أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

هل سقط المحور السوري الإيراني في البرلمان اللبناني؟

ما نجم عن صناديق الاقتراع من نواب جدد في البرلمان اللبناني أدى إلى خلط الأوراق بتحجيم الفريق المؤيد للنظام السوري وإيران.

بيروت- تلقت الأحزاب الموالية للنظام السوري في لبنان ضربة بخسارتهم لمقاعد في برلمان لطالما مثل توجهات ذلك النظام منذ ثلاثين عاما.

وفشل نواب سابقون مقرّبون من النظام السوري وحزب الله المدعوم من إيران في آن واحد بالاحتفاظ بمقاعدهم على غرار نائب الحزب “القومي السوري الاجتماعي” أسعد حردان الذي يشغل مقعدًا في البرلمان منذ عام 1992، والنائب الدرزي رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان في دائرة عاليه بمحافظة جبل لبنان.

كما لم تتضمّن قائمة النتائج النهائية للانتخابات كلًا من رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب، ورئيس تيار “الكرامة” فيصل كرامي، وإيلي فرزلي نائب رئيس البرلمان نبيه بري، وجميعهم أجروا زيارات إلى سوريا، التقوا خلالها رئيس النظام بشار الأسد.

وكان الأسد التقى كلًا من أرسلان وكرامي في آذار الماضي، خلال زيارتهما إلى سوريا، بحسب ما أفادت به حينها صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله.

في المقابل حصل حزب “القوات اللبنانية” الذي يتزعمه سمير جعجع على مقاعد جيدة (19 مقعدا) في الانتخابات لتبنيه سياسة صريحة ضد النظام السوري وحزب الله وإيران ما رفع أسهمه السياسية لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، وفق مراقبين.

وفي السادس والعشرين من نيسان الماضي كانت الذكرى الـ16 لانسحاب جيش النظام السوري برئاسة بشار الأسد من لبنان تحت ضغط “انتفاضة الاستقلال” التي انطلقت بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005.

وفي هذا السياق رأى الصحفي منير الربيع، أن نتائج الانتخابات “أظهرت الكثير من المفاجآت والتطورات لعل أبرزها سقوط معظم رموز النظام السوري وخسارة حزب الله للأكثرية البرلمانية”.

وقال الربيع لوكالة الأناضول، إن “ضرب رموز النظام السوري في لبنان يعد مؤشرا بارزا في هذه المرحلة ستكون له تداعيات على أوهام حلفاء النظام في لبنان بأنهم عائدون ليلعبوا ويتحكموا بالساحة اللبنانية”.

وأضاف “هذه النتائج بالإضافة إلى سقوط النائب فيصل كرامي وايلي ايلي فرزلي هي مؤشرات بأنه لا مجال للنظام السوري للعودة إلى لبنان ولا مجال للتطبيع معه لا لبنانيا ولا عربيا ولا لإعادة تعويمه”.

ورأى الربيع، أن “حليف النظام السوري المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أتى ضعيفا أيضا حيث حصل على مقعد واحد فقط بعد أن كانت له ثلاثة في البرلمان السابق”.

وأردف أن “هذه الخسارة لفرنجية لن تخوله ليكون مرشحا لرئاسة الجمهورية وبالتالي كف يد النظام عن هذا الاستحقاق المهم بالنسبة له”.

من جهته اعتبر المحلل السياسي جورج العاقوري، أن “ما نجم عن صناديق الاقتراع من نواب جدد في البرلمان أدى إلى خلط الأوراق بتحجيم فريق محور الممانعة المؤيد للنظام السوري”.

وقال العاقوري إن “هذه الرموز التي خسرت في الانتخابات كانت تشكل أدوات للنظام السوري في عملية ربط النزاع في كثير من الملفات وخاصة سلاح حزب الله”.

وأضاف أن “هذا السقوط الكبير لرموز النظام السوري سيكون له تداعيات على الحياة السياسية في لبنان وخاصة من تراجع عدد النواب لحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر مسيحي الذي يتزعمه جبران باسيل في حين ازدياد كتلة نواب القوات اللبنانية” المعروفة بموافقها المناهضة للنظام السوري وحزب الله”.

وأردف العاقوري، أن “القوات اللبنانية معروفة بمواقفها السيادية ورفضها القاطع للعلاقات غير السوية بأي دولة ومعروفة بشراستها في معارضة التمدد نظام بشار الأسد في لبنان”.

ولفت إلى أنه “بعد ذهاب الأكثرية من يد حزب الله وحلفائه من البرلمان ستكون مساءلة أي حكومة بمواضيع تتعلق بالتطبيع مع النظام السوري”.

ووصف العاقوري ما وصفه “بالارتهان للنظام السوري بالمرض العضال الذي أصاب لبنان منذ الدخول العسكري السوري إلى لبنان”.

ودخلت قوات سورية إلى لبنان عام 1976 إثر الحرب الأهلية وبهدف طرد الجيش الإسرائيلي منه، وانتهى التواجد الأمني والعسكري السوري في لبنان عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الحريري.

أما المحلل اللبناني الان سركيس، فقال للأناضول، إن “نتائج الانتخابات واضحة فقد أعطت الأكثرية للقوى السيادية التي تناهض النظام السوري وحزب الله وأسقطت المحور السوري الإيراني”.

وأضاف سركيس “بعد الخروج السوري العسكري من لبنان عام 2005 عقب اغتيال رفيق الحريري واليوم في العام 2022 أخرج الشعب اللبناني هؤلاء من الحياة السياسية والمجلس النيابي”.

وأظهرت نتائج الانتخابات التي جرت في الخامس عشر من أيار داخل لبنان وقبلها في 58 بلدا، تراجع عدد مقاعد حزب الله  والوطني الحر وحلفائهما من 71 إلى نحو 60 نائبا، فيما المقاعد الـ 68 المتبقية موزعة على قوى مختلفة بعضها قريب من الرياض وواشنطن، وبعض آخر مستقل.

وهكذا، ومع وجود 3 تكتلات أساسية ونواب آخرين مستقلين، فإن “الأغلبية البرلمانية” لم تعد محصورة بيد فريق سياسي معين، إنما بات الثقل موزعاً في عدة اتجاهات.

ويتألف البرلمان من 128 نائبا، وتتوزع مقاعده بواقع: 28 للسنة و28 للشيعة و8 للدروز و34 للموارنة و14 للأرثوذكس و8 للكاثوليك و5 للأرمن ومقعدان للعلويين ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

ويقوم النظام السياسي اللبناني على أساس اقتسام السلطات والمناصب السيادية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية.

وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية على أساس المحاصصات بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيين والسنة والشيعة.

ويعاني لبنان منذ نحو عامين ونصف، أزمة اقتصادية حادة تعد الأسوأ في تاريخه، حيث أدت الى انهيار مالي ومعيشي، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى