أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الصدر يرفض مشاركة الفاسدين بعد 19 عاما من العمل معهم

شغل الصدريون أو حلفاؤهم مناصب حكومية تمثل ما بين ثلث ونصف موازنة العراق لعام 2021 البالغ حجمها 90 مليار دولار.

بغداد- الرافدين
تساءلت مصادر سياسية عراقية عما إذا كان الفساد له مفهوما آخر وفق تعريف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو يعلن الانسحاب من العملية السياسية رافضا الاشتراك مع الفاسدين.
وقالت ان الصدر لم يتوقف عن ممارسة “العبث السياسي” وفق سياسة الباب الدور عندما يدخل ويخرج من العملية الفاسدة في الوقت نفسه.
وعبّرت المصادر عن استغرابها أن يكون الصدر قد اكتشف اليوم أنه شريك فاعل ومؤثر في عملية فساد لم يشهدها التاريخ المعاصر أدارها لصوص الدولة في العراق منذ عام 2003. كي ينسحب منها.
وتهكمت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها في تصريح لقناة “الرافدين” على مزاعم الصدر بأن انسحابه متعلق برفض العمل مع الفاسدين، متسائلة وماذا كان يفعل الصدر منذ أول مشاركة لتياره في أكبر عملية سياسية فاسدة؟
وقالت إن الامر برمته لا علاقة له بالوطنية ومحاربة الفساد، كما يزعم زعيم التيار الصدري، بل بالتنافس على تقسيم الحصص الحكومية بينه وبين الميليشيات الولائية.
ويوضح تحليل أجرته وكالة رويترز أن الوزارات التي شغل الصدريون أو حلفاؤهم مناصب فيها في الآونة الأخيرة تمثل ما بين ثلث ونصف موازنة العراق لعام 2021 البالغ حجمها 90 مليار دولار. لكن الحكومة الحالية لم تعلق على هذا الأمر.
وأدين القيادي في التيار ونائب رئيس البرلمان الحالي حاكم الزاملي، بالفساد عندما شغل منصب وكيل وزير الصحة.
وأدار الزاملي خلال الحرب الطائفية فرق الموت في جيش المهدي، وسُجن بتهمة استخدام منصبه كوكيل لوزارة الصحة لتحويل الموارد للخطف الطائفي والقتل.
وطالب الصحفي كرم نعمة، الصدر أن يضع تعريفا للفساد وفق مزاعمه، متسائلا: هل يوجد شريك في العملية السياسية لم يشجع ويشارك ويساهم في أكبر عملية فساد يشهدها التاريخ المعاصر بإدارة لصوص الدولة في العراق؟
وقال الكاتب السياسي فاروق يوسف “ليس الصدر مؤهلا لكي يكون زعيما سياسيا وهو لا يصلح أن يكون بديلا لسياسيي النظام لأنه من طينتهم حتى وإن كرهوه وكرههم. ما يجمعه بهم أكبر مما يفرقه عنهم”.
وأضاف “حيرة الشعب في مَن يقترع له أكبر من دهشته بسلوك مقتدى الصدر الذي لا يدل على أن الرجل يتميز بأي من الصفات التي تؤهله لقيادة مرحلة الإصلاح ومحاربة الفساد”.
وشبّه يوسف، الصدر بالدمية وكل إرثه العائلي لا معنى له. لأن ذلك الإرث يستند إلى مجموعة متلاحقة من الأكاذيب والخرافات.
وكتب “اليوم مقتدى الصدر يسعى لابتلاع المشهد السياسي برمته. خصومه لم يعد لهم وزن إلا إذا قرر هو أن يعيد لهم ثقلهم السياسي المشكوك فيه. وهو إذ يضع عليهم شرطا لذلك أن ينزعوا سلاحهم فإنه لم يبادر إلى نزع سلاحه ولن يقوم بذلك. يعرف أنه سيحتاج إلى ذلك السلاح يوما مّا. فهو لا يثق بشعبيته. فمثلما لقن الشعب الأحزاب درسا في الهزيمة فلربما التفت إليه”.
في غضون ذلك نفى مصدر مقرب من “الحنّانة” مقر إقامة الصدر في محافظة النجف جنوبي العراق، الأربعاء، الأنباء التي تحدثت عن تراجع نواب الكتلة الصدرية عن استقالتهم.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته في اتصال مع وكالة الأناضول، إن “أعضاء الكتلة الصدرية في لقائهم مع الصدر، أكد لهم التمسك بالانسحاب من العملية السياسية والذهاب إلى المعارضة”.
وأضاف أن الاجتماع “استغرق نحو 25 دقيقة، استمعوا خلاله إلى توجيهات الصدر حول مرحلة ما بعد انتهاء مهلة الثلاثين يوما واستقالة نواب الكتلة الصدرية والتشديد على عدم المشاركة في عملية سياسية مبنية على محاصصة تؤسس لمزيد من الفساد في الدولة العراقية”.
وأردف المصدر، أن اللقاء “لا علاقة له بموضوع استقالة النواب الصدريين، وأن الاجتماع كان مقررا قبل أيام حيث يأتي بالتزامن مع انتهاء مهلة الثلاثين يوما التي أقرها الصدر لتحوّلهم إلى المعارضة الوطنية لمدة لا تقل عن 30 يوماً، بعد ازدياد التكالب عليه من الداخل الخارج، وعلى فكرة حكومة أغلبية وطنية”.
ونشرت قنوات مقربة من التيار الصدري تسجيلا مصورا لأكثر من ثلاث دقائق تضمن حديثا للصدر أمام النواب المستقيلين ذكر فيه أن هذه الجلسة هي “جلسة وداعية أبلغكم فيها أني قررت الانسحاب من العملية السياسية حتى لا أشترك فيها مع الفاسدين، وكذلك أنتم”.
وتوجه الصدر “بالشكر للنواب على طاعتهم له”، مؤكدا أنه “لن يشترك في الانتخابات المقبلة في حال شارك من أسماهم الفاسدون إلا في حالة إزاحة الفاسدين الذين نهبوا العراق وسرقوه وأوغلوا في الدماء”.
ودعا الصدر نواب الكتلة الصدرية، إلى “التمسك بوحدتهم والبقاء على أهبة الاستعداد ضمن الكتلة”.
وكان نائب سابق في مجلس النواب قد أكد وجود “اتصالات حثيثة يجريها سياسيون عراقيون مع قيادات في الكتلة الصدرية لحث الصدر عن التراجع عن قرار استقالة نواب الكتلة خلال الاجتماع في الحنانة”.
وأكد النائب السابق، أن “مقربين من التيار الصدري تحدثوا إليه خلال الساعات الماضية مؤكدين له عزم رئيس التيار على البقاء في المعارضة وإعطاء القوى السياسية الأخرى فرصة تشكيل الحكومة”.
وفور انتهاء لقاء “الحنانة” غرّد النائب المستقيل عن الكتلة الصدرية حيدر ماضي العامري على حسابه بتويتر قائلا “لا عودة مع الفاسدين وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان” في إشارة إلى المضي بقرار الاستقالة.
وأبلغ زعيم التيار الصدري النواب المستقيلين أنه لا عودة إلى عملية سياسية تُبنى على المحاصصة، لا اتفاق مع الفاسدين، لا اشتراك في انتخابات مجدداً إذا ما بقي الحال على ما هو عليه. من دون أن يوضح كيف كان شريكا في حكومات بنيت على الفساد منذ عام 2003.
والأحد الماضي، وافق رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على استقالات نواب الكتلة الصدرية من مجلس النواب، 73 نائبا من أصل 329 في البرلمان.
ويعيش العراق أزمة سياسية منذ أكثر من سبعة أشهر نتيجة خلافات حادة على تشكيل الحكومة الجديدة بين الكتلة الصدرية التي فازت بالمرتبة الأولى بـ 73 نائبا، وأحزاب سياسية ممثلة في ما يعرف باسم الإطار التنسيقي الذي يضم الميليشيات الولائية المدعومة من إيران المنافس لهذه الكتلة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى