أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

استفتاء الدستور في تونس.. المعارضة تواصل الضغط رغم انقسامها

أيمن البوغانمي: المعارضة المقاطعة تراهن على ضعف المشاركة في الاستفتاء لمقاومة النظام فيما بعد.

تونس- مع اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور الجديد، تجد المعارضة التونسية منقسمة إلى شقين أحدهما دعا إلى المشاركة في الاستفتاء عبر التصويت بـ”لا”، والثاني دعا إلى المقاطعة.
ويرى متابعون أنّ “هذا الانقسام في الرؤية لم يخدم المعارضة وجعلها تضعف أكثر رغم محاولات الضغط والتحركات الاحتجاجية التي تنظمها بهدف “إسقاط الانقلاب”، بحسب وصفها.
وسيعرض الرئيس التونسي قيس سعيد الدستور الذّي اقترحه على الاستفتاء أيام 23 و24 و25 تموز الحالي خارج البلاد فيما سيكون التصويت عليه بالداخل يوم 25 يوليو.
ويأتي الاستفتاء، وسط تباين للمواقف وأزمة سياسية حادة تمر بها تونس، بدأت منذ أن أعلن سعيد عن إجراءاته الاستثنائية قبل عام والتي شملت حل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 كانون الأول المقبل.
ويرى أيمن البوغانمي الأستاذ بالجامعة التونسية والباحث في العلوم السياسية وتاريخ الاقتصاد، أنه ” كان يفترض على المعارضة أن تصطف في خانة واحدة بعيدًا عن التشتت والانقسام من أجل الدفاع عن الديمقراطية”.
وقال البوغانمي، إن “ما سبّب ضعف المعارضة هو عدم الإيمان الجماعي بالقواعد الأساسية للعيش المشترك”.
وأضاف أنّ “التصويت بالرفض يراهن على إمكانية الانتصار لصالح لا، وهو رهان سيؤدي بالسلطة الحالية إلى وضع صعب أو التسريع في إسقاطها بأُطر تكون مضمونة قانونية”.
وأردف البوغانمي، أنّ ” فشل من اختاروا التصويت بلا سيعطي مشروعية للسلطة وقد يؤدي إلى تكريس الدستور غير الديمقراطي الذّي يُدعى التونسيون للتصويت عليه الإثنين”.
ويضيف البوغانمي، أنّ “هناك إجماع بأنّ الدستور غير ديمقراطي وحتى من يدعون للتصويت عليه بنعم يستعملون حججًا أخرى غير الديمقراطية على غرار حجة القطع مع المنظومة السابقة”.
وشدد على أنّ ” الكثيرين يجمعون بأن الدستور يعطي صلاحيات شبه امبراطورية لرئيس الجمهورية وهناك انحرافات ممكنة لتأويله من خلال عبارات فضفاضة وعدم وجود توازن للسلط”.
وأكد البوغانمي، أن ” هذا الشق (لا) يريد تحقيق انتصار على مدى قصير مضمون قانونيًا وقد يسرع بدخول تونس إلى العودة للشرعية الدستورية والديمقراطية في تقديرهم”.
واستدرك بالقول “توجد في الضفة الأخرى المعارضة التي تدعو إلى مقاطعة الاستفتاء، وتعتبر أنه مسار باطل لا يمكن الانخراط فيه ورهانهم الوحيد هو إضعاف شرعية النظام القائم إلى أن يسقط أو يقبل بالعودة إلى الديمقراطية”.
وبحسب البوغانمي، فإن المعارضة المقاطعة “تقبل بالخسارة على المدى القصير وتراهن على ضعف المشاركة في الاستفتاء بما يمكن من مقاومة النظام فيما بعد”.
واعتبر أن “موقف المقاطعة يراهن على فشل النظام القائم وعلى قناعة منتشرة بأنه لن يؤدي إلى كارثة وأن التونسيين سينقلبون عليه”.
وتابع البوغانمي، أن “موقف المعارضة يدعو للسخرية خاصة موقف الدعوة إلى إسقاط الاستفتاء من قبل 5 أحزاب (في إشارة إلى حملة إسقاط الاستفتاء وتضم الحملة أحزاب “الجمهوري” و”التيار الديمقراطي” و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” (اجتماعية)، و”العمال” و”القطب” (يسار).
وزاد أن “تلك الأحزاب ترفض التعاون مع باقي القوى السياسية وتعتبر أن بعض المكونات المعارضة لقيس مرفوضة جملةً وتفصيلًا ولا تريد أن تفهم الفرق بين الصراع السياسي العادي الذي تحتمله أي ديمقراطية وبين الصراع على المبادئ الذّي يلتقي فيه الجميع بغض النظر عن مواقفهم”.
واعتبر البوغانمي، أن ” هناك انقسام وسط المقاطعة التّي لا تريد أن تقاوم مجتمعة وهو ما يجعل السّلطة تستغل هذا الانقسام لصالحها”.
بدوره قال العياشي الهمامي رئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية (مستقلة) المعارضة لإجراءات سعيد: “رغم اتفاق المعارضة على نفس الهدف ورفض لمسار الرئيس قيس سعيد، إلا أنها لم تنجح في توحيد جهودها في اتجاه رفض الاستفتاء”.
وأضاف الهمامي: “توحيد الجهود يكون نتيجة عمل مشترك ومسار أطول، ذلك أن جزءًا من المعارضة في السلطة ويتحمل مسؤولية الأزمة التي نعيشها اليوم، وبالتالي فإنه يصعب في ظرف عام فقط أن تنسى عدة أحزاب الخلافات القديمة بينها”.
وشدد على أن “العمل المشترك يتطلب نقدًا ذاتيًا لتلك لخلافات والاتفاق على بديل”.
وأكد الهمامي، أنه “سيتم توحيد الصفوف وستتجدد المعارضة في خطابها وقياداتها وتقدم بديلًا يقنع الجماهير”.
واعتبر أن “التشتت مثل نقطة ضعف للمعارضة التي ستعيد لاحقًا بناء ذاتها على مستوى حزبي أو جبهوي”.
وتابع الهمامي، أن ” خطابات سعيد وسلوكياته وطريقة تصرفه في دواليب الدولة تؤكد أنه حاكم مستبد ويريد إرساء حكم فردي ولن يجلب التنمية والرفاه بل سيزيد في تعميق الأزمة ، لأنه لا برنامج له سوى الرضوخ لشروط النقد الدولي للحصول على قروض”.
واعتبر الهمامي، أن “الشعب الذّي سيصوت بنعم على الدستور لا يساند سعيد بل اختار ذلك رفضًا منه للطبقة السياسية القديمة كما أنه سيرفض لاحقًا سعيد”.
واعتبر أن سعيد “لا يملك اليوم جماهير مساندة له وتقف وراءه، وإنما هي جماهير مستكينة لم تر بديلًا إلا فيما يقوم به وسيتبين لها لاحقًا أنه ليس سوى حاكم يريد تكرير السلطة الفردية”.
وشدد الهمامي على أن “الفترة القادمة ستتسم بالنضال ضده (سعيد) وأن الشعب الذّي منحه ثقته سيثور عليه بعد أن يستمر الوضع على ما هو عليه”.
ولم يخف الهمامي تخوفه من تراجع الحريات بعد الاستفتاء ويقول في هذا السياق: “هناك قناعة لدينا أنه عندما يتمكن الرئيس من السلطة، فإنه سيقلص من الحريات ويقوم بتضييقها لأنه يعتبر كل من يخالفه خائنًا للوطن وأن الأيام القادمة ستكون سيئة فيما يخص مجال الحريات والحقوق”.
وأضاف: “سيصدر مرسوم لتنظيم انتخابات جديدة وسيمنع عدة أحزاب وجمعيات ومواطنين من الترشح وهو ما سيجعلهم يحتجون ليتم التضييق عليهم وبهذه الطريقة نكون دخلنا دورة سلبية”.
كما اعتبر الهمامي، أن ” سعيد لا يفهم السياسية بالمعْنى الحضاري وسياسة البلاد تتطلب التصرف بحكمة ومرونة وهو لا يقدر الاختلاف فهو لا يمارس السياسة ولكنه يقوم بالعربدة”.
ورغم خلافاتها أكد الهمامي، أنّ المعارضة “ستظل متمسكة بموقفها الرافض للاستفتاء والمقاطع له”.
وأضاف أنهم “سيواصلون تحركاتهم الاحتجاجية ضد الدستور الذّي لا تتوفر فيه شروط الديمقراطية وضد إجراءات الرئيس قيس سعيد”.
وأردف : “سنواصل نضالاتنا في كل الحالات سواء مر الدستور أو لا، وهو ما يؤكد أن نضالنا من أجل دولة ديمقراطية لن يتوقف” وفق تعبيره.
كما شدد الهمامي على أن” نفس المقاومة لديهم سيزيد بعد الاستفتاء”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى