أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الوقف الشيعي يتهرب من تحمل مسؤولية ضحايا مزار القطارة

ذوو ضحايا مزار القطارة في كربلاء يتعهدون بمحاسبة المسؤولين لعدم اكتراثهم بخطورة الموقع رغم التحذيرات.

كربلاء – الرافدين

فاقمت حادثة الانهيار في مزار القطارة في محافظة كربلاء التي وصل فيها عدد الضحايا إلى سبعة أشخاص لحد الآن، من الغضب الشعبي حيال القوى والأحزاب والجهات التي تدير مشاريع فاسدة، في وقت توعد أهالي الضحايا بملاحقة المتسببين في الحادثة.
وحاول ديوان الوقف الشعبي التهرب من المسؤولية بذريعة أن المزار لا يعود إليه، وإنما لجهات أهلية، مما أثار تهكم وسخرية العراقيين عن “مزارات أهلية” يتم فتحها كمشاريع أو دكاكين لجمع الأموال.
في غضون ذلك عزا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، انهيار المزار الى شبهات فساد.
وطالب الصدر في تغريدة عبر حسابه على تويتر الحكومة بتحقيق فوري وجاد من أجل كشف الحقيقة لكي لا يطال الفساد المساجد ودور العبادة كما طال مؤسسات الدولة ووزاراتها.

استمرار عملية البحث عن المفقودين تحت ركام مزار “القطارة”

وحملت هيئة علماء المسلمين في العراق المسؤولية الكاملة بشأن ما حصل في هذا الحادث للنظام السياسي القائم وأحزابه المنشغلة بصراعاتها عن مشاكل العراقيين ومصالحهم المهدورة ما يعكس الفشل المستمر لحكومات الاحتلال المتعاقبة، ولا سيما حكومة تصريف المهام الحالية وما تسمى الحكومات المحلية في المحافظات، التي تعجز عن تأدية مهامها المنوطة بها.
وقالت الهيئة في تصريح صحفي إن حادث انهيار تلة ترابية في مزار “القطارة” بمحافظة كربلاء، الذي أدى إلى إصابة عدد من المواطنين ومحاصرة آخرين تحت الأنقاض بينهم أطفال سببه هو الإهمال في تأمين مبنى المزار من التلال المحيطة به؛ وسط غموض إعلامي يحيط بهذه الحادثة المؤسفة.
وعبرت الهيئة عن استغرابها، من إسراع ديوان الوقف الشيعي إلى التنصل من المسؤولية وادعائه بأن المزار لا يدار من قبله، وأن الأرض المشيد عليها المزار غير مسجلة باسم الديوان أو موقوفة له، مبينة أن هذا الأمر يدعو إلى التساؤل حول كيف تمت الموافقة على بناء هذا المزار والسماح بزيارة المواطنين له؟ ولماذا لا يصرح باسم الجهة المسؤولة عن إدارته وتحميلها المسؤولية؟
وقال الناطق باسم هيئة علماء المسلمين الدكتور عبد الحميد العاني، إن حادث انهيار مزار “القطارة” في كربلاء هو جزء من المتاجرة بالدم العراقي الذي أصبح رخيصًا عند أحزاب العملية السياسية التي جاء بها الاحتلال الأمريكي إلى العراق، والميليشيات المنضوية تحتها.

الدكتور عبد الحميد العاني: انهيار مزار القطارة جزء من المتاجرة بالدم العراقي

وأضاف العاني “أن الحكومات المتعاقبة على العراق همها الوحيد هو حصد الأموال وإن كان على حساب دماء ومصالح الناس” في إشارة إلى الواردات التي تجنى من هذه المزارات التي شيدت بشكل عشوائي بعيدًا عن مقومات السلامة.
وانتشلت فرق الإنقاذ الاثنين جثتين إضافيتين لرجل وامرأة من تحت الركام، ليرتفع العدد الإجمالي للضحايا إلى سبع في الحادث الذي خلف مشاعر الحزن والغضب في البلاد.
وتواصل فرق الإنقاذ بعد يومين من الحادث، أعمال الحفر وإزالة الصخور والرمال من مزار قطارة الإمام علي الذي يقع غرب مدينة كربلاء في وسط العراق.
وبهذا يكون هذا الحادث قد أودى بحياة أربع نساء ورجلين وطفل، في حين تمكّنت فرق الإنقاذ من إخراج ثلاثة أطفال على قيد الحياة من تحت التراب وأدخلوا المستشفى.
ورجّح الدفاع المدني في وقتٍ سابق وجود “ستّة إلى ثمانية أشخاص” تحت الأنقاض.
وتعهد ذوو الضحايا بمحاسبة المسؤولين لعدم اكتراثهم من خطورة الموقع رغم تحذيرات سابقة.
وقال علي لفتة سعد عم العائلة التي مات أفرادها في الانهيار أنه “تم إبلاغ المستثمر قبل فترة بوجود احتمالية لانهيار المكان، لقد حصل بالفعل ذلك، ونحن من دفعنا الثمن بسبب المستثمر وبسبب تواطؤ المحافظ نصيف الخطابي، وأنا أحمله كافة المسؤولية، سوف أقوم بمقاضاتهم قانونيًا، وحسابنا عسير معهم، لدي سبعة اشخاص من عائلة شقيقي فقدوا أرواحهم في هذا المزار”.

ذوو ضحايا مزار القطارة في كربلاء يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الحادث

وقال باسم الخزعلي الذي فقد ابن شقيقه في الحادثة “نريد أن نعرف ما الذي حصل ولماذا حصل؟”.
وكتب محافظ كربلاء نصيف الخطابي على موقع فيسبوك أن الموقع “ليس تابعاً لجهة معروفة، بل لأشخاص وتمّ استدعاؤهم”، من دون أن يعطي تفاصيل عن هويتهم وعن الجهة التي قامت باستدعائهم.
وأعلن الخطابي عن تشكيل “لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات” الحادث.
وقال ديوان الوقف الشيعي في كربلاء، إن المزار الديني في المحافظة، لا يعود إليه وإنما لجهات أهلية.
وأشار مدير ديوان الوقف، فارس الطيار، إلى إن هذا المزار لا يعود للوقف الشيعي وغير مسجل لديه، مضيفًا أن المزار مبني دون موافقة الوقف، وأنه غير مثبت تاريخيًا حتى الآن، بسبب عدم احتوائه على قبر، وعدم إثبات ذلك من قبل أصحاب العلاقة.
وبيّن أن مسؤولية ما حصل تقع على الشخص الذي قام ببنائه واستغلاله لهذه الأرض.
وكشفت نقابة الجيولوجيين العراقيين، الأحد، أن الجهات الحكومية أهملت تحذيرات النقابة المسبقة من مخاطر انهيار التلال المحيطة بمزار القطارة في محافظة كربلاء.
وقال عضو النقابة شامل جواد عبد الله، إن دراساتنا وأبحاثنا السابقة لموقع مزار “قطارة الامام علي” والأراضي المحيطة به، كشفت وجود طبقات طينية تحتوي فواصل كبيرة، وهي عبارة عن كتل غير مستقرة ومتماسكة، حيث سلمنا هذه الدراسات للجهات الحكومية المختصة لتلافي حصول انهيار هذه الكتل والتسبب بكارثة طبيعية تسبب خسائر مادية وبشرية.
وأضاف بعد تقديم دراساتنا وأطروحاتنا الأكاديمية للدولة، على خلفية رحلات البحث التي أجريناها لكافة أنحاء العراق كان المطلوب أن تشرع ببناء دعامات تحت هذه الطبقات المعرضة للانهيار كخطوات احتياطية، حسب استنتاجاتنا العلمية، داعيًا الحكومة إلى إعادة النظر بمهام الجيولوجيين والاهتمام بما يقدموه من معلومات ودراسات حفاظًا على سلامة المدنيين وتلافيًا للخسائر المادية.
وعزا الجيولوجي صباح حسن عبد الأمير، من محافظة كربلاء، الانهيار إلى استغلال صاحب المشروع الأخير للقطارة.
وكتب عبد الأمير على صفحته في فيسبوك “صاحب المشروع قام بمد أنابيب في أسفل التلال لديمومة خروج المياه، وهو ما سبب تفتت تربة المنطقة بفعل نضوح الماء منها، ثم قامت عليها منشأة خرسانية لم تتحملها الطبقات الرملية الهشة فانهارت”.

نقابة الجيولوجيين: الحكومة أهملت تحذيراتنا بحصول انهيارات حول مزار القطارة

وكشف قائممقام كربلاء حسين المنكوشي، أن مزار “قطارة الإمام علي” في المحافظة، هي واحدة من المشاريع الخاصة.
وأوضح المنكوشي، أنه وقبل ثلاث سنوات قدم المكتب الاستشاري لجامعة بغداد والمكتب الاستشاري لجامعة كربلاء تقريرًا مفصلًا إلى المحافظة دعوا فيه إلى ضرورة إحاطة الصخور الموجودة حول المزار بالكتل الخرسانية فضلًا عن بناء أسيجة كونكريتية لحماية المزار من سقوط الصخور عليه.
وذكرت مصادر مطلعة، بأن عقيل الطريحي محافظ كربلاء الأسبق والقيادي في حزب الدعوة قام عام 2014 بتنفيذ مشروع وهمي لتوسيع مزار القطارة في كربلاء.
وكشفت صور تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجود محافظ كربلاء الحالي نصيف الخطابي برفقة المحافظ السابق عقيل الطريحي وهما يفتتحان مزار القطارة في عين تمر غربي المحافظة، دون أي إجراءات احترازية للتلال الترابية التي تحيط به، ما يؤكد مسؤوليتهم عن الحادث.
ويتساءل مراقبون عن جاهزية هكذا مزارات لاستقبال الآلاف من الزائرين. فهناك استعراض إعلامي لفكرة عدد الزوار للمزارات والمراقد في العراق، لكن مقابل ذلك لا يوجد أي حسابات لسلامة المباني وقدرتها على استيعاب هذه الأعداد، وهل هي مهيئة فعلا فيما يتعلق بالسلامة والقدرة المعمارية لاستقبال مثل هذا العدد من الناس؟
وانتشرت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وصعود الأحزاب الطائفية، بشكل لافت، كثير من المزارات في وسط وجنوب العراق رغم عدم صحتها وموثوقيتها من الناحية التاريخية، ويعتقد كثيرون أن البعض يقوم باستغلالها بهدف الحصول على المال.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى