أخبار الرافدين
كرم نعمة

“سمارت غان” من سلالة “سمارت فون”

بعد حادثة إطلاق النار على طلاب المدرسة الابتدائية في تكساس التي عاش وقتها أهالي التلاميذ تسعين دقيقة من الرعب، ارتفع منسوب المطالبات بشأن السلاح، إلى درجة يمكن فيها وصف تلك المطالب بالعصيّة على التحقيق.
خذ مثلا الجدل بين مجموعة رواد الأعمال الذين يقولون إن التكنولوجيا وصلت إلى مستويات عالية بما فيه الكفاية، لجعل تقنية الأسلحة ذكية إلى درجة لا يمكن فيها للبنادق والمسدسات أن تسمح لأي من حامليها بالقتل!
هكذا يقولون لا يمكن أن نعوّل على الإنسان المتهوّر والمجرم الذي يسرق السلاح، بقدر تعويلنا على ذكاء السلاح نفسه. ويطالبون، في النهاية، شركات صناعة الأسلحة بأن تجعل منتجاتها أكثر أمانا وليس أكثر فتكا.
فهل يمكن للأسلحة الذكية أن تنقذ الأرواح؟ بالطبع مثل هذا السؤال لا أهمية له عند التحدث عن عناصر الميليشيات ولوردات القتل على الهوية المنتشرين في بلداننا العربية.
آخر تلك الأسلحة الذكية مسدس 9 ملم عرضته شركة “LodeStar Works” لا يسمح باستخدامه إلا ببصمات الأصابع، مثل هواتف أيفون. ذلك يعني أن “سمارت غان” سيكون من سلالة “سمارت فون” وليس بمقدور أيّ من المستحوذين عليه إطلاق النار منه. وهو أمر يشمل الأطفال الذين يسرقون أسلحة آبائهم للانتقام أو الانتحار. فغالبية حوادث إطلاق النار في المدارس الأمريكية، تم ارتكابها من قبل مراهقين بأسلحة تعود إلى أحد أفراد العائلة.
واحدة من أكثر الدراسات المثيرة للصدمة في الولايات المتحدة تشير إلى زيادة عدد الوفيات بالأسلحة النارية للأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 25 عاما، بما يعادل عشرة أشخاص من كل مئة مقتول، متجاوزة في ذلك ضحايا الحوادث المرورية.
وسيكون الآمر أكثر إثارة عند البحث عن أرقام معادلة في بلدان كالعراق وسوريا واليمن وليبيا صار القتل فيها تعبيرا عن الضغينة والكراهية والخلاف.
يُشبّه المدافعون عن الأسلحة الذكية، بالسيارات الذكية، وأنها يمكن أن تنقذ عشرات الآلاف من الأرواح. بيد أن دانيال ويبستر المدير المشارك لمركز جونز هوبكنز لحلول عنف الأسلحة، يرى أن توسيع السوق ليشمل البنادق الذكية لن يعني سوى المزيد من الأسلحة في المنازل. وهذا يعني بالضرورة المزيد من الضحايا.
لكن عندما يكون القتلة من المراهقين سارقي بنادق آبائهم، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تعيد قراءة رواية ليونيل شريفر المثيرة للجدل “نحتاج للحديث بشأن كيفين” التي تحولت إلى فيلم لاحقا، عن مشاعر الأم التي تكره ابنها القاتل، وهي تحطّم أسطورة الأمومة التاريخية. فعندما يبلغ كيفين السادسة عشرة من العمر يقتل تسعة أشخاص في مذبحة بمدرسة ثانوية.
أرادت شريفر في تلك الرواية المستلهمة من وقائع حقيقية، أن تفجّر أسطورة أن الأم تحب ابنها من دون شرط وتحت أي ظرف، فليس دائما القرد بعين أمّه غزال عندما يكون قاتلا!
ثمة خوف يتلبس أمّا من إرهاب ولدها، فأي نوع من الأطفال هذا الذي قد يجلب إلى العالم الموت كما فعل كيفين في الرواية وسالفادور راموس في تكساس الأسبوع الماضي؟
لكن هل بمقدور “سمارت غان” أن يحد من عدد الأولاد القتلة في المجتمع الأمريكي؟ تاريخ القتل في تلك البلاد يقول لنا أمرا مختلفا كليّا، ويجعل مثل تلك الحلول نوعا من العروض العبثية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى