أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

صناعة الفشل لا تنتج حلولا سواء كان الصدر داخل أو خارج البرلمان

مقتدى الصدر يفتح الباب أمام حكومة محاصصة جديدة، معتبرا استقالة نواب التيار الصدري من مجلس النواب تضحية منه.

بغداد- الرافدين

أجمع مراقبون سياسيون على أن استقالة أعضاء التيار الصدري في مجلس النواب، لا تمثل مفاجأة للشارع العراقي الذي ثار على فشل العملية السياسية مطالبا باقتلاع رموزها الفاسدة.
وقال المراقبون ان الشارع العراقي لم يكن ينتظر من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغييرا ملموسا بعد فوز تياره بالانتخابات البرلمانية العام الماضي، فهو جزء من عملية سياسية ولدت ميتة منذ اليوم الأول لتشكيلها من قبل الاحتلال الأمريكي.
يأتي ذلك في وقت كشفت مصادر سياسية عراقية أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اسماعيل قاآني، قام بزيارة سرية الى النجف خلال اليومين الماضيين التقى فيها الصدر.
وذكرت المصادر في تصريح لقناة “الرافدين” أن قاآني نقل الى الصدر تشديد المرشد علي خامنئي على “وحدة الطائفة” ووضعها فوق أي اعتبار وطني عراقي، وأن طهران لن تقف مكتوفة حيال أي تراجع للطائفة في حكم العراق، أو عزل الحشد الشعبي من تشكيل الحكومة الجديدة.
ومع أن الصدر لم يف بالكثير من الوعود التي سبق وأن قطعها وسرعان ما تراجع عنها واتخذ ما يناقضها، فإن خيار الاستقالة وهدم البرلمان على من فيه، يضاف إلى قائمة مواقفه المتغيرة.
وتجمع القراءات السياسية للمشهد الملتبس في العراق، على أن وعود وتحذيرات الصدر المستمرة، ستزيد من منسوب الفشل الذي غلف العملية السياسية القائمة منذ احتلال العراق عام 2003.
ولا يملك أطراف العملية السياسية، بمن فيهم الحلفاء والأنداد، مشروعًا وطنيًا لإنقاذ البلاد التي سقطت في هوة الفشل السياسي والاقتصادي، وخلافاتهم تقتصر على توزيع مغانم السلطة.
وذكّر ناشط في ثورة تشرين بهتاف الساحات في بغداد وكربلاء وذي قار والبصرة “شلع قلع والكالها وياهم” في إشارة الى رفض ثوار تشرين للصدر وتياره.
وشدد المراقبون على أن “صناعة الفشل لا تنتج حلولا منذ عام 2003، فلماذا يراد من العراقيين اعتبار الصدر منقذا وهو جزء من منظومة الفساد القائمة”.
واعتبر الصحفي كرم نعمة أن مقتدى الصدر لم يكن حلا، قبل وبعد فوز تياره في الانتخابات، والتيار الصدري لن يزيد العراق إلا مِحَنا.
وقال التعويل على الصدر او غيره من قوى وميليشيات المحاصصة الطائفية هو أشبه بسير العراقيين مغمضي العيون نحو المستقبل.
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قد وافق الأحد، على استقالة الكتلة الصدرية في البرلمان.
وقدم 73 نائبا من أصل 329 في البرلمان، ينتمون للكتلة الصدرية استقالاتهم لتنفيذ أوامر زعيم التيار الذي وجه أعضاء كتلته في وقت سابق الأحد، بتقديم الاستقالات إلى رئاسة البرلمان، على خلفية الانسداد السياسي بتشكيل الحكومة.
وجاء قرار الصدر، بعد أقل من شهر على إعلانه التخلي عن مساعي تشكيل الحكومة الجديدة والانتقال إلى صفوف المعارضة، في خطوة قد تؤدي إلى إعلان البرلمان حل نفسه والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وتكتنف العملية السياسية أزمة تنافس على الحصص منذ أكثر من سبعة أشهر نتيجة خلافات حادة على تشكيل الحكومة الجديدة بين الكتلة الصدرية التي فازت بالمرتبة الأولى بـ 73 نائبا وأحزاب سياسية ممثلة في ما يعرف باسم الاطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران.
وتسعى قوى الإطار التنسيقي إلى تشكيل حكومة وفق مبدأ المحاصصة الطائفية القائمة منذ احتلال العراق، فيما يسعى الصدر، إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية” مع حليفيه تحالف انقاذ وطن، والحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويطالب الصدر بتشكيل حكومة أغلبية من خلال استبعاد بعض القوى منها، وعلى رأسها ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي وميليشيات الإطار التنسيقي المدعومة من إيران.
واعتبر الصدر استقالة أعضاء التيار من مجلس النواب “تعتبر تضحيةً مني من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول” من دون أن يوضح كيف تمثل هذه الاستقالة تضحية.
وتساءل الكاتب والمحلل السياسي رافع الفلاحي “سبق وان قال الصدر بان الاخرين يريدون تشكيل حكومة محاصصة والمحاصصة دمرت العراق والعراقيين، فكيف أعتبر الاستقالة تضحية وهو يفتح فيها المجال لحكومة محاصصة جديدة؟”.
ولم تتضح بعد التبعات لهذه الخطوة، لكن يخشى أن تؤدي إلى تظاهرات وتزيد المخاوف من عنف سياسي في بلد تملك فيه غالبية الأحزاب السياسية، ميليشيات مسلحة.
وبحسب المحلل السياسي حمزة حداد فإنه “رغم قبول رئيس البرلمان للاستقالات، لا يزال على البرلمان التصويت بغالبية مطلقة على ذلك بعد تحقيق النصاب”، لافتاً في تغريدة إلى أن البرلمان في عطلة لشهرين منذ التاسع من حزيران.
وتزامنت استقالة أعضاء التيار الصدري مع زيارة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الى الأردن، في سفرة ذكر بيان لمجلس النواب انها مجدولة من قبل.
وتحولت مواقع التواصل وأحاديث العراقيين منذ الإعلان عن استقالة نواب التيار الى جدل ممزوج بالتهكم والسخرية وهم يعيشون في واقع حياتي وخدمي متدهور.
ولا يترقب العراقيون أن تسفر المفاوضات والوعود عن أي حلول، فيما تبقى حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بوضعها الضعيف العاجز على فرض سيطرتها على الأرض.
وقال الكاتب السياسي فاروق يوسف “في العراق يحدث ما لا يحدث في أي مكان آخر على وجه الكرة الأرضية”.
وأضاف “من عجائب ذلك الكواكب أن يتقدم الطرف المنتصر في الانتخابات التشريعية بطلب إعادة الانتخابات لا لشيء إلا لأنه عاجز عن تأليف حكومة جديدة. ذلك ما يمكن أن يفعله مقتدى الصدر في أية لحظة”.
واعتبر يوسف ان الصدر قدم غير مرة دليلا على أنه ليس مؤهلا لأن يكون سياسيا. فحين يُترك بلد من غير حكومة وبعهدة حكومة لا تملك صلاحيات فذلك يعني أن المسؤول عن ذلك لا يملك ورع ونزاهة وصدق وحكمة ولا حنكة ومهارة السياسي.
وكتب “في حقيقة أمره فإن الصدر ينتمي إلى طبقة حزبية خربت كل العناصر النزيهة عن طريق فساد غير مسبوق في التاريخ البشري”.
وشدد بقوله “العراق الجديد هو عراق مقتدى الصدر. عراق التهريج والفكاهات السوداء وأولاد الشوارع وذكريات جيش المهدي والنزعة العبثية وتعطيل قيام دولة وكراهية القانون والهمجية التي لا تحتاج إلى خدمات كالتعليم والكهرباء والصحة وماء الشرب ولا إلى الزراعة أو الصناعة أو الجيش القوي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى