أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

الميليشيات الولائية تقدم “لورد القتل” هادي العامري وجهها السياسي الجديد

الترويج للقاء مرتقب بين هادي العامري ومقتدى الصدر لمنع الاقتتال بين الأطراف المتنازعة على السلطة.

بغداد – الرافدين
تسوّق الميليشيات الولائية المنضوية في الإطار التنسيقي لزعيم ميليشيا بدر هادي العامري، كوجه سياسي وتضفي عليه أوصاف “الحكمة” و”الاعتدال” في محاولة للخروج من المأزق الذي تعيشه في صراعها مع التيار الصدري.
ويطلق العراقيون لقب “لورد القتل” على العامري تعبيرا عن الجرائم التي ارتكبها سواء عندما كان يقاتلهم مع الحرس الإيراني أثناء الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، أو بعد احتلال العراق عندما كلفت ميليشيا بدر بتصفية العلماء والطيارين والضباط والفنانين العراقيين.
وليس من الصعب الاستنتاج بالنسبة للمراقبين والعراقيين على حد سواء، أن رجلا أمّيا مثل العامري هو شخص فقير الخيال. ولأنه لا يحترم أحدا سوى أسياده في طهران وقم، فإنه لا يحتاج خيالا لكي يبدو محقا في ما يقدمه من تفسير لذلك الخراب الذي ضرب العراق بسبب وجوده وسواه على رأس السلطة.
ويتحرك العامري في لقاءات مع القوى والأحزاب الأخرى بوصفه “الوجه المقبول” للإطار التنسيقي بعد احتراق ورقة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
والتقى العامري في أربيل، مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني في اجتماعين منفصلين لبحث سبل إنهاء الأزمة السياسية.
وفي السليمانية، اجتمع العامري مع رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني وناقشا آخر المستجدات السياسية والمبادرات الجديدة لحل المشاكل التي تواجه العملية السياسية.
وتروج ميليشيات الإطار بأن العامري يحمل مبادرة لحل الأزمة المتصاعدة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي بشأن توزيع حصص تشكيل الحكومة في العراق.
وسبق وأن التقى العامري مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في بغداد، للبحث عن آلية لعقد حوار للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد على خلفية اعتصامات التيار الصدري في مبنى البرلمان ومنع عقد جلسات البرلمان لاستكمال انتخابات رئيس للبلاد وتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة.
في غضون ذلك يروج الإطار التنسيقي للقاء محتمل بين العامري وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يسبق موعد “التظاهرة المليونية” التي دعا إليها الصدر يوم السبت المقبل قبل أن يعلن عن تأجيلها واستمرار الاعتصام أمام مجلس النواب.
وعلى الرغم من عدم وضوح المبادرة التي يحملها العامري، وعما إذا كان متفقا عليه من قبل المليشيات الولائية المنقسمة على نفسها، إلا أن النائب السابق عن ميليشيا بدر، حامد الموسوي، قال إن المبادرة التي طرحها العامري، كانت دون تخويل قادة الإطار التنسيقي.
وأضاف في تصريح تلفزيوني أن “العامري لبس السواد، ولن يعود إلى كرسي السياسة، دون انتهاء الخلافات”.
وانتهت زيارة العامري الى أربيل والسليمانية من دون أن تحقق أي تقدم، فالأحزاب الكردية تمارس نوعا من الترقب والانتظار عما سيسفر عنه الصراع بين التيار والإطار.
وساد الترقب عما كان ستسفر عنه تظاهرة يوم السبت التي يدفع لها التيار الصدري. في مقابل التحشد الذي تقوم به ميليشيات الإطار التنسيقي. قبل أن يعلن الصدر تأجيلها.
وأعلن الصدر الثلاثاء عن تأجيل تظاهرةٍ حاشدة دعا تياره لتنظيمها السبت في بغداد “حتى إشعار آخر”، خشيةً من العنف، فيما ما زال التصعيد مستمرًا بينه وبين خصومه في الإطار التنسيقي.
وقال الصدر في تغريدة الثلاثاء “إن كنتم تراهنون على حرب أهلية فأنا أراهن على الحفاظ على السلم الأهلي وإن الدم العراقي غالٍ”.
وأضاف “أعلن تأجيل تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر… لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين”، مطالباً المعتصمين في الوقت نفسه بمواصلة اعتصامهم.
وتجمع المؤشرات السياسية على أن العامري وبتوجيهات إيرانية يحاول منع الاقتتال بين ميليشيات الإطار والتيار.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن طهران تراقب الوضع في العراق بحذر، وتدعو الأطراف السياسية العراقية كلها إلى حل الخلافات القائمة بينها عن طريق الحوار.
وقال كنعاني، أن حكومة بلده تراقب بدقة وبحذر مجريات الأوضاع في العراق والمستجدات التي ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى أن طهران تدعو الأطراف والأحزاب السياسية العراقية إلى حل مشاكل البلد الداخلية وفقاً للدستور وباعتماد الإجراءات القانونية.
غير أن موقع “ميدل إيست آي” الذي يصدر باللغة الإنجليزية في لندن، نقل عن مسؤول عراقي قوله إن كل عناصر الحرب الأهلية متوفرة. التوتر بين الأطراف المتنازعة في ذروته، وهناك تغييب كامل للمنطق، وهناك سيطرة للعناد والغطرسة والسلاح المتوفر.
وقال “المنطقة الخضراء محاطة حاليا بمجموعات من الأسلحة والمسلحين. وكمية السلاح التي دخلت الى بغداد خلال الأسبوعين الماضيين مذهلة”.
وتساءل المسؤول في تصريح لموقع “ميدل ايست آي” “ماذا سيحدث لو أن دجاجة عبرت من مدينة الصدر، معقل الصدريين، الى شارع فلسطين حيث تسيطر كتائب حزب الله المسلحة المدعومة من إيران؟”.
ويكشف تقديم العامري كوجه سياسي من قبل ميليشيات وأحزاب الإطار التنسيقي، الأزمة العميقة التي يعيشها الإطار. فالعامري لا يحظى بأي مقبولية سياسية عراقية وإقليمية، ويعاني من الازدراء الشعبي في العراق، فضلا عن تاريخيه في ممارسة القتل على الهوية عبر ميليشيا بدر منذ احتلال العراق عام 2003.
ويجمع مراقبون على أن العامري أجهل سياسيا كي يكون نسخة من قاسم سليماني الذي قتل في غارة أمريكية قرب مطار بغداد، رغم أنه كان يقف أمام سليماني في الصور بخشوع المريد.
وقاتل العامري في صفوف الحرس الإيراني سنوات طويلة في جبهات القتال ضد العراق، وكانت له اليد الطولى في تعذيب الأسرى العراقيين ولا يزال يحمل الجنسية الإيرانية وكان، ولا يزال، نموذجا فريدا من نوعه للوفاء لإيران، وهو ما يطلق عليه البعض الوفاء للطائفة، وفي الحالتين فإن الرجل لا يمقت شيئا بقدر ما يمقت مفهومي الوطن والمواطنة.
ويرى الكاتب السياسي فاروق يوسف أن العامري الذي لم يكفّ عن التصريح بأنه واحد من جنود خامنئي لا يعنيه في شيء مصير العراق ونوع الحياة التي يعيشها العراقيون. فمَن عاش مثله سنوات طويلة خادما في الحرس الثوري الإيراني لا يمكنه أن يبالي إذا ما تعرّض العراقيون للقتل والخطف والقهر والإذلال أو إذا وقع العراق تحت هيمنة دولة أخرى.
وتساءل يوسف “هل يعتبر هذا الجندي الإيراني إيران دولة أخرى؟ سؤال قد لا يزعج العامري”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى