حل المأزق السياسي يكمن في العودة الى مبادرة هيئة علماء المسلمين “العراق الجامع”
نخب وطنية وشعبية عراقية تطالب باستعادة مشروع العراق الجامع بعد سبعة أعوام على اطلاقه لإنقاذ العراق والمنطقة.
عمان- الرافدين
عدّت نخب سياسية وشعبية وقبلية وطنية عراقية، الحاجة ماسة وعاجلة للعودة الى مبادرة “العراق الجامع”، التي أطلقتها هيئة علماء المسلمين في العراق، قبل سبعة أعوام، لمواجهة الفشل السياسي القائم والمستمر في البلاد.
وأجمعت على ان المبادرة تمثل خلاصة الحل الوطني الشامل الذي يعلو الوطنية العراقية فوق أي اعتبار تقسيمي وطائفي أخر.
وقالت إن التذكير بهذه المبادرة المخلصة تمثل عودة إلى وحدة البيت العراقي الجامع، بعد أن قسمه الاحتلال الأمريكي والأحزاب الطائفية الحاكمة منذ عام 2003.
وأشارت إلى أن أهمية المبادرة تكمن في كونها تجمع العراقيين باتجاه استعادة بلادهم المخطوفة، بعد أن اعترفت القوى والأحزاب المشاركة في العملية السياسية بفشلها، فيما تكشف المؤشرات على الأرض بصراع على المصالح بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، بعد الاعتراف بهزالة العملية السياسية وفشل الدستور الذي كتب أبان الاحتلال الأمريكي للعراق.
وتهدف المبادرة التي أعلنتها الهيئة من العاصمة الأردنية عمان في الخامس عشر من اب 2015، إلى التوافق على الحل المناسب لإنقاذ العراق والمنطقة، تحت عنوان “العراق الجامع”.
وتتضمن المبادرة التي أعلن عنها آنذاك أمين عام الهيئة ومسؤول القسم السياسي الحالي، الدكتور مثنى حارث الضاري، الدعوة إلى لقاءات تشاورية موسعة بين القوى العراقية المناهضة للمشروع السياسي القائم، لغرض الاتفاق والتنسيق على مبادئ وثوابت مشروع العراق الجامع وتفعيلها، إضافة إلى عقد سلسلة من الندوات بين كفاءات ونخب المجتمع وقواه المدنية الفاعلة، وقادة الرأي والواجهات الاجتماعية، لتقريب وجهات النظر والوصول إلى رؤى مقاربة.
وتتوج المبادرة بالدعوة إلى عقد مؤتمر عام لتأسيس إطار عراقي جامع يكون عنواناً واحداً لينظم أفكار ومنطلقات القوى العراقية. من خلال ميثاق للعمل المشترك، على أن يقوم الميثاق على أسس الوحدة، واستقلال القرار العراقي، ورفض التبعية للخارج القريب والبعيد، وتعزيز السلم المجتمعي، والتحضير لحل مناسب يحول دون وقوع العراق فريسة الفراغ القاتل.
وأكدت المبادرة، أن أطرها ومحدداتها تلتزم بالتمسك باستقلال العراق التام ووحدة أراضيه، والالتزام بالمنهج التعددي واستبعاد آليات الانتقام السياسي، وأن مأساة العراق ليست مأساة طيف أو عرق أو منطقة، واستلهام روح المقاومة والانتفاضات والاعتصامات والثورات الشعبية.
وتبدو الحاجة عاجلة اليوم للاستفادة من المبادرة وبعد سنوات من إطلاقها لأن الشعب العراقي سئم الأوضاع القائمة، وما عاد قادراً على التحمل، وأنه، اليوم، يتطلع إلى الخلاص بعد انكشاف القوى السياسية الحاكمة وصراعها على توزيع الحصص وعجزها عن تشكيل حكومة بعد أكثر من ثمانية أشهر من إجراء الانتخابات.
ونوه الدكتور مثنى حارث الضاري إلى أن المبادرة تأتي بعد معاناة طويلة من تغول الحكومات المتعاقبة وأجهزتها القمعية ومصادرتها حق الشعب في المطالبة بحقوقه، لافتاً إلى أن الثورات المتعاقبة التي يعيشها العراق والتي بدأت في عام 2011 ضد سياسية القتل والاعتقال والفساد، وانطلقت مرحلتها الثانية في عام 2012 متمثلة في ساحات الاعتصام التي قوبلت بسياسة القتل، وصولاً إلى ما يشهده العراق اليوم من احتجاجات متنامية في محافظاته الجنوبية.
وترى المبادرة أن النظام السياسي القائم في بغداد لا يمثل العراقيين جميعاً، وأنه مصمم لخدمة مصالح أحزاب وجهات محددة، بعيداً عن مصالح الشعب، وساهم النظام السياسي في جعل العراق، اليوم، يقع تحت الاحتلال الإيراني.
وحمل الدكتور الضاري الولايات المتحدة مسؤولية ما يعيشه العراق، وذلك من خلال إصرارها على حصر المشهد العراقي في الصراع بين طرفين متحاربين، وتجاهل الأسباب الحقيقية المتمثلة في الفساد وإقصاء القوى الوطنية.
ودعت هيئة علماء المسلمين في العراقي في نص مبادرتها الوطنية، إلى أن ينبري الحكماء لفعل شيء من أجل وقف نزيف الدماء، ودفع عوامل الفرقة والتمزيق، وإعادة اللحمة الوطنية لشعب لم يعرف التجزئة على مدار تاريخه، وإعادة كل عراقي إلى موطنه وبيته آمنا مطمئنا.
وشددت على حقيقة أن تغيير أسس النظام السياسي القائم في العراق بأي صيغة مرضية تضمن بقاء مقومات كيان العراق الرئيسة وتحفظ وحدته وسيادته الحرة؛ من شأنه أن يعطي فرصة حقيقية لبناء عراق جديد، يستطيع القضاء على بؤر الصراع في أرضه، ويوفر الحياة الآمنة لأبنائه، ولا يسمح باتخاذه معبراً لإلحاق الأذى بدول المنطقة والعالم.
ونبهت من أي حل ترقيعي يبقي قواعد اللعبة السياسية القائمة الآن كما هي، ويبقي السياسيين على خطاياهم وأخطائهم لن يكون ناجعاً بالمرة؛ وسيقود العراق والمنطقة إلى مزيد من الهاوية، وهذا ما يستدعي البحث عن مخرج سليم يضع الأمور في سياقها الطبيعي والحقوق في أنصبتها، ويقطع دابر الفساد والدمار.
وذكرت إن دول العالم -ولاسيما الإقليمية منها- أمامها فرصة تاريخية لتكون طرفاً عادلاً وفاعلاً في إقناع المجتمع الدولي ورعاة العملية السياسية بتصحيح المسار الخاطئ في العراق وعدم الإصرار عليه، واعتماد سياسة جديدة تكون من أولوياتها عدم الوقوف في طريق القوى العراقية التي تم تجاهلها من قبلُ عن عمد وعزلها والإيحاء للعالم بأنها غير موجودة، وهي القادرة على إنقاذ بلدها وبنائه بشكل صحيح وتحقيق المعالجة الناجعة والدائمة، بعد أن تجاوزت الأوضاع فيه الهاوية لتستقر في الحضيض، فضلاً عن أن اجتماع الإرادات العراقية والعربية والإقليمية والدولية على إيجاد قناعات بحلول واقعية وشاملة كفيل بإنهاء مشاكل العراق الخطيرة، بعد التوكل على الله وحده وصدق النوايا والعمل الجاد من أجلها.
ومثلت المبادرة استقراء سياسيا ملهما لما ينتظر العراق من محن سياسية واقتصادية واجتماعية، بدت واضحة اليوم للعالم وبعد سبعة أعوام من إطلاق مبادرة “العراق الجامع”.