أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مافيا الفساد تجهز مشاريعها الوهمية بعد إقرار قانون الأمن الغذائي

قانون الأمن الغذائي ما كان ليمرر في البرلمان لولا ضمان حصة ميليشيا الحشد، التي حولت القانون إلى باب جديد لإهدار ثروة العراقيين.

بغداد – الرافدين
أثار إقرار قانون الأمن الغذائي في العراق جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية والسياسية خشية فتح باب جديد من أبواب الفساد وإهدار الأموال العامة.
وجاء إقرار هذ القانون بذريعة التخفيف من حدة الفقر وتحقيق الاستقرار المالي، بعد جدل واسع استمر عدة أسابيع بين الأطراف السياسية التي اختلفت عليه بين مؤيد ومعارض.
وترى، أوساط سياسية، أن هذا القانون ما كان لِيَمُرَّ في البرلمان لولا التعديلات التي فرضها الإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران في العراق، والتي حولت القانون إلى باب جديد للإهدار وليس للإصلاح، كما يجري الترويج له.
وتلفت الأوساط، إلى أن القانون الذي أقر الأربعاء شهد تعديلات كبيرة على نسخته الأولى، ومن ضمنها إعادة العناصر التي تم فسخ عقودها في ميليشيا الحشد والذي يقدر عددهم بنحو خمسة وثلاثين ألف عنصر.
وطالما عمدت القوى الموالية لإيران إلى الضغط على الحكومات من أجل إعادة الذين تم فسخ عقودهم من عناصر ميليشيا الحشد التي تشكل حاضنة للميليشيات المسلحة الموالية لطهران.
والتقطت هذه القوى فرصة القانون الطارئ للأمن الغذائي لفرض هذا الأمر، الذي يتعارض وما يطرحه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حول ضرورة إعادة هيكلة ميليشيا الحشد، الذي تحول إلى “دولة داخل الدولة”.
وحذر نواب حاليون من خطورة قانون الأمن الغذائي لكونه يحوّل صلاحيات البرلمان في إعداد الموازنة للحكومة بشكل دائمي، ويُفرغ الموازنة السنوية العامة تمامًا من مضامينها، ويجعل قرارات الحكومة حاكمة ومقدمة على قرارات البرلمان المالية.
وبيّن النواب، أن القانون كان يجب أن يشرع بطريقة لا تسمح لمافيات الفساد باستغلاله، مشيرين إلى مشكلات عديدة ستواجه القانون حتى بعد إقراره، بسبب عدم تمريره إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه إلى جانب تقديمه من قبل حكومة تصريف الأعمال.
وتوقّع النواب، الطعن في القرار أمام المحكمة الاتحادية بسبب عدم قانونيته.
وأكد، عضو مجلس النواب الحالي باسم خشان، أن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي الذي صوت عليه مجلس النواب الأربعاء، مخالف للدستور وفيه أبواب كثيرة للفساد.
وقال النائب خشان، إن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، مخالف للدستور وهو قانون يفتح أبواب الفساد وسرقة المال، ملوحًا بتقديم طعن ضد القانون أمام المحكمة الاتحادية العليا.
وأضاف أن الطعن بقانون الأمن الغذائي، سيقدَّم بعد نشره في الجريدة الرسمية، كما سأقدم طلبًا بإصدار أمر قضائي لإيقاف تنفيذه إلى حين حسم دعوى الطعن ضد القانون.
وحذر حقوقيون، من أن قانون الأمن الغذائي عارض قرارات المحكمة الاتحادية، ومثل خروجًا عن القانون.
وأشار، الخبير القانوني علي التميمي، إلى وجود العديد من الملاحظات على قانون الأمن الغذائي الذي أقره البرلمان الأربعاء، مشيرًا إلى إمكانية الطعن به أمام المحكمة الاتحادية.
وقال التميمي، إن العديد من الملاحظات سجلت على القانون تبدأ من اسم القانون الكبير واللافت والذي لا ينسجم مع متنه وفقراته التي لا تتضمن تخصيصات مالية لدعم الفقراء والبطاقة التموينية والزراعة والمياه وغيرها من الأمور الأساسية.
وأضاف، أن الملاحظة الأخرى تتمثل في التناقض بالأرقام التي تتضمنها فقرات القانون، وذلك من خلال تخصيص مبالغ كبيرة تصل لنحو 8 تريليونات دينار من أصل 25 تريليون دينار لموازنة تنمية الأقاليم، بينما خصصت مبالغ قليلة للبطاقة التموينية ولمشاريع المياه والزراعة ودعم النازحين والطبقات الفقيرة والاحتياجات الخاصة.
وتابع التميمي، أن من الملاحظات المهمة على القانون هو غياب الرقابة المالية على فقرات القانون، ما يترك المجال أمام احتمالات الفساد.
واستدرك التميمي، أن الدستور الحالي يجيز للجهات ذات العلاقة تقديم الطعن في القانون أمام المحكمة الاتحادية، على الرغم من وجود اتفاق بين البرلمان والحكومة على عدم تقديم شكوى ضد قانون الأمن الغذائي، مبينًا أن القانون لا يمكن أن يكون بديلًا للموازنة العامة.
وتحدث مراقبون، عن فساد علني في نص القانون لاسيما بما يتعلق بتخصيص 150 مليار دينار لمؤسسة تذرعت بفتح المقابر الجماعية، فضلًا عن منح 50 بالمائة من إيرادات المنافذ الحدودية إلى المحافظات التي توجد فيها هذه المنافذ وتسطير عليها الميليشيات.
وعدَّ، المراقبون القانون امتدادًا للفساد الحكومي المستمر منذ عام 2003.
ويرى خبراء اقتصاديون، أن إقرار القانون لن يحل مشكلتي الغلاء والفقر، وأنه هروب حكومي من إقرار الموازنة العامة لعام 2022.
وأكدوا، أن القوى السياسية المهيمنة على البرلمان ستستخدمه ذريعة لتجاهل قانون الموازنة، وسط تحذير من أن شبهات الفساد تعد أبرز نقاط التخوف من هذا القانون بسبب اتاحته الاقتراض والدين الخارجي ومنحه الاستثناءات في الصرف وإعفاء المشاريع من الضرائب وتمريره وفق صفقات سياسية مشبوهة.
وقال، الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي “لا يوجد مبرر اقتصادي لتضمين تخصيصات إضافية لتنمية الأقاليم بمبلغ 8 تريليونات دينار في قانون الأمن الغذائي لأن المحافظات عاجزة فعلًا عن إنفاق تخصيصاتها المالية المدورة من عام 2021 والتي يمكن صرفها في العام الحالي والبالغة 4 تريليونات دينار.
وأضاف “أن المصروف الفعلي من تخصيصات تنمية الأقاليم لم يصل إلى أكثر من 575 مليار دينار فقط خلال الشهور الأربعة الأولى من هذا العام وبنسبة 14 بالمائة؜ فقط، ومن ثم ستبقى التخصيصات الإضافية لتنمية الأقاليم في قانون الأمن الغذائي مجرد حبر على ورق!”.
وأشار، إلى أن الفوائض المالية النفطية التي سيتم إنفاقها في قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية ليست بالقليلة إذ إنها تعادل أربعة أضعاف موازنة سوريا أو تعادل موازنتي الأردن وسوريا.
وأقر، مجلس النواب الأربعاء، قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بعد خلافات حادة، حيث يهدف إلى تشريع مدفوعات طارئة لا سيما في قطاع الكهرباء وتحقيق “الأمن الغذائي”، في ظلّ عدم إقرار موازنة عام 2022 بسبب الأزمة السياسية المتصاعدة وعدم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات.
يأتي ذلك تزامنًا مع كشف هيئة النزاهة الاتحادية في العراق، الخميس، عن فضيحة فساد كبرى باختلاس قرابة تريليون دينار عراقي “700 مليون دولار” من المال العام، مُبيّنةً حصول “عمليات اختلاس كبيرة” وتزوير وتلاعب وغسيل أموال في عدد من فروع مصرفي الزراعي والرشيد.
وأكدت، دائرة التحقيقات في الهيئة، في بيان على موقعها الإلكتروني أن الفريق التدقيقي، الذي شكلته الدائرة، كشف اختلاسًا كبيرًا للمال العام من خلال التزوير والتحريف والتلاعب وغسيل الأموال واستغلال المناصب والتلاعب في القيود المصرفية وإدخال تعزيزات أرصدة وهمية على حسابات الزبائن.
وأشارت، إلى وجود “عملية تخريب منظمة للاقتصاد الوطني من خلال التلاعب في عمل الأجهزة المصرفية الحكومية، وخلق حالة فوضى وعدم استقرار”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى