أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

صفقة بين الصدر والكاظمي أرغمت علاوي على الاستقالة

استقالة وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، تعود للفشل في مواجهة الفساد، أم بسبب الخلاف على تقاسم الحصص؟

بغداد – الرافدين
عزت مصادر سياسية عراقية استقالة وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، إلى توافق بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، الذي يأمل الإبقاء عليه في حكومة انتقالية مرتقبة.
وقالت المصادر إن الصدر لا يخفي تذمره من علاوي وطالما طالب باستجوابه في مجلس النواب. واشترط على الكاظمي إزاحة علاوي قبل الشروع بدعم استمرار توليه رئاسة الحكومة الجديدة.
وشددت المصادر المطلعة على أن لا علاقة لاستقالة علاوي بأي مشروع وطني رافض لسياسة الفساد المزعومة في رسالة استقالته، بل لأنه لم يعد له أي موقع في التوزيع الجديد المؤمل الاتفاق عليه بين الصدر والكاظمي.
وزعم علاوي أن استقالته تعود إلى طول فترة بقاء الحكومة حكومة “تصريف أعمال”، معبرًا عن إحباطه للغاية، لكونه غير قادر على عمل ما يجب القيام به، بسبب افتقار الحكومة للوضع القانوني والصلاحيات الكاملة.
ووصف علاوي الوضع الحالي بأنه “غير معقول ولا مقبول”.
وتهكم المصدر المطلع على ذريعة علاوي، متسائلًا عن أي احباط يتحدث بعد 19 عامًا من مشاركته في سلطة الفساد والفشل، فهل “احساسه” متأخر إلى هذا الحد ليشعر بالإحباط بعد كل تلك السنين من مشاركته تقسيم الحصص في حكومات “لصوص الدولة”.
يذكر أن علاوي تقلد مناصب وزارية من الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي عام 2003، وتم تعيينه من قبل مجلس الحكم المنحل الذي عينه الحاكم الأمريكي بول بريمر بعد الاحتلال لشغل منصب وزير للدفاع وزير التجارة والمالية بالوكالة.
وشغل علاوي منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في حكومة الكاظمي التي تشكلت في أيار عام 2020، وقدم ما سمي حينها بـ”الورقة البيضاء” المتعلقة بالاقتصاد العراقي.
وفي خطاب استقالته قال علاوي إن الكتل السياسية، عدا الصدريين، كانت رافضة له، لكنه أيضا وجه قبل أشهر خطابًا للكاظمي اشتكى فيه من محاولات الصدريين فرض إرادتهم عليه.
وأضاف أنه “تعرف على مدى تدهور الدولة” من خلال مباشرته بمنصبه، حيث “تم الاستيلاء على الدولة فعليًا من قبل الأحزاب وجماعة المصالح الخاصة”.
وأثارت قرارات علاوي غير المسبوقة الكثير من الجدل في البلاد، حيث قام برفع سعر تصريف الدولار بواقع 30 في المائة تقريبًا مما أضعف قوة العملة العراقية ورفع الأسعار، لكن هذا أيضا قلل تهريب الدولار من البلاد بشكل كبير.
واتهم علاوي حكومة عادل عبد المهدي بأنها حاولت تهدئة المتظاهرين باستخدام جميع فوائض الدولة وقامت بتوسيع رواتب القطاع العام بشكل كبير واستنفدت أموال الدولة حرفيًا وسحبت احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية.
وأشار إلى أن الأخطبوط الهائل من الفساد والخداع قد وصل إلى كل قطاع من قطاعات اقتصاد الدولة ومؤسساتها وطالب بتفكيكه بأي ثمن إذا كان مقدرًا لهذا البلد أن يبقى على قيد الحياة بحسب بيان الاستقالة.
وكشف وزير المالية المستقيل، تفاصيل جديدة بشأن ملف فساد الجمارك، مبينًا أن الفاسدين يسيطرون على 6 إلى 7 مليارات دولار سنويًا، مبينًا أن شبكات سرية لكبار المسؤولين الحكوميين ورجال أعمال وسياسيين وموظفي الدولة الفاسدين سحبت مليارات الدولارات من خزينة العراق العامة.
وقال إن ملف الجمارك فيه الكثير من الفساد وهدر الأموال بسبب تضارب المعلومات بين البنك المركزي والجمارك وديوان الرقابة المالية.
وأضاف أن الإحصائيات تشير إلى أن العراق يستورد سنويًا بضائع بأقل تقدير بـ 70 مليار دولار وقيمة جماركها تتجاوز الـ 9 مليارات دولار ما يعني دخول تلك الأموال ضمن خزينة الدولة إلا أن الأمور تختلف عن الواقع.
لكن على الرغم من كل الأسباب التي ذكرها علاوي في استقالته المكونة من 10 صفحات والتي وصفها مراقبون بانها أطول استقالة في التاريخ، يبقى السؤال، لماذا الآن؟
ويتساءل العراقيون هل الفساد المالي والإداري في الوزارات العراقية ومن ضمنها وزارة المالية هو وليد اللحظة؟ أم ينخر المؤسسات العراقية قرابة العشرين عامًا.
ويشير مراقبون إلى أن الطريقة الاستعراضية في تقديم الاستقالة وقبولها من قبل الكاظمي تعود أسبابها الحقيقية إلى الخلاف على توزيع حصص الدولة، لاسيما أن الصدر غير راضٍ عن علاوي وسبق وأن وبخه وطالب باستقدامه إلى البرلمان.
ويجمع المراقبون على أن فضائح الفساد التي كشفها علاوي في استقالته، أشبه بالانتقام من وضع سياسي فاسد كان شريكًا ومساهمًا فيه، ولم يعد له مكانا فيه بعد ترتيب الصفقة الجديدة بين الصدر والكاظمي.

الكاظمي يدعو القوى السياسية إلى اجتماع بعد ساعات من استقالة علاوي

وبعد ساعات من استقالة علاوي دعا الكاظمي القوى السياسية إلى اجتماع في قصر الحكومة الأربعاء، “للبدء في حوار وطني جاد”، وبالتزامن مع إعلان الصدر عن تأجيل تظاهرة حاشدة دعا إليها يوم السبت المقبل.
في غضون ذلك اعترفت صحيفة “الصباح” الحكومية أن “العمل السياسي في العراق عنيف، ليس بسبب السلاح والتلويح به وحسب، وهو أمر حدث مرارًا، بل لأن جوهر الصراع بين الكتل السياسية ليس سياسيًا في الحقيقة ولا هو نتاج تقاطع في الرؤى ولا تصادم برامج ولا مفاضلة بين خطط، بل هو لاختصار تغالب على مغانم”.
وأضافت أن “كل البهار التي تغلف العملية السياسية وخطابات الساسة وماكيناتهم وجيوشهم الإعلامية هي إعدادات لتحصيل المغنم”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى