أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

المأزق الاقتصادي والسياسي اللبناني مستمر بعد الانتخابات البرلمانية

يتعيّن على لبنان أن يظهر مصداقية في ما يتعلق بالإصلاحات قبل أن يلتزم المجتمع الدولي بأي دعم مالي.

بيروت– تقع على عاتق البرلمان الجديد الذي ستفرزه الانتخابات التشريعية المقررة في الخامس عشر من أيار، مسؤولية إقرار مشاريع قوانين وإصلاحات ملحّة يشترطها صندوق النقد الدولي من أجل دعم لبنان الغارق في انهيار اقتصادي منذ أكثر من عامين.
ما المطلوب من البرلمان الجديد وما أبرز التحديات التي ستواجهه في غياب توافق سياسي بين القوى الكبرى على خطة التعافي الاقتصادي؟
ويشهد لبنان منذ خريف 2019 انهياراً اقتصادياً نجم عن عقود من سوء الإدارة وتغليب الطبقة السياسية مبدأ المحاصصة والصفقات على حساب الإصلاحات البنيوية في الإدارات والمرافق الخدماتية.
وجاء تفشي كوفيد-19 بدءاً من آذار 2020 ثم انفجار مرفأ بيروت المروع في آب من العام ذاته، ليفاقم الوضع سوءاً، في وقت لم تتخذ الحكومات المتعاقبة أي اجراءات ملموسة تضع حدّاً للتدهور وتخفّف من معاناة السكان، الذين بات أكثر من ثمانين في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر.
وتخلّف لبنان العام 2020 للمرة الأولى عن سداد ديونه الخارجية.
وعلى وقع الانهيار الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850، فقدت الليرة أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، وتراجعت قدرة الدولة على توفير الخدمات الرئيسية من كهرباء ووقود وطبابة جراء تضاؤل الاحتياطي بالعملات الأجنبية في المصرف المركزي.
وانهارت كذلك القدرة الشرائية للسكان الذين باتوا عاجزين عن سحب ودائعهم جراء قيود مصرفية مشددة. وخسر عشرات الآلاف منهم مصادر دخلهم في وقت بات الحد الأدنى للأجور يعادل 25 دولاراً فقط. واختارت فئات واسعة من الطبقة الوسطى والاختصاصيين من مدرسين وأطباء وممرضين طريق الهجرة، بحثاً عن بدايات جديدة.
وبعد جولات تفاوض مع الجانب اللبناني، أعلن رئيس وفد صندوق النقد الدولي في السابع من نيسان التوصّل إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات. لكنه شدّد على أنّ موافقة إدارة الصندوق ومجلس إدارته على خطة الدعم رهن “بتنفيذ جميع الإجراءات المسبقة وتأكيد الدعم المالي للشركاء الدوليين”.
وفي إطار الاجراءات المسبقة التي يشترطها صندوق النقد، يتعيّن على البرلمان، وفق ما يشرح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي يقود التفاوض مع صندوق النقد، إقرار مشروع قانون “كابيتال كونترول” الذي يقيّد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف، إضافة الى إقرار مشروع قانون موازنة العام 2022.
وسيتعيّن على البرلمان المقبل إقرار هذين المشروعين. كما سيتعين عليه إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل القانون المتعلّق بالسرية المصرفية.
ويقول الشامي لوكالة الصحافة الفرنسية “نأمل أن يقرّ البرلمان الجديد سريعاً مشاريع القوانين الأربعة التي تعدّ اجراءات مسبقة لاتفاق نهائي مع صندوق النقد”.
ويوضح أن التخلّف عن ذلك سيرتّب “تداعيات سلبية على الاتفاق مع صندوق النقد وعلى الوضع الاقتصادي”.
وقدّرت السلطات اللبنانية مطلع العام حجم الخسائر المالية بنحو 69 مليار دولار. وتمّ التفاوض مع صندوق النقد على هذا الأساس.
لا يتوقّع خبراء أن تحدث الانتخابات تغييراً في المشهد السياسي العام في البلاد الذي تتحكم به قوى سياسية تقليدية، رغم حظوظ مجموعات المعارضة والمستقلين بإحداث خرق وإن محدود في دوائر عدّة.
وهذه هي الانتخابات الأولى بعد انتفاضة شعبية عارمة شهدها لبنان خريف 2019 طالبت بتنحي الطبقة السياسية وحمّلتها مسؤولية التدهور والفساد.
ويقول مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر لوكالة الصحافة الفرنسية “أتوقّع برلماناً أكثر انقساماً يمكن فيه للمعارضة أن تشكل قوة للتغيير والإصلاح”.
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي إن ليس أمام لبنان “سوى خيار” الاتفاق مع صندوق النقد. ونقل عن مسؤولين في الصندوق قولهم “أنجِزوا الخطوات المطلوبة وستبدأ عجلة الحلّ بالدوران سريعاً”.
وتشكّل إعادة هيكلة القطاع المصرفي تحدياً كبيراً اعتبرها صندوق النقد أساسية لدعم النمو، إلا أن إقرار الخطة دونها عقبات، في ظل تداخل مصالح الطبقة السياسية مع أصحاب المصارف.

ويشدد الشامي على أنه يتعيّن على لبنان “قبل كل شيء أن يظهر التزاماً ومصداقية في ما يتعلق بالإصلاحات قبل أن يلتزم المجتمع الدولي بأي دعم مالي”.
ويختم “الكرة في ملعبنا الآن”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى