أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

الميليشيات تضع يدها على الزناد، فمن يوقف القتال إذا اندلعت شرارته الأولى

الكاظمي وصالح يحذران من دعوات الانجرار للعنف والعامري والخزعلي يطالبان مرجعية النجف بالتدخل خشية فقدان حكم الطائفة.

بغداد- الرافدين

عدّ عميد ركن متقاعد تصريحات رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي عن الانجرار للعنف بعد استقالة أعضاء التيار الصدري من مجلس النواب، بأنه اعتراف بضعف الحكومة في السيطرة على أي مواجهات محتملة بين الميليشيات.
وقال العميد في تصريح لقناة “الرافدين” “لا توجد خطة لدى الحكومة والقوات الأمنية لمواجهة الاحتكاك المحتمل بين الميليشيات الولائية وجيش المهدي”.
وكان الكاظمي قد حذر من الدعوات إلى الانجرار للعنف والإضرار بالمصلحة العامة، مطالبا القوى السياسية بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب والوطن.
وقال خلال جلسة للحكومة “علينا اليوم أن نفكّر بحاضرنا ومستقبلنا… وأن نتعلّم ممّا جرى في السنوات الماضية، وأن نعمل بكل طاقاتنا من أجل مستقبل أجيالنا”.
وعزا العميد المتقاعد تحذير الكاظمي إلى عدم قدرة حكومته والقوات الأمنية في أن تكون طرفا يفرض سلطته على الميليشيات التي بدأت تضع يدها على الزناد.
وأضاف مفضلا عدم نشر اسمه لأنه يعيش في بغداد “أن الكاظمي يعول على الفرقة الذهبية في جهاز مكافحة الإرهاب الذي يرأسه الفريق عبد الوهاب الساعدي، لكن تلك الفرقة بكل عناصرها غير قادرة على الانتشار في أكثر من خمس مناطق في بغداد”.
وشدد العميد المتقاعد، على أن صراع الميليشيات في المحافظات الجنوبية خصوصا ميسان والبصرة وذي قار وكربلاء، سيكون خارج سيطرة القوات الحكومية تماما. ذلك ما يفسر مخاوف الكاظمي المعلنة بشكل واضح.
وقال ان إيران ستكون حاضرة بلا شك في أي قتال، فهي لازالت تؤكد لاتباعها من الميليشيات بأن “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني آخر”.
وعما إذا كان الحرس الثوري الايراني سيرسل أي قوات بمجرد اندلاع شرارة القتال، قال العميد الركن المتقاعد “لا يحتاج الحرس الايراني الى ذلك، فلدية ما يكفي من الميليشيات الولائية” مؤكدا على أن المشكلة ستكون كيف ستسيطر إيران على المتقاتلين من أتباعها بمجرد إطلاق أول رصاصة من المتنافسين على السلطة بين جيش المهدي والميليشيات الولائية.
وقال علينا الا ننسى أن جيش المهدي يمتلك خزينا من الأسلحة ما يجعله يشكل خطرا على الميليشيات الولائية، بالرغم من أن تسليح ميليشيات بدر والعصائب والكتائب أكبر بكثير.
يأتي ذلك في وقت أكد الكاظمي على أن “الأمن اليوم ممسوك بجهود قواتنا الأمنية، على اختلاف صنوفها والحدود مؤمنة بشكلٍ كبيرٍ جداً، أنا أشرف بشكلٍ يومي على عمليات عسكرية وأمنية”.
وأوضح “هناك من يحاول عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أن يحرض على العنف والفوضى، وهذا أمر غير مقبول، وسيقع تحت المساءلة القانونية”.
وأضاف “هناك من يستغل المنابر الإعلامية للدعوة إلى الانجرار للعنف والإضرار بالمصلحة العامة للمواطنين”.
بدوره، دعا الرئيس الحالي برهم صالح إلى نبذ العنف ومواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد والمساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار.
وأكد صالح، خلال اجتماعه بعدد من شيوخ عشائر محافظة النجف، أن “البلد في أحوج ما يكون إلى رص الصف الوطني والتكاتف بين جميع أبنائه”.
ويشهد العراق حالة من الترقب بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية وتقديم نوابه الـ74 استقالات جماعية من البرلمان مما أربك خطوات تشكيل حكومة جديدة.
وتخشي أطراف سياسية من أن يؤدي الفشل السياسي المستمر إلى اندلاع ثورة احتجاجات جماهيرية في الشارع يركب موجتها التيار الصدري، تطيح بأي حكومة مقبلة خاصة وأن الأجواء مهيئة بسبب تفشي الفساد وتدني مستويات الخدمات الأساسية وتفاقم مشكلة الكهرباء واتساع رقعة البطالة وعدم توفر فرص العمل وتفشي السلاح المنفلت.
وعدّ مصدر سياسي مطلع تصريح الكاظمي وصالح بشأن الخشية من الانجرار الى العنف، إلى أنه يأتي بعد أن وصلتهم الرسالة الأمريكية بعدم تدخل قواتها في أي صراع بين الميليشيات.
وكان مسؤول أمريكي قد أعرب عن استعداد بلاده للعمل مع أي حكومة عراقية تشكل بعد انسحاب نواب التيار الصدري، في إشارة واضحة بان إدارة الرئيس جو بايدن لن تجازف في تدخل قواتها في أي اشتباك مسلح بين الميليشيات المتنافسة.
وتفادى المسؤول التعليق على استقالة نواب كتلة الصدر قائلا “نحن مستعدون للعمل مع أي حكومة تضع سيادة العراق ومصالح الشعب العراقي في صلب جدول أعمالها”.
ويسود الترقب في الشارع العراقي بعد التصريحات المتصاعدة لقادة ميليشيا بدر والعصائب وكتائب حزب الله العراق، التي تعرب عن استعدادها لأي تطور بعد استقالة نواب التيار الصدري.
وطالب زعيم ميليشيا بدر هادي العامري، مرجعية النجف في التدخل، خشية من أي صراع محتمل وفقدان حكم الطائفة للعراق.
فيما وجه زعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي، تحذيرات في بيان مسجل قال فيه هناك “واقع جديد بعد استقالة نواب التيار الصدري”، وأكد على أن هناك “محاولات حقيقية لأرباك الوضع الداخلي برعاية شخصيات سياسية”.
وتحول الجدل منذ أشهر بشأن فشل تشكيل الحكومة والاتفاق على رئيس الجمهورية، إلى مخاوف من صراع مسلح بين القوى السياسية التي تمتلك ميليشيات مسلحة.
فمن الناحية النظرية، يمكن الآن للإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات المدعومة من إيران تشكيل حكومة لتحل محل حكومة مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها.
لكن في الواقع، يقول محللون إن مثل هذه الخطوة ستثير على الأرجح اضطرابات، بل وحتى حالة من الصراع، في ظل ما يتمتع به الصدر من قاعدة دعم واسعة تحمل السلاح.
وبالنسبة لإيران، فإن أحدث تطور في الأزمة السياسية العراقية ليس مرحبا به، مما يبرز الانقسامات بين اتباعها المختلفين والتي تهدد بتقويض نفوذها.
وقال أحمد الكناني، وهو سياسي متحالف مع إيران، لرويترز “لقد أُخذنا على حين غرة بقرار الصدر المفاجئ، ونتوقع أن هناك سيناريو شيء ينتظرنا إذا قررنا المضي في تشكيل الحكومة”.
وفي تأكيد للتوتر بين الميليشيات منذ الانتخابات، سبق وأن تعرض مقر إقامة الكاظمي لهجوم بطائرة مسيرة في تشرين الثاني. وقال مسؤولون ومحللون عراقيون إن الهجوم، الذي خرج الكاظمي منه سالما، كان رسالة من جماعات مدعومة من إيران.
وسعى إسماعيل قاآني زعيم فيلق القدس الإيراني إلى إيصال رسالة للكاظمي الناجي من الموت حينها، تفيد بأن إيران لم تعد تسيطر على الميليشيات المارقة في العراق.
لكن غالبية المراقبين السياسيين يرون أنه من العبث السياسي تصديق مزاعم قائد فيلق القدس بأن إيران لا علاقة لها بما يحصل بين الميليشيات.
وأجمع مراقبون على أنه من غير المرجح أن يتخلى القادة الإيرانيون عن العمق الاستراتيجي وخطوط الدفاع الأمامية التي منحها لهم الاحتلال الأمريكي للعراق، لكنهم في المقابل لا يريدون حربا أهلية بين أتباعها تطلق شرارتها الميليشيات الولائية.
ويرى الكاتب السياسي في شبكة بلومبرغ، بوبي غوش أنه لا يمكن التشكيك كثيرا في أن الهجومات التي تنفذها الميليشيات في العراق من صنع أدوات إيران.
وقال غوش “من بين مجموعات مسلحة متعددة في العراق، فإن هذه الميليشيات وحدها يمكنها الوصول إلى الطائرات دون طيار التي توفرها إيران لتستخدمها في العالم العربي، بدءا من بيروت وصولا إلى اليمن”.
إلا أن حمدي مالك، الزميل المشارك في معهد واشنطن، عبر عن اعتقاده بأن إيران تسعى لتهدئة الوضع.
وقال “ما لا يريدون حدوثه هو أن يخوض أتباعها الحرب مع بعضهم بعضا، وتجنب هذا سيكون محور مساعيهم في هذه المرحلة”.
وأضاف “إيران تعتقد بأن هذا سيفيد الآخرين في المنطقة، بما في ذلك دول الخليج العربية، مما يسمح للأكراد بأن يصبحوا أكثر قوة، وللسنة بتعزيز علاقاتهم مع الدول السنية. لذا فهم لا يريدون لهذا النظام الحالي… الانهيار”.
وأوضح إن الصدر “يعرف أوراقه جيدا، وهو يلعب بها، لكن بطريقة غير مألوفة تماما”.
وظهرت الانقسامات الحادة بين الجماعات في الإطار التنسيقي بشأن كيفية الرد على تحرك الصدر في اجتماع عقد الاثنين، وفقا لما ذكره أحد الحضور الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظرا لسرية الإجراءات.
واستبعد المحلل السياسي ومستشار مركز العراق الجديد للبحوث والدراسات شاهو القره داغي فقدان طهران للسيطرة على الميليشيات والفصائل الولائية التي تعلن الولاء لمشروع ولاية الفقيه والعمل ضمن الاستراتيجية الإيرانية الأيديولوجية في المنطقة.
وعزا القره داغي ذلك إلى أن هذه الميليشيات تستقوي بالدعم الإيراني وتقوم بنشاطاتها التخريبية والإرهابية بالاعتماد على الغطاء الإيراني الدائم، وحتى تردد الدولة العراقية والحكومة في ضرب وتحجيم هذه الميليشيات سببه الخوف من ردة فعل إيرانية قاسية بما أن طهران تستخدم هذه الميليشيات كأدوات ضغط في مفاوضاتها الخارجية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى