أخبار الرافدين
د. مثنى حارث الضاري

فيض ذاكرة

لمحة عن رابطة العلماء العراقيين في الخارج “2002-2003م”

أنشئت “رابطة العلماء العراقيين في الخارج” قُبيل احتلال العراق بأشهر معدودة، وضمت علماء يقيمون ويعملون في: الإمارات وقطر واليمن، ومارست عملًا مكثفًا؛ لتفادي وقوع كارثة الغزو والاحتلال، وحذرت من ذلك عن طريق: فتاوى، وبيانات، ورسائل، وإيضاحات، وحوارات إعلامية، ونداءات.
وسعت ما استطاعت من أجل الحيلولة دون وقوع هذه الكارثة، منبهة على مخاطرها وكاشفة عن آثارها الوبيلة المتوقعة على العراق والأمة، ومناشدة علماء العراق والأمة للقيام بواجبهم وتكليفهم الشرعي في هذا السبيل.
وقد ظهرت الرابطة في ظرف حساس بالغ الخطورة على العراق والأمة، أملى على عدد من العلماء ضرورة القيام بواجبهم الشرعي، وهم يرون نازلة الاحتلال قد أصبحت وشيكة على بلدهم؛ فتنادوا لذلك، وصدرت عن عدد منهم الفتوى الأولى المشهورة المعروفة بـ “بيان للناس”، التي وقعها أربعة عشر منهم، اصطلحوا على أنفسهم في وقتها: بـ “جمع من أهل العلم الشرعي في العراق”. ثم بعد ردود الأفعال الإيجابية على الفتوى، وصداها الكبير في أوساط مختلفة داخل العراق وخارجه تطورت الفكرة لعمل أوسع؛ فأخذ هذا الجمع شكلًا أقرب إلى المؤسسية، وإطارًا لعمل فيه قدر مناسب من التنظيم اللازم؛ لتحقيق الأهداف والمقاصد المطلوبة. ويمكن هنا تمييز مستويين في طبيعة عمل الرابطة في تلك المرحلة.
أولهما: مستوى مؤسسي بالقدر المناسب المتقدم الذكر أو قريب منه، ويضم العلماء وطلبة العلم الذين التزموا سياقات عمل خاصة بهم في إطار الاسم الذي اختاروه وتابعوا العمل عليه، وأداروا واجهته الإعلامية “موقع الرابطة العراقية”، وتواصلوا مع وسائل الإعلام وتابعوا نشر أدبيات الرابطة وتوزيعها، وأجابوا عن الأسئلة والاستفسارات والاستفتاءات الموجهة إليها، فضلًا عن تنظيم اللقاءات والاجتماعات للتباحث في موضوعاتها ومتابعة الأحداث المتسارعة في ذلك الوقت، قبل الغزو والاحتلال أو بعد وقوعه بقليل. وثانيهما: فردي تعاوني؛ حيث قام قسم آخر من العلماء بالتعاطي مع الرابطة ومشاركتها في بيانها الأول فقط، أو المشاركة في البيان الأول ومن ثم إصدار فتاوى وبيانات خاصة بهم، أو مقالات نشرت في موقع الرابطة وفي غيره من وسائل الإعلام.
وقد اتخذت الرابطة عدة أسماء في وثائقها، يجمع بينها أنها تجمع للعلماء؛ حيث لم يتم ضبط الاسم بصورة دقيقة وقتها؛ وهذا أمر مفهوم وناشئ عن عدم وجود كيان مادي محسوس لها قبل ذلك، فضلًا عن كونها “وسيلة” لعمل اقتضته ظروف المرحلة التي نشأت فيها، لا “غاية” بحد ذاتها. فسميت مرة “رابطة المسلمين العراقيين في الخارج”، وسميت مرة بـ “الرابطة” مع تقييدها بوصف العراقية، وسميت مرة ثالثة بـ “الهيئة”، وهكذا. وهذه هي الأسماء المتداولة وقتها بحسب الوثائق الموجودة:
1- جمع من أهل العلم الشرعي العراقيين المقيمين في الخارج
2- هيئة علماء الرابطة العراقية
3- رابطة المسلمين العراقيين في الخارج
4- الرابطة العراقية
فضلًا عن: رابطة الأكاديميين والمثقفين العراقيين في الخارج، وهو اسم آخر، تم استعماله من بعض أعضاء الرابطة وسيلة لعملها خارج إطار العلم الشرعي، في صفوف العراقيين العاملين في المجال غير الديني.
وضمت الرابطة بشكليها المؤسسي والتعاوني -مُتقدِميّ الذكر- كلًا من:
1- د. عبد الكريم زيدان، في اليمن.
2- د. أحمد عبيد الكبيسي، ود. هاشم جميل، ود. أحمد حسن الطه، ود. حارث سليمان الضاري، ود. عبدالله الجبوري، ود. عبد القادر السعدي، في الإمارات.
3- د. علي محي الدين القرداغي، ود. مصطفى البنجويني، ود. أكرم ضياء العمري، ود. مساعد مسلم آل جعفر، ود. طايس الجميلي، ود. محمد عياش الكبيسي، في قطر.
4- د. عبد القهار العاني في ماليزيا.
وكان يعينهم، ويقوم بمهام التواصل بينهم، والكتابة في الموضوعات المتعلقة بنشاط الرابطة، وتوزيع أدبياتها ونشرها؛ بعض تلامذتهم ومنهم: د. عبد الحميد العاني في اليمن، والشيخ عامر العكيدي في الإمارات، فضلًا عن الدكتور محمد عياش الكبيسي، الذي وقع مع أساتذته على الفتوى الأولى.
ومن جهود الرابطة ونشاطاتها في تلك المرحلة اللقاءات غير المعلنة لمناقشة الأحداث وتطوراتها بين أعضاء الرابطة أو بينهم وبين غيرهم من الفعاليات العراقية وغيرها. وكانت هذه اللقاءات تعقد في عدة مدن في دولة الإمارات، منها: الشارقة ودبي والفجيرة وعجمان، فضلًا عن الدوحة وصنعاء.
ومن أبرز هذه اللقاءات لقاء مطول في مدينة “عجمان” في منزل أحد أساتذة الجامعة من العراقيين، ضم عددًا من الأساتذة والمشايخ العاملين في الإمارات “دبي والشارقة والفجيرة وعجمان” مع ضيف قادم من خارج الإمارات، وهو شخصية سياسية مؤيدة للمشاركة في العمل السياسي. ودار في اللقاء حديث مطول عن مبررات قبول ما جرى، بل الفرح به والاستبشار، وخطر التصديق بوعود المحتل، وآثار الاحتلال على العراق والمنطقة، فضلًا عن موضوع الفيدرالية وما إلى ذلك.
وقد كان هذا اللقاء نقطة مفصلية مهمة في عمل الرابطة وتصميمها على المضي في طريقها ونهجها الذي اختارته، بعد أن اتضح لعدد من أعضائها أن بعض المخاوف والتحسبات التي كانت تطرح على أعضائها بعد بيانها الأول ليس لها واقع مبرر، وأن كثيرًا منها لا يعدو أن يكون محاولة لثنيها عما تعزم عليه، وهو ما ظهر من طرح بعض من حضر هذه الجلسة، التبريري من تبرير ومحاولة للتوافق مع مقتضيات الحال، والقبول بواقع الاحتلال بذرائع مختلفة، منها: أن مسألة قيام التجمعات والجمعيات والهيئات، سيؤدي إلى مزيد من التشرذم في الرأي “السني”، ولاسيما أن “الرابطة” حديثة التأسيس، وأن أغلب المنتمين لها ليس لديهم الخبرة السياسية أو العمل الميداني المناسب لهذه المرحلة الخطيرة، وأن الانضواء تحت مسمى قديم ومنظم وله تاريخه المعروف، والاستفادة من كوادره التنظيمية وعلاقاته الدولية؛ أفضل من الدخول في مؤسسات جديدة.
وعقد بعد اللقاء المتقدم لقاء آخر موسع هذه المرة، جرى فيه التوقيع على بيان من عدد تجاوز العشرين من أساتذة الجامعات والأئمة والخطباء العراقيين العاملين في دولة الإمارات؛ تعهدوا فيه بالعودة للعراق والقيام بواجباتهم في تخفيف الضرر الواقع على العراقيين، ما أمكنهم ذلك. وكان في مقدمة الموقعين علماء الرابطة وتلاميذهم.
وكانت وسيلة الإعلام الرئيسة لجهود الرابطة هي الموقع الالكتروني لها، الذي حمل اسم “الرابطة العراقية؛ صوت المسلمين العراقيين في الخارج”؛ الذي كانت تنشر فيه بيانات الرابطة وفتاويها وكتابات أعضائها. وقد قام على إدارة الموقع فنيًا مهندس عراقي فاضل مقيم في دولة الإمارات.
وضم الموقع حقولًا عدة، منها: الصفحة الرئيسة، ورابطتنا، وبيانات وفتاوى، وحقائق وشواهد، وللصابرين المرابطين، وروابط مهمة، وأخبار وأحداث، ومقالات وآراء، وصوتيات ومرئيات، فضلًا عن: خانة للتصويت، وقائمة اتصال بريدية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

شاهد ايضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى