أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الاضراب يشل تونس ويزيد الضغوط على الرئيس سعّيد

الاتحاد العام التونسي للشغل: لسنا ضد الإصلاحات، ولكن ضد السياسة الممنهجة الممولة من الخارج لضرب القطاع العام.

تونس – أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس، نجاح إضراب القطاع العام بنسبة مشاركة بلغت 96.22 بالمئة.
جاء ذلك في كلمة لأمين عام الاتحاد “أكبر منظمة نقابية بالبلاد” نور الدين الطبوبي، على هامش مشاركته في الإضراب بالعاصمة تونس.
وتشهد تونس الخميس، إضرابا في القطاع العام بدعوة من اتحاد الشغل، حيث تشارك فيه 159 مؤسسة عمومية، للمطالبة بتحسين أجور الموظفين وتعزيز قدرتهم الشرائية، بجانب مطالب اجتماعية أخرى.
وطالب الطبوبي، في كلمته، الحكومة بـ”تعديل المقدرة الشرائية وزيادة أجور العاملين في القطاع العام”.
وأضاف “طالبنا باحترام الاتفاقيات المتعلقة بالمفاوضات الاجتماعية ولو كانت الحكومة جدية لبحثت عن مخرجات وحلول لمطالبنا”.
وأفاد بأن “العاملين في القطاع العام لم يستفيدوا بزيادة في أجورهم منذ سنة 2020″.
وأردف “يتهموننا بالخيانة (دون تسمية أي جهة) ولكن الخيانة العظمى هي عندما يتم التراجع عن الاتفاقيات وحقوق العمال”.
وذكر أن الاتحاد “ليس ضد الإصلاحات ولكن ضد السياسة الممنهجة الممولة من الخارج لضرب القطاع العام والتفويت في المؤسسات العمومية”.
واستطرد “سنواصل النضال من أجل الحقوق العامة والفردية والحريات وفي مقدمتها الحق النقابي، فحق الإضراب خط أحمر”.
ولم يصدر تعليق فوري حول هذا الإعلان من السلطات التونسية، التي تتجه وفق مراسلة الأناضول، إلى مراجعة أجور موظفي القطاع العام، ضمن رزمة إصلاحات اقتصادية.
ويأتي الإضراب في ظل أزمة اقتصادية تعانيها تونس هي الأسوأ منذ الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي، جراء عدم الاستقرار السياسي منذ ثورة 2011، وتداعيات جائحة كورونا، وسط مطالب بإصلاحات اقتصادية.
وبحسب بيانات حكومية، يبلغ عدد الموظفين العموميين حتى 2021، نحو 661.7 ألفا، بإجمالي فاتورة أجور سنوية تبلغ نحو 6.8 مليارات دولار، تعادل قرابة 35 بالمئة من إجمالي ميزانية البلاد السنوية.
وسابقا أعلن صندوق النقد الدولي، أن على تونس “الساعية للحصول على مصادر تمويل دولية، القيام بإصلاحات عميقة جدا، لا سيما خفض حجم قطاع الوظيفة العامة، الذي يبلغ أحد أعلى المستويات بالعالم”.‎
وتتلاحق الأحداث والمستجدات بالمشهد السياسي في تونس مؤخرا، بشكلٍ بدأت تطغى انعكاساته على مفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
ورأى المحلل السياسي كمال بن يونس أن “تونس على أبواب انتفاضة اجتماعية كبيرة قد تكون شاملة ومتعددة”.
وأضاف “النقابيون يتجولون في الجهات للتعبئة لتحركات وإضرابات جهوية متوقعة، شبيهة بالإضرابات التي وقعت في أواخر عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي”.
وتعاني تونس أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي، جراء عدم الاستقرار السياسي منذ ثورة 2011 التي أطاحت بابن علي، وتداعيات جائحة كورونا، وسط مطالب بالإصلاح الاقتصادي.
وينفي الاتحاد أن يكون الإضراب سياسيا، في ظل أزمة سياسية تعيشها البلاد، منذ الخامس والعشرين من تموز 2021، حين بدأ الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وحل البرلمان ومجلس القضاء، وغيرها.
ولم يستبعد أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية عبد الجليل البدوي، حصول أزمة اجتماعية قوية.
وقال “يمكن أن تحصل انتفاضة اجتماعية، لأن تحميل تبعات الأزمة لفئة معينة دون الفئات الأخرى التي تواصل كسب الامتيازات وكسب نصيب متصاعد من الثروة، سيقود إلى تصعيد”.
وحذّر من أن “الناس مهدّدون بالفقر وبالتفقير ولن يبقوا مكتوفي الأيدي سواء كانت النقابة موجودة أو غير موجودة”.
ولفت البدوي إلى أنه “حتى إذا أرادت النقابة التهدئة فستكون تحركات عشوائية وفجائية وتلقائية”.
ويذهب كمال بن يونس في الاتجاه ذاته، قائلا “موضوعياً، حسب المؤشرات الحقيقية للدراسات المستقلة، نسب زيادة الأسعار تجاوزت 20 بالمئة في المواد الأساسية، وهذه الزيادات متواصلة بالمواد الغذائية ومواد البناء”.
وأكد أن “هذه الزيادات ستتواصل لعوامل كثيرة، منها انزلاق العملة التونسية، ومضاعفات كورونا وحرب أوكرانيا على المنطقة كاملةً بما في ذلك تونس”.
وأشار إلى أن ذلك يتزامن مع “قطيعة بين السلطة وكل معارضيها السياسيين الذين يتحكمون بالمشهد، بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يلعب تاريخياً دوراً سياسياً واجتماعياً”.
وتحدث بن يونس عن الضغوطات الداخلية والخارجية التي تلعب دوراً بمآلات الوضع في تونس، حيث قال “في الوقت نفسه، هناك الضغوطات من رجال الأعمال وجزء من صنّاع القرار في الداخل، والمؤسسات المالية الدولية في الخارج، للقيام بإجراءات لا شعبية”.
من بين هذه الإجراءات بحسب بن يونس، “اقتران الإصلاحات بإلغاء صندوق الدعم أو التخفيض فيه، وغلق المؤسسات المفلسة والتفويت فيها”.
وقال إن هذه الضغوطات “تلتقي فيها الأطراف الشعبوية بالأطراف النقابية (أرباب العمل) والأطراف الأوروبية والأمريكية خاصة بعد ما يعتبرونه تضخماً بالأجور في العشرية الماضية، دون تحسّن الإنتاج والإنتاجية ومناخ الاستثمار”.
ولفت إلى أن “الصناديق العالمية والداخلية والبنوك الدولية، تشترط أيضاً تخفيض كتلة الأجور، وهو مسار بدأ قبل 2010، وكان من المفروض التخفيض في عدد العمّال بمجموع 200 ألف موظف”.
ولفت إلى أن “القطيعة بين السلطة والمعارضة والقضاء والنخب، أدّت إلى اقتران الأزمة الاجتماعية بالأزمة السياسية، ما يزيد الأزمة الاجتماعية حدّة”.
وعن إمكانية أن ينجح الرئيس سعيد في نزع فتيل التوتر الاجتماعي، قال بن يونس “دون شخصنة، أعتقد أن مشاكل تونس قد تحلّ في وقتٍ وجيز لو ينظّم حوار بعيداً عن الكاميرا، وتقع مصالحة وتعود الثقة بين كل الأطراف”.
ورأى أن “توفير ما تحتاجه تونس حوالي 50 بالمئة من ميزانيتها، حوالي 20 ـ 25 مليار دينار (نحو 6 ـ 8 مليارات دولار)، هو رهين عودة الثقة والحوار الوطني والعودة إلى المسار الديمقراطي والبرلماني”.
وشدّد بن يونس قائلاً “ليس من مصلحة الرئيس تنظيم استفتاء صوري وحول مشاغل لا تهم التونسيين الآن، وهو الذي كان ينتقد مسار 2011 الذي طرح جدل الدستور وطرح إشكاليات الهوية عوض مشاغل الناس الحياتية”.
إلا أن البدوي، يختلف كلياً مع بن يونس، حيث قال إن “الرئيس اختار التوجّه إلى صندوق النقد الدولي لحل الأزمة المالية العمومية، ولم يقم بإجراءات استثنائية لتعبئة موارد مالية من فئات عدة بالمجتمع التي استفادت من الوضع”.
وانتقد البدوي سياسة سعيّد بالقول إن “الرئيس يتحدث عن مواجهة اللوبيات، وهو كلام كثير ليس له مردود ماليّ على الخزينة العمومية”.
وشدّد على أن “الفساد لا بد من محاسبته، وهذا يمرّ إما عن طريق الجباية والتعديل الجبائي وأن يعوّض الفاسدون الشيء الذي سرقوه وحرموا الدولة منه أو تصادر أملاكهم، وهذا المهم، وليس بالضرورة سجنهم”.
وأضاف البدوي “هؤلاء الفاسدون لم يقوموا بواجبهم مدة سنوات، وميزانية الدولة في أزمة حادّة والبلاد على أبواب الإفلاس، حان الوقت ليمتثلوا للقانون، هو (الرئيس) لم يقم بأي شيء في هذا الاتجاه”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى