أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

ترشيح خليفة حفتر للرئاسة عقبة في طريق اتفاق الفرقاء في ليبيا

إصدار المجلس الرئاسي لقاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات، يؤدي إلى حل مجلسي النواب والدولة.

جنيف – أثبتت مباحثات جنيف بين رئيسي مجلسي النواب والدولة الليبيين، أن خليفة حفتر، قائد قوات المنطقة الشرقية، ما زال عقبة أمام أي اتفاق بين فرقاء الوطن الواحد، لدى إصراره على الترشح للرئاسة دون التنازل عن جنسيته الأمريكية.
إذ كاد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق، أن يحققا تقدمًا في المفاوضات بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات، خلال لقائهما بجنيف تحت رعاية أممية.
وقال عمر بوشاح، النائب الثاني لرئيس مجلس الدولة، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إنه “تم التوافق المبدئي على الوثيقة الدستورية بشكل كامل بين رئيسي مجلسي النواب والدولة والوفدين المرافقين لهما، وسيتم مراجعتها مساء الأربعاء”.
لكن التفاؤل الحذر بشأن تحقيق اتفاق مبدئي صباح الأربعاء، سرعان ما تحول إلى خيبة أمل مساء ذات اليوم، وكان واضحًا إخفاق الرجلين في تحقيق توافق، بعد الإعلان عن تمديد المفاوضات إلى الخميس، بدل التوقيع على الاتفاق الأربعاء، في ختام المباحثات التي استغرقت يومين.
إذ نقلت وسائل إعلام محلية، عن مصدر في جنيف، أنه “بعد الاتفاق، الثلاثاء، على التعديلات والتأكيد على التوقيع صباح الأربعاء، تفاجأنا بطلب وفد مجلس النواب باستبعاد شرط عدم ترشح مزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية بناء على تعليمات من الرجمة (مقر قيادة قوات حفتر)”.
وأوضح المصدر أن “وفد مجلس النواب اقترح أن يتنازل المرشح للرئاسة عن الجنسية عند الفوز بالرئاسة. الأمر الذي قوبل برفض وفد مجلس الدولة”.
فعقيلة، لا يملك سلطة إزاحة حفتر من المشهد السياسي تحت أي ضغط دولي، لأن الأخير من يهيمن على المنطقة الشرقية عسكريًا.
وحذر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في خطوة غير معتادة، قبل أيام من أنه “إذا فشل اجتماع عقيلة والمشري، في إنجاز قاعدة دستورية، لا بد أن يكون لنا دور كمجلس رئاسي، باستخدام سلطتنا السيادية، حتى لا يترك الأمر للتمديد والتمطيط”.
وهذا تلميح إلى أن المجلس الرئاسي سيصدر قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات، وربما يؤدي ذلك إلى قيامه بحل مجلسي النواب والدولة.
وتحدث المنفي، خلال لقائه بمشايخ القبائل وحكمائها، في طرابلس، بضرورة تحديد مدة زمنية لمجلسي النواب والدولة، بناء على مطالب أحزاب سياسية وأعيان قبائل وشخصيات ومواطنين.
وأشار، إلى أن المجلس الرئاسي “أعدّ قاعدة دستورية”، ما يبيّن أن سيناريو حل البرلمان بغرفتيه ليس مستبعدًا، أو على الأقل تجميد دوره أو تهميشه، ليتسنى للمجلس اعتماد قاعدته الدستورية وإجراء الانتخابات.
لكن المجلس الرئاسي يخشى، بحسب هذا السيناريو، من أن يرفض أحد الأطراف نتيجة الانتخابات إذا لم تكن في صالحه، لذلك يعول على حراك شعبي، للضغط على الأطراف السياسية والعسكرية التي تتقدم المشهد الليبي بالقبول بتغيير الطبقة السياسية الحالية.
وأشار إلى ذلك موسى الكوني، نائب رئيس المجلس الرئاسي، عندما تحدث عن تأييده ودعمه “بقوة لكل حراك شعبي وسياسي يدفع في اتجاه الاستحقاق الانتخابي”.
جاء ذلك خلال لقائه بمقر القائد الأعلى للجيش الليبي في منطقة أبوستة بطرابلس، بوفد تكتل مترشحي الجنوب للانتخابات التشريعية، ثم مجلس الداعمين للانتخابات، الذي يضم عددًا من المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية وبعض رؤساء الأحزاب.
وسارع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لإقالة مدير شركة الكهرباء، خشية تكرار سيناريو إسقاط حكومتي فايز السراج وعبد الله الثني، بسبب الغليان الشعبي ليس فقط بسبب الانسداد السياسي بل لعودة انقطاع التيار الكهربائي مع دخول الصيف، فاقمها غلق الحقول والموانئ النفطية في الشرق والجنوب.
ومن بين مطالب الحراك الشعبي، رحيل البرلمان بغرفتيه، وهذا ما سيخدم خطة المجلس الرئاسي، للدفع بقاعدته الدستورية والدفع بقوة نحو الانتخابات، انطلاقًا من كونه مؤسسة سيادية، وأيضًا بالاستناد إلى ظهير شعبي، من المتوقع أن يخرج للشارع قريبًا تحت ضغط لهيب الأزمات المتتالية.
والمشروع الذي أطلقه المجلس الرئاسي بخصوص المصالحة بين الليبيين جزء من هذا السيناريو الذي يهدف إلى إعادة بناء الدولة مثلما قام به الآباء المؤسسين قبل أكثر من 70 عامًا.
والمنفي، كان صريحًا جدًا عندما تحدث عن ضرورة تغيير الطبقة السياسية الحالية، والإشارة واضحة إلى كل من حفتر وعقيلة والمشري والدبيبة وباشاغا، وسيف الإسلام القذافي، الذين يتصدرون المشهد حاليًا
ولفت المنفي، إلى أنه لم يترشح للرئاسة، مبعدًا عن نفسه شبهة كونه أحد أطراف الأزمة المتصارعين على السلطة.
إلا أن نقطة ضعف المجلس الرئاسي، تكمن في عدم امتلاكه لقوات عسكرية تدعم قراراته وتنفذها، في الوقت الذي تملك الأطراف الأخرى كتائب مدججة بالأسلحة، تمكنها من فرض الأمر الواقع، بما في ذلك إسقاط “الرئاسي” نفسه.
ولم يعد حفتر وحده العائق الرئيسي أمام إجراء الانتخابات، فوجود حكومتين تتنازعان الشرعية يجعل من الصعب إجراؤها دون وجود حكومة موحدة تسيطر على كامل البلاد، وتشرف على تأمين العملية الانتخابية، وتوفير الدعم اللوجيستي لمفوضية الانتخابات لإنجاحها.
وفي مواجهة هذه المعضلة التي تتطلب حلًا سريعًا، يقترح المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند، “إجراء الانتخابات بحكومتين”، بحيث تتولى كل حكومة تأمين الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها.
ويرد نورلاند، مسبقًا على المعارضين لهذه الفكرة غير التقليدية، “خيار أن تجري حكومة واحدة الانتخابات يمكن أن يحدث في المستقبل، ولكن لا أرى هذا محتملًا الآن في الوضع الحالي”.
وانتقد بعض الناشطين فكرة أن تشرف حكومتا عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، على إجراء الانتخابات في نفس الوقت، لأن من شأن ذلك تقسيم البلاد.
وهذا الحراك السياسي الدولي في انتظار أن يلحق بهما حراك شعبي، يكاد يصل إلى قناعة واحدة بأن التعويل على مجلسي النواب والدولة، في الوصول إلى نهاية لمراحل انتقالية استغرقت من البلاد 11 عامًا من الدماء والأزمات، لم يعد مقبولًا ولا ممكنًا، ما يتطلب حلًا واقعيًا وسريعًا، بدل اجترار الفشل.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى