أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

مصارف لبنان نضرب عن العمل احتجاجا على “دعاوى كيدية”

لبنان يعيش ثالث سنة من أسوأ انهيار مالي في العصر الحديث، خلف ثمانية من كل عشرة أشخاص فقراء.

بيروت- نفذت المصارف اللبنانية، الإثنين، إضرابا ليوم واحد، احتجاجا على ما قالت إنه “دعاوى كيدية يتقدم بها مودعون لتحصيل أموالهم، وأحكام قضائية شعبوية تصدر ضدها”.
وقالت جمعية المصارف في لبنان (غير حكومية) في بيان، إن المصارف تضرب عن العمل الإثنين، احتجاجا على “دعاوى كيدية تتعرض لها وتصدر فيها بعض الأحكام الاعتباطية والشعبوية، عن مرجعيات يتم اختيارها مسبقاً من المدّعين لغايات لم تعد خافية على أحد”، دون تفاصيل أكثر.
وحسب البيان، فإن الإضراب يستمر ليوم واحد فقط، على أن يترك للجمعية العمومية لجمعية المصارف، التي تنعقد الأربعاء المقبل، القرار بشأن الخطوات التي تراها مناسبة، حفاظاً على مصالحها ومصالح أصحاب الحقوق.
ومن حين لآخر يصدر القضاء اللبناني قرارات تقضي بالحجز على أسهم وأصول عائدة لمصرفيين لبنانيين على خلفية دعاوى ضدهم من قبل مودعين يطالبون بتسديد كامل أموالهم.
وفي العاشر من آذار الماضي، أصدرت النيابة العامة الاستئنافية في محافظة جبل لبنان (وسط) قرارا بمنع سفر رؤساء مجالس إدارة 5 مصارف، على خلفية تحقيقات بدعاوى ضدهم حول تهم “فساد” مقدمة من قبل مجموعة محامين.
ومنذ أواخر 2019، تفرض المصارف اللبنانية قيودا وسقوفا قاسية على السحوبات بالدولار والعملة المحلية، إثر أزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى انهيار مالي وتراجع حاد باحتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي في البلاد.
من جهته، اعتبر اتحاد نقابات المهن الحرّة (خاص)، الإثنين، أنّ قرار جمعيّة مصارف لبنان بالإضراب “مخالف للقانون ولأبسط قواعد حقوق الإنسان”.
وقال الاتحاد في بيان، إنّ “الأسباب المذكورة في متن القرار.. لا تعطي المصارف أيّ حق قانوني للإقفال، بل هو تعسّف في استعمال الحق بالإضراب وسوء استغلال المركز المهيمن وعملية ابتزاز ومساومة موجّهة إلى المودعين”.
وأضاف أن “الجمعية عندما تتهم القضاء بإصدار أحكام اعتباطية وشعبوية تكون قد ضربت بعرض الحائط حرية المودع في المطالبة بحقوقه بواسطة القضاء المختص”.
واعتبر أن الجمعية بقرارها “توجه ضربة للقضاء من الناحية القانونية والعلمية وخوّنته وتعرّضت لاستقلاليته”.
وليست هذه المرة الأولى التي تضرب فيها المصارف اللبنانية فقد أعلنت في مارس الماضي، إضرابا ليومين احتجاجا على ما وصفته بـ”التعسف” في تطبيق السياسات المالية والقرارات القضائية بحقها.
وكان البنك الدولي قد أتهم السياسيين اللبنانيين بالقسوة لتأكيدهم على أن الودائع في القطاع المصرفي المنهار في البلاد مقدسة، قائلا إن مثل هذه الشعارات “تتعارض بشكل صارخ مع الواقع”.
ويعيش لبنان الآن في ثالث سنة من الانهيار المالي الذي خلف ثمانية من كل عشرة أشخاص فقراء والذي يقول البنك الدولي إنه متعمد وقد يكون واحدا من أسوأ ثلاثة انهيارات مالية في العصر الحديث.
ويمثل التقرير الجديد ثاني مرة هذا العام يوبخ فيها البنك الدولي السياسيين الذين يمثلون النخبة الحاكمة في لبنان بعد أن اتهمهم في كانون الثاني “بتدبير” الانهيار الاقتصادي الكارثي للبلاد من خلال قبضتهم الاستغلالية على الموارد.
وأدى الانهيار إلى تجميد مدخرات المودعين في النظام المصرفي المشلول ودفع العملة المحلية إلى فقد أكثر من 90 بالمئة من قيمتها.
وقال البنك الدولي في التقرير “الشعارات السياسية حول قدسية الودائع جوفاء وانتهازية. في الواقع، فإن إساءة استخدام السياسيين لهذا المصطلح أمر قاس”.
وأضاف التقرير “المصطلح لا يتعارض مع الواقع بشكل صارخ فحسب، بل إنه يمنع إيجاد حلول لحماية معظم، إن لم يكن كل، أصحاب الودائع الصغار والمتوسطين بالدولار والنقد”.
وعادة ما يقول السياسيون اللبنانيون إنه يجب الحفاظ على حقوق المودعين في أي خطة لمعالجة خسائر تقدر بنحو 70 مليار دولار في النظام المالي حتى لو فقدت مدخراتهم نحو 80 بالمئة من قيمتها بسبب الانهيار.
وأضاف البنك الدولي “ينبغي على مساهمي البنوك وكبار الدائنين، الذين استفادوا بشكل كبير خلال الثلاثين عاما الماضية من نموذج اقتصادي غير متكافئ للغاية، قبول الخسائر وتحملها. وكان ينبغي أن يحدث هذا في بداية الأزمة… للحد من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية”.
وأقرضت البنوك اللبنانية بشكل كبير الدولة، التي تراكمت عليها ديون ضخمة بسبب الفساد وسوء الإدارة.
وقال تقرير البنك الدولي إن “قسما كبيرا” من مدخرات الناس “أُسيء استخدامه وأُسيء إنفاقه على مدى الثلاثين عاما الماضية”.
ووضعت الحكومة السابقة خطة لمعالجة الخسائر في 2020، لكنها نُسفت بنفوذ الفصائل الطائفية التي لها الكلمة الفصل في بيروت واعتراضات القطاع المصرفي والبنك المركزي.
وواجهت خطة جديدة تمت الموافقة عليها في مايو أيار اعتراضات أيضا.
ويريد صندوق النقد الدولي من لبنان الموافقة على خطة إعادة هيكلة مصرفية باعتبارها واحدة من قائمة شروط مسبقة للمضي قدما في مسودة اتفاقية تمويل.
ويتساءل تقرير البنك الدولي عن مدى تلبية السلطات لاحتياجات التمويل من خلال ما يطلق عليه مخطط بونزي، وهو نوع من الاحتيال الذي يضمن دفع للمستثمرين الحاليين من أموال مستثمرين جدد.
وأضاف أنه “كلما كان الشروع في الإصلاحات اللازمة أبكر كلما قلت معاناة تكلفة تمويل بونزي بالنسبة للشعب اللبناني”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى