبة 40 بالمئة من اللبنانيين الذين لم يحسموا خيارهم بعد لجهة المشاركة من عدمها في الانتخابات، والجهة التي سيقترعون لها، وفق دراسة لشركة “الدولية للمعلومات” (خاص)، نشرتها في نيسان الجاري.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى