أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

جذوة ثورة تشرين متقدة بعد فشل الأحزاب والميليشيات الحاكمة في إطفائها

حكومة الكاظمي ترفض فتح الجسور خشية من تجدد الاحتجاجات خلال الأيام المقبلة

بغداد- الرافدين
أجمعت قوى وطنية عراقية مع ثوار تشرين على أن جذوة الثورة ضد الأحزاب والميليشيات الفاسدة مستمرة، وأن هذه الأحزاب الحاكمة لن تنعم بالراحة بينما ملايين العراقيين يتوقون لاستعادة وطنهم المختطف.
واتفقت غالبية الآراء على ان استذكار ثورة تشرين يوم السبت مثّل مرحلة مستمرة ومتصاعدة لتحقيق أهداف الثورة، وأن النشطاء يعدون لوقف أكثر قوة خلال الأسابيع القادمة، بعد أن حاولت أحزاب وميليشيات وأطراف مشاركة في العملية السياسية قمع احتجاجات يوم السبت.
ولم تتنفس الحكومة في المنطقة الخضراء الصعداء، على الرغم من قمع المحتجين وإصابة العشرات منهم في تظاهرات يوم السبت، وأبقت على جسري “الجمهورية” و”السنك” القريبين من المنطقة الخضراء مغلقين في انتظار تعليمات جديد خشية من ثوار تشرين.
ويرى مراقبون سياسيون ان الأحزاب الحاكمة لن تنعم بالراحة، على الرغم من أن استذكار ثورة تشرين يوم السبت لم يستمر، لكن الأوضاع السياسية تعيش على قِدر ضغط شعبي كاتم سينفجر حتما في وجه الأحزاب والميليشيات الفاسدة.
ويتزامن استذكار الذكرى الثالثة لثورة تشرين مع انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، بشأن الوضع في العراق بمشاركة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي”.
ومن المتوقع أن تقدم الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس- بلاسخارت إحاطة في الجلسة بشأن التطورات في العراق.
ولا يترقب ثوار تشرين من بلاسخارت أن تقدم صورة واقعية وصادقة عما يجري في العراق، بعد دورها المتواطئ مع الأحزاب والميليشيات الحاكمة على مدار السنين السابقة.
وكان مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري قد رفع من منسوب الأمل الوطني في إنقاذ البلاد خلال مشاركته في فعالية المؤتمر الثالث للميثاق الوطني العراقي الذي عقد في إسطنبول بالتزامن مع ذكرى ثورة تشرين، بقوله “ثوار تشرين يقفون اليوم لإنهاء الفساد في العراق ومؤتمر الميثاق يجتمع لإحياء الأمل بالتغيير”.
وقال الدكتور الضاري “وقفتنا هنا على الرغم من كل ما مر في العراق على مدى عشرين سنة من الاحتلال، أقول رغم تداول المصطلح البائس (الانسداد السياسي) هناك أمل، ولولا الأمل ما اجتمعنا في هذا المكان، ولولا الأمل ما تشكل الميثاق الوطني العراقي، ولولا الأمل ما قطع المؤتمر ثلاث سنوات بهذا الحضور الكبير وهذا التفاعل العراقي والعربي”.
وحذر تقرير لمؤسسة “تشاتام هاوس” في لندن من ان جهود اللاعبين العراقيين والدوليين التي تركز على محاولة انجاز تسوية قصيرة الاجل داخل النخبة الحاكمة في العراق، وهو حل هدفه الحد من العنف المباشر الذي وقع هذا الصيف آملين ان يقود ذلك الى تحقيق التغيير.
وذكر التقرير الذي كتبه الباحث المقيم في المركز ريناد منصور، إن النظام السياسي في العراق يرهن على قدرته على مقاومة الاحتجاجات الثورية الشعبية.

ريناد منصور: النخبة السياسية المفلسة أيديولوجيًا واقتصاديًا قمعت ثوار تشرين

ونبه الى ان مثل هذه التسوية لن تعالج الصراع اليومي الذي يستنزف العراقيين، وانما ستعزز الوضع القائم من خلال تجاهلها مجددا لديناميكيات العنف، الذي سيستمر في حصد خسائر أكبر بالأرواح.
وقال “أن شباب العراق قبل الانتخابات بعامين حيث قاموا بثورة ضد النظام، وان النخبة السياسية، المفلسة في ايديولوجيتها وادائها الاقتصادي، سعت للرد على التشرينيين، وانتقلت الى ممارسة العنف المباشر من اجل قمع التحركات الشعبية، مما أسفر عن مقتل مئات المتظاهرين واصابة الاف اخرين، وانه منذ ذلك الوقت، واصل النظام استخدام العنف للحد من حرية التعبير والاحتجاج”.
ويوم السبت، وفي الذكرى الثالثة للأحداث التي وقعت في عام 2019، خرج مئات الآلاف من المحتجين، إلى الشوارع في بغداد ومدن مختلفة في أنحاء العراق، لإحياء ذكرى الاحتجاجات الشعبية المطالبة بأسقاط العملية السياسية ومحاسبة لصوص الدولة وقتلة ثوار تشرين.
واندلعت الاحتجاجات في الأول من تشرين الاول عام 2019 في جميع أنحاء البلاد، ولاسيما في الجنوب الذي عانت مناطقه من الفقر وسوء الخدمات، واستمرت عدة أشهر اعتصم خلالها مئات الآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير مستنكرين سيطرة الميليشيات والأحزاب الطائفية الفاسدة على السلطة وتفشي البطالة وانهيار البنى التحتية وانعدام الديمقراطية وإدارة الفساد التي تدير الحكومة منذ احتلال العراق عام 2003.
ويرفص غالبية العراقيين النظام السياسي القائم المبني على مبدأ المحاصصة الطائفية وتوزيع المغانم من دون أي مشروع وطني لبناء الدولة.
ويضم العراق أحد أكبر معدلات تزايد حجم جيل الشباب في المنطقة حيث ان ثلثي سكانه البالغ عددهم 42 مليون نسمة تقل اعمارهم عن 25 عاما، وان النظام ليس قادرا على استيعاب نحو مليون شخص ممن يولدون سنويا، اذ يكافح مئات الالاف من الخريجين لإيجاد وظائف، ويهاجر كثيرون الى اوروبا هربا.
وقال تقرير مؤسسة “تشاتام هاوس” ان شبكات المحسوبية للأحزاب الحاكمة التي تشكلت منذ العام 2003 وقامت على ثروة البلد، تستبعد جيل الشباب المتزايد من السكان، ولهذا فان عددا متزايدا من العراقيين رفضوا هذا النظام، وهو ما تمثل في استمرار تراجع نسبة اقبال الناخبين على الانتخابات، حيث بلغت 30 بالمائة فقط في العام 2021.
ووصف ريناد منصور أداء النخب السياسية الحاكمة في العراق منذ مرحلة المحاصصة التي اسس لها الأمريكيون في البلد، بأنه “جشع مميت” من خلال الفساد الذي يقتل “بهدوء” من العراقيين أكثر مما فعلته اشتباكات واضطرابات ما بعد الانتخابات الاخيرة.
وأشار الى انه بعد نحو عقدين من الزمن، لم يخل العراق ابدا من الصراعات، موضحا ان “العنف المرتبط بالفساد في القطاعات الرئيسية يلحق الاذى بالعراقيين يوميا”.
وأكد على ان العراقيين كانوا “رهائن للنظام السياسي الذي تم وضعه بعد العام 2003″، حيث عمل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مع أحزاب سياسية لتأسيس المحاصصة، واكتسبت هذه النخبة الحاكمة منذ ذلك الوقت ثروتها وسلطتها من خلال الفساد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى