أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تفاقم الصراع بين الحزبين الكرديين يحول دون تصدير غاز كردستان العراق

مأزق الصراع على الثروة بين أسرتي الطالباني والبارزاني يقوض الاستقرار الهش في شمال العراق.

السليمانيةــ يروج رئيس وزراء كردستان العراق، مسرور البارزاني، لإمكانات تصدير الغاز من كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي كبديل للإمدادات الروسية، لكن الانقسام بين الحزبين الرئيسيين في المنطقة يشير إلى أن هذه الخطة حلم بعيد المنال في الوقت الحالي.
وبينما يطرح حزبه السياسي المشروع كجزء من حل لمشاكل الغاز في أوروبا، فقد عطله فعليًا شريكه الإقليمي بعد أن اشتكى من استبعاده من المفاوضات مع الشركات والمشترين المحتملين.
ولا يملك إقليم كردستان حتى ما يكفي من الغاز لتلبية احتياجاته، إذ أن انقطاع التيار الكهربائي ظاهرة يومية.
ويتنافس الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بزعامة البارزاني منذ فترة طويلة على النفوذ مع شريكه الأصغر في الائتلاف الحكومي، الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة عائلة الطالباني.
وتصاعدت هذه التوترات في الأشهر الأخيرة، بسبب الخلاف حول الغاز وبعد أن قدم الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه لرئاسة العراق، وهو المنصب الذي يشغله عادة الأكراد من الاتحاد الوطني الكردستاني بموجب المحاصصة الطائفية القائمة منذ احتلال العراق عام 2003.
وقال خمسة مسؤولين أكراد من الجانبين إنه على مدى أشهر، لم تُعقد محادثات تُذكر بين كبار المسؤولين من الحزبين، ولم يناقشوا حتى الأمن والانتخابات المقررة في تشرين الأول.
وقال دبلوماسيون غربيون إن اجتماعات في الآونة الأخيرة لم تسفر عن نتائج تذكر.
ويترك هذا خطط تصدير الغاز الكردستاني عالقة في الوقت الحالي، مما يوجه ضربة لتطلعات كردستان العراق لزيادة عائدات الطاقة وتقديم دعم صغير للأسواق العالمية التي تكافح لتنويع الإمدادات.
ويمكن أن يؤدي المأزق أيضا إلى تقويض الاستقرار في شمال العراق، حيث تمتلك كل من العائلتين الحاكمتين قوات أمن خاصة بها.
وكانت الصعوبات الاقتصادية المتفشية بين الشباب الأكراد أحد العوامل الرئيسية وراء أزمة المهاجرين على حدود روسيا البيضاء في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022.
وقال رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني لوكالة رويترز “إذا كنا حكومة ائتلافية، فيجب أن نقرر الأمور معا”.
ولم يرد الحزب الديمقراطي الكردستاني على طلبات للتعليق على الخلاف. لكن حكومة إقليم كردستان، التي يقودها الحزب، قالت إنها تريد استخدام موارد النفط والغاز لصالح الجميع.
وينبغي أن يتفق الجانبان. وينتج أكبر حقلين للغاز في العراق، خور مور وجمجمال، حوالي 450 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا ويقعان في أراضي الاتحاد الوطني الكردستاني.
ولإيصال الغاز إلى الأسواق خارج العراق، فإن أسهل طريق هو الشمال إلى تركيا، عبر الأراضي التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويمتلك كونسورتيوم بيرل، المملوك بنسبة الأغلبية لكل من دانة غاز المدرجة في أبوظبي وشركة نفط الهلال التابعة لها، الحق في استغلال الحقلين. ويخطط الكونسورتيوم لزيادة الإنتاج إلى أكثر من الضعفين إلى نحو مليار قدم مكعبة يوميًا في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يكفي لتغطية الاحتياجات المحلية.
ومع وجود احتياطيات مؤكدة تقدر بنحو 15 تريليون قدم مكعبة، يمكن أن يرتفع الإنتاج إلى 1.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، مما يترك كمية كبيرة متاحة للتصدير.
وفي العام الماضي، وقعت حكومة كردستان بقيادة الحزب الديمقراطي عقدًا مع شركة الطاقة المحلية كار جروب لمد خط أنابيب للغاز من الحقول إلى عاصمة الإقليم أربيل ومدينة دهوك في الشمال، قرب الحدود التركية.
وبمجرد وصول خط الأنابيب إلى دهوك، يمكن بسهولة تمديده لبضعة كيلومترات أخرى ليصل إلى تركيا، مما يمهد الطريق لتصدير الغاز إلى أوروبا.
لكن الطالباني اشتكى من، أن الحزب الديمقراطي استبعد حزبه من المحادثات، ومن عدم وجود عملية مناقصة أو شفافية حول كيفية منح كار جروب عقد بناء خط الأنابيب.
وقال مسؤول كبير في كار جروب إنها وقعت عقدًا مع وزارة الموارد الطبيعية بالإقليم في ديسمبر كانون الأول 2021 لتحديث ومد شبكة أنابيب الغاز إلى دهوك.
وأحالت الشركة الأسئلة المتعلقة بالعملية إلى الوزارة التي لم ترد على طلب للتعليق.
كما عرقل حزب الاتحاد الوطني حتى المرحلة الأولى من التوسعة التي تهدف إلى خدمة السوق المحلية، بعدما منع الفنيين من دخول حقول الغاز في المناطق الواقعة تحت سيطرته.
ومما يقوض خطط التصدير أيضا موقف إيران، التي لها نفوذ كبير على العملية السياسية في العراق عبر اذرعها من الميليشيات في الحشد الشعبي. وقال بعض المحللين إنها تعارض مشروعًا قد يقوض نفوذها في المنطقة.
ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على طلب للتعليق.
وفي الشهر الماضي، زار نيجيرفان البارزاني، رئيس كردستان وابن عم مسرور البارزاني، السليمانية والتقى بكبار مسؤولي الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو أول اجتماع رفيع المستوى يشارك فيه الجانبان منذ شهور. وعقدت عدة اجتماعات أخرى في أعقاب الزيارة ناقش خلالها القادة الأمن والانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أول أكتوبر تشرين الأول.
ويأتي الحديث عن الصادرات على الرغم من، أن إقليم كردستان يواجه صعوبة لإنتاج ما يكفي من الكهرباء.
ومن بين 13 محطة للكهرباء في كردستان، هناك خمس محطات تعمل بالغاز، وتعمل فقط بحوالي 50 إلى 70 بالمائة من طاقتها بسبب النقص.
وانقطاع الكهرباء أمر شائع، مما يعني، أن الأولوية العاجلة ستكون على الأرجح للتوسع المحلي.
وفيما يتعلق بالصادرات، لم يُبرم أي اتفاق مع تركيا حتى الآن، بحسب ما ذكره مسؤولون أكراد.
ولم ترد الحكومة التركية على طلب للتعليق.
غير أن رحلات البارزاني إلى الخارج، والتي شملت زيارة إسطنبول حيث طُرحت قضية الغاز، أزعجت الاتحاد الوطني الكردستاني، وفقا لثلاثة مسؤولين، وصف أحدهم العلاقة بين الحزبين الكرديين بأنها “زواج سيء للغاية.
وعندما أُبلغ قائمقام منطقة جمجمال التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني في كانون الثاني، أن الحكومة منحت كار جروب عقدًا لتوسعة شبكة خطوط الأنابيب المحلية، قال مصدر مطلع، إن هذه كانت المرة الأولى التي يتم فيها إبلاغ الحزب رسميًا.
ونتيجة لذلك، عرقل الاتحاد الوطني الكردستاني الخطة، مشيرًا إلى، أن الحزب يريد أن يكون شريكًا في القرار في جميع الأمور المتعلقة بالغاز، في مسعى لتجنب ما يعتبره أخطاء الماضي.
وبدأ كردستان مبيعات النفط المباشرة إلى الأسواق العالمية في منتصف عام 2015 بعدما اتهم الحكومة المركزية في بغداد بحرمان كردستان من الأموال لدفع رواتب الموظفين العموميين والجيش، على الرغم من أنه كان له دور فعال في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.
وتأتي معظم إيرادات حكومة كردستان من تلك الصادرات النفطية، والتي يقول حزب الاتحاد الوطني إن الحكومة التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي تُوزعها بشكل غير عادل بين المحافظات.
ولم يرد الحزب الديمقراطي على طلب للتعليق على هذه القضية.
وقال الطالباني “لن يخرج الغاز من كردستان بالطريقة التي يخرج بها النفط، في ظل هذا المستوى من سوء الإدارة وانعدام الشفافية- على جثتي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى