أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

نتائج انتخابات لبنان ترفع شعار التغيير والسيطرة على سلاح حزب الله

الغموض يلف مصير نبيه بري الذي استحوذ على أطول فترة في رئاسة مجلس النواب اللبناني.

بيروت – أسفرت نتائج الانتخابات النيابية في لبنان، عن بروز قوى جديدة في البرلمان خارج الاصطفافات الحزبية والسياسية والتقليدية للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الداخلية في 1992.

واستطاعت حركة المعارضة المنبثقة من الاحتجاجات الشعبية أن تحصد 13 مقعدا “من أصل 128″، في أول برلمان منذ انطلاق “ثورة 17 تشرين الأول 2019.

وأسفرت الانتخابات عن إنهاء أغلبية حزب الله الميليشيا التي تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني، في البرلمان التي كان يشكلها مع حلفائه في السابق، فرغم احتفاظه وحركة “أمل” بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية، فقد خسر حلفاؤهم مقاعد في عدة دوائر.

‎ وتمكن وضاح الصادق‎ وإبراهيم منيمنة، نائبان يمثلان الاحتجاجات الشعبية، من الفوز بالانتخابات في العاصمة بيروت، ودخول البرلمان للمرة الأولى.

وتمكن نحو 15 نائبا يمثلون الاحتجاجات الشعبية من الظفر بمقاعد في البرلمان الجديد، حيث يسعون إلى تشكيل تكتل مشترك.

ووفق نتائج الانتخابات، التي أجريت الأحد في الداخل وقبلها في 58 بلدا، باتت موازين الكتل البرلمانية وتحالفاتها موزعة بين عدة قوى سياسية، بعدما كان “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وحلفاؤهما يستحوذون بالانتخابات الماضية (2018) على الأغلبية النيابية.

وقال النائب منيمنة لوكالة الأناضول، إن النواب الممثلين للاحتجاجات سيقدمون في البداية “على تشكيل كتلة تغييرية برلمانية، ونتفق على برنامج تشريعي وسنبدأ بعدها بطرح مشاريع القوانين على المجلس”.

وأضاف أنهم سيتابعون “عن قرب عمل الحكومة وكل ما يحدث داخل مجلس النواب لمراقبة شبهات الفساد والتجاوزات من أجل الشفافية مع الناس”.

من جهته، أفاد النائب الصادق “دخولنا إلى مجلس النواب سيكون باختراق الجدران التي منعتنا من الاقتراب منه أيام الثورة”.

وأوضح أن “الشعب هو الذي قرر أنه يجب أن ندخل إلى هذا المجلس كنواب ولكن سنبقى ثوريين”.

وذكر أنهم سيواجهون “إشكالية كبيرة لدى دخولنا إلى المجلس لأن هناك سلطة تمنع اتخاذ أي قرار لمصلحة البلاد”.

ولفت إلى أن “هذه السلطة حاولت خلال السنوات السابقة تمرير كل مشاريع القوانين التي تخدم مصالحها وسرقاتها في ظل غياب المحاسبة والقضاء”.

وأشار إلى أنهم سيواجهون “سدا من السلطة في وجه كل مشروع يعيد بناء لبنان، نعلم أن المواجهة صعبة لأنه هناك محاولات عدة من تغيير لهوية لبنان وتعديل الدستور للحصول على حكومة”.

واعتبر منيمنة، أن “مرحلة التغيير بدأت والمسؤولية كبيرة علينا وخاصة أن البلاد وصلت إلى مرحلة سيئة جدا ونحن منفتحون على العمل داخل المجلس لمصلحة الناس”.

فيما أفاد الصادق “عند اختيارنا من قبل الناس يعني أنهم اتخذوا قرارا آخر، وأنهم خرجوا من الطائفية والحزبية ومن هذه السلطة التي تعودت بث السموم الطائفية عند كل استحقاق”.

ورأى أن “اليوم بداية التغيير في لبنان حيث بدأت المعركة في السابع عشر من تشرين الاول لبدء التغيير في نفوس المواطنين”.”.

وتابع “الناس أخذت قرار التغيير والمسؤولية كبيرة علينا (..) كما قاومنا هنا في الشارع وأسقطنا حكومات، اليوم سنقاوم داخل المجلس”.

وقال منيمنة، إن النواب الممثلين للاحتجاجات لن يسموا رئيس مجلس النواب الحالي نبيه بري لولاية جديدة “كونه أحد أركان السلطة، ولن نسمي أحدا بأي موقع يعتبر من أركان السلطة”.

وأردف “أهم أهدافنا هو إلغاء الطائفية السياسية، ولكن مقاربة هذا الموضوع لا تكون بالقطيعة أو بمركز دون آخر، يجب أن تكون هناك استراتيجية عامة”.

من جهته، صرح الصادق “لن ننتخب الرئيس الحالي نبيه بري لأنه بالنسبة لنا هو جزء من المنظومة التي أوصلت البلاد إلى هذه الحالة من الانهيار”.

واعتبر أن “الرئيس بري أدار مجلس النواب بطريقة شخصانية لمصلحة هذه السلطة ولم ينفذ الدستور ولا القوانيين، وخاصة أن المجلس كان بدائيا في عمله”.

وشدد على عدم دعمهم بري، لأن مشروعهم “تغييري لا يسمح لهم بانتخابه لولاية جديدة”.

وقال منيمنة، إنه “من الصعب المشاركة في الحكومة المرتقبة لأننا منذ البداية ضد فكرة حكومة وفاق وطني أو حكومة محاصصة”.

وأضاف “هكذا حكومات عطلت على مدى سنوات العمل الديمقراطي الذي يتشكل من أغلبية في مجلس النواب تنعكس في حكومة تدير السلطة التنفيذية ومعارضة أقلية داخل مجلس النواب”.

من جهته، كشف الصادق، أنه “بالنسبة لرئيس الحكومة فهم لديهم اسم بارز وهو نواف سلام، الذي من الممكن التوافق معه على المشروع الاقتصادي خصوصا والإصلاحي”.

وفي السابق، طرح اسم نواف سلام، الذي كان يشغل منصب مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة بين أعوام 2007 و2017، لتولي رئاسة الحكومة في 2019، ولكن حزب الله وحلفاؤه عارضوا الأمر”.

وذكر أنه “بالنسبة لرئيس الجمهورية، يحتاج إلى وقت وتشاور”.

وعن تموضعهم داخل البرلمان، قال منيمنة، إنه من المفترض التعاون بينهم “في الملفات التي تتقاطع ورؤيتنا”.

ورأى أن “القوى الأخرى لها شرعيتها ومنتخبة من الناس، سنرى كيف يمكن أن نتلاقى معها على بعض الملفات التي تخدم مصلحة الناس”.

وتابع: “نعرف دورنا بهذه المرحلة نحن أقلية معارضة ولن ندخل في متاهة المحاصصة التي تنتهجها السلطة”.

فيما ذكر الصادق: “نحن أصلا سنكون تكتل القوى التغييرية، عددنا حوالي 15 نائبا سنشكل قلب مجلس النواب الجديد”.

ولفت أنهم شكلوا في 2019 “قلب عملية التغيير في لبنان من خلال ثورة 17 تشرين، لأننا نملك البرنامج والمشروع”.

وأردف “هناك غير قوى التغيير يوجد مستقلون (..) يمكن أن نشكل تحالفا أوسع معهم، ويمكننا الاتفاق مع حزب القوات اللبنانية على عدة مشاريع مثل سيادة لبنان ومحاربة الفساد”.

وبخصوص سلاح “حزب الله”، لفت منيمنة، إلى أن مقاربتهم لهذا الملف “ستكون وطنية ولن ننجر لمحاور إقليمية لها مصالح داخلية أو تحويل هذا النوع من الخطاب إلى خطاب فئوي يؤدي إلى شحن طائفي في البلد”.

وتابع “السلاح بالنسبة لنا يجب أن يكون ضمن الشرعية والاستراتيجية الدفاعية والخارجية، يجب أن يكونا متجانسين مع بعضهما، ويكون الهدف حماية لبنان ومصالحه وأهله وأرضه”.

وشدد على أن “هذه الاستراتيجية يجب أن تكون مبنية على مشروعية دستورية وقائمة على المساوات بين اللبنانيين بمعنى أن كل اللبنانيين يجب أن يشاركوا بهذا القرار لأنهم جميعا سيتحملون تبعاته”.

فيما اعتبر الصادق، أنهم “مع سيادة الدولة على كامل أراضيها ومع السلاح بيد الجيش”.

وذكر أن “السلاح غير الشرعي موجود ولكن لا يمكن أن نقوم بنزعه بالقوة لأن هناك ميليشيا أقوى من الجيش والدولة”.

وكشف أنهم بـ”انتظار قرار دولي بخصوص السلاح غير الشرعي، ونعلم أن هناك شيئا على الطريق بهذا الخصوص ويجب أن نكون بجهازية كاملة لإدارة البلاد عندما يتخذ القرار بخصوص سلاح حزب الله”.

وتنتظر البرلمان الجديد استحقاقات سياسية واقتصادية، أبرزها تشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وتنتهي ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون في الحادي والثلاثين من كانون الأول 2022، حيث انتخبه أعضاء البرلمان عام 2016، وأنهى آنذاك فراغا رئاسيا استمر 29 شهرا.

ويتألف البرلمان من 128 نائبا، وتتوزع مقاعده بواقع: 28 للسنة و28 للشيعة و8 للدروز و34 للموارنة و14 للأرثوذكس و8 للكاثوليك و5 للأرمن ومقعدان للعلويين ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

ويقوم النظام السياسي اللبناني على أساس اقتسام السلطات والمناصب السيادية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية.

وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية على أساس المحاصصات بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيين والسنة والشيعة.

ويعاني لبنان منذ نحو عامين ونصف، أزمة اقتصادية حادة تعد الأسوأ في تاريخه، حيث أدت الى انهيار مالي ومعيشي، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى