أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

إقصاء مليون عراقي نازح من وثائق الهوية الأساسية

تقرير "العيش في الهامش" لمنظمات دولية يكشف أن الحواجز الإدارية والتقسيم الطائفي والتهميش تحول دون حصول النازحين على المستندات.

الموصل- الرافدين
قالت سبع منظمات دولية معنية بشؤون الإغاثة أن هناك مليون عراقي متضرر من النزوح يفتقرون إلى الوثائق المدنية الهامة التي تعيق وصولهم إلى الخدمات العامة وتزيد من خطر تعرضهم للفقر والإقصاء.
وذكر تقرير جديد بعنوان “العيش في الهامش” صدر لمناسبة يوم الهوية الدولي وشارك في إعداده المجلس الدنماركي للاجئين (DRC) والمجلس النرويجي للاجئين (NRC) ولجنة الإنقاذ الدولية (IRC) ومركز العدالة، ومنظمات أخرى، بعد ما يقرب من خمس سنوات من إعلان انتهاء النزاع في الموصل، لا يزال الوصول إلى الوثائق المدنية محدودًا للغاية بالنسبة للأسر المتضررة من النزوح في العراق.
وطالبت مجموعات الإغاثة التي شاركت في إصدار التقرير بالسماح للنازحين بالتقدم بطلب للحصول على وثائق مدنية في منطقة نزوحهم بشكل عاجل وفصل متطلبات التصريح الأمني عن عمليات التوثيق المدني.
ويواجه النازحون الذين فقدوا معيلهم والذين تعيلهم النساء، معضلة مراجعة الدوائر الحكومية، للحصول على وثائق جديدة بعد أن فقدت وثائقهم المدنية الاصلية أثناء تدمير مدنهم من قبل القوات الحكومية والميليشيات.
ويتعرض مليون عراقي نازح يفتقرون الى وثائق ثبوتية إلى خطر الاستبعاد من الخدمات العامة الرئيسية، بما في ذلك الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم.
وذكر التقرير أن الوثائق التي يفتقر إليها النازحون العراقيون بسيطة مثل تلك التي تثبت الإقامة والزواج والولادات والوفيات، وبطاقة الهوية العراقية الموحدة الضرورية للحصول على الحصص التموينية الشهرية.
وعزا تقرير “العيش في الهامش” عدم حصول النازحين على الوثائق الى الحواجز البيروقراطية والإدارية، فضلا عن التقسيم الطائفي والتهميش الذي تتبعه السلطات في العراق ومتطلبات التصريح الأمني الذي تصفه الوكالات بأنه شبكة معقدة من العقبات التي تمنع الأشخاص الضعفاء من الحصول على المستندات التي يحتاجونها.
وقال جيمس مون، مدير مكتب المجلس النرويجي للاجئين في العراق “لقد تم إقصاء هذه الأسر إلى هامش المجتمع دون وجود أجزاء أساسية من الوثائق المدنية، مما يضاعف ويعزز نقاط الضعف الأخرى”.
وأضاف “بدون أوراق هويتك، لا يمكنك الوصول إلى الخدمات، ولا يمكنك التنقل بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنك تجاوز خمس سنوات من المعاناة منذ نهاية النزاع المعلنة”.
وقال فريدريك بولسون المسؤول في المجلس “إن الافتقار إلى الوثائق المدنية يمثل تحديا للأسر التي تعاني من الصعوبات. فلا يستطيع النازحون إثبات أنهم يمتلكون منازلهم، ولا يمكنهم الحصول على عمل، لذلك يعيشون على هامش المساعدة من وكالات الإغاثة”.
وطالب بولسون السلطات الحكومية في العراق بتحقيق التعافي الشامل، واتخاذ إجراءات عاجلة على أعلى المستويات لمساعدة النازحين في الحصول على الوثائق التي يحتاجون إليها.
وشدد التقرير على دعوة مجموعات الإغاثة والحكومات المانحة بالضغط على السلطات العراقية، من أجل مساعدة النازحين وإصدار الوثائق الثبوتية لهم، وتسهيل مراجعة الدوائر الحكومية وإيقاف المضايقات التي تمارسها الميليشيات والقوى المهيمنة.
وقالت مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في المجلس النرويجي للاجئين، سمر عبود “لا يزال نقص الوثائق المدنية يقف في طريق النساء والأسر التي تعولها سيدات لتحقيق حقوقها الأساسية، مثل حرية التنقل والتوظيف والتعليم، لهم ولأطفالهم”.
وشددت بقولها “لا يمكنهم استئناف حياتهم من دون وثائق وبينما السلطات تقف في وجههم وتمنع عودتهم إلى حياة طبيعية”.
وطالبت عبود السلطات في العراق بإلغاء ربط إصدار الوثائق بالإجراءات الأمنية التعسفية، لمساعدة آلاف الأسر الضعيفة.
وكان تقرير آخر صادر عن المجلس النرويجي للاجئين قد ذكر أن طفلاً من بين كل ثلاثة أطفال تعرضوا للنزوح المتكرر في العراق قد أصيبوا بالصدمة والخوف على سلامتهم.
وتسلط الأرقام الجديدة الضوء على تأثير النزوح المطول لعشرات الآلاف من العراقيين، بعد سنوات من انتهاء العمليات العسكرية في الموصل. لا يزال أكثر من مائة ألف شخص يعيشون في مخيمات غير رسمية أو ملاجئ مؤقتة مع الحد الأدنى من أو انعدام المرافق الأساسية أو الخدمات العامة أو الحماية.
ووصف الأطفال الذين قابلهم العاملون في المجلس النرويجي للاجئين كيف أن الخوف على سلامتهم الشخصية شكل مصدرا للتوتر ومنعهم من مغادرة المنزل أو الذهاب إلى المدرسة.
وقال المجلس إن التجارب السابقة من العنف والنزوح المتكرر كان لها عواقب ضارة على صحتهم الجسدية والنفسية ودوافعهم للتعلم.
وقال جيمس مون، مدير مكتب المجلس النرويجي للاجئين في العراق “الحياة ليست طبيعية أبداً لعشرات الآلاف من الأطفال الذين لم تتح لهم فرصة الاستقرار مع عائلاتهم في مكان واحد آمن”.
وأضاف “الاضطرار إلى الانتقال عدة مرات يعني حرمانهم من الأمان والتعليم. إنهم يخاطرون بأن يصبحوا منسيين”.

وأوضح “هناك حاجة إلى مزيد من استثمارات المانحين في دعم الصحة النفسية والتوثيق المدني لهؤلاء الأطفال. يجب أن يتم ذلك أثناء دعم العائلات لتحسين ظروفهم المعيشية والحصول على الوثائق التي يحتاجون إليها بشكل عاجل”.
وتتعرض الطالبات النازحات للخطر أكثر من الفتيان. حيث ذكرت من تمت مقابلتهن من قبل العاملين في مكتب المجلس، حوادث مضايقات وهن في طريقهن إلى المدرسة أثرت على سلامتهم ومنعتهن من مواصلة دراستهن.
وأجرى المجلس النرويجي للاجئين أكثر من 600 دراسة استقصائية في محافظات الأنبار وكركوك ونينوى وصلاح الدين ووجد أن ثلثي الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في المخيمات غير الرسمية اضطروا إلى إيقاف تعليمهم بسبب عدم قدرتهم على التعلم عن بعد عبر الإنترنت خلال وباء كورونا. وبالنسبة لأولئك في المدرسة، درس 55 في المائة في الصفوف الدراسية المكتظة. وقال عدد مماثل إن مدرستهم لا تحتوي على دورات مياه.
ونقل المجلس النرويجي للاجئين، عن شهد، السيدة التي نزحت مع أطفالها ثلاث مرات، وتعيش الآن في مخيم بزيبز غير الرسمي في منطقة الفلوجة. قولها “لقد ابتعدنا عن منزلنا، وانتقلنا لسنوات، حتى انتقلنا إلى هذا المخيم غير الرسمي. لا يوجد شيء هنا؛ كان علينا إخراج أولادنا من المدرسة وإرسالهم للعمل حتى نتمكن من البقاء على قيد الحياة. في بعض الأحيان، لا يغطي ما يكسبونه تنقلاتهم. ضاع مستقبلهم.”
وأضافت “الخدمات غير موجودة. لا يمكننا زيارة الطبيب ولا توجد مياه للشرب. لقد حاولنا اقتراض المال وبيع الفراش والطعام لتغطية تكلفة الطبيب. نريد العودة إلى ديارنا حيث يمكننا العمل في الأرض وإرسال الأولاد إلى المدرسة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى